آخر الاخبار

منظمةدولية: تطالب بنبش المقابر الجماعية في دولة عربية تحتضن أعلى أعداد للمفقودين في العالم تحقيقا للعدالة الشرعية تعلن استكمال تركيب محطة أرصاد جوية جديدة نصبتها في أحد مطاراتها الدولية تأثير الحروب وانعكاساتها 2 تريليون دولار في مرمى هجمات سيبرانية.. ماذا فعلت واشنطن؟ روسيا تكشف عن طائرتها الجديدة « الوحش الخفيف».. الرعب المتعدد المهام- صور رسميا .. الاعلان عن مؤتمر مأرب الجامع بحضور واسع للقوى السياسية والمجتمعية - اشهار استراتيجية تنمية الأرض والإنسان مأرب تشهد تكريم 860 شاباً وشابة ومبادرة ومؤسسة شبابية احتفاء باليوم العالمي للشباب. وزارة لأوقاف والإرشاد تناقش تطوير قطاعي الأوقاف والاستثمار بالوزارة ميسي سارق الكرة الذهبية».. اعتراف بعد 19 عاما يكشف الحقيقة أجهزة الأمن بمحافظة حضرموت توجه ضربة استباقية.. وتنجح في تفكيك خلية حوثية تتكون من 13 عنصرا اليوم في نصف نهائي كأس السوبر السعودي.. الهلال يصطدم بالأهلي ''التوقيت والقنوات الناقلة''

تهمة غريبة
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنة و شهرين و 8 أيام
الإثنين 05 يونيو-حزيران 2023 07:26 م
 

منذ نقلي للتدريس في هذه القرية النائية وأنا أترحم على أيامي في المدينة حيث الخدمات قريبة وميسورة . أظل أغلب الوقت وحيداً في سكن المدرسين ، وحين احتاج إلى بعض المواد الغذائية أذهب إلى البقالة التي في القرية الأخرى ، تبدو قريبة لكن حين أذهب إليها اكتشف أن المسافة أبعد مما تصورت .!

أمام البقالة يلهو بعض الأطفال ما إن رأوني حتى توقفوا عن اللعب ، سلمت عليهم فردوا علي باحترام ، قبيل انصرافي أثارني أحد الأطفال ، يقفز بشكل غريب ، قلت مازحاً :

ـ يا ولد اهدأ ؛ البطاريات ستخلص عليك .! ضحك الأطفال منه فيما توقف الولد عن اللعب . شعرت بالندم لأني جعلتهم يسخرون منه .

الساعة الـ 11 ليلاً حين بدأت رحلة نومي ، لكن الطرقات العنيفة على باب السكن جعلتني أنهض مذعوراً ، فتحت الباب :

ـ أنت الأستاذ ؟ ـ نعم ، خيراً ؟ صمتوا جميعا .! قال أحدهم : ـ كلمه يا أحمد ـ يكلمني عن ماذا ؟

! ـ بصراحة ابنه مريض ، مريض جداً .

قاطعته : ـ ربنا يشفيه ، ماذا سأقدم له أكثر من الدعاء ؟! وأضفت : ـ أنا المدرس ولست الطبيب ، اسعفوه إلى الوحدة الصحية ، تحركوا . عادوا للصمت من جديد .!

صمتهم الغامض أقلقني ، يبدو أنهم يريدون مني نقودا وليس بحوزتي ما يكفي لأقرضهم . ـ بصراحة يا أستاذ أنت قلت على ابنه كلمة ربما ....

. قلت وقد كاد صبري ينفذ :

ـ ربما ماذا ؟! ـ أصبته بعين ـ هاااه قصدكم الولد الذي قلت له : اهدأ ستخلص عليك البطاريات ؟

ـ نعم هو ابنه ـ تقصدون أنه قد مرض بسببي ؟!

ـ ربما أصبته بالعين من حيث لا تقصد ـ لا لا اطمئنوا ، أنا ما قد أصب بعيني أي مخلوق . وعادوا للصمت .! ـ ستأتي معنا .

فوجئت بقرارهم .

! ـ أذهب معكم إلى أين ؟

هل جننتم ؟! أغلقت الباب في وجوههم وعدت للداخل وقد غلى الدم في عروقي ، مشكلتي أنني غريب في هذه القرية وليس معي أحد ؛ وإلا لن أسمح لهم بإهانتي .

عادوا لطرق الباب من جديد . ناداني والد الطفل : ـ يا أستاذ أرجوك هذا ابني الوحيد ، هذه مسألة حياة أو موت وأنا أب أرجوك . وبدافع من الشفقة والرحمة لبست ثيابي ومضيت معهم ، القمر يرسل أشعته الذهبية والطريق تطول ، وأنا غارق في ذهولي وغير مصدق ما يحدث لي ، كأنني في كابوس .! لقد جرحوا كرامتي بهذه التهمة الظالمة لكنني أذهب معهم لأثبت لهم أنني بريء. حين وصلنا كان العشرات من رجال القرية قد تجمهروا أمام منزل والد الطفل ، سلمت عليهم قائلاً

: ـ يا ناس أنا ضيف في بلادكم ، وقبل أن أمزح على الولد بتلك الكلمة قلت : ما شاء الله وصليت على النبي ، العين حق لكن لست أنا من يصيب بالعين . وأضفت

: ـ الولد ربما أصيب بنزلة برد ، أو بضربة شمس ، أو حمى ، عالجوه في الوحدة الصحية . شعروا بالحرج لكنهم ظلوا على صمتهم . فوجئت بوالد الطفل يقبل رأسي ويدي وهو يبكي قائلاً : ـ أرجوك توضأ في هذا السطل لنقطع الشك باليقين .

توضأت في السطل الكبير الذي جاؤوا به . كانوا جميعا يشاهدوني ، وجوه أخرى كانت تراقب بصمت من نوافذ منازل القرية ، كنت كمتهم يساق إلى الإعدام .!

غادرتهم وأنا غارق في ذهولي وحزني ، أتعثر بالحجارة والأشجار ولا أكاد أرى الطريق ، تمنيت أنني ما قدمت إلى هذه القرية ، لقد جرحوا كرامتي وأهانوني بتلك التهمة الظالمة ، كان يمكن أن يمضي كل شيء بهدوء وسرية تامة لكن تجمهرهم حولي وأنا أتوضأ ذبحني تماماً . لم أنم تلك الليلة من القهر ، أكاد أتميز من الغيظ ، أذرع الغرفة وأدور حول نفسي وأفكر : ـ سأحزم حقيبتي وأرحل .

ـ سأطلب نقلي إلى قرية أخرى . ـ لن أعود إلى هذه القرية المتخلفة ـ لا يجب أن أبقى وأثبت براءتي

ـ إذا غادرت سأثبت التهمة على نفسي بقيت لساعات في صراع مرير مع نفسي ، وقبيل الفجر قررت البقاء والمواجهة . سأعمل بشتى الطريق على رد الاعتبار لكرامتي وإثبات جهلهم وفساد تفكيرهم . المدرسون من أبناء المنطقة جاؤوا في الصباح يعتذرون لي عما حدث ، اقترحوا علي الذهاب برفقتهم إلى الشيخ وطرح الموضوع عليه لينصفني . رفضت وقررت اتخاذ خطوة أخرى .

علمت من الأطفال أن ذلك الولد لم يتعاف وأن مرضه قد أشتد . أستأجرنا سيارة وذهبنا إلى منزل الولد وقمنا بإسعافه إلى الوحدة الصحية .

بعد الفحوصات الطبية تبين أن لديه أميبيا حادة والتهابات في الأمعاء ، صرف الطبيب له العلاج ، أخذت العلاج واتفقنا مع والد الطفل أن أذهب كل يوم إليهم لأعطيه العلاج بنفسي . علاج الطفل صار قضية شرف وكرامة بالنسبة لي . بعد عشرة أيام تعافى الطفل . ذهبنا إلى الشيخ ، كان قد علم بما حدث وقرر أن يأتي بنفسه مع والد الطفل إلى المدرسة في وفد كبير ليعتذروا لي ، وهو ما حدث .

انتهت القصة لكني لن أنساها ما حييت . بعد أشهر فوجئت بطبيب الوحدة الصحية يطرق بابي ، زيارة غريبة لم أتوقعها ، لكني لم اسأله عن السبب .

ظل يزورني بشكل دائم ويلح علي بأن أزوره . ذهبت إليه في الوحدة الصحية ، تناولنا الغداء وشربنا الشاي وبقينا نتحدث ، وقبيل المغرب طلب مني الخروج لنتمشى قليلا ، بدأ يشكو لي من قلة عدد المرضى الذين يأتون إليه بعد أن فتح أحد الأطباء عيادة منافسة حيث يعالج المرضى برسوم رمزية جدا . أشار إلى عيادته ، الناس يدخلون إليها ويخرجون ، كانت مزدحمة كأنها خلية نحل .! أشار مجددا إلى تلك العيادة قائلاً : ـ أريد منك يا أستاذ التعليق المناسب على العيادة .

لم أفهم قصده في البداية . ولما رآني غارقا في الصمت ارتبك ثم تنحنح ثم قال

: ـ اشدخه بكلمتين يا أستاذ ـ كيف اشدخه بكلمتين ؟! ـ خارجنا من عيادته هيا وأضاف

: ـ اسكع عيادته كلمتين لعل وعسى لقد صدمني حين أراد مني أن أصيب عيادة منافسه الطبيب بالعين .! غادرته وأنا غير مصدق ما يحدث .!

عودة إلى وحي القلم
الأكثر قراءة منذ أسبوع
د . عبد الوهاب الروحانياغرب ما فينا..
د . عبد الوهاب الروحاني
وحي القلم
محمد مصطفى العمرانينهاية الاحتفال الغريب
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمرانيالكرامات الغريبة للولي
محمد مصطفى العمراني
مشاهدة المزيد