أصدقاء اليمن : الحكومة اليمنية قطعت أشواطاً على طريق الإصلاحات .. والمانحون سيتصدون لمعرقلي العملية السياسية

الخميس 07 مارس - آذار 2013 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 6575

دعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج المجتمع الدولي إلى دعم العملية الانتقالية في اليمن.

واضاف هيج في ختام مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن الذي انعقد في لندن اليوم، إن الحكومة اليمنية "أحرزت تقدما في صياغة الدستور الجديد للبلاد، وفي ضمان حقوق اليمنيين للمشاركة في الانتخابات العام المقبل".

وحذر هيج "من يحاول عرقلة العملية الانتقالية وإفسادها في اليمن"، مشيرا إلى أن الدول المانحة "ستتصدى له بقوة وحزم".

وزير الخارجية الالماني د. جيدو فيسترفيلِه قال إن التطورات في اليمن وصلت إلى مرحلة على درجة كبيرة من الأهمية.  

مشيرا الى ان الرئيس هادي وحكومة الوفاق تمكنوا من قطع أشواط مهمة في مجال الإصلاحات والمصالحة ، إلا انه لا تزال هناك تحديات ابرزها الإرهاب والقوى الانفصالية التي قال انها " تشكل خطراً يهدد حياة اليمنيين وتماسك البلد".

وأعلن وزير الخارجية الالماني عن تخصيص جمهورية ألمانيا الاتحادية إضافي بواقع مليون ونصف يورو، لدعم الحوار الوطني والمصالحة في اليمن.

أن الدول المانحة اتفقت على مرحلتين من الدعم لليمن، الأولى مع الحوار الوطني المقرر بعد أيام، والثانية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل.

والقى وزير الخارجية البريطاني وليام هيج في بداية المؤتمر كلمة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الذي اكد فيها التمسك بكافة الالتزامات في تنفيذ ما تبقى من خطوات المبادرة الخليجية وإنهاء هذه المرحلة بالصورة التي تعزز ثقة المانحين والمجتمع الدولي بإرادة الانتقال باليمن إلى عهد جديد تحفظ وحدته وأمنه واستقراره .

وتضم مجموعة أصدقاء اليمن 29 دولة هي الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ومملكة البحرين وسلطنة عمان والأردن ومصر والجزائر وتونس والولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا واليابان وتركيا وهولندا واستراليا وكوريا الجنوبية والبرازيل وماليزيا والجمهورية التشيكية والدنمارك والهند واسبانيا واندونيسيا وسويسرا وإيطاليا.

أما المنظمات الإقليمية والدولية فتشمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والبنك الاسلامي للتنمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

استعراض الوضع الاقتصادي

وقدم وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي تقريراً حول مستجدات الوضع الاقتصادي في إطار البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012-2014 والذي تناول ثلاثة محاور :ركز في المحور الاول على التطورات المستجدة في الوضع الاقتصادي، وتناول في المحور الثاني، التقدم في تخصيص التعهدات، وتنفيذ إطار المسئوليات المتبادلة بين الحكومة والمانحين.. بينما ركز في المحور الثالث على الخطوات المستقبلية المطلوبة من الحكومة والمانحين.

وأوضح الدكتور السعدي في تقريره أن اليمن شهد كغيره من بلدان الربيع العربي خلال عام 2011 حراكاً شعبياً في مختلف المحافظات يطالب بتغيير النظام وبناء اليمن الجديد، وتزامن مع تلك الأحداث تدهور المشهد السياسي وانفلات الأمن. وبالنتيجة، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للسكان بصورة حادة.. وقال :"واستجابة لتطلعات المواطنين، وتنفيذاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي نصت على إعداد وتنفيذ برنامج للاستقرار الاقتصادي والتنمية كمسار ملازم للمسار السياسي، تم إعداد البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012-2014 كخطة تنموية للمرحلة الانتقالية تستهدف استعادة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وتعزيز بناء الدولة". موضحا أن من الأولويات العاجلة للبرنامج المرحلي استكمال الانتقال السلمي للسلطة واستعادة الاستقرار السياسي و تحقيق الاستقرار الأمني وتعزيز سيادة القانون وكذا تلبية الاحتياجات الإنسانية والمادية الطارئة مع تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي في حين تركز أولوياته على المدى المتوسط على تنشيط النمو الاقتصادي للحد من البطالة و تطوير منظومة الحكم الرشيد لتعزيز بناء الدولة وتحقيق تطلعات الشباب والمرأة وتنمية الموارد البشرية فضلاً عن تحسين البنية التحتية وتوسيع الحماية الاجتماعية وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين بيئة أداء الأعمال.

وأوضح أنه خلال الفترة الماضية من المرحلة الانتقالية، تحققت الكثير من الانجازات الاقتصادية ومنها انخفاض سعر صرف العملة الأجنبية واستقراره، تراجع معدل التضخم، السيطرة على عجز الموازنة العامة، وتحسن مستوى توفير السلع والخدمات الأساسية.

وأشار إلى أنه في جانب حشد الدعم التنموي الخارجي،أسفر مؤتمر المانحين المنعقد في الرياض واجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك بإعلان تعهدات لليمن بلغت في حدود 8 مليارات دولار ساهمت في تغطية 67% من حجم الفجوة التمويلية للبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية البالغة 11.9 مليار دولار.. مبينا أن كثير من المانحين قطع شوطاً كبيراً في تخصيص تعهداتهم المالية، حيث وصلت نسبة تخصيص التعهدات إلى 74% من إجمالي التعهدات.

واستطرد وزير التخطيط والتعاون الدولي قائلا:" ومع أهمية تلك الانجازات، فهناك الكثير من التحديات التنموية المزمنة والمستجدة ومنها تفاقم مشكلة البطالة والفقر (54% من السكان تحت خط الفقر)، وقصور الخدمات العامة بما فيها خدمات الأمن والقضاء، وتكرار أعمال التخريب لأنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء، وتكاليف إعادة إعمار المناطق المتضررة، وتكاليف تثبيت الأمن ومكافحة الإرهاب، ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع عجز الموازنة العامة عام 2013 الذي بات يهدد ما تحقق من استقرار اقتصادي كلي".

وأردف :" ولمواجهة تلك التحديات، تعمل الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الوطنية بمفهومها الواسع والتي ستحتاج إلى وقت قبل جني ثمارها، أما على المدى القصير، توجد حاجة ماسة إلى دعم أشقاء وأصدقاء اليمن من أجل العبور الآمن للمرحلة الانتقالية والتأسيس لغدٍ أفضل".

واستعرض التطورات المستجدة في الوضع الاقتصادي.. موضحا أنه رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها اليمن، فقد شهد الوضع الاقتصادي تطورات إيجابية تبعث الأمل بإمكانية تجاوز التحديات وصنع مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

ولفت إلى أنه يمكن استعراض أبرز تلك التطورات من خلال جملة من المؤشرات الاقتصادية وفي طليعتها النمو الاقتصادي.. حيث يتوقع أن يصل معدله إلى رقم موجب (3.5%) خلال عام 2012 مقابل معدل نمو سالب بلغ (-15.3%) عام 2011.. مرجعا سبب ذلك بدرجة أساسية إلى استعادة التعافي الجزئي في الوضع السياسي والأمني، وتوفير المشتقات النفطية والتحسن النسبي في توفير الطاقة الكهربائية.. وقال :" وللدفع بعجلة النمو الاقتصادي، فمن المهم تحقيق الاستقرار وتوفير الطاقة بصورة مستدامة، بجانب تقوية الأطر القانونية والمؤسسية لمنظومة النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد".

وتناول الجهود المبذولة للحد من البطالة .. موضحاً أن البطالة تعد إحدى أهم التحديات التي تواجه التنمية وتساهم في تقويض الاستقرار السياسي والأمني في البلاد خاصة وأنها تتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 52.9%.. وقال :" واستجابة لمطالب الشباب، قامت الحكومة بتوظيف أكثر من 70 ألف حالة جديدة, ومع أهمية هذه الخطوة في تحسين الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للسكان إلا أنها شكلت عبء كبير على الموازنة العامة للدولة وبجانب ذلك، تسعى الحكومة إلى توسيع القدرة الاستيعابية للبرامج كثيفة العمالة بما يواكب تدفقات المساعدات الخارجية".

وتابع :" وفي مسار مواز، تعول الحكومة للحد من البطالة على استيعاب العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية، والتسريع بإتاحة تعهدات المانحين للإنفاق على برامج إعادة إعمار المناطق المتضررة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية".

وبشأن توفر السلع والخدمات الأساسية.. أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أن الحكومة استطاعت إحداث استقرار تمويني في السلع والخدمات الأساسية عبر تجاوز حالة الاختناقات التموينية التي شهدتها البلاد خلال عام 2011، حيث تم التغلب على أزمة المشتقات النفطية بتوفيرها بشكل كاف في مختلف المناطق، وينطبق نفس القول على مادة الغاز المنزلي. وفي نفس الاتجاه تم استعادة ضخ المياه إلى المنازل في العاصمة صنعاء، وتحسن أداء عمل الكهرباء والتي للأسف ما تزال تشهد انقطاعات بين فترة وأخرى لأسباب تقع خارج سيطرة الحكومة، بما يتطلب سرعة التعاطي معها بشكل حازم.

وتطرق الدكتور السعدي إلى وضع الموازنة العامة للدولة .. مبينا أن الحكومة استطاعت السيطرة على عجز الموازنة لعام 2012 الذي لم يتجاوز 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي.. وقال :" وما كان لذلك أن يتحقق لولا الدعم المباشر للموازنة من قبل الأشقاء والأصدقاء وخاصة المنح السخية من المشتقات النفطية المقدمة من المملكة العربية السعودية، وكذلك تبني الحكومة حزمة من السياسات المالية لرفع كفاءة تحصيل الإيرادات والحد من النفقات غير الضرورية، إضافة إلى تنفيذ إصلاحات جادة بما فيها رفع الدعم جزئياً عن المشتقات النفطية".

وتابع :" وخلال عام 2013، يتوقع بلوغ عجز الموازنة 9.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ونظراً لارتفاع العجز وصعوبة تمويله من مصادر حقيقية، ستعمل الحكومة على رفع كفاءة تحصيل الإيرادات ومواصلة ضبط وترشيد النفقات".. موضحا في هذا الشأن أن الموازنة العامة تواجه بجانب التحديات الهيكلية المزمنة صعوبات مستجدة بسبب عبء النفقات الإضافية للمرحلة الانتقالية والمتمثلة بـ (نفقات التوظيف الجديد، إعادة الإعمار والتعويضات للشهداء والجرحى، تكاليف استعادة الأمن ومحاربة الإرهاب). وكذلك، ما تتكبده الموازنة من خسائر ناجمة عن أعمال التخريب المتكررة لأنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء".

وأردف :"ولتجاوز تلك الصعوبات وتحسين قدرة الحكومة على تقديم السلع والخدمات العامة، تبرز الحاجة لحشد الموارد الخارجية على شكل منح نظراً لضعف استدامة المديونية. وكذلك، تقديم دعم مباشر للموازنة، وإعفاء الموازنة من المساهمة الحكومية في تمويل المشاريع الممولة من تعهدات المانحين".

وبشأن استقرار سعر الصرف وتراجع معدل التضخم.. أوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي أن الحكومة تمكنت من خفض سعر صرف العملة الأجنبية والمحافظة على استقراره عند حوالي 215 ريال مقابل الدولار، وأن الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي ارتفعت من 4.5 مليار دولار في عام 2011 إلى 6.2 مليار دولار في نهاية 2012". مرجعا ذلك إلى الوديعة النقدية المقدمة من المملكة العربية السعودية بمبلغ مليار دولار، والسيطرة على عجز الموازنة العامة، ومن ثم تحسن الثقة في الاقتصاد الوطني.. إلا أنه أكد في ذات الوقت أن التحدي يظل في ضمان استدامة ذلك الاستقرار.

وكشف الوزير السعدي عن تراجع معدل التضخم لأسعار المستهلك من 23.2% عام 2011 إلى 5.8% عام 2012. . معتبرا ذلك مكسبا هاما لتقليص الآثار السلبية على الحياة المعيشية للسكان وخاصة ذوي الدخول المحدودة.

وتطرق إلى التقدم في تخصيص تعهدات المانحين المعلنة في مؤتمر الرياض واجتماع اصدقاء اليمن بنيويورك .. موضحا أن المؤتمر والاجتماع شكلا محطة هامة في حشد الدعم التنموي الخارجي لسد الفجوة التمويلية (11.9 مليار دولار) لأولويات ومشاريع البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012-2014.. وقال :" لقد بلغت إجمالي تعهدات المانحين حوالي 8 مليارات دولار، و ساهمت في تغطية حوالي 67% من الفجوة التمويلية.. الأمر الذي عكس إدراك المانحين لأهمية الدعم التنموي والإنساني كمسار مواز وداعم لإنجاح التسوية السياسية ولمساندة جهود حكومة الوفاق الوطني خلال هذه المرحلة الانتقالية الحرجة في استعادة الاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية والحد من البطالة والتخفيف من الفقر".

وأردف قائلا:" إن الجهود التي بذلت خلال الشهور الماضية (سبتمبر 2012- فبراير 2013) توجت بتخصيص حوالي 6 مليارات دولار، وبما نسبته حوالي 75% من إجمالي التعهدات.. حيث تم توقيع اتفاقيات التمويل على حوالي 2.7 مليار دولار أي ما نسبته 33.6% من إجمالي التعهدات.. بينما بلغت المبالغ المنصرفة حوالي 1.8 مليار دولار بما نسبته 22.5% من إجمالي التعهدات".. موضحا أن مستوى التقدم في تخصيص التعهدات وإنفاقها يتفاوت من مانح إلى آخر.

واستطرد قائلا:" وفي ظل محدودية الموارد المحلية وضخامة الاحتياجات الملحة وقصر الفترة المتبقية من عمر المرحلة الانتقالية، فمن المهم تسريع استكمال تخصيص تلك التعهدات وإتاحتها لتمويل أولويات ومشاريع الاستقرار والتنمية. . كون ذلك سيفضي بالضرورة إلى تدعيم الاستقرار الكلي وتعزيز ثقة المواطن في جدوى التسوية السياسية وصنع مستقل أفضل.. فضلاً عن تفويت الفرصة على عناصر الإرهاب والتخريب في استقطاب بعض الشباب واستغلال حاجتهم لبلوغ مراميها التخريبية.. مشددا أن اليمن يمر بظروف استثنائية، مما يستوجب التوقف عن نهج "العمل كالمعتاد"، والتجاوب معه بشكل سريع بما يضمن تحقيق النجاح خلال المرحلة الانتقالية.

وفي حين أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أن الموازين والمؤشرات الاقتصادية الكلية شهدت تحسناً خلال عام 2012، شدد في ذات الوقت أنه يصعب ضمان استدامة ما تحقق بسبب الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها اليمن ومنها ارتفاع عجز الموازنة العامة 2013. . موكدا أن نجاح الفترة الانتقالية، يستوجب تضافر جهود كل من الحكومة والمانحين، لتحقيق جملة من الخطوات.

وأوضح في هذا الشأن بأن على الجانب الحكومي سرعة استكمال إنشاء الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب التعهدات ليقوم بأداء مهامه على الوجه المطلوب وكذا تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المحددة في وثيقة الإطار المشترك مع التحضير للاجتماع الأول رفيع المستوى لمتابعة نتائج مؤتمر المانحين المقرر انعقاده في صنعاء، أبريل 2013.. بينما ينبغي على المانحين الإيفاء بتسريع تخصيص تعهداتهم وإتاحتها للأنفاق واعتبار التعهدات المقدمة في الرياض ونيويورك 2012 بأنها موارد جديدة وتقديمها على شكل منح وليس قروض وكذا تغطية تكاليف تمويل المشاريع الجديدة الممولة من التعهدات بنسبة 100%، وإعفاء مساهمة الحكومة في التمويل فضلا عن التأكيد على أهمية تخصيص التعهدات وفقاً لأولويات برامج ومشاريع البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012-2014 وتزويد الحكومة بخطط تأشيرية للسحب من التعهدات.