آخر الاخبار

ترامب يخسر معركته الأولى.. الاقتصاد الأمريكي يتهاوى البنك المركزي الأوروبي يعلن عن أكبر خسارة على مدار تاريخه هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون دعم أميركي؟ توجيهات عسكرية مشددة من رئيس مجلس القيادة الرئاسي لوزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان ..تفاصيل وفد حوثي يسافر سراً للمشاركة في تشييع حسن نصر الله ووفد أخر يغادر مطار صنعاء يتم الإعلان عنه.. إستياء واسع لحلفاء المسيرة .. جناح إيران يتفرد بكل التفاصيل احتشاد قبلي مُهيب بمأرب.. قبائل مذحج وحمير تُعلن جاهزيتها الكاملة لمواجهة مليشيا الحوثي وتدعو التحالف العربي لمواصلة الدعم العسكري وتطالب الشرعية إعلان معركة التحرير بيان توضيحي عاجل لشركة الغاز اليمنية حول الوضع التمويني وحقيقة تهريب مادة الغاز إلى الخارج الشركة المالكة.لفيسبوك وواتساب وانستغرام تعلن عن نشر أطول كابل بحري بالعالم.. يربط القارات الخمس؟ خفايا وأطماع مواجهات نارية في الدور الستة عشر في دوري أبطال أوروبا قرعة دور الستة عشر للدوري الأوروبي لكرة القدم

إشكالية الانشغال بالقضايا الهامشية وسط الأزمات
بقلم/ رهف الشرجي
نشر منذ: يومين و 4 ساعات و 27 دقيقة
الأربعاء 19 فبراير-شباط 2025 06:44 م
 

هذه خلعت الحجاب، وتلك ارتدت بنطالاً، وذاك غنى بصوت مبحوح، وهذا قص شعره وارتدى الجينز، نتصارع داخل دائرة مفرغة، بعيدة كل البعد عن واقعنا المأزوم، دائرة ندور فيها منذ عقود بل منذ قرون خالية من الاهتمام بالحقائق الحقيقية والمعاناة التي يعيشها المواطنون والمواطنات.

 

يوميا نشهد مشاهد مفزعة تتكرر بشكل روتيني اعتقالات تعسفية، انتهاكات صارخة للحقوق والحريات، اضطهاد، مجاعة، ظلم اجتماعي، وتدهور معيشي يستحق الرثاء، ومع ذلك، نجد أنفسنا منفصلين عن هذا الواقع، غارقين في عوالم السوشيال ميديا، حيث يطغى الجدل حول القضايا الهامشية، بينما يعاني الناس بصمت من أزمات حقيقية تهدد حياتهم ومستقبلهم.

 

لقد أصبحت الفوضى العارمة تخيم على كل أرجاء الوطن بينما ينشغل المثقفون بقراءة روايات أو كتب سطحية، متجاهلين الأوضاع المأساوية التي تحيط بهم، كأن الوعي الثقافي لم يعد يُقاس بمدى القدرة على تحليل المشكلات الحقيقية، بل بمدى التفاعل مع محتوى استهلاكي يساهم في ترسيخ الهروب من الواقع.

 

كيف لنا أن ننهض ونحن منشغلون بالتفاهات، عاجزون عن تقرير مصيرنا حتى النقد الذي يُفترض أن يكون أداة وعي وإصلاح أصبح موجها نحو قضايا سطحية، مثل انتقاد ملابس المشاهير وتسريحات شعرهم، بدلا من التركيز على القضايا السياسية والاقتصادية التي قادتنا إلى هذا الوضع الميؤوس منه.

 

لو أننا وظفنا النقد في مجاله الصحيح، ووجهناه نحو تحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية، لما كنا قد وصلنا إلى هذا الواقع المتردي، فالنقد الحقيقي ليس مجرد وسيلة للجدل بل هو تجاوز وارتقاء ومعالجة للمشكلات فما فائدته إذا كان منصبا على سفاسف الأمور، بدلا من أن يكون سلاحا لمواجهة الظلم والقهر والاستبداد كيف يمكن لنقد لا يسهم في تحسين حياة الناس أو تحرير سجين أو تأمين لقمة العيش لجائع أن يكون ذا قيمة؟

 

إن قلة الوعي والانحصار الثقافي جعلا منا شعوبا ترفض أن تضع حدا لهذه الفوضى الفكرية التي تزيد المشهد تعقيدا نجد أنفسنا تارة نرفع شعارات التحرر والخلاص، وتارة أخرى منفصلين تماما عن الواقع، وكأننا كائنات فضائية هبطت بالخطأ وستعود قريبا إلى موطنها، فلا حاجة إذا للحديث عن وضع نعتبره مؤقتا لكن الحقيقة أننا لسنا عابرين، بل نحن غارقون في هذا الواقع، غارقون في التفاهات التي تضعف إرادتنا، وتُهزّل وعينا، وتحول نقدنا إلى مجرد تصفية حسابات شخصية.

 

وسط هذا الضياع، تغيب الحقائق، وتُدفن الأولويات وتصبح الكتابات العريضة والطويلة منشغلة بقضايا تافهة، مثل أخبار المشاهير والموضة، بينما تُسحق الحقوق، يُصادر الراتب، تُدفن الحرية، ويزداد الفقر انتشارا. 

 

متى سنضع حداً لهذا العبث ونرتقي بمستوى وعينا؟ متى سنتوقف عن اللهث وراء القضايا الهامشية ونوجه اهتمامنا نحو القضايا المصيرية التي تحدد مستقبلنا؟ لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض إذا كان أفراده منشغلين بالقشور غافلين عن جوهر الأزمات التي تواجههم، لا بد من استعادة دور النقد ليكون أداة للإصلاح، لا وسيلة للتشتيت والإلهاء.

 

لقد آن الأوان لأن نخرج من هذه الدائرة المغلقة، ونعيد ترتيب أولوياتنا وفقا لما يخدم مستقبلنا، لا وفقاً لما تمليه علينا ثقافة الاستهلاك والإثارة المؤقتة.