نصف ثورة تساوي نصف حكومة تساوي شكى وبكى
بقلم/ صلاح محمد العمودي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 05 يونيو-حزيران 2012 04:27 م

أنها نصف ثورة فكان نصيبها نصف مقاعد الحكومة ولأنهم وزراء نصف ثورة الجمت مبادرة الخليج اصواتهم الثورية فلم يجدوا غير التنافس فيما بينهم على البكاء والشكوى ومحتارون بين الحصبة والستين بينما اصحاب النصف الاخر من المقاعد لم يكتفوا بلغة الهمز واللمز والشماتة والشفقة حول ما يجري امامهم وإنما اغلبهم منشغلون اكثر بإتباع سياسة المناورة على الطريقة القديمة (جمهوري بالنهار وملكي بالليل) حرصا منهم على شعرة بقائهم بين الستين والسبعين موصولة الخدمة دون اكتراث للسعي نحو تحسين علاقتهم بشعبهم فالخلاصة اننا امام حكومة يمنية نصفها يبكي ويشكو والنصف الاخر يتخذ من الابواب الخلفية طريقا له للمشاركة في الفعاليات الجماهيرية فما الذي يمكن ان تقدمه مثل هكذا حكومة.

ولان في اليمن وزراء ضمائرهم حية وبالتالي محرم عليهم الاستقالة فلا بأس من اللجوء الى البكاء والشكوى إلا ان طرق وحالات الشكى والبكاء لدى وزراء نصف ثورة في الحكومة الحالية تختلف من وزير لآخر , وكل له زمانه ومكانه الذي يبكي ويشكو فيه ولكنها في الاخير تؤدي الغرض المطلوب الذي يميزهم عن اقرانهم في مقاعد النصف الاخر من الحكومة بأنه وزراء ثورة لم تكتمل ولهذا سترى بينهم من يبذل قصارى جهده في ان يظل متماسكا امام ام الاولاد وبقية افراد العائلة حتى لا تهتز صورته المطبوعة في اذهانهم طوال عشرة العمر الى ان يرى نفسه داخل سيارته بين سائقه ومرافقيه الامنيين فيقترب من الذي عنده الدور ويرتمي في احضانه فتبدأ نوبة شكوى ونحيب لإزاحة ما علق على قلبه الطاهر وضميره الحي طيلة النهار الماضي , وهناك من يعيش الحالة بشكل معاكس تراه خارج بيته وبين زواره وموظفيه وطاقمه المقرب منه يحافظ على مظهره لدرجة التطرف فيقع في المحظور حين يخطئ في حق محافظة مشهود لها بود اهلها وطيبتهم ثم يتآمر عليها لكنه سرعان ما ينهار بين احضان زوجته ليشكو ويبكي ويحكي لها القصة نفسها حول متاعب وزير اتت به الى الوزارة نصف ثورة , وهناك قصص مثيرة ومتعددة للبكاء والشكوى لا يتسع المجال لسردها كلها , المهم في الامر ان شعبهم اصبح على دراية بمستقبله المشرق الذي ينتظره .

إلا ان الوزير صالح سميع ابتكر طريقة مثالية للبكاء والشكوى تميز بها عن زملائه انطلاقا من ايمانه من ان الشكوى لغير الله مذلة فمنذ اول يوم من استلامه حقيبة الكهرباء اختصر الامر وذهب يتعاقد مع كل وسائل الاعلام على نشر عمود يومي يصدر متزامنا ونصه غير قابل للتغيير ليس الغرض منه تبرئة ساحته من انقطاعات الكهرباء واتهام الرئيس المخلوع بالاعتداء على ابراجها في مأرب فقط وإنما ليبعد عن نفسه شبهة البكاء والشكوى , لكن شكوى الوزير ظلت معلقة في وسائل الاعلام ولم يكترث اليها احد كما هو متوقع الى ان اصيب الوزير سميع بلحظة غضب بكائي فراح يضيف الى شكواه مؤخرا فقرة اتهم فيها الرئيس المخلوع بأنه زعيم عصابة الخمسة المتهمين بالاعتداء على ابراج الكهرباء , لم يكمل الناس قراءة جديد الوزير حتى دخلت البلاد في ظلام دامس ساءت معه احوال الكهرباء اكثر وأخذت انقطاعاتها تتضاعف بشكل لا يحتمل , وكانت رسالة واضحة الحرف والمعنى اقل ما فيها انها بينت انزعاجها من ضجيج البكاء والشكوى وحذرت من التمادي في اضافة معلومات خارج النص القديم.

واقع طبيعي لأحوال وزراء جاءت بهم الى الحكومة نصف ثورة بدأت القصة بكبيرهم الذي علمهم البكاء والشكوى ثم انتقل اليهم فيروس العدوى واحدا تلو الاخر دون ان يلقى صعوبة او مناعة تذكر , ولهذا لن يشعر الناس بأن احوالهم قد تغيرت الى الاحسن إلا اذا ما تغير مسار الشكوى وذهبت باتجاه الله عز وجل وهذا يحتاج الى ثورة كاملة غير منقوصة

عبد الرحمن تقياننريد يمناً من زجاج
عبد الرحمن تقيان
مشاهدة المزيد