أعلام اليمن ومؤلفوه في عمل موسوعي

الجمعة 23 أغسطس-آب 2013 الساعة 03 مساءً / مأرب برس - الجزيرة نت
عدد القراءات 4537
يحتل فن السِيَر حيزا كبيرا في مكتبة المؤلفات اليمنية قديمِها وحديثها، وتذكر المصادر التاريخية أن كتابي "طبقات الزيدية" للمؤرخ مسلم اللحجي (توفي في 545هـ -1151م)، و"طبقات فقهاء اليمن" للمؤرخ عمر بن سمرة الجعدي (توفي في 586هـ -1191م)، هما أقدم كتابين في هذا المجال.
وقد نشُط بعدهما هذا الفن فأثمر عشرات العناوين التي طبع معظمها، بتحقيق عدد من الباحثين في مقدمتهم المؤرخ الراحل محمد بن علي الأكوع، والمؤرخ عبد الله بن محمد الحبشي، والدكتور فؤاد سيد.
وقد توزعت هذه المؤلفات وفق منهجيات متعددة: منها ما كانت سيرا شخصية لعلماء وملوك، ويُذكر في هذا المجال سيرة الإمام الهادي يحيى بن الحسن الرسي لعبد الله بن عمر الهمداني، وسيرة الإمام المنصور عبد الله بن حمزة لأبي فراس بن دعثم، وسيرة الإمام محمد بن علي الشوكاني لمحمد حسين الشجني.
منهجيات متعددة
وأرخت بعض هذه المؤلفات لأعلام وفضلاء أُسَر بعينها، كما في كتاب "تحفة الدهر في أنساب آل البحر"، لمحمد الطاهر البحر، وكتاب "البنان المشير في فضلاء آل باكثير"، لمحمد بن محمد باكثير، وكتاب "أعلام آل الأكوع"، لإسماعيل بن علي الأكوع.
واتبع بعضها المنهجية المكانية، كما في كتاب "بغية المستفيد بأخبار مدينة زبيد"، لعبد الرحمن بن علي الديبع، وكتاب "تاريخ شعراء حضرموت" لعبد الله بن محمد السقاف، وكتاب "تاريخ ثغر عدن" لعبد الله بن عبد الله بامخرمة.
ومن هذه المؤلفات ما سلك المنهج الزماني كما في كتاب "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" لمحمد بن علي الشوكاني، و"نفحات العنبر في نبلاء القرن الثالث عشر"، لإبراهيم بن عبد الله الصنعاني، و"تاريخ النور السافر في فضلاء القرن العاشر"، لعبد القادر العيدروس.
واعتمدت بعض المؤلفات المنهجية المذهبية، كما في كتاب "طبقات الزيدية" ليحيى بن الحسين بن القاسم، وكتاب "أعلام المؤلفين الزيدية" لعبد السلام الوجيه. وأرخ بعضها لأعلام دول، كما في كتاب "الفصول اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية"، لعلي بن الحسن الخزرجي، وكتاب "نفح العود في دولة الشريف حمود" لعبد الرحمن البهكلي. ومنها ما اعتمد المنهجية النوعية: علماء، ملوك، شعراء، قضاة.. إلخ، كما في كتاب "السلوك" لمحمد بن يوسف الجندي.
قدمت الموسوعة ببليوغرافيا شاملة لكل المؤلفات اليمنية قديمها وحديثها، مشيرة إلى مؤلفيها، ومحققيها، وطبعاتها، وأماكن مخطوطاتها، وعدد أجزائها، ومجالاتها
مشروع العمر
ورغم هذا الثراء الكمي والنوعي في هذا الفن فإن جَمْع شتات هذه المنهجيات في عمل موسوعي واحد ظلّ حلما يراود أذهان أساطين هذا الفن من المعاصرين، ومن هنا جاءت فكرة كتاب "موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه" للدكتور عبد الولي الشميري.
ويؤكد الشميري للجزيرة نت أن العمل في هذه الموسوعة استغرق ما يزيد عن عقد ونصف العقد، بعد جمع كل المراجع والمصادر التاريخية، سواء ما كان منها مطبوعا أو مخطوطا.
ويعتبرالشميري -الذي ألّف ما يزيد عن خمسة عشر كتابا في الأدب والفكر والسياسة- هذه الموسوعة مشروع العمر، ويهدي هذا العمل الاستثنائي إلى كل الباحثين والمهتمين عبر موقع الموسوعة على شبكة الإنترنت.
ويؤكد أن الموسوعة تضمنت قرابة عشرين ألف علم في مختلف التخصصات، منذ مشرق التاريخ اليمني وإلى الراهن المعاصر من الساسة والحكام والقادة والعلماء والمؤلفين والمبرزين في نواح مختلفة من الرجال والنساء.
وأبرزت تلك السير التي كانت شاردة ومتناثرة في بعض كتب التاريخ اليمني لأعلام عظام، وقدمت ببليوغرافيا شاملة لكل المؤلفات اليمنية قديمها وحديثها، مشيرة إلى مؤلفيها، ومحققيها، وطبعاتها، وأماكن مخطوطاتها، وعدد أجزائها، ومجالاتها، كما أنها حاولت بشكل موضوعي تخليص هذا الفن من المبالغات الخارقة، والتحيزات الموقفية التي حُشيَ بها عدد غير قليل من مؤلفات السير والأعلام.
سجلّ مفتوح
الموسوعة -بحسب الدكتور فارس السقاف رئيس مركز دراسات المستقبل ومستشار رئيس الجمهورية للبحث العلمي- عمل جبار، جمع فأوعى، وتخطى الحدود الفاصلة التي وضعها علماء هذا الفن السابقون، وقدم قائمة شاملة لكل من ساهم في مجريات التاريخ ومسيرة العلوم والفنون، منذ الجاهلية، وحتى اليوم.
والجميل في الموسوعة -كما يقول السقاف- إنها لا تزال مفتوحة أمام كل القدرات والمواهب التي تتمتع بحضور إبداعي وجماهيري في العصر الحديث، وفق شروط منهجية، ومن هنا يؤكد السقاف للجزيرة نت أن هذه الموسوعة ينبغي أن تتحول من كتاب عادي إلى عمل وقفي، يستمر في طبعات متتالية وموسعة إلى ما شاء الله.
ويرى السقاف أن الموسوعة التي أصبحت اليوم مزارا للباحثين والمهتمين عبر شبكة الإنترنت مثلها في ذلك مثل غيرها من الموسوعات العنكبوتية الشهيرة لن يُكتب لها النجاح مكتملا ما لم تصدر في نسختها الورقية، خاصة وأن الكتاب لا يزال هو الوسيط الأول لدى المؤسسات العلمية والثقافية ومراكز البحث والقراء في اليمن.
ويؤكد الشميري بدوره أن النسخة الورقية سترى النور قريبا، وأن الموسوعة "سُلمت لإحدى دور النشر البيروتية، غير أن أمورا فنية ومالية تحول -بشكل مؤقت- دون صدور الطبعة الأولى في مجلداتها الضخمة العشرة، مشيرا إلى أن طبعات أخرى شعبية ومتنوعة ستلي هذه الطبعة وعسى أن يكون ذلك قريبا".

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة ثقافة