عندما تكتب بالدماء
بقلم/ محمد العميسي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 13 يوماً
الخميس 22 سبتمبر-أيلول 2011 04:07 م

إنها تماما بالون الأحمر كما يحلوا لتجار الموت والمتخمة بطونهم بأموال الشعوب أن يرونها، و هي تماما باللون الأحمر الذي لم ينفد صبر الثوار حرصاً على أن لا تتلون به ثورتهم. هي كذلك عندما تسابقت الأرواح حرصاً على أن تهب الحرية لوطن يستحقها.

إنها الكلمات التي طالما وثبت الأنامل حاملة الأقلام لتبوح بها. في تلك اللحظة التي يحتسي فيها القتلة كاس من الدماء ليقرروا الحصول على المزيد منه. أسفهً وهي تتشح لون الموت ، إذ لا يحلو لمن دائبو على وئد الحريات أن يروها ترتدي ألوان السلام .

تسللت عنوة بعد أن تحرر القلم من قيد الأنامل المثقلة بألوان الحزن على جبال شمخت صموداً لترسي قواعد الحرية لوطن صادروها منه.

كلمات أصرت أن تصدر بلون الدماء بعد أن بعد جفت الأقلام من الحبر.

 تتمعن في الصورة فلا تدري أهي الرصاص تأتي إلى الأجساد أم الأجساد تذهب إلى الرصاص لتمنعها أن تطال وطن مل الصبر من المنتظرين لإشراق ضوء فجره. فتجد نفسك عاجزاً عن الحديث عن أولئك الذين وهبوك أرواحهم لتحيى دون عبودية. و وحدها الدموع التي تتحدث عندما تجد نفسك عاجزاً عن اللحاق بهم. ربما لم ينالك نصيب من قول الله " ويتخذ منكم شهداء " وربما لم تستحق أن يسجلك التاريخ من صانعي الحرية فللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق .

شرف لم يستحقه إلا أولئك الذين رابطوا في الساحات أشهر، حتى مل منهم الصبر إنكاراً للظلم وتوقاً للحرية. لم يبرحوا ساحاتهم ليس جبناً ولكن حرصاً على أن يبنوا وطنهم لا أن يهدموه وحرصاً على سلمية ثورتهم، وإصراراً على حققن الدماء. واستنفادا لكل الفرص المتاحة لانتقال السلطة انتقال سلمياً يضمن للشعب حريته ويئد شبح الاقتتال. لم يكن يدري أولئك الأبطال أن عدوهم حاقداً بما يكفي لتوزيع أشلائهم على أسطح المباني طعما لمرتزقته وبلاطجته الذين وزعهم عليها . و لم يكونوا يعتقدون أن من بين إخوانهم في الجيش والأمن أشخاص يتقنون القتل كما لو أنهم تربوا على قوانين الغاب.

 وحده حب الوطن الذي لم يستنفدوه بعد أن استنفدوا كل الخيارات وأتاحوا الوقت الطويل لكذب الوعود والمبادرات . قرروا وقتها أن يهبوا أرض وطنهم أجسادهم الطاهرة لتستقر عزيزةً في باطنها خيراُ من الحياة بذل على ظاهرها . ويمنحوا أرواحهم الزكية لشعب كاد أن يموت جوعاً تحت وطئت أسره أتقنت تماماً استنزاف ثرواتهم ، علها أن تبعث فيهم شيء من نخوه ليقفوا معهم جبناً إلى جنب بعد أن قتل الثوار صمت البعض أكثر من أن تقتلهم رصاصات البنادق وقذائف الغدر الآثمة . التي يشتريها القتلة من قيمة طعام الأطفال وحاجيات النساء وأدوية الشيوخ ليهبوها للشرفاء مجاناً كي تصادر منهم بقية من حياة .

وبالصمود وحب الوطن رسم الأبطال دروبهم نحو الحرية مدركين تماماً أن التضحية من أجل الأوطان شرفاً وأن الموت في سبيل تحريره من الظلم شهادة . فرفعوا أكفهم البيضاء قائلين لمن وقف في وجههم ((لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)) فتسابقت أرواحهم نحو الشهادة ولم ينثنوا. فانحنت أمامهم القذائف وأنهزم الرصاص . في ضل صمت مخزي من المجتمع الدولي الذي طالما تشدق بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ، إلا أن خارطتهم لا تسجل فيها سوى البلدان التي تكتظ بمصالحهم أو تلك التي لا يحكمها عملاء لهم فاثروا صمتاً مخجلاً ومن نطق منهم نطق كفرا .

غير أن الشباب يدركون تماما أنهم لم يخرجوا إلى الساحات ليعودوا عبيداً مهزومين ، فقد اقسموا أنهم لن يعودوا إلا وقد انتزعوا لوطنهم الحرية أو فازوا بجوار ربهم .