الدكتور الظاهري يستقيل من لجنتّي الحوار الوطني واللجنة التنظيمية والمجلس الوطني لـ11 سببًا

الأحد 22 يوليو-تموز 2012 الساعة 03 صباحاً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 13244

بعد مُضِي ما يربو على عام ونصف على قيام الثورة اليمنية الشعبية وبعد قرابة عام على تشكيل المجلس الوطني لقوى الثورة, قدم الدكتور محمد الظاهري استقالته اليوم الأحد من عضوية كل من لجنتّي الحوار الوطني واللجنة التنظيمية والمجلس الوطني.

وأرجع الظاهري استقالته التي قدمها من مدينة اسطنبول التركية في بيان نشره قبل ساعة ونصف على صفحته في «فيسبوك» إلى «حدوث بعض الأمور غير المرغوب فيها» قال «إننا في كل من اللجنتين (لجنة الحوار واللجنة التنظيمية) والمجلس الوطني قد عجزنا عن مواجهتها, وأخفقنا في الحد من آثارها غير الإيجابية على ثورتنا».

ومن الأسباب التي وضحها البيان أن جُل ما تقوم به اللجنتان والمجلس الوطني «وكثيرًا مما يحدث حولنا لا يصبُ في اتجاه تحقيق أهداف ثورتنا التي تراضينا عليها», مشيرًا إلى أن التقاسم الذي حصل مؤخرًا وفقًا للمبادرة الخليجية «قد أفشل مرحلية تحقيق الأهداف. حيثُ أن ثورتنا قامت ضد كل من الفساد والاستبداد والتقاسم معًا. وقد تبين أن هذا التقاسم لم يسهم في إنجاح ثورتنا, ولم يحقق إصلاحًا».

وقال الظاهري الذي أصيب برصاص قناصة في الـ18 من سبتمبر في مسيرة سلمية بصنعاء «لقد اكتفينا بهجاء خصومنا المستبدين وردحهم, وهُمش فعلُنا وتدنت فاعليتُنا تجاههم, ولم ننجح في تكبيل حركتهم وإضعافهم؛ لأن مواطن ضعفنا متكاثرة؛ فقد استشرى الشكُ بيننا وسكنْ, فيما جعلنا من الثقةِ خصماً لنا, وأزحنا المسئولية مِن على ذواتنا, واستدعينا ماضينا الصراعي, وأثقلنا كواهلنا بنزاعاتنا القديمة, وتشبثنا بها إلى درجة الولع», مذكرًا بأن «الثورةُ اليمانيةُ اندلعت حينما تعاظمت المفاسدُ وغابت المصالح».

وخاطب لجنتّي الحوار الوطني واللجنة التنظيمية والمجلس الوطني «لقد فضلتم, فعليًا وواقعيًا, الإصلاح السياسي وآثرتموه على الثورة؛ رغم أننا في التحليل السياسي نفرق بينهما: فـ(الثورة), فعلٌ يؤدي إلى إحداث تغييرٍ شاملٍ و جذريٍ في شتى مناحي حياة المجتمع, سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا؛ ويسعى لهدم النظام القديم (القائم) , وإحلال نظام جديد مكانه. والثورة قد تكون عنيفة أو سلمية الوسيلة», موضحًا أن «مفهوم (الإصلاح) عبارة عن فعلٍ تدرجي, محدود النطاق والنتائج؛ حيث ينشد التغيير أو (الإصلاحات) في النظام القديم (القائم) , ولا يسعى لهدمه أو الإتيان بغيره. وغالبًا ما يكون (الإصلاح) سلمي الوسيلة».

وقال «سنظل نبحثُ عن ثورة تلِد تغييرًا جذريًا شاملًا لا إصلاحًا سياسيًا محدودًا, ويبدو أن هذا قد لا يتحقق إلا بوجود ثورة و أحزاب ثورية معثا مُسيّجة بإرادة مجتمعية تنشد التغيير», مبنيًا أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تعاملت مع الثورة اليمنية على أنها أزمة «رغم أنكم وهم ونحن نعلم أنها ثورة؛ ولكنها اندلعت في محيطٍ غير ثوري؛ ولذا بالفعل قد يتأخر النصر».

وخاطب اللجنتان والمؤتمر الوطني «لقد انحزتم لفكرة إصلاح الأوضاع بتدرج ومرحلية! رغم أننا قد جربنا أسلوبكم وفشل, كما أنه لا يمكن إنجاح ثورة بكُلفة إصلاح سياسي».

وبعد أحد عشر سببًا, انتهي بيان الدكتور الظاهري بـ «لكم حواراتكم ولنا ثورتنا».

نص بيان الاستقالة

الأساتذة والأخوة الزملاء في كلٍ من اللجنة التحضيرية للحوار الوطني , والمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية , رفاقي في اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , شهر مبارك على الجميع .

تعلمون أن وطننا اليمني قد عانى , ومازال , من الظلم والفساد والاستبداد ؛ مما استوجب القيام بثورة , كان شبابنا اليماني هم طليعتها , ورأس حربتها , شاركهم في ذلك العديدُ من القوى الاجتماعية والسياسية التواقة للتغيير.

ولأن ثورتنا السلمية اندلعت في محيط غير ثوري ؛ فقد عرف المشهدُ اليماني توجهين : أحدهما يحبذُ المسار السياسي , والآخر هو للمسار الثوري أقرب.

وبعد مُضِي ما يربو على عام ونصف على قيام ثورتنا , تبين أن المسار السياسي قد كبل المسار الثوري , ولم يعد رافداً له !

كما يُلاحظ حدوث بعض الأمور غير المرغوب فيها , إضافة إلى أننا في كل من اللجنتين (لجنة الحوار واللجنة التنظيمية) والمجلس الوطني قد عجزنا عن مواجهتها , وأخفقنا في الحد من آثارها غير الإيجابية على ثورتنا.

ومن هذه الأمور:

أولاً : إن جُل ما نقوم به في لجنتينا ومجلسنا , وكثيراً مما يحدث حولنا لا يصبُ في اتجاه تحقيق أهداف ثورتنا التي تراضينا عليها !

ثانياً : صحيحٌ أن النظام السياسي اليمني قد عرف في بعض مراحله , فكرة تقاسم السلطة ؛ إلا أنه من الصحيح أيضاً , أن هذا التقاسم , الذي قبلتم به , قد أفشل مرحلية تحقيق الأهداف. حيثُ إن ثورتنا قامت ضد كل من الفساد والاستبداد والتقاسم معاً. وقد تبين أن هذا التقاسم لم يسهم في إنجاح ثورتنا , ولم يحقق إصلاحاً .

ثالثاً : لقد اكتفينا بهجاء خصومنا المستبدين وردحهم , وهُمش فعلُنا وتدنت فاعليتُنا تجاههم , ولم ننجح في تكبيل حركتهم وإضعافهم ؛ لأن مواطن ضعفنا متكاثرة ؛ فقد استشرى الشكُ بيننا وسكنْ , فيما جعلنا من الثقةِ خصماً لنا , وأزحنا المسئولية مِن على ذواتنا , واستدعينا ماضينا الصراعي , وأثقلنا كواهلنا بنزاعاتنا القديمة , وتشبثنا بها إلى درجة الولع !

رابعاً : لقد اندلعت الثورةُ اليمانيةُ حينما تعاظمت المفاسدُ وغابت المصالح . فالثورةُ , هي نقيضٌ للمفاسدِ صغيرها وكبيرها , وتهدف لجلب المصالح , خاصة الكبرى منها .

إلا أنه تم تكبيل الثورة , وقد قبلت اللجنتان والمجلسُ بذلك , فعلياً ؛ بحجة أن ( درء المفسدة مقدمٌ على جلب المصلحة ) . ; كما أنه للأسف , يلاحظ أن الذي كان حاكماً قد استغل هذه القاعدة الفقهية . فلا تم درء المفاسدِ ولا حضرت المصالحُ , بل إن المفاسد تكاثرت !

ولذا افترشنا ساحات التغيير وارتدنا ميادين الحرية . ومن المحزن أنكم قبلتم بتقاسم السلطة , كما أشرت آنفاً , وتحويلها إلى مغانم بين فرفاء العمل السياسي , مع العلم أن التعايش مع المفاسد الصغرى , تتراكم مع الزمن لتغدو مفسدة كبرى !

بل إن التعايش مع الحاكم المستبد حتى يتمكن من ترسيخ حكمه , وتثبيت جذوره , وتمكينه من إفساد مكونات المجتمع الفاعلة , يُعد من وجهت نظري السياسية , بمثابة مفسدةٍ كبرى..نعم مفسدةٌ كبرى , ولم تتجنبوها .

خامساً : لقد فضلتم , فعلياً وواقعياً , الإصلاح السياسي وآثرتموه على الثورة ؛ رغم أننا في التحليل السياسي نفرق بينهما:

فـ(الثورة ) , فعلٌ يؤدي إلى إحداث تغييرٍ شاملٍ و جذريٍ في شتى مناحي حياة المجتمع , سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ؛ ويسعى لهدم النظام القديم (القائم) , وإحلال نظام جديد مكانه . والثورة قد تكون عنيفة أو سلمية الوسيلة .

أما مفهوم (الإصلاح ) , فعبارة عن فعلٍ تدرجي , محدود النطاق والنتائج ؛ حيث ينشد التغيير أو (الإصلاحات) في النظام القديم (القائم) , ولا يسعى لهدمه أو الإتيان بغيره . وغالباً ما يكون (الإصلاح) سلمي الوسيلة .

فمثلاً : القول بـ(ضرورة الصمود حتى إسقاط بقايا العائلة ) وترديد مقولات (الممكن السياسي) و (الواقعية السياسية) والتذكير بالقاعدة الفقهية المتمثلة في(أن درء المفسدة مقدمٌ على جلب المصلحة) ؛ هي شواهد مُبتغاة لتحقيق الإصلاح السياسي لا الثورة . أما القول والفعل لتحقيق الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة , و إعلان الحكم المؤسسي (الرشيد) وإحلاله محل الحكم العائلي العسكري , فهو أقرب إلى الثورة .

لقد: سعيتم لتحقيق ثورة بكُلفة إصلاح سياسي ! وهذا يصعبُ تحقيقه في المرحلة الحالية من وجهت نظري .

كما يبدو أن (ثورتنا اليمانية) ؛ لأسباب عدة , سَتلِد إصلاحاً ! سواء أكان هذا (الإصلاح) , إصلاحاً (مفاهيمياً) أم إصلاحاً (تنظيمياً أو حزبياً ) ! وفي كلتا الحالتين , سنظل نبحثُ عن (ثورة تلِد تغييراً جذرياً شاملاً لا إصلاحاً سياسياً محدوداً ) , ويبدو أن هذا قد لا يتحقق إلا بوجود (ثورة) و (أحزاب ثورية) معاً , مُسيّجة بإرادة مجتمعية تنشد التغيير .

سادساً : لقد قبلتم بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية , التي تعاملت مع ثورتنا على أنها أزمة , رغم أنكم وهم ونحن نعلم أنها ثورة ؛ ولكنها اندلعت في محيطٍ غير ثوري ؛ ولذا بالفعل قد يتأخر النصر .

سابعاً : لقد فضلتم الحوار مع الآخر في إطار الممكن السياسي , والواقعية السياسية رغم أنكم قد خبرتموه ! وقد نبهناكم أن ثمة فرقاً بين الممكن السياسي و(الاستكانة السياسية) ؛ فالأول مرغوب فيه , كوضعٍ مؤقت , والأخيرة مرفوضة , والمعضلة أنكم مازلتم للأخيرة أقرب ! كما أن واقعيتكم قد تحولت إلى وقيعة بيننا وبين غالبية كوادركم وأنصاركم من جهة , وبينكم من جهة أخرى !

ثامناً : لقد أصررتم , وتمسكتم بالمسار السياسي السلمي والواقعية السياسية ! رغم تنبيهنا لكم , وإعلامكم أنكم لـ(التسليمية) و لـ(الوقيعة السياسية) أقرب , بل إن مساركم باتجاه إطالة عمر الفساد والاستبداد, كما أن قبولكم بما عُرف بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية قد كان بمثابة (أكسجين سياسي) زودتم خصومكم وخصومنا به !

تاسعاً : لقد وسمتمونا بأننا مندفعون و متهورون , وأننا كارهون للحياة ! رغم محاولتنا إقناعكم بأننا ثائرون وثائرات ولسنا انتحاريين وانتحاريات .

وأكدنا أننا نحبُ الحياة ؛ ولكن حياة العزة والكرامة , وليس حياة الخنوع والذلة والمهانة .

عاشراً : لقد حاولتم إقناعنا بأن خصمنا مستبد ودموي , وأن كُلفة التغيير ستكون مرتفعة ! رغم أننا بالمقابل , حاولنا إقناعكم بأن مَهر الثورات غالٍ , ومن أجل أبنائنا وأحفادنا ؛ نحن مهيئون لدفع المهر والكُلفة معاً .

احد عشر: لقد انحزتم لفكرة إصلاح الأوضاع بتدرج ومرحلية ! رغم أننا قد جربنا أسلوبكم وفشل , كما أنه لا يمكن إنجاح ثورة بكُلفة إصلاح سياسي !

ثاني عشر: لقد جُرحتُ بتاريخ 18/ 9 / 2011 م وأنا برفقة شبابنا في إحدى مسيراتنا السلمية , برصاص قناصة الذي كان حاكماً , والذي مازلتم تتحاورون , وتقتسمون السلطة معه ! ولذا لم أتمكن من حضور اجتماعاتكم , أو المشاركة في صنع القرارات التي تتخذونا . كما أن التشاركية في كلٍ من لجنتينا ومجلسنا لم تكن على مايرام .

أخيراً : لقد صممتم على نهجكم , والمضي في حواراتكم ! وها نحن نقولُ : لكم حواراتكم ولنا ثورتنا .

نتيجة لكل ما سبق بيانه ؛ أتقدم باستقالتي من كلٍ من لجنتّي الحوار الوطني واللجنة التنظيمية وكذا المجلس الوطني .

المجدُ لثورتنا والخلودُ والرحمة لشهدائنا والشفاءُ لجرحانا والحرية لمعتقلينا .

د/ محمد الظاهري

إسطنبول بتاريخ 22/ 7/ 2012م الموافق 2من رمضان 1433 هجرية.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية