إباحية ... وعلاقات غرامية تفضحها الرسائل
بقلم/ أمل المصري
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 8 أيام
الخميس 18 أكتوبر-تشرين الأول 2007 08:20 م

أنا ملك العاشقين أبحث عن ملكة الحب . أنا بنت من السعودية تبحث عن شاب رومانسي . يا أبناء النيل تعالوا وأطفئوا نار العاشقين . لميس الناعمة تبحث عن فارس أحلامها. أنا عاشق فهل لي من عشيقة . وحيد يبحث عن وحيدة . نفرتيتي تبحث عن رمسيس . ملك جمال الصحراء ينادي بنات حواء ، فهل من يلبي النداء.

من منا لم يشاهد هذه الرسائل وهي تمر في شريط " إخباري " في أسفل شاشتنا التلفزيونية ولا سيما في القنوات الغنائية ؟

ومع انتشار القنوات الموسيقية خاصة في الأعوام الأخيرة بشكل لافت للنظر مما ترك لدى المتابعين والمراقبين لأحوال الساحتين الفنية والإعلامية أكثر من علامة استفهام حول ما تقدمه هذه القنوات لجذب عدد كبير من المشاهدين خصوصا فئة المراهقين السذج والذين يتفاعلون مع ما تقدمه هذه القنوات .

حيث تفشت ظاهرة الرسائل القصيرة أو الـ SMS على شاشات القنوات الفضائية بشكل كبير ، وشكلت قضية جدلية بين مؤيد ومعارض لها ، وأخذ الكثيرون يتبارون في تحديد إيجابياتها وسلبياتها .

على كل حال ليست حرية التعبير مثار قلقي ، إنما القلق من تلك الرسائل الهوائية المتناثرة على شاشات فضائياتنا .

ومن الملفت أن القسم الأكبر من الرسائل التلفزيونية مرسلة من الدول الخليجية ، إذ تشهد هذه الظاهرة شعبية واسعة بين السعوديين على وجه التحديد ، حيث تتنافس القنوات على استقطاب أكبر كم من الرسائل عبر ابتكار برامج الدردشة على الهواء ، وبالتالي ممارسة لعبة الإغواء الفضائي أو الافتراضي عبر الذبذبات التلفزيونية والتي تعتمد عليها الفضائيات وتعتبرها الدخل الرئيسي لتغطية تكاليف البث وأجور العاملين فيها .

وكم من الأسى والألم ونحن نشاهد بحسرة ما يحدث على شاشة تلك القنوات من بعض ما يكتب في ذلك الشريط الذي يظهر في أسفل الشاشة دون مرعاة لمشاعر الآخرين في ظل غياب الرقابة عنها والتي تجيز مثل هذه التفاهات !!

فلما استفزتني ظاهرة رسائل الـ sms بما تحمله من تجاوزات ، قررت أن أدخل تلك اللعبة لاكتشف قواعدها ، وما يدور في كواليسها لعلي أجد ما يبحث عنه هؤلاء الشباب .

فقلت في رسالة عبر موبيلي الخاص : "أنا فتاه وحيدة جميلة .. أريد شاباً وحيداً مثلي " وانتظرت.. فظهرت الرسالة على الشاشة ، و لم تمض دقائق حتى جاءني الرد من شاب يقول "أنا شاب وحيد مثلك.. ممكن أتعرف "ولم يتوقف الشاب عند ارسال مجرد رسالة ولكنه اخذ يتمادي في ارسال الرسائل ليعرفني باسمه ورسالة أخري ليصف شكله حيث وصف الشاب نفسه " بأنه بوسامة براد بيت وجاذبية توم كروز أنه يحلم بلقائي" مع وعد في نهاية الرسالة بمفاجأة بانتظاري ظنا منه بأنني سوف التقي به يوما.

والسؤال هو لماذا يلجأ الشباب إلى هذا العبث الهوائي عبر التلفزيون ؟

يقول أحمد شكري -19 سنة - إنه محاولة منه لكسر الملل "تحديدا في موسم الأجازات حيث لا يجد الطالب ما يفعله سوى قضاء جزء من وقته في الدردشة " ويرد سبب الإقبال عليها إلى تكلفتها الرخيصة مقارنة بالمكالمات وسرعتها في التعارف على البنات مقارنة باستعمال الإنترنت ويقول "إن الدردشة لا تكون ممتعة إلا مع البنات" .

أما مدحت الوزير - 20 سنة - فيقول إنها وسيلة للتعبير عن ما يدور بداخله من مشاعر " وأمر جميل واستايل" مؤكدا انه يستخدمها هو وحبيبته كوسيلة للتعبير عن حبهم على الملأ.

واتفقت نهي - 25- سنة هي الأخرى على أن هذه الرسائل تعبر عن المشاعر ووسيلة حديثة للتعبير عن الحب .

أما عبد الله -20سنة - فقد اعترف أنه من أولئك الذين يرسلون الشتائم والكلمات الجارحة عبر هذه الرسائل لأنها من وجهة نظره تمثل الخروج عن المألوف" أنا أواظب على إرسال عدد كبير و أنا أقوم بإرسال هذه الرسائل الخارجة عن حدود الأدب حتى يخرج العاشقان من "المود" الذي يعيشونه .. وفى بعض الأحيان أجد من يجادلني و نبدأ معاً في مباراة من المنافسة ونبدأ حفلة " زجل " من الإباحية والشتائم .

آراء مخالفة

يرى عمر -23سنة - إنه ليس العيب في رسائل الـ sms نفسها بل في من سمح لهذه التجاوزات أن تحدث على الشاشة ، وإن هذه الرسائل الهوائية تم إتاحتها لأغراض محترمة كإرسال التهنئة بالنجاح أو الخطوبة أو الميلاد أو الزفاف لكن للأسف بعض الشباب التافه استخدمها لإقامة علاقات مع بعض الفتيات العابثات.

واسترعت هذه الظاهرة اهتمام الكثيرين من أصحاب الأقلام الناقدة الذين راحوا يرصدون أسبابها وأخطارها .

وفي المقابل كان هناك آخرون يبررون تلك الظاهرة ويقللون من مخاطرها ، رافضين وضع القيود عليها ، و يقفون خلف درع يسمى قدسية حرية التعبير .

ولعل ظاهرة الرسائل التلفزيونية ما هي إلا نتيجة حتمية لكثرة القنوات الغنائية التي أصبحنا نتشدق بها في كل مكان مؤكدين أنها دفعة نحو الأمام متناسين غياب عنصر الحرية المسئولة والضبط والرقابة الأخلاقية الذاتية إذ أن المسألة كلها مجرد تجارة من قبل القنوات الفضائية، والتي استغلت إقبال المراهقين وإدمانهم على هذه اللعبة .

حيث تم فتح الباب على مصراعيه أمام كل من يريد أن يرسل أي كلام عبر شاشات الفضائيات ، و بما أن مرحلة المراهقة غالباً ما تتميز بالتهور ،والرغبة في اكتشاف الجنس الآخر، ومحاولة إقامة علاقة معه كنوع من إثبات الذات فقد وجدت هذه الفئات في مثل هذه الفضائيات مرتعاً خصباًَ لإشباع رغبتهم العاطفية المكبوتة هذا في ظل غياب الأسرة و استهتارها .

تقليد الغرب أعمى العيون

رسائل sms على القنوات الفضائية 

ونجد أن فكرة" sms " الفضائية ليست جديدة فهي مقتبسة أساسا من فكرة الدردشة التي يمكنك استخدامها على العديد من مواقع الإنترنت وأول من طبق تلك الفكرة كان برنامج شبابي يذاع على قناة "إم تى فى" لمدة ساعة يومياً ونظراً لنجاح الفكرة وإقبال الشباب عليها انتقلت فوراً وبالنص إلى قناة "ميلودى" الغنائية المصرية لكن بشكل مختلف قليلاً وهو أن يتم إذاعتها طوال فترة الإرسال والذي يمتد لمدة 24 ساعة .

ثم تم تنفيذ الفكرة مرة أخرى في قناة "ميلودى أرابيا" وبعد ذلك انتقلت الفكرة بحذافيرها إلى قناة دريم ثم مزيكا وأخيرا قناة روتانا والمفترض أن هدف تلك الفكرة هو التواصل مع جماهير الشباب وهى فكرة موجودة أساسا في التليفزيون الأمريكي منذ سنوات طويلة ويطلق عليها هناك التليفزيون التفاعلى بمعنى إنه من خلال الرسائل القصيرة يمكنك أن تختار الأفلام والأغاني والبرامج التي ترغب في مشاهدتها من خلال عمل تصويت لكل الرسائل التي تسلمتها القنوات الأمريكية .

ولكن على شاشتنا الفضائية الفكرة تحولت من مجرد تواصل وتفاعل مع الشباب إلى أن أصبح بيزنس تقوم به القنوات الفضائية الخاصة خصوصاً وأن سعر الدقيقة يتراوح بين 150 إلى 199 قرشاً مصرياً تدفع منها القناة جزءاً للشركة صاحبة الرقم مقابل تخصيصه لها وتعود باقي الأرباح للقناة .

 

وهناك من استغل هذه الإمكانية في عمل دعاية رخيصة التكاليف لأعماله مثل إحدى الأكاديميات التي لها أكثر من مائة رسالة يومية تحتوى على رسائل من نوعية "إهداء من طلبة أكاديمية...أحلى أكاديمية خاصة في مصر".

بيزنس يلهف نقود العاطلين

وتشير الأرقام إلى أن المصريين ينفقون خمسة مليارات جنيه على إرسال الرسائل القصيرة للقنوات الفضائية وهو المبلغ الذي لو تم استغلاله بشكل صحيح لكان كفيلاً بخلق فرص عمل لأكثر من 5.5 مليون عاطل وذلك وفقا لأحدث الدراسات التي قام بها مركز المعلومات بمجلس الوزراء والمثير للعجب أن عدداً كبيرا من هؤلاء العاطلين من راسلي تلك الرسائل من العاطلين.

و طبقاً لهذه الدراسات فإن متوسط حجم الإنفاق الشهري للمصري على الموبايل في مصر يتراوح ما بين 26 و300 جنيه مصري تقريباً ، و إن 74.6% من مستخدمي التليفون المحمول في مصر يستخدمونه للدردشة مع الأهل والأصدقاء وإرسال الرسائل لقنوات الأغاني وطلب نغمات ولوجوهات فقط لا غير‍.

واللافت إنه رغم كل تلك الملايين التي يتم إنفاقها على خدمات أجهزة التليفون المحمول فإن عدد مستخدميه في مصر لا يزيدون عن 6.5 مليون شخص فقط .

الرسائل القصيرة تسبب الغباء

وفي دراسة بريطانية أكد الخبراء أن الموظفين الذين ينشغلون بالرسائل القصيرة أثناء العمل يتعرضون لضعف كبير في درجات الذكاء يقترب مع من يدخنون الماريجوانا.

وقد وجد الباحثون بعد إجراء 80 تجربة على العاملين ،والموظفين طوال اليوم أن درجات الذكاء عند مستقبلي و مرسلي هذا النوع من الرسائل تنخفض بمعدل عشر نقاط ، و هو ما يعادل الحرمان من النوم لليلة كاملة .

وهنا نتساءل أين دور الرقابة على هذه الرسائل؟

عن محيط