صالح يسارع باستخدام ما تبقى لديه من أوراق للظهور بمظهر الصامد

الأحد 21 فبراير-شباط 2016 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 2950

أكدت العديد من القيادات السياسية أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح أصبح يسارع الخطى نحو استخدام ما تبقى لديه من أوراق سياسية وكروت يلعب بها لإطالة أمد الحرب أو التهرب من ابرام أي اتفاق سلام في اليمن.

وقالت لـ»القدس العربي» ان «المخلوع صالح يريد أن يدمر اليمن قبل أن يرحل البلاد ومن المشهد السياسي بشكل عام، لأن الحرب التي يخوضها عبر قوات جيش الدولة السابق والمتمردين الحوثيين لا مبرر حقيقيا لها الا محاولة الانتقام والثأر من الشعب اليمني الذي خرج ضد نظامه في 2011 للمطالبة برحيله وإسقاط نظامه».

وأوضحت أن صالح أصبح يسارع الزمن في استخدام ما تبقى لديه من أوراق وكروت لإطالة أمد الحرب الدائرة حاليا في اليمن بين ميليشيا الحوثيين وقواته العسكرية من جهة وبين قوات الجيش الوطني والمقاومة من جهة أخرى، وذلك لتفادي تطبيق العقوبات الدولية عليه وعلى حلفائه الحوثيين.

ويهدف من مناوراته السياسية التهرب من تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة 2216 والذي يطالبه وحلفاءه الحوثيين بالانسحاب من المدن والمؤسسات العامة وتسليم السلاح للدولة، والذي وضعهم في قائمة العقوبات الدولية تحت الفصل السابع والذي يقضي بمنعهم من السفر وتجميد ممتلكاتهم وأرصدتهم المصرفية.

واستخدم صالح منذ بداية الحرب الراهنة العديد من الأوراق السياسية والعسكرية والأمنية في محاولة منه لخلط الأوراق واستمات في استثمار كل قدراته وامكانياته ومهاراته وعلاقاته التي اكتسبها ونسجها خلال الثلاث والثلاثين سنة من حكمه لليمن، والتي يرمي ببعضها كلما انزنق أو حوصر في زاوية ضيقة، في محاولة منه للخروج من أزمته وتخفيف الضغوط عليه والظهور بأنه ما زال قويا ولاعبا مؤثرا وقادرا على تحريك أوراق اللعبة.

طبعا صالح يملك مخزونا كبيرا من الأوراق التي يلعب بها بين الحين والآخر، من بينها ورقة الولاء الكبير له ولعائلته من قبل الجيش السابق وبالذات الحرس الجمهوري والذي كان يرأسه نجله الأكبر العميد احمد علي.

ومع بداية صعود نجم المتمردين الحوثيين تحالف صالح معهم واستخدمهم كغطاء لممارسة عمليات القتل والتنكيل بخصومه السياسيين، وذلك لتفادي أي مسؤوليات أو عقوبات محلية ودولية بتهم ارتكاب جرائم حرب بعد أن تضع الحرب أوزارها، واستطاع عبر ذلك أن يجتاح، بقوات الجيش السابق، المدن والمحافظات من أقصى الشمال الزيدي الى أقصى الجنوب الشافعي السني، وأخذت عمليات اجتياحه للمدن والبلدات والمحافظات في الجنوب طابعا مذهبيا طائفيا، رغم عدم وجود أي صراع طائفي أو مذهبي في اليمن، وإنما سياسي بين صالح وخصومه الذين أطاحوا به في العام 2011.

استخدام صالح لقوات الجيش السابق لم يكن سوى واحدة من الأدوات التي استخدمها لضرب كل من اعترض أو وقف في وجه ما أطلق عليه (التمدد الحوثي) والذي في حقيقة الأمر يمثل تحالف المتمردين الحوثيين وقوات صالح.

ولعب صالح أيضا بأوراق علاقاته العميقة مع قيادات القبائل الموالية له واستخدم قيادات حزبه المؤتمر الشعبي العام لتحريك القاعدة العريضة لحزبه وإجبارهم على حمل السلاح ضد كل من يقف ضد التمدد الحوثي وأقنع الكثير منهم ان المعركة معركة الجميع وأنه سيصيبهم ما أصابه، وكانت بداية المواجهة من محافظة مأرب النفطية في الشرق التي لم تسمح باجتياح الحوثيين لها ثم محافظة البيضاء التي واجه سكانها ميليشيا الحوثي وصالح بمقاومة عنيفة ولكن مقاومتها انتهت لأنها لم تتمكن أن تصمد طويلا أمام جيش دولة. وكانت الانطلاقة الفعلية للمقاومة الشعبية في محافظة عدن التي اجتاحتها قوات الأمن والجيش السابق الموالية لصالح تحت غطاء الحوثيين منتصف آذار/مارس من العام الماضي وأشعل سكانها فتيل المقاومة الشعبية والتي سرعان ما انتقلت إلى محافظة تعز القريبة لها في وسط اليمن مع وصول المجموعة الأولى إليها من قوات عسكرية حوثية تحت غطاء قوات الأمن الخاصة والزي الرسمي لهذه القوات الحكومية، والتي أشعلت أكبر وأقوى وأطول مقاومة شعبية في اليمن وما زالت أوارها مشتعلة حتى الآن والتي شكلت معركة استنزاف لقوات صالح والحوثيين، لضرب وتدمير الكروت العسكرية التي استخدمها صالح والتي كان يراهن عليها في العودة للسلطة من جديد والسيطرة على البلد من جديدة.

وفي طبيعة الحال أعطى اشتعال عمليات المقاومة الشعبية في محافظات الجنوب والوسط مبررا قويا لقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية للتدخل الجوي والمفاجئ والذي أسهم في تدمير البنية العسكرية لصالح والحوثيين وأضاع فرصهم في الاستحواذ على كل شيء في البلاد بعد أن انقضوا على مقدرات الدولة وعلى سلطتها الشرعية بعد انقلابهم عليها وإطاحتهم بالرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته.

ومع دخول قوات التحالف العربي على خط المواجهة لقوات صالح وتدمير المخزون الهائل من الأسلحة لجيشه المتمرد على السلطة الشرعية، أصبح صالح يتحرك في دوائر ضيقة لممارسة هواياته في المناورة السياسية والعسكرية، وتقلّصت فرصه في هذه المناورات ولكنها ساعدته في إعطاء انطباع بأنه ما زال قويا ومؤثرا وقادرا على الصمود رغم كل الضربات التي طالت مفاصل القوة لديه.

ومع هذا الضغط العسكري الكبير عليه من قبل المقاومة على الأرض وقوات التحالف على الجو، قام صالح بتحريك أوراق أخرى ومنها القاعدة وداعش المعروفة بولاء بعض قياداتها بحكم أنها مخترقة من قبل جهازه الاستخباري والذي أصبح يلعب دور الداعم والموجه لعملياتها العسكرية لتخدم أهدافه على الأرض التي تركزت خلال الفترة الأخيرة ضد مقدرات الدولة وقياداتها السياسية والعسكرية والأمنية والتي أعطت انطباعا عاما بأنها تعمل في خندق واحد مع الحوثيين وصالح.

ولعبت جماعات العنف وفي مقدمتها القاعدة وداعش دورا في عدم استتباب الوضع الأمني في محافظة عدن بعد عملية تحريرها من الحوثيين وقوات صالح، وأكدت العديد من المصادر الرسمية اليمنية ارتباطها المباشر بالمخلوع صالح لضرب الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة.

وكلما يتعرض صالح لضربة قوية كادت تفقده صوابه وتصيبه بالانهيار يظهر فجأة للعلن بشكل أو بآخر ويحاط بهالة إعلامية كبيرة لخلق انطباع بأن كل تلك الضربات لم تؤثر عليه وأنه ما زال قويا وقادرا على الصمود والقيام بالكثير مما يجهله خصومه. وهذا ما برز جليا قبل أيام عندما ظهر على شاشة قناته الإعلامية في خطاب متلفز لا لأي غرض سوى التأكيد على أنه لم ينهر عقب سيطرة القوات الحكومية الموالية للرئيس هادي_t•آ أهم المعسكرات في المنطقة الشرقية المؤدية إلى العاصمة صنعاء من قبل محافظات مأرب والجوف القبلية.

 

ووصف مصدر سياسي رفيع لـ»القدس العربي» المخلوع صالح بأنه «ماهر في التمرد والمراوغة والمناورة في أسوأ الظروف وهي التي ساعدته في البقاء في السلطة لنحو 33 سنة وتجاوزه للأزمات المتلاحقة والعديد من المنعطفات بمهاراته التي فاقت على خصومه».

*المصدر القدس العربي