«نهم»: الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يدقّان بوابة صنعاء الشرقية

الإثنين 29 أغسطس-آب 2016 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس – القدس العربي
عدد القراءات 3945

في بلد تتنازعه الحرب منذ أكثر من عام، وتشتعل نيرانها على أكثر من جبهة، باتت المعركة الأكثر أهمية هي تلك التي تزداد وتيرتها يومياً على مشارف العاصمة اليمنية صنعاء من جهة الشرق.

ومنذ مدة، بدأت الأنظار تتجه صوب معركة صنعاء، وتحديداً القتال الدائر في محيط جبهة «نهم»، شرقي العاصمة، باعتبارها الجبهة الأهم والأكثر واقعية لتحرير المدينة من قبضة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذين يسيطرون عليها منذ أواخر أيلول/سبتمبر 2014، ويفرضون ما يشبه سلطة الأمر الواقع عليها، ويضعون أيديهم على ما تبقى من مؤسسات الدولة.

ويولي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المواليان للحكومة، ومن خلفهما التحالف العربي الذي تقودة المملكة العربية السعودية، أهمية قصوى لتلك المعركة، مستندين على مبررات وجيهة، بينها قصر المسافة من نهم إلى وسط العاصمة صنعاء، والتي تقدر بعشرات الكيلوات فقط.

ومديرية «نهم»، هي أولى مديريات محافظة صنعاء الشرقية، وأقربها إلى محافظة مأرب، والأخيرة هذه باتت مركزاً لعمليات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وتوجد فيها معسكرات كبيرة للتحاف العربي وبطاريات باتريوت لحماية المدينة وحقول النفط الواقعة في نطاقها من القصف الصاروخي للحوثيين وقوات المخلوع والذي تطلقه بشكل شبه يومي.

تقع مأرب على بعد نحو 170 كيلومتراً شرقي صنعاء، وتتوسط مديرية «نهم»، المدينتين، والأخيرة قياساً إلى قوة الدعم والمساندة، وقصر المسافة، هي المعركة الأكثر فاعلية عسكرياً، خلافاً لجبهات القتال التي تزحف من جهة الشمال والغرب في حرض وميدي على البحر الأحمر.

ويتناوب كبار المسؤولين اليمنيين على زيارة مأرب ومن ثمّ نهم، كان آخرهم الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن صالح، للاطلاع عن قرب على التجهيزات لمعركة صنعاء، التي بدأت بالفعل وقطعت شوطاً كبيراً في طريقها نحو المدينة.

لكن هذا لا يعني في طبيعة الحال أن الطريق يعتبر سالكاً صوب صنعاء، فالطرف الآخر (الحوثي/ صالح) يحشد قواته بموازاة ذلك، ويعتبر أنها معركة مصيرية بالنسبة له، إذْ بسقوط العاصمة صنعاء سيفقد الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) كل ما كسبوه خلال الأشهر الماضية، لما لصنعاء من ثقل في ميزان السياسة، وفي بلد حكمته مركزية العاصمة على مدى نحو أربعة عقود ونيف من عمر الجمهورية.

ويواجه الجيش والمقاومة على الأرض عراقيل عدة، بينها زراعة الألغام بأعداد مهولة في الطرقات الضيقة في مناطق شديدة الوعورة، وذات تضاريس تحد من حركة العربات الكبيرة إلا بعد شق طريق لها، وهذا يحتاج وقتاً أطول.

ومطلع آب/أغسطس الجاري، أعلن الجيش الوطني بدء عملية عسكرية واسعة أطلق عليها «التحرير موعدنا»، نسبة إلى ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، استطاع خلال أيام السيطرة على مواقع عسكرية تابعة للحوثي وقوات توالي «صالح» في السلسلة الجبلية بمديرية «نهم».

وقال الجيش في بيان له، إنه «بمساندة المقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي دشّن هذه العملية الواسعة ردا على خروقات الميليشيات الانقلابية». حسب البيان.

ودعا البيان «القاطنين في أمانة العاصمة صنعاء وضواحيها للابتعاد عن مقرات ومواقع وتجمعات الحوثيين وقوات صالح، وأماكن تجمعاتهم حفاظًا على أرواحهم»، محذراً «المواطنين من مغبة التهاون أو السماح للميليشيات الانقلابية باستخدام منازلهم مصادر للنيران أو أي أعمال عدائية ضد قوات الجيش وسيتعامل بحزم وقوة مع كل عمل عدائي أيًا كان مصدره»، ما يعني أن الجيش حسم أمره باتجاه صنعاء، بعد أشهر سادها هدوء حذر، قبل أن تنهار هدنة هشّة أعلنت في الـ10 من نيسان/أبريل الماضي.

ويرى أحمد شبح، نائب مدير المركز الإعلامي للقوات المسلحة، أن «قوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي تخوض معارك عنيفة مع الميليشيات الانقلابية في منطقة نهم وتحقق انتصارات مستمرة.

وقال في تصريح خاص لـ«القدس العربي» إن «عملية (التحرير موعدنا) مستمرة وسوف تستمر حتى تحقق كامل أهدافها المرسومة وحتى استعادة الشرعية وتحرير مؤسسات الدولة وعودة الأمن والاستقرار.

وأشار إلى أن الجيش الوطني تمكن من تحرير أهم المواقع والجبال في مديرية نهم وبسط السيطرة على 50٪ من مساحة المديرية الواسعة (1841كم2)، واستكمال تحرير بقية مساحة المديرية مسألة وقت، ونقل المعركة نحو مديريات أرحب وبني حشيش وبني الحارث وهي مديريات تمتد إلى عمق أمانة العاصمة صنعاء، لافتاً إلى «انضمام وحدات جديدة لجبهة نهم مؤخراً، فيما وحدات كبيرة لا تزال في محافظة مأرب جاهزة للانضمام للجبهات».

ويعتقد شبح، أن تقدم قوات الجيش والمقاومة ماضٍ نحو الأهداف وبوتيرة قد يعتبرها البعض بطيئة لكنها مستمرة، لافتاً إلى أن مواقع الميليشيات في صنعاء باتت في مرمى نيران الجيش والمقاومة، بالتزامن مع العمليات الجارية في محافظات الجوف، مأرب، شبوة، تعز، حجة ومختلف مناطق ومحافظات البلاد.

من جانبه، يقول المحلل السياسي أحمد عايض، إن سقوط معسكر الفرضة في وقت سابق مثل صفعة عسكرية للمخلوع وللحوثيين بشكل عام، ولأهميتها تتحدث التقارير إن المخلوع زار مقاتليه قبل سقوط الفرضة محذرا من سقوطها، لأنهم يعلمون أن سقوط الفرضة هو سقوط لأسوار العاصمة صنعاء.

وفي حديثه لـ«القدس العربي»، رأى أن «الحوثيين مستميتون في إيقاف زحف الشرعية باعتبار أن سقوط نهم التي تمتد مساحتها الجغرافية إلى تخوم قبيلة أرحب وبني حشيش بالقرب من صنعاء، هو سقوط للعاصمة»..

وتابع، «هناك تحشيد كبير، وتجنيد إجباري، وحالة من الرعب تعيشها الميليشيات، خاصة وأصوات المواجهات باتت تُسمع إلى الجهات الشمالية للعاصمة صنعاء في أوقات المساء».

وحسب عايض، فإن «سقوط نهم قضية وقت لا غير، وهناك اصرار محلي ورغبة لدى التحالف، باغلاق ملف الانقلاب. وتمثل معارك نهم محوراً هاماً في هذا الاتجاه، لا سيما وأن الأرض والجغرافيا في كل يوم تتنكر للحوثيين وتعود إلى أحضان الشرعية»، مستدلاً بانضمام بعض مشائخ القبائل وقيادات الجيش إلى حكومة هادي.

ويختم بالقول: «هناك ضغوط إقليمية تمارس حالياً لمحاولة منع التقدم للشرعية، لكن سيتم التعاطي مع أي ضغط دولي قادم بالنفس الدبلوماسي ذاته والمراوغة السياسية وتحقيق مزيد من التقدم والحسم.

ومنذ تعليق مشاورات السلام اليمنية في الكويت في السادس من آب/أغسطس الجاري، ارتفعت وتيرة القتال على أكثر من جبهة قتال، فيما كثف طيران التحالف غاراته على مواقع الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على الشريط الحدودي وفي مناطق المواجهات شرق ووسط اليمن.

وعلى مدى ثلاثة أشهر مضت، فشلت الأمم المتحدة التي ترعى مشاورات السلام في الوصول إلى حلول سلمية تنهي الحرب التي مزقت البلد الأشد فقراً في المنطقة العربية، لكن المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد ما يزال يبذل جهوداً في سبيل الحيلولة دون انهيار شامل للخيار السلمي.

وحسب تصريحات سابقة لولد الشيخ، فإنه يقوم حالياً بزيارات مكوكية بين مسقط والرياض وجدة والكويت، يلتقي خلالها بمسؤولين رفيعي المستوى في تلك البلدان، من أجل انعاش الخيارات السلمية، استعداداً لجولة جديدة من المشاورات لم يعلن عن وقتها ولا مكان انطلاقها.

وفي الـ21 من أيلول/سبتمبر 2014 داهم مسلحون حوثيون وقوات موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح العاصمة صنعاء بقوة السلاح، أعقبها مغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته إلى العاصمة السعودية الرياض التي يقيمون فيها بشكل مؤقت، فيما تستعد الحكومة إلى العودة إلى عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني لممارسة مهامها من هناك.

ومنذ الـ26 من آذار/مارس 2015 تقود السعودية تحالفاً عسكرياً عربياً مسانداً للحكومة الشرعية ضد الحوثيين والمخلوع صالح، تقول الرياض والعواصم الخليجية عدا مسقط، إنه جاء بناء على طلب من الرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي من أجل حماية الشعب وإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن