آخر الاخبار

مهازل الصراع بين عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ حضرموت.. اتهامات وتدخلات وإقالات الأحزاب السياسية تناقش مع الاتحاد الأوروبي مستجدات الحرب والسلام ومطالب بتطوير العلاقات إلى المستوى الجيوسياسي التنموي انكسار جديد للمليشيات الحوثية شمال غرب تعز عاجل: الإدارة الأمريكية تدعو سلطنة عمان للتخلي عن الحوثيين وإغلاق مكتبهم وتؤكد تحركها مع السعودية والإمارات لتوحيد الجيش اليمني وهزيمة الحوثيين مواجهة نارية بين ريال مدريد ومانشستر سيتي في ملحق دوري أبطال أوروبا .. العالم يتقد تسع كوارث مدمرة بدنية وصحية ناجمة عن إدمان الهاتف المحمول. رقم مخيف هز العالم ...تعرف كم ساعة قضاها المستخدمون أمام الموبايل خلال 2024 ؟ الريال يصطدم بالسيتي.. اليكم قرعة الملحق المؤهل إلى ثمن نهائي أبطال أوروبا وموعد المواجهات تعرف على أفضل تطبيق يتصدر فى الولايات المتحدة خلال عام 2024.. اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية والتعليم تناقش سير العام الدراسي

وعود النموذج الصومالي
بقلم/ د. عمر عبدالعزيز
نشر منذ: 7 سنوات و أسبوعين و 6 أيام
الأربعاء 10 يناير-كانون الثاني 2018 06:34 م

خلال العقود الثلاثة الماضية كانت الصومال تعتبر بمثابة النموذج الأكثر فداحة لمعنى الحرب الأهلية، ومتوالياتها السقيمة على كل اوجه الحياة ، وقد تتابعت الجهود الوطنية الصومالية منذ امد بعيد، بالترافق مع المبادرات الإقليمية والدولية، بحثا عن حلحلة الملف الصومالي، والوصول لاتفاقيات تلزم اطراف الصراع المحلي على الانخراط في العملية السياسية على قاعدة التنازلات الشجاعة، والتوافقات البناءة، لكن موتمرات نيروبي واديس وصنعاء وجيبوتي لم تسفر عن تحقيق تلك الآمال ، فجاء الجواب من الداخل ، وتحديدا من قبل الممسكين على جمرة الحقيقة على الارض ، وبهذا بدأت متوالية التصالح الوطني لتشمل عموم الطيف السياسي والمكونات الاجتماعية ، وصولا الى تحقيق سلسلة باهرة من المقدمات المؤشرة لمستقبل بناء .

خلال مخاظ العسر والتقلبات على جمر الظنى ، والادراك العميق بان حلول الخارج ليست سوى عامل مساعد، وان الحل والعقد يكمن في الداخل .. خلال تلك المرحلة توصلت الارادة الوطنية الصومالية الى الحقائق التالية نظريا وتطبيقيا :

التبادل السلمي للسلطة الرئاسية والبرلمانية والحكومية ، بحيث تحولت هذه السلطة من تجربة رمزية معنوية الى حقيقة موضوعية، حيث تبادل الرئاسة عديد الرؤساء خلال العقدين الماضيين، وبالمقبل تناوب في رئاسة الحكومة والبرلمان عشرات رؤساء الحكومة والبرلمان.

زيادة اللحمة الوطنية وتخطي الاصطفافات القبائلية، والبقاء عن حد الرمز الوحدوي الشامل للعلم الصومالي الأزرق ذو النجوم الخمسة، وبهذه المناسبة يجدر بالذكر ان ( جمهورية ارض الصومال ) التي اعلنت انفصالها في الشمال منذ اكثر من عقدين مازالت تأوي الصوماليين من مناطق الجنوب والوسط، ولا تفرق بينهم في الهوية الوطنية ، وتمنحهم كامل حقوق المواطنة الموازية لسكانها الاصليين ، بل ان نبرة الانفصال فيها تراجعت إلى حد كبير ، حتى ان الحكماء فيها ينظرون للنموذج الاتحادي الفدرالي كقيمة مستقبلية مؤكدة.

التنامي الواضح في النمو الشامل سمة يمكن ملاحظتها في العاصمة مقديشيو ومدن بوصاصو في الوسط، وهرجيسا في الشمال ، حتى ان بعض المنظمات الاحصائية الدولية اعتبرت مقديشيو واحدة من اكثر العواصم العربية الافريقية الواعدة بنمو كبير .

لاحظ المراقبون تراجع الهجرة الجماعية من البلاد، بالتوازي مع عودة اللاجئين والمستثمرين. ، بمن فيهم الكوادر التي تأهلت في بلدان اوروبا وامريكا وكندا خلال العقود الثلاثة الماضية للهجرة القسرية .

وبالر غم من هذه المقدمات والمؤشرات الايجابية مازال التحدي الأكبر ماثلا في مستويين:

يتعلق المستوى الأول في تنظيم الشباب المجاهد السلفي الذي يتحصن في القرى والمناطق النائية، ويجد حواضن مناسبة في الغابات والبراري ، ولا يخفي اعتقاده بان نظام الحكم الحالي يمثل طواغيت المال والسياسة المفارقين للملة ، علما بان هذا التنظيم خرج اساسا من رحم الدين السياسي للمحاكم الاسلامية ، لكنه رفض المحاكم بمجرد اختيار قياداتها للمسار السياسي السلمي كوسيلة للحل والعقد في عموم البلاد.

يتعلق المستوى الثاني باصرار بعض قيادات ( جمهورية ارض الصومال ) غير المعترف بها دوليا، على خيار الانفصال ، بالرغم من مرور ثلاثة عقود على إشهارها ، ربالرغم من التجربة العملية الوازنة للحضور الوطني الصومالي في عموم شمال الصومال وعاصمتها هرجيسا .

الصورة الماثلة في صومال اليوم تؤشر الى نضج سيكولوجي حقيقي عند فرقاء الداخل ، وادراك الثمن الباهض الذي تم دفعه جراء التقاتل العدمي وتدمير الدولة ، والذهاب بعيدا في خيار التوازن المنطقي ضمن دولة اتحادية فدرالية تحقق المواطنة والمشاركة ، والتخلي غير المأسوف عليه عن ثقافة الحرب الأهلية، رغما عن وجود ظلال باهتة لتك الثقافة هنا وهناك .

من المعلوم في تواريخ البشرية المرصودة ان الماضي السلبي لا يخبو او يتلاشى بين عشية وضحاها ، بل ينحسر تباعا بقوة دفع الجديد المتجدد.. هنالك حيث يتغير وعي الناس، تناسبا مع حياتهم الجديدة الخالية من القتل والرصاص والنهب والسلب، وهذا ما يمكن رؤيته بعين اليقين في الصومال الجديد الذي يخرج من أحشاء البؤس والظلام .