محمد الكديم ... رجل المواقف والمهمّات
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 9 سنوات و 10 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 24 ديسمبر-كانون الأول 2014 09:25 ص

بقلم: أحمد طلاّن الحارثي
برغم الخطب العظيم والمصاب الجلل، لكنني لن ألتحف وشاح السواد، ولن أتدثر برداء الحزن والكآبة، ولن أسوّد الصفحات بالمداد، بل سأرفع أكف الطلب والتضرع إلى الله عز وجل بأن يغفر له ويرحمه وأن يكرم نزله ويوسع مدخله وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنّة وأن يسكنه فسيح جنّاته وأن يخلف لأهله وذويه ومحبيه بخير خلف، وإني لأرجو منكم جميعاً أن تكرموه بالدعاء فهو أكثر ما يحتاج إليه.
إنه اللواء الركن المتقاعد محمد عبدالله سالم الكديم الخليفي، وقد عرفته منذ أكثر من سبعة وثلاثين عاماً عند ما كان قائداً لقوات الدفاع الجوي لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وكان قائداً عسكرياً شجاعاً، تحترمه القيادة لحزمه ونباهته وحرصه على أداء واجباته بنجاح، ويخافه المتخاذلون والمترددون، لأنه صريح الرأي وقوي الإرادة، تعرض للإقصاء والتهميش والإبعاد عن عمله بسبب مواقفه الشجاعة وقوة إرادته.
حاول المؤتمر الشعبي العام اجتذابه والتقرب إليه حتى ساهم معهم في أعمال الانتخابات النيابية عام 1997م، حيث كان مشرفاً لهم على الدائرة الانتخابية (143) محافظة شبوة، والتي كنت مرشحاً فيها عن التجمع اليمني للإصلاح، وقد عرفنا عنه طيب العشرة والعمل بدون خصومة أو كيد سياسي، وفي شهر ديسمبر عام 1997م صدر القرار الجمهوري رقم (259) لعام 1997م بترقّيته إلى رتبة (العميد) طمعاً في بقائه ضمن دائرة الاتباع والمنتفعين، ولأنه من أصحاب المبادئ القائمة على حب الوطن والشعب، لم تؤثر فيه تلك الإغراءات، وسرعان ما تبين له أن هذا المكان ليس المكان الذي يبحث عنه وأنه لا حاجة له بالبقاء في دائرة الولاء والطاعة مقابل شيء يسير لا يترتب عليه تحقيق مصالح عامة الناس، وبدأ النأي بنفسه عن قبضة أصحاب المصالح والنفوذ، ويوماً بعد يوم حتى وجد نفسه ضمن قائمة المسرحين قسراً من خدمة القوات المسلحة، بعد ترقيته المفروضة بحكم الإحالة إلى التقاعد، حيث صدر القرار الجمهوري رقم (211) لعام 2001م والذي قضاء بإحالته للتقاعد وترقيته إلى رتبة (اللواء).
لم يكن حزبياً وإنما كان الوطن اليمني حزبه الكبير، وكعادته في الجد والصراحة في نطاق عملهبالمؤسسة العسكرية، فقد انتقل إلى ممارسة العمل الاجتماعي خارج دائرة الضوء والضجيج الإعلامي مع إخوانه المشايخ والوجهاء والسعي لحل كثير من المشاكل التي تنشأ بين الحين والآخر، وحيث يسمع ويستطيع السير كان سباقاً للوصول وتقديم ما لديه من جهد ووقت في هذا المضمار.
عند ما اتضحت لديه الرؤية عن نشاط التجمع اليمني للإصلاح استجاب لطلب قيادة الإصلاح بمحافظة شبوة ليكون مرشحاً للإصلاح في المجلس المحلي للمحافظة عن مديرية عتق في الدورة الانتخابية الثانية للمجالس المحلية عام 2006م، وأبدأ التزامه بنهج الإصلاح ومبادئه وتوجيهاته في تبنّي قضايا وهموم الجماهير في إطار المجلس المحلي، وخاض منافسة انتخابية غير متكافئة مع منافسه مرشح المؤتمر الشعبي العام، حيث أنفقت أموال طائلة من أجل إسقاطه، ولكن ثقة الناخبين وحبهم له كان هو الفيصل والمقياس الحقيقي، عند ما منحته أصواتها بعيداً عن مؤثرات المادة فحقق نجاحا باهراً أوصله للدور الذي كان يتمناه في خدمة مواطنيه، وكان خير مثال للعضو المنضبط فكرة وأداءً، وسخّر جهده ووقته لتنفيذ مهام العضوية المنصوص عليها في أدبيات السلطة المحلية بالاشتراك مع زملاءه الآخرون.
عرف عنه الصدق والصراحة وقوة الرأي وعدم التردد في القضايا المطروحة للنقاش سواءً في إطار المجلس المحلي بأكمله أو في إطار كتلة اللقاء المشترك، واستمر على هذا المنوال حتى وافاه الأجل عصر يوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2014م في مدينة عدن بعد معاناة شديدة من مرض عضال، وقد شيع جثمانه الطاهر ووري الثرى صباح يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2014م في مقبرة الجابية بمديرية عتق عاصمة محافظة شبوة بحضور حشد جماهيريكبير يتقدمه محافظ محافظة شبوة أحمد علي باحاج وأعضاء الهيئة الإدارية والمجلس المحلي ووكلاء المحافظة ومدراء عموم مكاتب الوزارات والقيادات العسكرية والأمنية ووفد عسكري يمثل وزارة الدفاع يتكون من عدد من ضباط القوات الجوية والدفاع الجوي والوجاهات الاجتماعية من مختلف مناطق المحافظة وبعض المحافظات المجاورة.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.