أردوغان يتوقع زخمًا مختلفًا للعلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب
تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
شاهد.. صور جديدة غاية في الجمال من الحرم المكي خلال ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان
تعرف على مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة
دراسة ألمانية مخيفة أصابت العالم بالرعب عن تطبيق تيك توك أكثر ..
إعادة انتخاب رودريجيز رئيساً لاتحاد الكرة بالبرازيل حتى 2030
كبار مسؤولي الإدارة الأميركية يناقشون خطط الحرب في اليمن عبر تطبيق سيجنال بمشاركة صحفي أضيف بالخطا
السعودية.. بيان إدانة عاجل رداً على قرارات جديدة للإحتلال تستهدف الشعب الفلسطيني
ماهي أهداف وخفايا زيارة رئيس الوزراء العراقي الاسبق عادل عبد المهدي اليمن؟
منفذ صرفيت بالمهرة يضبط 800 مروحة خاصة بالطائرات المسيرة تتميز بقوة كبيرة
ينبغي على العلماء والدعاة أن لا يغرقوا في السياسة؛ فإنها مشؤومة تدخل العالِم والداعية في دهاليز مظلمة، والسياسة متقلِّبة كالحرباء، كل يوم لها لون، وهي تقوم على لعبة النفاق الدبلوماسي، وتغيير المواقف حسب المصلحة، وهذا ينافي العلم النافع القائم على الوضوح والصدق والصراحة، وهذا لا يعني أنه ليس في الإسلام سياسة؛ فالإسلام جاء للدين والدولة والدنيا والآخرة والرسول، صلى الله عليه وسلم،
هو مؤسس دولة الإسلام
،وخلفاؤه الراشدون هم أفضل حكّام في العالم، لكن تغيّر الزمان، واختلط الحابل بالنابل، وكثرت الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، فإذا زجَّ الدعاة والعلماء بأنفسهم في السياسة وتهالكوا على طلب الحكم والمنصب، خسروا علمهم ودينهم، ثم خسروا رؤوسهم. فعلى العالِم أن يكون ربّانيّاً حكيماً مصلحاً يدعو الناس إلى جنّات النعيم، ويهذِّبهم بالوحي، ويربيهم على مكارم الأخلاق، ولا ينشغل بالبحث عن الكرسي؛ فإن هذا خذلان وضياع للزمان، وبالله هل علماء العصر أذكى من الأئمة الأربعة والغزالي وابن تيمية وقد فرّوا من المناصب، فرفضوا الولايات، بل إن بعضهم جُلِد وهُدِّد كأبي حنيفة ليتولّى القضاء فرفض؟ فخلف من بعدهم خلفٌ يسعون بكل ما أُوتوا من قوة إلى الولاية والمنصب والكرسي مهما كان الثمن، لتصبح دروس الواحد منهم ومحاضراته وخُطَبُه وتوجيهاته كلها سياسة في سياسة، فيهجر القرآن والسنة النبوية، ويصبح منظِّراً سياسياً يذكّرك بمنظِّري الحزب الواحد والضباط الأحرار وقادة الثورة والبلاشفه الحُمر، فيذهب عنه بهاء العلم ووقار الشريعة، ويشغل نفسه بالهذيان وهجر القرآن، ولو كان الاشتغال بالسياسة رأياً حكيماً لرأيت سعيد بن المسيب وسفيان الثوري والحسن البصري أحرص الناس على ذلك، لكنهم هربوا من الفتنة، واشتغلوا بفهم الكتاب والسنة، وربوا الأجيال بالوحي المبارك، وتركوا لنا علماً غزيراً مباركاً. وانظر لمن تأوَّل مجتهداً في طلب الرئاسة والاشتغال بالسياسة ماذا حصل له؟ ويكفيك أن تقرأ أخبار الحكّام ومصارع من قتلته السياسة، فالحسين بن علي قُتِل مظلوماً شهيدا، وابن الزبير مصلوبا، وأخوه مصعب مذبوحا، والأمين مخلوعا، والمعتمد بن عبّاد مسجونا، وابن بقية مقطّعا، وابن مقلة ممزَّقا، ومروان الحمار محترقا، والقاهر مسمولا، وابن المعتز معفَّرا، والوليد بن يزيد مسحولا، والمتوكل منحورا، وابن الفرات مخنوقا، والسادات مقتولا، ويحـيى حميد الدِّين مغتالا، والأرياني منفيا، والحمدي مشدوخا، والغشمي مرضوخا، وابن بِلاَّ مفصولا، وعيدي أمين مضاعا، وشاه إيران مبعدا، وهتلر منتحرا، وضياء الحق ملغَّما، وكندي مغدورا، وصدام مشنوقا، حتى انتهى الحال بالأستاذ الشيخ محمد عبده إلى أن قال: أعوذ بالله من (ساس يسوس فهو سائس)، وقال النورسي: لعن الله (ساس يسوس)، ولكن الكثير لا يتوب منها حتى تعضّه بأنيابها، وتطأه بأخفافها، وتنطحه بقرونها. قال حكيم لابنه: يا بني، لا تكن رأساً؛ فإن الرأس كثير الأوجاع. ويقول أبو العلاء المعري:
* يَسوسونَ الأُمورَ بِغَيرِ عَقلٍ - فَيَنفُذُ أَمرُهُم وَيُقالُ ساسَه * ويقول الشاعر اليمني محمد الشامي:
* عِفتُ السيَاسَةَ حتى ما ألِمُّ بها - لأنَّها جَشَّمتني كلَّ نائبةٍٍ
* وقد رددتُ إليها كلَّ ميثاقِ - وأنّها كلَّفتني غيرَ أخلاقِي
* وقال الشاعر السوري عمر أبو ريشة:
* ودع (القادة) في أهوائها - تتفانى في خسيس المغنمِ
* وقال البردوني:
* جرِّبوا في الشعب شعبيَّتكم - واخرجوا فضلا بلا أقوى حراسه
* وأنا أقول:
* تبْتُ من (ساس) وطلَّقتُ السِّياسَهْ - وصحبتُ الحرف فجراً مشرقاً
* إنما الملك الذي لا ينتهي - أتغنَّى بكتابٍ محكمٍ
* والصحيحان فلي شدو بها - فدع اللاهين في دنياهمو
* السياسات حمى مشؤومة - فالسياسات بلاء وتعاسَهْ
* عاشقاً للعلم صبّاً بالدِّراسَهْ - حكمة تشرق من رأس الكياسَهْ طيَّبَ الله على الدَّهر غراسَهْ - والقواميس وديوان الحماسَهْ يشترون الحزن من سوق النخاسَهْ - كل من صادقها قد باع راسَهْ
* فاعتبروا يا أولي الألباب بما حصل لمن عشق السياسة من الدعاة، كيف وقع في الصدام مع الحكّام، ثم وُضع في الظلام، ثم حُكم عليه بالإعدام، فصاروا في ويلات ومصيبات، وآهات وزنزانات، والناجي منهم اشتغل بصناديق الاقتراع، أو انهمك بالهتافات فضاع، وما حصل إلا على ما يبكي العين، ويدمي القلب. وراجعوا باب (في أنَّ العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها) لابن خلدون في المقدمة، والحل أن تتفرغ طائفة من عقلاء الأمة للسياسة، أما طلبة العلم والدعاة فلإصلاح الأمة.