رمضان اليمن يكتوي بحرارة الصيف ولهيب المعارك واشتعال الأسعار

الخميس 30 يونيو-حزيران 2016 الساعة 12 مساءً / مأرب برس - الخليج أونلاين
عدد القراءات 1916

أزمات متتالية تنهال على رأس المواطن اليمني الذي بات يواجه ثالوث الفقر والمرض والخوف من المستقبل المجهول، في ظل العقم السياسي الذي أوقف الحراك على مختلف الأصعدة، ومنها الاقتصادية، خصوصاً في شهر رمضان المبارك.

ويتجه اليمنيون إلى شراء احتياجاتهم في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، ولم تسلم منتجات الطاقة البديلة من ذلك الارتفاع، في صيف حار مع انعدام الكهرباء.

ودفع المستوى الاقتصادي المتدهور إلى إطلاق النداءات بضرورة التقدم في مسار الحلول السياسية، والتدخل بسياسات اقتصادية تنقذ اقتصاد البلاد من الانهيار الكامل، إلى جانب أهمية استمرار دعم مجلس التعاون الخليجي، الذي يمثل ركيزة بالغة الأهمية والجدوى في سد فجوة غياب مؤسسات الدولة.

الكاتب الصحافي سليم خالد تحدث عمّا أسماه "موسماً ساخناً" يتهدد المواطن اليمني في الشهر الفضيل، والأزمات المتتالية في البلاد.

وقال لـ"الخليج أونلاين" إن الموسم يشهد حرارة الصيف والأسعار، يصاحبهما انعدام للخدمات الأساسية، وفي مقدمتها انقطاع كلي للكهرباء منذ عام، بالإضافة إلى بطالة مخيفة تشكلت خلال عام من الحرب، أدت إلى توقف عديد من المشاريع والاستثمارات ومن ثم تسريح العاملين.

- الموسم يشهد حرارة الصيف والأسعار

ويرى أن ذلك لا يشكل فقط عبئاً على المواطن، بل يضعه على صفيح ملتهب من المعاناة مع انسداد شبه تام لمنافذ دخل الفرد، ومع انهيار الريال مؤخراً بات عامة المجتمع في قلق متزايد؛ فقد شهدت السلع الغذائية ارتفاعاً لافتاً، كما تحولت اهتمامات الناس قبل الشهر الكريم من توفير الكماليات إلى توفير السلع الأساسية.

ولفت سليم إلى أنه من الصعب التنبؤ بحجم وشكل الكارثة الاجتماعية والاقتصادية التي قد يسببها الانهيار الكلي للعملة، في الوقت الذي لم تعد العملة الصعبة تجد طريقاً سهلاً لتغذية الاقتصاد المحلي؛ الأمر الذي قد يلقي بظلال هذه الكارثة على دول الجوار.

المساعدات الخليجية تصدرت المشهد في اليمن وغطت حاجة آلاف الأسر، ليس في ظل الحرب خلال أكثر من عام وشهرين، بل وفي كثير من المراحل التي تعرضت فيها البلاد لأزمات اقتصادية أو لكوارث طبيعية.

ويرى اليمنيون أن أشقاءهم في الخليج تحملوا العبء الاقتصادي الذي أنتجته الحروب والسياسات الاقتصادية الخاطئة في اليمن، فبالإضافة إلى المساعدات توفر دول الخليج آلاف فرص العمل وفرص العلاج وغيرها، كما أدى مركز الملك سلمان دوراً محورياً في التخفيف من معاناة اليمنيين، إلى جانب قطر الخيرية ومختلف دول الخليج التي أسهمت إسهاماً فاعلاً في هذا المجال.

ورغم أنها تمثل مصدراً شبه أساسي لكثير من الأسر اليمنية في ظل البطالة إلا أن آخرين رأوا في المساعدات الإغاثية مصدراً آخر للفساد، خصوصاً في كثير من المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، حيث يتهمونهم ببيع تلك المساعدات أو توزيعها على غير مستحقيها، في حين يعيش آلاف المواطنين والنازحين أوضاعاً معيشية صعبة.

وفيما يتعلق بالإغاثة أشار الصحافي خالد سليم إلى أنها تعتبر مشكلة أخرى، حيث إن ما يجد منها طريقه إلى مستحقيه أقل بكثير من الذي يضل الطريق إلى مخازن النافذين أو المليشيا المسلحة، وبهذه الصورة المؤسفة لا يمكن أن تمثل الإغاثة أي عامل دعم للاقتصاد أو حتى لسد الاحتياج، فضلاً عن الإسهام في الحد من انهيار العملة.

وبينما يشكو البعض من عدم وصول المساعدات إلى مستحقيها، أكدت مؤسسات طبية احتجاز مسلحين حوثيين وقوات موالية لصالح لشحنة أدوية، في وقت تعاني مدينة بيحان في محافظة شبوه من انتشار حمى الضنك الذي قضى على 10 أشخاص ومئات المصابين، وتعيش محافظة الحديدة ظروفاً صحية سيئة.

وربط محللون الوضع الصحي والاقتصادي المتدهور بما يجري على المستوى السياسي من مشاورات، رأوا ضرورة أن تدرك جميع الأطراف اليمنية المخاطر المحدقة بالبلاد، حيث إن الانهيار الاقتصادي الكامل يجعل من عودة مؤسسات الدولة لعملها أمراً معقداً؛ وهو ما قد يشكل دافعاً آخر إلى السير بالمفاوضات نحو النجاح.

ويشهد اليمن انهياراً متسارعاً للعملة المحلية واختفاء للدولار من الأسواق؛ ما انعكس بصورة مخيفة على أسعار المواد الاستهلاكية، وشكل عامل ضغط على سلطة الانقلاب التي أصبحت عاجزة عن السيطرة على عملية استقرار العملة المحلية والأسواق التجارية؛ ما أثار مخاوف من قدرة المواطن اليمني على الاستمرار في حياة "شبه طبيعية" في رمضان.

المحلل الاقتصادي عبد الستار الطيف، عقد الآمال على حلول سياسية تفضي إلى إنقاذ العملة المحلية وعودة رؤوس الأموال ومؤسسات الدولة إلى عملها الطبيعي، وخلق حراك اقتصادي يخفف عن المواطن متاعب حياته، وعن الدولة ديونها المتراكمة.

وأضاف الطيف، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن المعادلة الاقتصادية ما تزال في مرحلة يمكن للأطراف اليمنية السيطرة عليها، في حين قد يكون من الصعب إعادة الثقة للعملة المحلية لو استمر الحال على ما هو أو ساء أكثر، إلى مزيد من العقبات والمشكلات الاقتصادية التي تجعل أي حكومة مقبلة مقيدة الحركة، وعاجزة عن التعامل مع ما أنتجته ظروف الانقلاب والحرب، ولا سبيل لذلك سوى الضغط لإنجاح المشاورات السياسية؛ للحد من التكلفة الباهظة التي سترهق الدولة في حال فشلت الحلول السلمية.

وأشار الطيف إلى أن توقف موارد الدولة والسياسات الخاطئة التي يقوم بها الانقلابيون فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد، تزيد من الضغط على الحكومة الشرعية لكونها المعنية بحماية المواطن اليمني وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار؛ لأن الجماعات المسلحة والمليشيات لا تعنيها مسؤولية إدارة البلاد والحفاظ على مؤسساتها.

وكشفت تقارير عن انهيار احتياطي البنك المركزي اليمني إلى 1.1 مليار دولار؛ منها مليار دولار وديعة من المملكة العربية السعودية لم تدفع فوائدها بعد، في حين كان الاحتياطي يفوق 4 مليارات دولار بعد دخول الحوثيين صنعاء في انقلابهم المسلح في 21 سبتمبر/أيلول 2014، كما استمر الحوثيون في طبع أوراق نقدية دون غطاء.