صراع للحفاظ على المشهد الثقافي في اليمن

الإثنين 09 إبريل-نيسان 2018 الساعة 02 مساءً / مأرب برس- الخليج أون لاين
عدد القراءات 2609

 

ربما هي عجلة الحرب فقط الدائرة في اليمن، وما عداها يشهد شللاً كاملاً، ومن ضمنه الحراك الثقافي.

لكن جهوداً فردية يحاول من خلالها أدباء ومثقفون تحريك المياه الراكدة في المشهد الثقافي والأدبي.

فمساء كل أربعاء، يلتقي كُتاب وشعراء ونقاد ومبدعون في مقر نادي القصة اليمني "إل مقه"؛ لإقامة ندوات ثقافية، تتنوع بين النقد، والاحتفاء بإصدارات أدبية، أو فعالية تكريم رمزي لرواد الأدب والثقافة في البلاد.

و"إل مقه": اسم غريب ورد أكثر من ألف مرة على النقوش المكتشفة في آثار الجنوب اليمني، واصطُلح على أنه يرمز إلى إله معبود، حسبما ورد في كتاب "الديانة العربية القديمة" للمؤرخ الدنماركي ديتلف نيلسن.


ومنه استمد كُتاب القصة اليمنيين الذين ينتمون إلى جيل التسعينيات، رمزاً لتجمُّعهم الأدبي "نادي القصة اليمني" الذي شُكِّل في 1996.

لكن النادي يمثل اليوم إحدى الظواهر الأدبية والثقافية، ومتنفَّساً لمثقفي ومبدعي البلاد، خصوصاً بعد توقُّف الحركة الأدبية منذ اندلاع الحرب مطلع 2015.

تلك هي الفكرة الرئيسة في محاولات الأدباء والمثقفين اليمنيين، التمسك بقشة أمل من الحركة الإبداعية والفنية، حيث لا صوت يعلو على صوت الحرب والبندقية والمدفع.

في قاعة صغيرة بمقر نادي القصة اليمني وسط العاصمة صنعاء، تتوزع كراسيّ بشكل غير مرتب.

ويبدو أن الحضور كانوا في دائرة نقاش أدبية، درج النادي على تنظيمها بشكل مستمر.

ويعم الهدوء مدارج النادي الصغيرة، بما يعكس الحالة الثقافية اليمنية الراهنة.

وفي الصالة الرئيسة، يتبادل ثلاثة شبانٍ الحديثَ بوُدٍّ عن الحالة الأدبية الراهنة، وكان أحدهم يحمل آلة "غيتار"، ويعزف للحضور، في ندوة انتهت للتو.

ووفق وكالة الأناضول للأنباء، يقول موسى سلمان، وهو شاب يدرس الأدب الفرنسي بجامعة صنعاء، إن نادي القصة يمثل آخر الوجهات الثقافية للمبدعين، في زمن الحرب وانهيار كل ما له صلة بالحياة والجمال.

ويضيف: "نحن نتنفس في النادي، نشعر بأن الحياة تعود لنا، ونحن مواظبون على الحضور بشكل دائم".

ويتفق معه القاص محمد الغربي عمران، رئيس النادي، ويقول إن النادي يحاول لملمة المبدعين اليمنيين، وتقديمهم للمجتمع رغم ظروف الحرب القاسية.

ورغم تلك الجهود، اضطر النادي إلى تعليق فعاليات أدبية وإلغاء أخرى.

وخلال الأسابيع الأخيرة، احتفى النادي بأول رواية في تاريخ الأدب اليمني والجزيرة العربية "فتاة قاروت"، صدرت عام 1927، للروائي الراحل أحمد عبد الله السقاف.

ونظّم حفل توقيع رواية "ثورة عاشق" للأديب فاروق مريش، وكرّم الروائية نادية الكوكباني بدرع النادي، كأبرز روائية يمنية لعام 2017.

ويقول الغربي عمران إن ندوات النادي استمرت بشكل منتظم ولم تتوقف رغم الحرب المستمرة، وانهيار الوضع الاقتصادي والإنساني.

وعن الكيفية التي واجه بها النادي ظروف الحرب، قال عمران: "الأدب فسحة أمل لنا، ونلتقي (نحن الأدباء) كما يلتقي الأصدقاء". ويضيف: "أجزم بأن الحرب لم تبدأ بعد في صنعاء".

ووفق عمران، فإن النادي له نشاطات عديدة؛ منها طباعة 7 إصدارات، والاحتفاء بكل إصدار جديد، وتكريم بعض الشخصيات، وتنظيم جلسات نقدية، وإلقاء نصوص للشباب.

لكن النادي يعتمد بشكل كبير على جهود ذاتية، ولا تحظى نشاطاته بأي دعم حكومي أو أهلي.

وعزا القاص اليمني ذلك إلى الحب الجارف للأدب، وقال: "حين تؤمن بشيء وتعشقه يكون الأمر سهلاً، نتبرع لأنشطته بحب، ولا يوجد أي تمويل حكومي، أو غيره".

ولأن لقمة العيش هي ما يشغل بال اليمنيين؛ لذلك لا تحظى أنشطة النادي الثقافية بتفاعل كبير، لكن الحضور يبقى "جيداً، والتفاعل أروع"، وفق عمران.

وخلَّفت الحرب المتواصلة أوضاعاً معيشية وصحية متردية للغاية، وبات أكثر من 20 مليون شخص، أي 80% من سكان البلد العربي الفقير، بحاجة لمساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن