آخر الاخبار

وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية

دخول العلماء على السلاطين والحكام.. بين اجتهاد الأعلام وأجندة الحكام
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 4 أشهر و يومين
الجمعة 23 أغسطس-آب 2024 07:16 م
  

يعلق العلامة أبو الحسن الندوي - رحمة الله تغشاه - في كتابه " رجال الفكر والدعوة في الإسلام " على ما ذكره الدكتور أحمد أمين في كتابه " ضحى الإسلام" حين تحدث عن المأمون وتأثير المعتزلة عليه ، ذلك التأثير الذي تجلى في فتنة " خلق القرآن " وما جره على الأمة من ويلات ومظالم بقوله : ( لم يكن المأمون إمَّعة يوجَّه فيتوجَّه ، ولكنه مع قوة شخصيته يتأثر برأي من حوله ، وكان على استعداد لذلك؛ فمن قبلُ أدخل المسائل الدينية في شئون الدولة فأعلن تفضيل عليّ بن أبي طالب على أبي بكر وعمر، وأغضب بذلك كثيرًا من الناس؛ ونادى من قبل بتحليل نكاح المتعة وهو في طريقه إلى الشام لما صح عنده من حديث حلّ المتعة ، فمازال يحيى بن أكثم يروي له الأحاديث في حرمتها عن الزُّهْري، ويقيم له البراهين على حرمتها حتى اقتنع، فأمر بأن ينادى بتحريمها بعد أن كان أمر بها ).

يعلق الشيخ الندوي بالقول : " وهذا وصف صادق للمأمون وتصوير نفسيته وطبيعته ، حدة في الذكاء ، والتقاط للآراء ، وتهور في الرأي ، وسرعة في التنفيذ ، وهي صفة ملك قوي الشخصية ، شديد الانفعال ، لم تمهله أحواله والظروف المحيطة به للدراسة العميقة ، والعلم الراسخ ، وقد أحاط به علماء أذكياء يحرصون على النفوذ في عقله ، وتنفيذ مذاهبهم وآرائهم في الشعب ، وقهر أعدائهم عن طريق السلطان .

وهكذا أصبح المعتزلة أصحاب حول وطول في الدولة العباسية ، وأصبح الاعتزال مذهبا رسميا يتبناه قاضي القضاة ، أحمد بن أي دؤاد ، ويحميه الخليفة العباسي ، ويدين له أصحاب المناصب والجاه والنفوذ في المملكة ". انتهى كلام الشيخ الندوي.

 

وقد تحدث الدكتور عبد النفيسي في مذكراته أن المخابرات الأمريكية أرسلت أحد عناصرها باسم أستاذ للتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وقد أقامت الجامعة احتفالات رسميا كان الغرض منه أن يتعرف هذا العنصر على السادات ويبني علاقات قوية معه ، وفعلا تم هذا واستطاع هذا العنصر إقناع السادات بالنهاية بالتطبيع مع اسرائيل . شغل وتخطيط على الهادئ .!

 

 وقد أستطاع رجاء بن حيوة إقناع الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بأن يوصي بالخلافة لعمر بن عبد العزيز ، وقد أستطاع هذا الخليفة أن يعيد الخلافة إلى الشورى وأن يحدث إصلاحات كبيرة جدا في الدولة والأمة حينها حتى أعتبره الكثير من المؤرخين معجزة من معجزات الإسلام ، وآية من آياته العظام في جلالة عمله ، وضخامة جهوده ، وبعد أثره ، والمآثر الجليلة التي خلدها ، والأعمال الخالدة والإصلاحات الواسعة التي قام بها في وقت قصير جدا لم يزد عن سنتين وخمسة أشهر .! 

يقول الشيخ أبو الحسن الندوي معلقا على جهود رجاء بن حيوة واستغلال قربه من الملوك في عمل الخير : ( وكان لرجاء مأثره التي لا ينساها الإسلام ، ولا أعرف رجلاً من ندماء الملوك ورجالهم انتفع بقربه ومنزلته عند الملوك مثل انتفاعه ، وانتهز الفرصة مثل انتهازه ، وأسدى للإسلام خدمة مثله ) . 

  

◾ رأي شيخ الإسلام الشوكاني: 

 

ويقول شيخ الإسلام العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمة الله تغشاه ـ في الحث على الدخول على الحكام ومناصحتهم : ( ولا يخفى على ذي عقل، أنه لو امتنع أهل العلم والفضل والدين عن مداخلة الملوك؛ لتعطلت الشريعة المطهرة، لعدم وجود من يقوم بها، وتبدلت تلك المملكة الإسلامية بالمملكة الجاهلية في الأحكام الشرعية من ديانة ومعاملة، وعم الجهل وطم، وخولفت أحكام الكتاب والسنة جهارًا لا سيما من الملك وخاصته وأتباعه، وحصل لهم الغرض الموافق لهم، وخبطوا في دين الإسلام كيف شاءوا، وخالفوه مخالفة ظاهرة، واستبيحت الأموال واستحلت الفروج، وعطلت المساجد والمدارس، وانتهكت الحرم، وذهبت شعائر الإسلام، ولا سيما الملوك الذين لا يفعلون ذلك إلا مخافة على ملكهم أن يسلب، وعلى دولتهم أن تذهب، وعلى أموالهم أن تنهب، وعلى حرمتهم أن تنتهك، وعلى عزهم أن يذل، ووجدوا أعظم السبل إلى التخلص عن أكثر أحكام الإسلام قائلين: جهلنا، لم نجد من يعلمنا، لم نلق من يبصرنا، فر عنا العارفون بالدين، وهرب منا العلماء العاملون، وفي الحقيقة أنهم يعدون ذلك فرصة انتهزوها، وشدة أطلقت عن أعناقهم، وعزيمة إسلامية ذهبت عنهم، ومع هذا فلم يختصوا بهذه الوسيلة التي فرحوا بها، والذريعة التي انقطعت عنهم، بل الشيطان الرجيم أشد فرحًا بذلك، وأعظم سرورًا منهم، فإنه قد خلى بينه وبين السواد الأعظم، يتلاعب بهم كيف شاء، ويستعبدهم كيف أراد ).

 

وأقول : ومن هنا تظهر أهمية البطانة الصالحة للحاكم ، وأهمية أن يلتف العلماء والصالحون حول الحاكم ولا يتركونه لمستشاري السوء ، ولأولئك الذين تزرعهم الدوائر الأجنبية والمخابرات الخارجية.

 

والدخول على الحكام مسألة اجتهادية فإن كان الدخول على الحكام سيؤدي إلى تحول العالم إلى بوق من أبواق السلطان يسوغ له قراراته التي تضر الناس ، ويشرعن فساده ويروج لأكاذيبه فهذا من المنكر الذي لا يجوز ، وقد كان الناس فيما مضى من العصور الذهبية للأمة ينظرون بريبة للعالم الملازم للسلاطين والحكام ، بل يقال في ترجمته " وكان ممن يدخل على السلاطين والحكام" ، وهي عبارة تنقص من رصيد العالم وتكاد تصل به إلى جرح عدالته وسقوط هيبته.! 

 

أما إذا كان في دخول العلماء على السلاطين والحكام منفعة للأمة وفرصة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإبطال أي قرار فيه ضرر بالناس فهذا ليس من المستحب فحسب بل هو أمر ضروري وواجب وفرض كفاية ، والأعمال بالنيات .

ويؤكد ما ذهبنا إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الحاكم وصححه كما صححه الألباني: ( سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه). 

وفي الحديث حث واضح على الدخول على الملوك والحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو أدى الأمر إلى قتل الطغاة لمن ينصحهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهو في مرتبة " سيد الشهداء" .

فتأمل .

 

وعلى العلماء والمصلحين الدخول على الملوك والحكام فيما فيه مصلحة الأمة فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، وبما لا يكون فيه مجاملة منهم للحكام على حساب دينهم وأمتهم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

 

والخلاصة أن الحاكم مهما بلغت قدراته هو بشر يتأثر بمن حوله من المستشارين والمقربين ، فإن كانوا على صلاح صلح أمر الحاكم وصارت قراراته رشيدة ولصالح شعبه ، وان تركه العلماء والصالحون لبطانة السوء كانت قرارته وبالا على شعبه ومشقة عليهم ، فضلا عن كونهم بهذا الترك يميتون واجب المناصحة للحكام وما فيه من منافع جمة وخير كثير . 

والمسألة اجتهادية كما وضحنا والله المستعان.