إدراج الحوثيين كإرهابيين ضرورة إقليمية ومصلحة دولية
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: سنتين
الأربعاء 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 06:23 م

يعتبر يوم 16 فبراير 2021م يوما أسودا في تاريخ اليمن المعاصر بعد تبني حكومة بايدن الحالية قرار رفع تصنيف المليشيات الحوثية من قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية, وهو اليوم الذي تحولت بعده تلك المليشيات إلى منظمة أكثر عنفا وتوحشا ضد اليمنيين , وتحولت إلى ثور هائج يستهدف كل من يقف أمامه ,وتحركت في مساراتها العسكرية والاجتماعية كسفاح متعطش للدماء يرى أن هناك من أعطاه الضوء الأخضر كي يشبع غرائزه في سفك دماء الأبرياء وهتك أعراضهم.

كثيرون يستغربون الخفة الديبلوماسية والسياسية التي تعاطت معها الإدارة الامريكية الحالية في سرعة رفع منظمة الحوثيين من قوائم الإرهاب, بعد أيام فقط من إدراج إدارة دونالد ترامب تصنيفهم كإرهابيين, وهو ما جعل البعض يتساءل لماذا كل هذا الاهتمام من إدارة بايدن وسرعة رفعهم من قوائم الإرهاب هل لكونهم " عملاء ثقات" مثلا, أم أنهم أده للعبث في المنطقة ترى تلك الإدارة بضرورة بقائهم بعيدا عن ذلك التصنيف حتى إكمال مهمتهم فرضا.

الحوثيون يمارسون في اليمن أعتى الجرائم وأفظع الانتهاكات بحق البشرية والانسان..

 دعونا نستعرض كل الأرقام التي طالت الطفولة من بداية من جرائم التجنيد وانتهاء بجرائم الاغتصابات بحقهم سواء في معسكرات التدريب أو في جبهات الحرب, وهذه معلومات وثقها تقرير "الخبراء التابع لمجلس الامن" .

دعونا نستعرض الجرائم التي طالت النساء منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء وبقية المناطق التي تحت نفوذهم بداية من إعتقالهن تحت أوهن المبررات ومرورا بعمليات التعذيب التي طالتهن وختاما بجرائم إغتصابهن وتصويرهن بهدف ابتزازهن وتحويلهن إلى مخبرات ومجندات يعملن لخدمة المليشيات تحت طائلة التهديد والوعيد والخوف من الفضيحة وهذ حقائق أيضا وثقها تقرير الخبراء بمجلس الأمن.

دعونا نستعرض جرائم الحوثيين بحق الأطفال حيث حولوهم إلى مقاتلين في صفوهم واختطفوهم من منازلهم ودفعوا بهم إلى الجبهات, كما منعوهم من التعليم ,حيث وثقت تقارير رسمية تورط المليشيات الحوثية في إخراج أكثر من ثلاثة ألف مدرسة عن الجاهزية التعليمية, ومنعوا مرتبات المعلمين وحولوا التعليم المجاني إلى قطاع جباية ورفعوا رسوم التسجيل في المدارس الحكومية إلى عشرات الاضعاف عما كانت عليه.

دعونا نتجاهل مئات الجرائم الأخرى ونضع مقارنة بسيطة تستند إلى الأرقام والإحصائيات سواء الرسمية أو الصادرة عن مؤسسات دولية فيما يتعلق بجرائم داعش والقاعدة في عدة بلدان من العالم سنجد بعد الرصد والتحقيق أن " تنظيم القاعدة يتحول إلى حمامة سلام وداعش إلى حمل وديع أمام الجرائم التي مارسها الحوثيون بحق أهل اليمن خلال السنوات السبع الماضية.

كل الادعاءات التي اختبأت خلفها الإدارة الامريكية الحالية لرفع المليشيات الحوثية من قوائم الإرهاب هي عبارة عن مبررات واهية وسراب لا علاقة له في أرض الواقع بكل ما زعمت.

 حتى الدعم الذي حاولت الأمم المتحدة ان تمنحه لادارة بادين بعد رفعها للحوثيين من قوائم الإرهاب وترحيبها الذي قالت فيه أن قرار واشنطن إلغاء تصنيف جماعة الحوثي على أنها منظمة إرهابية "سيوفر إغاثة ضخمة لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لتلبية احتياجاتهم الأساسية للبقاء", ليس لتلك الأمنيات مكان في أرض الواقع.

على كل الجهات الدولية ان تعلم أن المليشيات الحوثية حولت كل المساعدات الإنسانية بداية من الغذاء والدواء وإلى أخر قوائم الدعم التي تقدمها الأمم المتحدة لليمن حولتها المليشيات الحوثية إلى مجهود حربي يصب إلى جيوب مليشياتها المسلحة وقادتها العسكريين, في حين حرم الملايين من اليمنيين من الفقراء والمحتاجين من تلك المساعدات , وأعلنت المليشيات في فعاليتها الطائفية بشكل شبه مستمر أنها لن تقدم سلال الغذاء والدواء إلا لمن يشاركون في معسكراتها الحربية.

أعطت إدارة بايدن الأولوية لملف اليمن في الأيام الأولى من توليها الحكم، فقد أوقفت العمل بقرار إدراج جماعة الحوثي في قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية، ثم رفعتهم من قوائم الإرهاب, وتلك كانت خطوة خاطئة جدا.

مثلت خطوة رفعهم من قوائم الإرهاب , دعما مباشرا من الإدارة الأمريكية للمليشيات الحوثية في اليمن ’حيث عزز مزاعمهم بإنهم شركاء مع المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب , عقب ذلك تحرك الحوثيون بكل ثقلهم العسكري لممارسة أعمال الحرب والتدمير وقادوا حرباً توسعية وارتكبوا أعمالاً إرهابية وعطلوا عملية الانتقال السياسي، ورفضوا كل خيارات السلام التي عرضت عليهم خلال السنوات الماضية عموما والاشهر الستة مؤخرا.

يمكن القول في هذه اللحظة ان الأمنيات التي كانت تلهث ورائها إدارة بايدن وفي مقدمتها إعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي، مع إيران قد تبخرت, حيث إعتبر البعض ان رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب رشوة سياسية من الامريكان لإيران, بهدف المضي معها في الاتفاق النووي.

صدق وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو عندما عبر معلقا بعد قرار رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب بقوله "أن بادين قدم هدية إلى إيران التي ستسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب" في جميع أنحاء العالم وهو ما حصل فعلا في استهداف المنشئات النفطية في السعودية والمرافق الحيوية في الامارات العربية المتحدة وأخيرا استهدفت المنشئات النفطية والغازية في اليمن.

قدمت الحكومة اليمنية المئات من التنازلات ونفذت كل الشروط التي اشترطتها الأمم المتحدة لإحياء عملية السلام ووقف الحرب في اليمن, لكن كل تلك التنازلات تم قراءتها من المليشيات الحوثية بأنها ضعفا فتنمرت, ورفضت كل دعوات السلام المحلية والدولية, لأنها تشعر أن المجتمع الدولي يفتقر إلى أدوات للضغط عليها’ فعاثت في الأرض الفساد.

تؤكد كل المؤشرات الإقليمية والدولية أن إعادة المليشيات الحوثية إلى قوائم الإرهاب, هو أول الخطوات الحقيقية في إحلال السلام في اليمن أولا , وتأمين خطوط الملاحة الدولية ثانيا , وتأمين منشئات الطاقة محليا وعالميا, وكل هذا يصب في خدمة المجتمع الدولي أولا وأخيرا, وهو تحرك سيعيد البسمة إلى وجوه الطفولة والأمل إلى قلوب كل أبناء اليمن.

فسبع سنيين أثبتت أن هذه المليشيات لا تقبل بالتعايش ولا تسطيع العيش في السلام , بل ترى في الحرب متسعا وفي الإذية للآخرين نصرا , وفي العبث بأمن دول الجوار بطولة.