في ليلة الـ26 من رمضان الماضي، قادتني قدماي إلى المركز التجاري «عدن مول» بمديرية صيرة في الحبيبة عدن، وأثناء تجوالي فيه لفت نظري تجمع عدد كبير من الشباب في صورة لم أعهدها من قبل في المركز، والتجمع ليس على إثر مشادة بين أشخاص أو لتصوير تلفزيوني، وإنما الجميع كانوا رافعين رقابهم وأصابع أقدامهم يترقبوا بوابة زجاجية لإحدى المحلات لبيع الملابس الشبابية، خطر في بالي تلك اللحظة أكيد هناك فتاة – أجنبية - في أحلى أناقتها وزينتها، هي من جذبت للجمهرة الشباب المراهق.

تقدمت من باب الفضول لأرى الدافع لتجمعهم دون سابق إنذار، حيث مررت قبل نصف ساعة من ذلك الممر ولم ألحظ أي شيء غير عادي أو يدعو لذلك التجمهر!، ولأجل أشفي حب استطلاعي أقتربت لمجموعة من الشباب وسمعتهم يقولوا: «إلا هو زنبقة بذاته بشحمه ولحمه»، ضحكتْ في نفسي وقلت «زنبقة»!! وأنا راح فكري بعيد بأن الجنس الناعم فقط سبب هذه الهالة الكبيرة.

و“زنبقة” اسم طغى بشكل كامل على المسلسل الكوميدي الشهير “همي همك” الذي بث من قناة السعيدة الفضائية خلال شهر رمضان المبارك، وسألت بعض الشباب كيف عرفوا الممثل وهو بهيئته العادية خارج دوره المتميز الذي جسد فيه الشخصية النسائية "زنبقة" زوجة "شوتر" في المسلسل؟.

 قال أحدهم: «تابعنا المسلسل وأخبار نبيل الإنسي في صفحته بالفيس بوك ونعرف صورته».

وطلبت لحظتها من الشباب إفساح الطريق لي للوصول لــ«زنبقة» المحاصر من الشباب المعجبين بأدائه ودوره الذي أبدع فيه كثيرا.

الفنان نبيل الإنسي جاء إلى عدن في زيارة خاصة قصيرة نزل يتسوق في المركز فوجد نفسه محاصراً من المعجبين ولا أكذب عليكم حتى نسوة وأطفال تشوقوا لرؤيته، وشقيت طريقي نحوه في المحل الذي فتح جزءًا بسيطًا لي من بابه الزجاجي المغلق خشية من اندفاع الشباب، وأخبرته أنا صحفية والتقط له صورة شخصية وسألته: «أريد اعرف ردة فعلك من تفاعل الجمهور واستقبالك الكبير الآن بعفوية وبساطة أهل عدن المتذوقين للفن والتراث؟».

رد الفنان نبيل الانسي: «أنا أتهرب من الحديث للصحافة ، و لكني أقول من كل قلبي سعيد برؤية هذا الجمهور المتذوق للفن و المحب للبسمة والمقدر لأدائي في المسلسل ، و سعيد جدا بهم و أهل عدن حبايبي، و أشكرهم لحفاوة هذا الاستقبال».

المسلسل ذاع صيته على مستوى اليمن ودول الجوار، وترقبوا المتابعين له أن لا تفوتهم حلقة من حلقاته عرضه ساعة الإفطار الرمضاني، أو مشاهدة حلقة الإعادة مع السحور، وسألت أحد الشباب عن رأيه في المسلسل رد قائلا : «أنا متابع للمسلسل وهو هادف في محتواه و مسلي ،و يكفي انه يفتح "نفسي " شهيتي لتناول الفطور والسحور، ورسم البسمة على وجوهنا و أبهج روحنا و أضحكنا في زمن ضاعت فيه الفرحة ،و رغم تناوله لقضايا في الصميم من واقعنا اليمني الأليم، وهي رمزية لعلاقة الشيخ المتسلط الجبروت على الأفراد البسطاء وبأسلوب كوميدي، تزودنا بجرعة يومية من البهجة للمواقف الضاحكة في المسلسل و أبدع فيها و تميز كثيرا الفنان نبيل الآنسي، وصار اسم "زنبقة" يسمع كثيرا في عدن واليمن و أطلق على عطر زيتي للرجال، لما حظي به المسلسل من حب وتقدير لدى عدد كبير من المشاهدين».

ورغم الإشادات الطيبة للمسلسل من الجمهور المشاهد أو النقاد ، إلا انه واجه أيضا الانتقادات وطبيعي أي عمل يجد النقد والإشادة، ومهما اختلف اثنان حوله إلا انه يظل مسلسل "همي همك" نقطة تحول في واقع الدراما اليمنية، والذي أماط اللثام عن قضية واقعية ومعاشة في واقعنا اليمني وبأسلوب كوميدي، دعوة للحرية والمواطنة المتساوية والوقوف ضد الظلم وانتهاك حقوق الإنسان، وكانت مغامرة كبيرة من الفنان نبيل الآنسي بتقمص دوره النسائي وأجاده وباللهجة التهامية بينما هو من صنعاء.

وهنا أرفق مع المادة صورة له لان البعض لا يعرفه و أخرى لشخصيته في المسلسل، وشكرا لكل طاقم العمل وللجنود المجهولين خلف الكواليس والكاميرات وممثلين تابعنا أداءهم وحلوا ضيوفا يوميا على مائدة الكثيرين في الإفطار و السحور ، أو على أفلام اليوتيوب وفي التلفونات المحمولة يتبادلها بعض الشباب.