علي محسن الأحمر كرجل إطفاء لحرائق النظام
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 8 أيام
الخميس 01 يوليو-تموز 2010 03:01 م

 قائد عسكري بارع، يحب البساطة ويبتعد عن الأضواء، يمثل وجوده ركيزة من ركائز الحكم ، وعمود راسخ من أعمدة الاستقرار في اليمن ، قاد معارك الجنوب فخرج منها منتصراً مظفرا، تحت مظلة الوحدة والشرعية،ولم ينسب ذلك الانتصار لنفسه وفرقته العسكرية، وخاض معارك الشمال لكن حسابات معقدة حالت بينه وبين النصر وجعلت من النصر هناك حلم يتشكل أول النهار، ويتلاشى في آخره.

 قائد عسكري يخوض غمار المعارك دون خوف أو رهبة، يتقدم للموت فيهابه الموت، يطلب الشهادة فتوهب له الحياة، يفضل خيار البساطة فتكافئه الأيام بالشهرة والعظمة، وتُقدم ترتيبه لتجعله ثاني أهم رجل في البلد، لا يحب المظاهر الخادعة، ولا يتطلع لظلم الآخرين، ولا يتزلف في ولاءه لأحد، رجل صادق أكثر من الصدق، وشجاع أكثر من الشجاعة، ومتواضع أكثر من التواضع، وكريم معطاء كأنه حاتم طي، صفات قل أن تجتمع في قائد عسكري برتبه لواء، يتولى زمام المنطقة الشمالية الغربية وقيادة الفرقة الأولى مدرع، بالإضافة إلى قربه من رئاسة الجمهورية كأخ غير شقيق لفخامة الرئيس على عبدالله صالح.

يوصف علي محسن الأحمر بأنه رجل المهمات الأول، والجندي المجهول الذي يعمل في الميدان بصمت وصدق وإخلاص، الجندي الذي يحمل هم إرساء دعائم الدولة وتثبيت سلطة القانون، الجندي الذي تغيب عنده مفردات الاناء ومنطق المصلحة، لتحضر مكانها حب الأخر، وخدمة الوطن.

على محسن تذكرته جيداً وأردت أن اكتب عنه في هذه اللحظات والأيام بالذات، وذلك بعد الهجوم الجوي الذي تعرض له الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة مأرب المغفور له بإذن الله جابر الشبواني، فلاحت في الأفق بوادر حرب بين قبيلة عبيدة التي ينتمي إليها الشبواني من جهة، والدولة من جهة أخرى، لكن ظهر علي محسن الأحمر كرجل إطفاء في الوقت الحرج، ليخمد الفتنة في المهد، ويطفئ نار حرب اشتعلت شرارتها، ولم يكن هذا هو الموقف الأول لعلي محسن الأحمر ولن يكون باعتقادي الأخير، إذ انه يبرز في كل لحظة حرج تمر بها الدولة كرجل إطفاء يعمل على إخماد الحرائق المشتعلة، فهو رجل يجمع بين القيادة العسكرية والروابط القبلية، كما يجمع بين الولاء للحكومة، والمصالحة مع المعارضة، وهي صفات أهلته ليلعب دوراً محورياً وهاماً على امتداد الجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى انه يمتلك الكثير من الأوراق المؤثرة والفاعلة التي يوظفها في خدمة الوطن أولاً وأخيراً، كما انه رجل يوصف من قبل أعدائه قبل أصدقائه بأنه رجل التوازنات، الذي يُعتمد عليه في كل الظروف والأحوال، ويوصفونه بأنه صاحب الوعد الذي لا يُخلف، والعهد الذي لا ُينكث، لا تعرف أجندته الغدر، ولم تتلوث سيرته يوماً من الأيام بالخيانة.

وعلى ذكر حادثة جابر الشبواني فان على محسن استطاع أن يوقف حرب كانت مماثلة لما أرادت قبيلة عبيده أن تقوم به، وهي استعداد قبائل بلحارث في محافظة شبوة بإعلان حالة حرب مع الحكومة في العام 2007م، وكانت بدئت ذلك بعملية تقطع في المحافظة ذاتها، إلا أن تدخل اللواء على محسن في القضية ذاتها حال دون فوضى كانت في طريقها إلى التنفيذ، ولازلت اذكر حالة الوساطة التي قام بها علي محسن بين كتلتي الحديدة وصنعاء على خلفية اعتداء البرلماني شرده على أهيف، وكذلك الوساطة التي قام بها اللواء الأحمر بين فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس التضامن حسين الأحمر، وأخيراً نجاحه في إجراء انتخاب الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة ريمه.

نيران صديقة تقترب من اللواء الأحمر

 

لكن مع هذا كله فان علي محسن يبدوا هدفاً للسهام الطائشة، التي يغيظها نجاحاته، ولا يروق لها اتجاهاته الإسلامية، ولا يعجبها أن يكون حجر عثرة في طريق مشروع يريدون تمريره، فتارة يحملونه مسؤولية حرب صعده، وتارة أخرى يحملونه مسؤولية القرصنة في البحر الأحمر أو خليج عدن – وكبرت كلمة تخرج من أفواههم أن يقولون إلا كذبا – وتارة يقولون عن الفساد انه برعاية من اللواء على محسن، وأخرى يقولون انه من نهب أراضي الجنوب وسطى على أملاك أبناء الحديدة، وعند الحديث عن الإرهابيين لا يتورعون أن يقولوا أن علي محسن الأحمر من يقف ورائهم، وكلها تهم باطلة وأحاديث مغرضة، لا تقبلها ذات علي محسن، ولا ترضاها أصالته العربية، وقيمه القبلية، وديانته الإسلامية.

قد لا يروق لأمريكا ومن في فلكها أن ترى رجل إسلامي يقود اكبر مؤسسه عسكرية في أي بلد ما، ويزعجها ذلك كثيراً مما يدفع بها إلى أن تصنع له المكائد وتنسب له التهم، وتوجه صوبه السهام القاتلة، وهو ما فعلته أمريكا بالتأكيد، فعند ما استطاعت السلطات الأمريكية إلقاء القبض على عبد السلام الحيلة عرضت عليه مبلغ مليون دولار بالإضافة إلى تامين سكن له ولأسرته في الولايات المتحدة الأمريكية، في مقابل أن تنتزع منه اعتراف بادانه اللواء على محسن في قضية تفجير المدمرة الأمريكية – كول – في ميناء عدن عام 2000م غير أن الحيلة رفض ذلك – بحسب القدس العربي – كما قالت صحيفة القدس العربي أن أمريكا اشترطت على اليمن لدعمها في مواجهة الإرهاب إيقاف القائد علي محسن من عمله العسكري، وهو مالا تستطيع أمريكا تنفيذه وخصوصاً أن علي محسن اليد الطولى للرئيس الجمهورية، والحزام الحامي لقصر الرئاسة من مصطلح الانقلابات، وهو بطل إفشال الانقلاب الناصري على أخيه صالح.

من جندي بالحديدة إلى قائد حرب 94م

بدأ اللواء علي محسن الأحمر حياته العسكرية مجندا مع القيادات العسكرية البارزة التي تعود إلى قبيلة سنحان التي تعد أكثر فروع قبيلة حاشد في الانتماء إلى الحياة العسكرية ضد الطابع القبلي المشيخي المنغلق لهذه القبيلة الأقوى في اليمن، تقول المعلومات أن حياته بدأت كجندي عادي في معسكر عبس بالحديدة إلى أن تحوّل إلى ضابط بكتيبه المدرعات في صنعاء التي كان يقودها اللواء المرحوم محسن سريع، وبعد تحول الكتيبة إلى لواء أثناء رئاسة المقدم أحمد حسين الغشمي تحول علي محسن الأحمر إلى قائد أركان اللواء الأول مدرع، نظرا لما عرف عنه من إخلاص وولاء للمؤسسة العسكرية الجمهورية.

وبعد اغتيال الرئيس الغشمي عام 1978م، استطاع الرجل التسلل إلى قيادة المؤسسة العسكرية عن طريق إحباط الانقلاب الذي دبره الناصريين ضد الرئيس علي عبدالله صالح بعد شهرين من توليه مقاليد الأمور ومنصب الرئاسة في 17 أكتوبر 1978م وبعد نجاحه ذاك، عمل على خلق قيادات عسكرية موثوق بها بالذات من التيار القبلي الإسلامي المكافح للمد الشيوعي اليساري، واستطاع أن يخلق قوة ضاربة متمثلة في الفرقة الأولى مدرع التي تتمركز الآن في قلب العاصمة صنعاء وألويتها الممتدة في كل مناطق المنطقة الشمالية الغربية..

 

وفي عام 1994م استطاع علي محسن الأحمر حسم المعركة في جبهة عدن في وقت قياسي لصالح الشرعية التي كانت بيد الرئيس صالح، ليعمل بعدها على استقطاب الكثير من تيار الإخوان المسلمين والتيار السلفي والتيار القومي إلى جانب الرئيس علي عبدالله صالح، كما يقول عنه كاتب سعودي مرموق.

علي محسن سيرة خالدة من المهد إلى القيادة

ولد علي محسن الأحمر في قرية (بيت الأحمر) في العام 1945م في مديرية (سنحان)، في محافظة صنعاء، درس الصفوف الأساسية، وحصل على معادلة في الثانوية العامة، والتحق بالكلية الحربية عام 1391هـ/1971م، وحصل منها على شهادة البكالريوس في العلوم العسكرية عام 1394هـ/1974م، ثم التحق بمعهد (الثلايا) في مدينة تعز، فحصل على شهادة قادة كتائب، كما حصل على زمالة الدكتوراه من أكاديمية (ناصر) العسكرية العليا في مدينة القاهرة سنة 1406هـ/ 1986م.

التحق بالجيش عام 1381هـ/ 1961م، في السرية الرابعة، وفي عام 1388هـ/ 1968م رقي من جندي إلى رتبة (ملازم أول)، وعقب حصوله على شهادة البكالريوس في العلوم العسكرية رقي إلى رتبة (نقيب)، وظل يترقى حتى وصل إلى رتبة (عميد). وفي العام 2007م تم ترقيته بقرار جمهوري الى رتبة لواء.

عمل في المجال العسكري قائد سرية مشاة في معسكر (المغاوير)، ثم قائد سرية دبابات في اللواء الأول مدرع، ثم قائد كتيبة دبابات مستقلة في الكتيبة الرابعة، ثم أركان حرب اللواء أول مدرع.

وبعد إنشاء الفرقة الأولى مدرع عمل أركان حرب لهذه الفرقة، وقائد اللواء الأول فيها، ثم عُين قائدًا للمنطقة العسكرية الشمالية الغربية، وقائدًا للفرقة الأولى مدرع.

ومن خلال هذه الأعمال ساهم في الدفاع عن النظام الجمهوري في عدة جبهات، وفي الحرب التي دارت بين فلول الملكيين والجيش الجمهوري، والمعروفة بـ(حصار السبعين).

كما ساهم في تحديث وبناء القوات المسلحة، وتشكلت الفرقة الأولى مدرعات تحت قيادته، كما ساهم في استعادة تحقيق الوحدة اليمنية، من خلال عمله في عدد من اللجان الوحدوية، وبوقوفه ضد عناصر الانفصال في حرب عام 1414هـ/1994م، حيث كان قائدًا ميدانيًّا لجبهة عدن، كما عمل عضوًا في إعادة تنظيم ودمج القوات المسلحة التي كانت منقسمةً شطرين: أحدهما جمهورية في جنوب اليمن، والأخرى جمهورية في شمال اليمن، وتعين نائبًا لرئيس اللجنة العسكرية اليمنية السعودية المشتركة لمعالجة الاختلالات العسكرية والأمنية بين البلدين، ولحلِّ قضايا الحدود.

وفي المجال السياسي: عمل عضوًا في لجنة الحوار الوطني، التي عملت على صياغة (الميثاق الوطني)، وعضوًا في اللجنة الدائمة لحزب (المؤتمر الشعبي العام) لثلاث دورات متتالية، وعضوًا في لجنة الدفاع باللجنة الدائمة.

 

وفي المجال التعاوني والاجتماعي: عمل رئيسًا للمجلس المحلي للتطوير التعاوني لمديرية (سنحان) ثلاث دورات متتالية، ورئيسًا فخريًّا لجمعية (ذي جرة حِمْيَر) التعاونية الزراعية، وحل عددًا كبيرًا من القضايا الاجتماعية؛ مثل: مشكلات الثأر والاحتراب بين القبائل في مختلف مناطق الجمهورية، كما عمل نائبًا لرئيس لجنة إعادة الممتلكات التي أمَّمها (الحزب الاشتراكي اليمني) في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة، وكذا معالجة مشكلات الإسكان في مدينة عدن، وتسكين الذي نقلوا بحكم أعمالهم من عدن إلى صنعاء بعد إعلان الوحدة اليمنية.

حصل على عدد من الأوسمة، منها: وسام الواجب، ووسام الشجاعة، ووسام الوحدة، ووسام 26 سبتمبر، ووسام الشرف، ووسام الخدمة، كما حصل على وسام من الملك (فهد بن عبدالعزيز).

عرف باهتماماته بتشجيع أعمال البر والخير، وصداقة العلماء، ومساعدة المحتاجين، ويعد من أبرز رجال الرئيس علي عبدالله صالح، وعضدًا له في نجاح الدولة وبسط نفوذها.

برز كرجل دولة قوي من أول عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وعرف بالحسم حينما عمل على إفشال الانقلاب العسكري للحزب الناصري في اليمن بقيادة عيسى محمد سيف، قبل أن تمضي مائة يوم على تولي الرئيس علي عبدالله صالح، وحال دون استيلاء الانقلابيين على صنعاء حين كان الرئيس في زيارة لمدينة الحديدة ومعسكر خالد بن الوليد في محافظة تعز.