حيث الإنسان يختتم موسمه بتحقيق أحلام الطفولة بمدينة مارب .. سينما بلقيس للأطفال مهرجان الفرحة وموسم الثقافة
مباحثات أمريكية فرنسة وتبادل معلومات لتعزيز استهداف مليشيا الحوثي
مَن هي هند قبوات؟.. المرأة الوحيدة في الحكومة السورية الجديدة
أنس خطاب.. من ظل الاستخبارات إلى واجهة داخلية سوريا..
إدارة ترامب تعلن رسمياً حلّ أحد الوكالات الأميركية الدولية بعد فضائحها الداخلية وفسادها الاداري
رئيس هيئة الأركان يصل الخطوط الاولى الجبهات الجنوبية بمأرب لتفقد المُقاتلين
تعرف على قيادات الشرعية التي قدمت من الرياض لأداء صلاة العيد بمدينة عدن
من هي الجهة التي وجهت بقطع تغذية الجيش وعرقلة صرف مرتباتهم.؟
رشاد العليمي يجري اتصالاً بالرئيس هادي والفريق علي محسن
وصول قاذفات نووية شبحية بعيدة المدى الى قواعد أمريكية بالقرب من إيران ووكلائها في المنطقة ... مشهد الحرب القادم
يحل العيد على اليمنيين كما يحل على سائر بلاد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لكنه في أرض السعيدة ليس إلا ومضة فرحٍ عابرة وسط عتمة المعاناة، وبارقة أملٍ يخطفونها من أنياب الألم، وابتسامة تصر على التوهج رغم سواد الأيام وثقلها. يأتي العيد فتتزين وجوه الأطفال ببسمات بريئة لم تلوثها هموم الفقر أو أنياب الحرب، تتلألأ أعينهم فرحًا بثوب جديد وحلوى مُشتراة بعد عناء، يركضون في الشوارع الضيقة التي غدت شاهدة على سنوات العناء، ويملؤون الأحياء ضجيجًا وضحكًا كأنهم ينكرون أنين آبائهم المكتوم خلف جدران المنازل المتعبة.
يرتدي الكبار أجمل ما تيسر لهم، يحيّون بعضهم بأمنياتٍ يدركون أن تحقيقها أشبه بمعجزة، يهنئون جيرانهم وأقرباءهم بقدوم العيد وكأن الحياة طبيعية، وكأن روائح البارود لم تخنق أنفاسهم، وكأن الأسعار لم تلامس عنان السماء. يجتمعون على موائد متواضعة، يقتسمون الفرحة كما يقتسمون رغيف الخبز، يدركون أن الحياة لن تمنحهم أكثر من هذه اللحظات العابرة، فيحاولون سرقة الفرح من قلب المعاناة.
أما الأسواق فتمتلئ قبل العيد بالمتسوقين، عيونهم تلمع توقًا لشراء ما يسعد أطفالهم، أيادٍ ترتجف وهي تعدّ ما تبقى من النقود، وأصوات الباعة تعلو كأنها تقاتل اليأس الذي يزحف على الأرواح. يحاول الأب أن يحقق لأطفاله شيئًا من أحلامهم البسيطة، تبحث الأم في الأسواق عن أرخص الأثواب وأكثرها بهاءً، يقتني الفقير المستور، ويحلم المحتاج بالمزيد، لكنه لا يجرؤ على البوح.
في الأحياء القديمة، تُسمع تكبيرات العيد تنساب من المآذن، تعبق الأرواح بنشوة الفرحة رغم أن الجيوب خاوية، ترى الأطفال بملابسهم الجديدة يركضون من بيتٍ إلى آخر، يحملون بين ايديهم العيدية، بينما تغمرهم السعادة كأنهم ورثوا كنوز الدنيا. الشيوخ يجلسون أمام أبواب المنازل، يتبادلون التهاني ويدعون الله أن يبدل الحال، أن يعيد للعيد بهجته الكاملة، أن ينقشع غبار الحرب، أن تتلاشى أشباح الجوع والخوف، أن تعود الأيام التي كان فيها العيد عيدًا كاملًا لا يشوبه ألم، لا ينغّصه فقر، لا يعكره صوت المدافع.
لكن رغم كل هذا، يظل العيد في اليمن فسحةً من الزمن يهرب فيها الناس من واقعهم المرير، يتناقلون التهاني، يزورون المقابر، يتذكرون موتاهم و شهداءهم ويفتحون دفاتر الذكريات. إنهم يعيشون الفرحة كما لو أنهم يقاتلون الحزن، يرفعون رايات البهجة وسط ركام المعاناة، يضحكون في وجه الألم، ويصرّون على الحياة رغم كل ما يهددها.
هكذا هو العيد في اليمن، فرحٌ مكابر، ابتسامةٌ تُرفع كسلاح في وجه البؤس، قناديلُ تضيء سماءً سوداء، لحظة نصرٍ عابرة على جبروت المعاناة، لكنه يظل فرحًا مؤقتًا، في بلدٍ صار العيد فيه فرصة لالتقاط الأنفاس قبل أن يعود الواقع ليطبق على الأرواح من جديد.