أول رد من مهدي المشاط على الغارات الأميركية .. الخيارات والدعم
ماذا قال حزب الإصلاح في ذكرى تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية وماهي الرسائل السياسية التي بعثها إليهم ؟
حيث الإنسان يقلب موازين الحياة لذوي الإعاقة في مديرية الشمايتين بمحافظة تعز .. الطفولة تبتسم بكل معانيها.
إسرائيل تكشف عن خسائر مهولة طالت جيشها في حربهم ضد غزة
عاجل غارات أمريكية جديدة تستهدف محافظة صعدة
ترتيب منتخبات آسيا في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026
اليمن يشارك في جائزة دولية لحفظ القرآن الكريم بثلاثة متسابقين
وقع عليها نايف البكري وعدد من قيادات المقاومة. مأرب برس ينشر وثيقة تنشر لأول مرة لتسليم الأسلحة والذخائر وشروط من يستلمها
في ذكرى عاصفة الحزم.. مشاط الحوثيين يتودد السعودية للسلام ويطلب منها ''جبر الضرر'' ويهاجم ترامب ''المجرم الكافر''
منتخب اليمن يستهل تصفيات كأس آسيا بتعادل مخيب في أرض بوتان
مشهد مُمل وسمج يتكرر كل عام في مثل هذا الوقت: تحل ذكرى عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وفق التقويم الغربي، فتتوجه بالتهنئة لزملائك وأصدقائك المسيحيين متمنيا لهم عيد ميلاد مجيد.
في الأثناء يبدو وكأن هناك من يجلس متوثبا في مكان ما ينتظرك أن تقع في هذا «المحظور» لينقضّ عليك قائلا بأنه لا يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم فذلك برأيه حرام ومنهي عنه. بعضهم يكتفي بذلك، والبعض الآخر يذهب إلى تحذيرك من أنك ستُحشر في جهنم مع هؤلاء الذين هنأتهم، على أساس أن هؤلاء طبعا يعلمون جيدا من سيدخل النار ومن سيدخل جهنم، حتى لتكاد تظن أن بحوزتهم القائمات الاسمية لهؤلاء وأولئك. ومنهم من لا يكتفي بكل ما سبق، بل يمضي قدما في أسطر معدودات إلى تسفيه الديانة المسيحية وكل معتنقيها في هذا العالم.
نفس الجُمل، نفس التحامل، نفس الكراهية، نفس التكفير يتكرر كل عام وكأننا على موعد سنوي دائم مع وجهي نفس العملة الواحدة: تهنئة من هنا وشتائم من هناك بوصاية تستبطن الفهم الوحيد والصحيح للإسلام.
«جماعة لا يجوز» هذه تجدها دائم على أهبة الاستعداد في مواسم الأعياد هذه فتنشط بلا كلل، ونسبة كبيرة منهم بالمناسبة يتخفون في مواقع التواصل الاجتماعي وراء أسماء مستعارة، على غرار «الذباب الإلكتروني» في المعارك السياسية حامية الوطيس في أكثر من بقعة في بلادنا العربية، بل يمكن تخيلهم جاهزين قبل أيام لا ينتظرون سوى حلول المناسبة لإطــلاق كل ما لديهم.
«جماعة لا يجوز» هذه لم تكلّف نفسها عناء التوقف قليلا لتنظر يمينا وشمالا عساها تتبين المفارقات الأخلاقية والاجتماعية والثقافية التي وقعوا فيها بين ما «يجوز» و«لا يجوز» من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر أنه:
يجوز السفر والسياحة إلى أوروبا وأمريكا وأستراليا ويجوز طلب اللجوء إلى بلدانها والاقامة فيها والحصول على جوازات سفرها، ويجوز التمتع بخدماتها ومنحها الصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، ويجوز التملك فيها وممارسة كل حقوق مواطنيها الأصليين إذا صرت حاملا لنفس وثائقهم الشخصية، ويجوز اللجوء إلى قضائها لانصافك لأنك في دول بها مؤسسات وقوانين…
كل ذلك يجوز… لكن ما لا يجوز أبدا هو أن تقول لجارك الفرنسي أو البريطاني أو الكندي أو الأمريكي أو الألماني أو البلجيكي أو الايطالي أو الاسباني: عيد ميلاد مجيد وكل سنة وأنت طيب، كما لا يجوز أن تقولها لزملائك في العمل هناك فستكثر عليهم هذه المجاملة وكأن لا عيد لديهم ولا فرح، أو أن تستكثر قولها لأولياء الأطفال الذين تلتقي بهم كل صباح في المدرسة، علما بأن المناسبة عند أغلبهم لا دلالة دينية لها.
دعنا من «الخواجات» والدول الغربية التي يقيم فيها هؤلاء المسلمون من جماعة «لا يجوز» ودعنا كذلك من الغربيين المقيمين في دولنا المختلفة في المشرق والمغرب وخاصة في دول الخليج العربية وعددهم بمئات الآلاف ممن يقولون لنا «عيد مبارك» في كل عيد أضحى أو عيد فطر أو «رمضان كريم» مع حلول الشهر الفضيل، دعنا من كل هؤلاء ولنلق نظرة سريعة على بعض مجتمعاتنا العربية التي يعيش فيها على نفس الأرض مسلمون ومسيحيون من طوائف مختلفة ويتكلمون نفس اللغة ويعيشون مع بعضهم البعض نفس الأفراح والأتراح.
جماعة «لا يجوز» يقولون لك إنه لا يجوز أن يقول الفلسطيني أو السوري أو اللبناني أو العراقي لزوجته أو أصهاره أو جاره أو صديقه أو أستاذه أو زميله في العمل أو بواب عمارته أو ساعي البريد أو الممرض أو الطبيب الذي يشرف عليه أو المعلم الذي يدرسه أو المحامي الذي يدافع عن مصالحه أو الميكانيكي الذي يصلح سيارته أو السباك الذي يصلح أعطال شقته، لا يجوز أن يقول له «عيد ميلاد مجيد» مع أن الآخر يهنئه في أعياده بشكل طبيعي وبلا عقد، وإن لم يفعل اعتبرها هو نفسه إهانة وقلة ذوق، حتى إننا في السنوات الماضية صرنا نرى رؤساء دول مسيحية كبرى يهنئون المسلمين بأعيادهم صوتا وصورة.
المفارقة أن هؤلاء المسلمين من «جماعة لا يجوز» ولا أظنهم سوى أقلية ولله الحمد، هم أنفسهم الذين تتلبسهم حالة من الاستنفار الشديد كلّما حصل في أوروبا أو غيرها بعض ممارسات الكراهية أو التنمّر ضد المسلمين منددين بأعلى أصواتهم بـ«الإسلاموفوبيا» هناك، بمعنى أن حساسيتهم هذه، المشروعة طبعا، لم تمنعهم من ممارسة لا تختلف كثيرا في جوهرها ضد الآخر المسيحي، حتى وإن اتخذت شكلا مغايرا، لا تتمثل في الإساءة المباشرة وإنما في قناعة أنه من غير المسموح تهنئته وهذه قد تكون أكثر إيلاما. أنت حر في أن تهنئ أو لا ولكن على الأقل لا تشهّر بمن يفعل.
وليت الأمور تقف عند هذا الحد بل نرى «جماعة لا يجوز» لا يدخرون جهدا في العودة إلى ما قاله بعض الفقهاء لدعم وجهة نظرهم، فينبري معارضوهم بدورهم إلى الإتيان بآراء أخرى عكس ذلك، مع أن الموضوع لا يحتمل كل هذا على الاطلاق. أعياد ميلاد مجيدة، وكل عام وأنتم بخير.