آخر الاخبار

حزب الإصلاح : اغتيال إسماعيل هنية جريمة بشعة وفعل مدان بكل الأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية نجاة رئيس مجلس القيادة عبدالفتاح البرهان من محاولة اغتيال في أقوى رد وأعمق تعليق توكل كرمان: في أول يوم لتنصب رئيسها الجديد إيران تقدم رأس إسماعيل هنية هدية ثمينة لاسرائيل لماذا أوقفت إيران نظام دفاعاتها الجوية وكيف قطع الصاروخ الذي استهدف هنية مئات الكيلومترات فوق الأراضي الإيرانية دون استهداف ..تفاصيل منظومات الدفاع الإيرانية ؟ حركة حماس تكشف أين ومتى سيدفن جثمان اسماعيل هنية وفد رفيع المستوى يصل الرياض لبحث تسوية يمنية مرتقبة.. تفاصيل بعد اغتيال هنيّة في طهران.. تعرف على أبرز المرشحين لرئاسة حماس وكيف تتم عملية الإختيار؟ أول تعليق لأمريكا على اغتيال هنية وهل كان لها دورا فيه؟ ثلاث مراحل تنتهي بفترة انتقالية.. العليمي يحدد بنود خارطة الطريق التي يحاول الحوثيون تضليلها شاهد آخر ظهور لإسماعيل هنية قبل اغتياله وماذا قال عن القدس؟

هل يتزاوج البشر أونلاين قريباً؟
بقلم/ دكتور/فيصل القاسم
نشر منذ: سنة و 4 أسابيع و يوم واحد
الأحد 02 يوليو-تموز 2023 06:29 م
 

لم يمر على البشرية عصر كالعصر الذي نعيش فيه اليوم مطلقاً، وهذا ليس في حاجة لإثبات وتنقيب وتمحيص، فنحن هنا نتحدث عن عصر «التوصيل» توصيل أي شيء تريده إلى باب منزلك، أو عبر الأثير الإلكتروني، وهذا النمط من التوصيل والتواصل لم يحدث أبداً على مر الزمان والتاريخ الذي قرأناه ونعرفه، فلم يكن هناك من قبل لا طائرات ولا سيارات ولا إنترنت ولا بريد إلكتروني ولا موبايلات ولا متاجر إلكترونية، ولا ثقافة الـ «أونلاين» التي تجتاح اليوم العالم من أقصاه إلى أقصاه بطريقة غير مسبوقة تاريخياً.

وأطرف مقطع واتساب شاهدته قبل أيام أن عامل توصيلات دق على جرس أحد البيوت فخرج منه شاب، فسأله العامل عن اسمه، ولما تأكد من الاسم صفعه صفعتين شديدتين على وجهه، وقال له:

وقعّ لي هنا أنك استلمت الصفعتين من حبيبتك السابقة». وكان الفيديو على سبيل الفكاهة بعنوان: «يمكن توصيل أي شيء هذه الأيام».

وهذا حقيقي ومذهل فعلاً، فلو نظرت إلى حجم التجارة الإلكترونية التي تجري عبر الإنترنت من المتاجر الإلكترونية عبر العالم لوجدت أنها باتت تنافس بقوة حجم التجارة الواقعية التي تجري بين المشترين والبائعين داخل المحلات التجارية.

وحجم تلك التجارة الإلكترونية صار بالترليونات وليس بالمليارات، ولا ندري إذا كان معظم المتاجر سيغلق أبوابه في قادم السنين بعد أن تحول معظم أنواع البيع والشراء إلى الفضاء الإلكتروني.

مليارات البشر اليوم يمضون الكثير من الوقت وهم يتصفحون موقع «أمازون» الشهير الذي تستطيع من خلاله أن تشتري أي شيء يخطر على بالك، فيصلك في اليوم التالي وأحياناً في نفس اليوم بطريقة سلسة وسهلة وممتعة للغاية، بحيث بات ملايين البشر يشعرون أن اليوم الذي لم يشاهدوا فيه سيارات التوصيل التابعة لأمازون وغيره من المتاجر العالمية العملاقة أمام بيوتهم بأنه يوم فارغ بلا معنى «لا فاكهة ولا مازية».

قلما يوم يمر إلا ويشتري ملايين البشر سلعة ما من المتاجر الإلكترونية، بحيث صار «أمازون» وغيره جزءاً يومياً أساسياً من حياتهم، وتوطدت بين البشر والمتاجر الإلكترونية علاقة غرامية أشبه بالهوس.

ولا شك أن الميسورين من الناس باتوا يقضون أوقاتاً طويلة يومياً على موبايلاتهم وأجهزة الكومبيوتر وهم يفتشون عن كل ما لا يحتاجونه من بضائع وسلع لطلبها من أمازون وغيره، لأن تلك المواقع كرست في نفوس البشر شرهاً وجشعاً وإدماناً غير مسبوق للشراء غير اللازم.

جاء الذكاء الاصطناعي ليدمر بقايا التواصل والتفاعل بين البشر، بحيث سيتحوّل «العرّاف» (الذكاء الاصطناعي) إلى رفيق لكل إنسان على وجه المعمورة يسامره ويستشيره ويناقشه ويعلمه ويتلقى توجيهاته في كل شي، فتصبح العلاقات التقليدية بين الناس في خبر كان ولم يعد البيع والشراء المظهر الوحيد من مظاهر تلاشي التواصل الواقعي بين الناس، فلطالما كتبنا

عن تأثير مواقع التواصل الافتراضية التي قضت على كل أشكال التواصل والتلاقي والتفاعل الإنساني المباشر واستبدلته بالتواصل الإلكتروني الذي قضى حتى على التفاعل بين أبناء الأسرة الواحدة بعد أن صارت الموبايلات وسيلة التواصل شبه الوحيدة بين البشر.

وليت الأمر توقف عند مواقع التواصل، فها هو الذكاء الاصطناعي يقتحم العالم بطريقة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ويزيد الطين بلة، بحيث وصفه أحد المفكرين بأنه أخطر من أسلحة الدمار الشامل وبأنه أكبر عملية تلاعب بإعدادات البشرية منذ بدء الخليقة، لأنه عملياً يقضي على ما تبقى من التواصل البشري المباشر، فبعد أن حلت ثقافة البيع والشراء الإلكتروني محل ثقافة السوق المباشر، وحل التواصل الافتراضي محل التلاقي الإنساني وجهاً لوجه، جاء الذكاء الاصطناعي ليدمر بقايا التواصل والتفاعل بين البشر، بحيث سيتحوّل «العرّاف» (الذكاء الاصطناعي) إلى رفيق لكل إنسان على وجه المعمورة يسامره ويستشيره ويناقشه ويعلمه ويتلقى توجيهاته في كل شي، فتصبح العلاقات التقليدية بين الناس في خبر كان

. وكما أن البائع في الفضاء الإلكتروني. مليارات البشر اليوم يمضون الكثير من الوقت وهم يتصفحون موقع «أمازون» جهاز كومبيوتر ذكي يبيعك كل شيء ويتواصل معك حول كل تفاصيل مشترياتك، فها هو الذكاء الاصطناعي سيقضي على مئات الوظائف البشرية، وبذلك سيقضي أيضاً على ملايين المعاملات والتواصلات التي كان يجريها البشر فيما بينهم بشكل مباشر.

وقد لعبت جائحة كورونا دوراً خطيراً جداً في تكريس ظاهرة التباعد الاجتماعي في العالم، عندما عززت ثقافة العمل عن بعد بحجة تجنب الاختلاط الذي يؤدي إلى انتشار الفيروس، فتحول ملايين البشر إلى العمل من بيوتهم عبر الإنترنت والفضاء الإلكتروني دون الحاجة للعمل من المكاتب. وعندما تنظر كيف تتساقط ثقافة التواصل الإنساني وتندثر شيئاً فشيئاً نتيجة تغوّل التجارة الإلكترونية وسيطرة الذكاء الاصطناعي على معظم مناحي الحياة، لا بد أن تتساءل:

ما هو الدور الذي لعبته جائحة كورونا في هذه «اللعبة» الرهيبة التي تهدف بشكل صارخ لا يحتاج لإثباتات إلى تخفيف أواصر التواصل والتفاعل الإنساني إلى الحد الأدنى كي لا نقول إلى الصفر؟ ومما زاد في الطنبور نغماً أن البشرية لم تعد تكتفي بتدمير علاقاتها الإنسانية والتجارية المباشرة وثقافة السوق التفاعلية بعد أن أطلقت العنان للتواصل الإلكتروني وللتجارة الإلكترونية الرهيبة وقضت على كل أنواع التواصل والتفاصل الإنساني والتجاري البشري، ولم تعد تكتفي أيضاً بإحلال الذكاء الاصطناعي محل التواصل البشري وجهاً لوجه، فها هي اليوم تحاول وبكل فجاجة التلاعب بالطبيعة البشرية ذاتها، فهناك حملة عالمية غير مسبوقة تاريخياً لتشجيع عمليات التحول الجنسي والقضاء على كل أنواع التزاوج الطبيعية بين الذكر والأنثى. أين تتجه البشرية يا ترى على ضوء عملية الدمار الشامل التي تتعرض لها العلاقات الإنسانية بين البشر على أيدي الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والتواصل اللاسلكي والتلاعب الجيني؟ هل سيأتي اليوم الذي ستنتهي فيه الأعراس رمز التواصل والتفاعل والتكاثر البشري؟ هل سيكون الحب في يوم من الأيام عبر الأثير الإلكتروني؟

هل سيتزاوج البشر يوماً ما «أونلاين»؟