آخر الاخبار

النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي فوز تاريخي وغير مسبوق .. أول عمدة مسلم في لندن يفوز بولاية ثالثة وانتكاسة كبيرة للمحافظين بالانتخابات حرب المظاهرات الجامعية يشتعل وبقوة وجامعات جديدة حول العالم تنضم إلى الحراك الطلابي المناصر لغزة روسيا تقلب موازين المعارك وتعلن التقدم والسيطرة وقرية أوكرانية تتحول لأنقاض مع فرار سكانها من التقدم الروسي تفاصيل فضيحة ثانية تهز ألمانيا في اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للجيش حرب ومعارك طاحنة في السودان والجيش يشعل مواجهات غير مسبوقة شمال الخرطوم لقطع إمدادات الدعم الصحة السعودية تكشف عن آخر مستجدات واقعة التسمم في الرياض رسميًا.. ريال مدريد يحصد لقب الدوري الإسباني لهذا الموسم السنوار يتحدث للمرة الأولى عن صفقة الهدنة المقترحة في غزة

التقنيات الرقمية المتقدمة وضعت حرب اليمن في الفضاء الإلكتروني

الثلاثاء 28 يوليو-تموز 2015 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - الحياة
عدد القراءات 3133

تقدّم الحرب التي يشهدها اليمن صورة حيّة عن طُرُق حضور التكنولوجيا الحديثة في الحروب المعاصرة، وأساليب التعامل معها أيضاً. وبينما صارت التكنولوجيا أداة معرفية تساهم في تبديد المسافة بين الشك واليقين، ورسم الحدود بين الحداثة والتقليد.

ويبرز ذلك بوضوح عند مقارنة الأبعاد التقنية لحرب «التحالف العربي» في اليمن، مع حرب صيف 1994 الأهلية التي قادها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لضم «جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية» في جنوب البلاد إلى «الجمهورية العربية اليمنية» في شمالها. إذ اتّسمت حرب 1994 بالتقليدية، واكتنف حوادثها الغموض والتشوّش.

وعلى عكس ذلك تماماً، تبدو الحرب التي تشهدها البلاد منذ مطلع العام الحالي، وثيقة الصلة بمستويات متنوّعة من التطوّر في المعلوماتية والاتصالات، خصوصاً ما اتصل منها بالتقنيات الحربية المعاصرة.

رادار البداوة


عبّرت الحرب عن نفسها عبر تفاصيل يومية واضحة ومستمرة كانت تنسكب على مدار الساعة في الفضاء الافتراضي للشبكة العنكبوتية، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي التي تحوّل نشطاؤها إلى مصادر للمعلومات، بل باتوا أشبه بمراسلين حربيّين. وكذلك مثّل استخدام «التحالف العربي» تقنيات متقدمة في استهدافه مواقع ميليشيا الحوثيّين والرئيس السابق صالح، وهما طرفان قادا منذ الصيف الماضي انقلاباً مسلحاً، نقطة تحوّل وضعت مسار الحرب في صورة جديدة، بل أنها بدت للكثيرين في اليمن أشبه بلعبة الكترونيّة حديثة.

صار جليّاً الدور الذي تلعبه تقنيّات الاتصالات المتطوّرة في الحروب الحديثة ومآل معاركها، إضافة إلى مساهمتها في تغطية مجريات الحرب وتوثيقها لحظة بلحظة وعلى امتداد ساحات القتال كلها.

ومنتصف الشهر الجاري، قدّمت معركة تحرير مدينة عدن اليمنية (العاصمة السابقة للدولة في جنوب اليمن)، نموذجاً ملموساً عن الدور الحاسم الذي تلعبه التقنيات الرقميّة في القتال. وبعد أشهر من القتال التقليدي، تحرّرت المدينة في غضون ساعات، عبر عملية نوعيّة أطلق عليها إسم «السهم الذهبي». ووفق المعلومات المتوافرة، لم يزد عدد المقاتلين المشاركين في العملية عن ألف عنصر مُدرّب، لكن نجاح العملية اعتمد أساساً على استخدام عربات ومصفحات عسكرية مرتبطة معلوماتياً بالأقمار الاصطناعية على أرض المعركة، والتنسيق الوثيق مع أعمال الطائرات الحربية لـ»التحالف العربي» المُكوّن من تسع دول بقيادة المملكة العربية السعودية، الذي يسعى لإجبار ميليشيا الحوثيّين وصالح على التراجع عن انقلابها والتوقّف عن قتل المدنيين. وبفضل التآزر بين شبكة الاتصالات التي يستعملها المقاتلون على الأرض من جهة، وطائرات التحالف من الجهة الثانية، صار العدو مكشوفاً أمام المقاتلين الذين تمكّنوا من تحرير المدينة بسرعة كبيرة، وكلفة بشريّة أقل كثيراً مما يحصل في الحروب التقليدية.

ومن المستطاع القول بثقة، بأن الحرب الجارية في اليمن شكّلت سابقة تاريخيّاً في التآزر بين الأساليب التقليديّة في القتال من جهة، والتكنولوجيا الحديثة للحروب من جهة ثانية.

وترتسم الصورة الاجتماعية للحرب اليمنية بين حدّي البداوة والحداثة من جهة، وبين الابداع والاتّباع من جهة ثانية. ومقابل قتال تقليدي رافقه «رفض» للتقنية عبر حجب جماعي لمواقع الكترونية يمنية وعربية مارسته ميليشيا الحوثيّين وصالح، اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي بحرب موازية للحرب الفعلية، بل ربما كانت أشد احتداماً منها أحياناً.

ومنذ اللحظات الأولى لانطلاق «عاصفة الحزم» وهي الحملة العسكريّة الجويّة الأولى لـ «التحالف العربي»، تجلّت التكنولوجيا الحديثة كأداة فاعلة ومعبّرة عن الحدث أيضاً. وعلى رغم استيلاء الميليشيا الانقلابية على معظم السلاح اليمني، بما فيه الصواريخ، ومحطات الرادار والقواعد الجويّة، إلا أن معظم سلاح الجو ودفاعاته الأرضيّة، أصيب بالشلل تحت وطأة ضربات طائرات «عاصفة الحزم» التي حسمت معركة الجو منذ اللحظات الأولى، بل أن الدفاعات الأرضيّة لم يسمع صوتها الضعيف نسبيّاً إلا في أيام تالية.

ويرى بعضهم أن الأمر لا يعود إلى أمور الفساد والتسيّب وحدهما، بل يتعلّق أساساً بطبيعة ثقافة الجيش اليمني والميليشيات الحوثيّة المختلفة. ويستدل أصحاب ذلك الرأي باستمرار اطلاق ميليشيا الحوثيّين وصالح قذائف المدافع المضادة للطائرات، على رغم اتّضاح عدم جدواها منذ البداية بأثر من التفاوت بين المديات المتواضعة لنيرانها والارتفاعات الشاهقة للطائرات المهاجمة. ولم «تفلح» تلك النيران إلا بإصابة مئات المدنيين بأثر من قذائفها الراجعة، وفق ما وثّقته منظّمات حقوقيّة مختلفة.

فأس الجنون


توصف الحروب المعاصرة بأنها «حرب صورة» بامتياز. إذ أمسكت تقنيات الاتصالات الحديثة بزمام صورتها، خصوصاً الهواتف الذكيّة التي صارت وسيلة جماهيرية لتوثيق الأحداث ونشرها لحظة وقوعها. وهكذا، وُثّقَ كثير من أعمال القتال والقصف الجوي بالصوت والصورة، من قِبَل مواطنين عاديّين صاروا مصدراً لوسائل إعلامية محلية وعربية.

وفي سياق «حرب الصورة»، أطلقت قناة «العربية - الحدث» التطبيق الرقمي «أنا أرى» الذي يعمل على الهاتف الخليوي. وأتاح تطبيق «أنا أرى» لليمنيـيـن أن يـوصلوا صور الحـرب في بــلادهم، عبر الأشرطة المُصوّرة بواسطة هواتفهم الذكيّة.

كذلك وسم حضور تقنيات المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، الحروب المعاصرة بسمات الحداثة، خصوصاً لجهة تكثيف الزمان والمكان. وصار ميدان القتال غير محدود بالجغرافيا، وصارت أحداثه وجيزة وخاطفة بل تشبه قصيدة الـ»هايكو» اليابانية.

ومقابل صعود صورة الحداثة في القصف الجوي، ظهرت صورة معاكسة تماماً عند ميليشيا الحوثيّين وصالح التي سار قتالها في نهج تقليدي يفتقر إلى الضوابط الأخلاقيّة في استخدام السلاح. وبدا سلاح الحوثيين وصالح أشبه بالفأس بيد مجنون يمكن أن يؤذي به نفسه والآخرين.

وتتهم ميليشيا الحوثيّين وصالح بارتكاب مذابح في قصفها العشوائي للأحياء السكنيّة في عدن وتعز والضالع. في حين جاءت الضربات الجوية لـ»التحالف العربي» دقيقة في معظم الأحيان. وباستثناء أخطاء أوضحت مصادر التحالف أنّها ناجمة عن معلومات خاطئة حول طبيعة الهدف، وليس بسبب انحراف في التصويب، اتّسمت الضربات بدقة بالغة وركزت الضرر على قلب المواقع المستهدفة، من دون إصابة محيطها.

وتركزت الضربات الجويّة لـ»التحالف العربي» على المعسكرات والقصور الرئاسيّة الواقعة في احياء سكنيّة مكتظّة في مدينة صنعاء، مع الإبقاء على بقيّة مكونّاتها كالسور والبوابة. وفي المقابل، حدثت أضرار ناجمة عن تهدّم منازل عشوائيّة في محيط مطار صنعاء وقاعدة الديلمي العسكريّة، بأثر من وقوع تلك المباني في حرم المطار.

وأوضحت مصادر عسكرية ومدنية أن تلك المباني لم تكن لتتأثر لو كانت السلطات اليمنية التزمت تطبيق قواعد السلامة التي تنص على ضرورة المحافظة على مسافة أمان بين الموقع العسكري والأحياء السكنية. وصار البناء في مناطق ملاصقة للمطارات والمواقع العسكرية، إحدى قضايا الفساد في اليمن.

ويؤخذ على نظام الرئيس «المخلوع» علي عبدالله صالح عدم انتهاجه الأساليب الحديثة في تخزين السلاح وتحديد مواقع المعسكرات الحربية.

وتسبّب تخزين السلاح الثقيل بما فيه الصواريخ البالستيّة، في تلال تقع بجوار القصر الرئاسي وأحياء سكنيّة، في وقوع إصابات بشريّة وماديّة، بأثر من تطاير القذائف بعد اشتعال النيران في المخازن التي قصفها الطيران الحربي.