اغتيال بن لادن وإحياء فزاعة القاعدة لإجهاض الثورات العربية (تحليل)

الأحد 08 مايو 2011 الساعة 07 مساءً / مأرب برس/ خاص- صفوان سلام
عدد القراءات 8894
 
 

كيف نفسر اغتيال النظام الأمريكي لزعيم تنظيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن الآن وبعد عشر سنوات من الانتظار وبعد خطف تيار الثورات العربية السلمية الضوء المسلط على تنظيم القاعدة وأوشك أن يزيحها إلى ظلال النسيان؟ هل فعلا يتمثل هدف النظام الأمريكي في تفكيك تنظيم القاعدة كما يزعم؟ أم على العكس من ذلك يسعى إلى تأجيج مشاعر التعاطف مع بن لادن الشهيد وفتح مجال رحب لتنظيم القاعدة لتجنيد الأنصار وفي نفس الوقت تسديد ضربة قاصمة للثورات الشعبية السلمية التي تبشر بنهوض حقيقي في العالم العربي وتقليص النفوذ الامبريالي والهيمنة الصهيونية في المنطقة وتحريرها من الاحتلال الأمريكي.

 لن أتكلم عن دافع الكسب السياسي الظرفي لأوباما (الذي يطمح إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية العام القادم) من خلال توقيت قرار اغتيال بن لادن في هذا الوقت بالذات، فهذا الكسب السياسي في التأثير على الرأي العام الأمريكي وشعبية أوباما المتآكلة في أمريكا أوضح من أن يذكر. ولكن السؤال الذي يستحق الإجابة هو: لماذا يعمل النظام الأمريكي على خلق تنظيم قاعدة قوية في وقت يزعم فيه أن سياسته على مدى العشر سنوات الفائتة على الأقل تقوم على محاربة التنظيم؟

 النظام الأمريكي يلعب مع تنظيم القاعدة منذ سنوات لعبة كبرى تشارك فيها أيضا الأنظمة الاستبدادية القمعية في العالم العربي و في ما يسمى الشرق الأوسط الكبير في أكبر عملية خداع للشعب الأمريكي. الثورات الشبابية الشعبية في العالم العربي بدأت تفسد هذه اللعبة. ولكن أولا ما هي هذه اللعبة الكبرى؟

يقوم تنظيم القاعدة باستفزاز النظام الأمريكي بعملية هنا وعملية هناك فيستنفر النظام منظومته الدعائية الهائلة لتحريض الرأي العام الأمريكي على إرهاب تنظيم القاعدة باعتباره يهدد الوجود الأمريكي ونمط الحياة الأمريكية في الصميم ويستدرج تنظيم القاعدة النظام الأمريكي على الرد بحرب عالمية بعيدة المدى على أراضي الديار الإسلامية وهو عين ما يسعى إليه تنظيم القاعدة فهو لا يمكن أن يهزم من قبل قوات غازية لديار الإسلام. فيستغل التنظيم الغزو الأجنبي (الصليبي) للدعوة إلى الجهاد وتجنيد المزيد من الأنصار والمجاهدين والهدف النهائي شق طريق صحوة إسلامية وإعادة بناء دولة الخلافة لاستعادة سيادة الإسلام .. أما أهدف النظام الأمريكي فهو خلق عدو خارجي قوي لتوحيد الشعب الأمريكي وضمان التفافه وراء قيادات عدوانية تسعى للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط الكبير (العالم العربي – الإسلامي) التي تعتبرها منطقة فراغ، تتشكل من دول فاشلة، ولقطع الطريق على قوى منافسة ( الصين ، الهند ، روسيا) أو حليفة (أوروبا) لملء هذا الفراغ.

تجد الأنظمة القمعية الاستبدادية في العالم العربي وباكستان وغيرها في هذه اللعبة سوقا للمتاجرة بقضية الإرهاب فتنخرط في اللعبة مستفيدة من ما يدره اللعب من مكاسب مالية فحيثما تتواجد القاعدة تنهمر مليارات المساعدات الأمريكية . ويوظف النظام الأميركي هذه الأنظمة القمعية في إحكام قبضته على مقدرات المنطقة من خلال صفقات فاسدة ومشبوهة.

القوة الشبابية الشعبية التي لم يحسب أيا من اللاعبين حسابا لها من قبل دخلت الحلبة فجأة وأطاحت في غضون أسابيع بنظامين من أشرس الأنظمة الحليفة للنظام الأمريكي في المنطقة هما نظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر وتوشك أن تطيح بنظام علي عبد الله صالح في اليمن وتهز بقوة عروش طغاة ليبيا وسوريا وغيرها من أركان النظام الرسمي العربي المتفسخ وتسحب بالتالي المبرر من وجود منظمة القاعدة التي يعتمد عليها النظام الأمريكي في تبرير مغامراته الحربية العدوانية الخارجية وتسويقها للشعب الأمريكي كما توشك أن تسحب البساط من تحت أقدام الأنظمة الاستبدادية القمعية المهترئة وهي الأنظمة التي يعتمد عليها النظام الأمريكي من أجل إدامة هيمنة على هذه المنطقة الهامة من العالم وإعاقة نهوضها وإغلاقها دون تأثير نفوذ القوى المنافسة أو الحليفة الأخرى.

من هنا كان اغتيال بن لادن في هذا الوقت بالذات يهدف إلى:

* إحياء منظمة القاعدة من خلال خلق تعاطف مع بن لادن الشهيد لتستمر كفزاعة لابتزاز شعوب العالم.

* إجهاض الثورات الشبابية الشعبية السلمية وإعاقة التحولات الديمقراطية في العالم العربي وإنقاذ الأنظمة القمعية الآيلة للسقوط.

* تعزيز شعبية أوباما المتضعضعة على طريق إعادة انتخابه لولاية ثانية.

* مواصلة خداع الشعب الأمريكي الساذج والجاهل سياسيا وخصوصا في ما يتصل بسياسة بلاده الخارجية لاستمرار هيمنة النخبة السياسية للمجمع الصناعي العسكري على مقدراته.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة