آخر الاخبار
نظام عالمي جديد أم نظام الرئيس دونالد ترامب العالمي!
بقلم/ كلادس صعب
نشر منذ: ساعتين و 3 دقائق
الأحد 16 مارس - آذار 2025 12:33 ص
  

يوم اطلق الرئيس دونالد ترامب شعار “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” في 7 نوفمبر / تشرين الثاني 2012 بعد يوم واحد من انتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة، لم يكن هدفه آني بل كان شعارا يتمتع بصلاحية طويلة امتدت على مدى سنوات، وكان جزءا من حملته الانتخابية عام 2016.

هذا الشعار ارتفعت أسهمه عام 2023 مع عودة ترامب إلى المواجهة مع الديمقراطيين وبات الشعار “كماركة مسجلة” اقتدى بها العديد من المناضلين في العديد من الدول التي تقع تحت سيطرة المحور الإيراني، وبات رمزا لشد العصب وهو ما يثبت مدى تأثير الرئيس ترامب في الداخل الأميركي وخارجه.

الرئيس ترامب قلب مقاييس التعامل مع كل ما يتعارض مع رؤيته لاميركا، التي كانت تتحكم في العالم اقتصاديا وعسكريا من خلال الانتشار الواسع لقواعدها العسكرية، وشكلت الاوامر التنفيذية والقرارات التي وقعها صدمة على الساحة الاميركية، اطاح “بالوكالة الاميركية للتنمية الدولية ” كأهم مؤسسة تداول اسمها في العديد من البلدان التي اعتمدت على مساعداتها التي تجاوزت ملايين دولارات، وانسحب من ” منظمة الصحة العالمية”، ومعظم الاوامر التنفيذية التي وقعها ترامب سيكون لها تداعياتها على الدول التي كانت تستفيد من المساعدات الاميركية.

لا شك ان التغييرات الي قام بها ترامب لم تكن وليدة ولايته الجديدة فالاهداف التي وضعها كبرنامج لولايته الثانية لم تتحقق نتيجة فوز جو بايدن بالرئاسة التي نشبت خلالها حروب عديدة بين روسيا واوكرانيا استنزفت التنين الروسي الا ان وعد ترامب بانهائها بدأ يسلك مساره رغم التحديات والانتقادات التي واجهته، ووفق بعض المراقبين ان انهاء هذه الحرب لا يرتبط فقط بالاموال التي اعتبرها ترامب هدرت من اموال الاميركيين، فهو يريد تحقيق عدة اهداف منها وربما الوعد الذي قطعه قبل وصوله الى سدة الرئاسة جعل القيصر الروسي فلاديمير بوتين يدرس الاولويات للخروج من المستنقع الاوكراني وهذا الامر يتطلب تقديم تنازلات للمتربع الجديد على عرش البيت الابيض، تظهر في سوريا عندما دخلت “هيئة تحرير الشام ” والفصائل الاخرى الى سوريا ووصلت الى العاصمة، لم تحرك روسيا طائرتها لا بل انكفأت محدثة ثغرة كبيرة اخرجت على اثرها الميليشيات الايرانية من الجغرافيا السورية وايران من الساحة السياسية وان مازالت تحاول التنفس في نزاعها الاخير من خلال بعض الفلول المتحصنة في عدة مناطق كانت تعتبر معقلها.

ان التغييرات التي حصلت في سوريا بدأت تتصدر المشهد في المنطقة نتيجة التعقيدات الدينية والقومية فيها، وهو ما يتجلى اليوم في ما يحصل بمناطق الدروز من حيث تجاوب بعض المشايخ لدعوة “اسرائيل”، بعد رفضهم الانضمام الى شرعية الرئيس احمد الشرع، واللافت ان الولايات المتحدة لم تظهر رؤيتها لمستقبل سوريا، باستثناء التلويح المستمر للرئيس ترامب بسحب القوات الاميركية من شمال سوريا، يضاف اليها لانتقادات التي يوجهها بعض المسؤولين الاميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو للرئاسة السورية يؤشر الى ان ادارة ترامب لم تحسم امرها في المسألة السورية وهذا ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل سوريا ان كانت ستكون في دائرة التقسيم رغم اصرار الاكثرية من الشعب السوري على انشاء دولة مركزية.

طموحات ترامب يطغى عليها طابع التغيير الجغرافي، فهو يريد جعل كندا الولاية الــ 51، ولذا سعر العقوبات عليها ولو كان لها بعض الانعكاسات الاقتصادية على السلع داخل الولايات المتحدة، الا انه مازال مستمرا في الضغط، ولم يخفِ طموحه بشراء “غرينلاد” ويبدو ان سكان الجزيرة نقسون حول مسألة الانفصال عن الدانمارك ، الا ان الاستثمارات التي وعدهم بها ترامب قد تشكل عاملا ضاغطا على القسم الرافض .

في الختام لاشك ان العالم سيشهد العديد من المتغيرات الجيوسياسية، وقد تعتبر الاسرع في التاريخ، فمنذ تنصيب ترامب بدأ اللوحة العالمية تتبدل وان لم تتوضح بشكل كامل، الا ان ما يحصل في الشرق الاوسط على وجه التحديد يؤشر الى ان المنطقة تقف على عتبة تغييرات كبيرة لن تحتاج الى سنوات لقراءتها، مع تفعيل الضغط الكبير على ايران التي رسمت هلالا لها على مدى اكثر من 30 عاما، ضربه ترامب يوم اغتال قاسم سليماني عند بوابتها العراقية، وهو اليوم يكمل ما بدأه افساحا في المجال لبناء نظام جديد على اطلال الهلال الايراني، وبذلك قد يكون النظام العالمي الجديد هو نظام ترامب الجديد في العالم