عملية السبعين الانتحارية.. هل هي أولى العمليات الجراحية التي سيجريها صالح أثناء رقوده في المستشفى؟

الإثنين 21 مايو 2012 الساعة 11 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 17561
 
لم يتأخر تنظيم القاعدة في إعلان مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف ظهر اليوم الاثنين، وحدات من قوات الأمن والجيش اليمني في ميدان السبعين بصنعاء، رغم أن تنظيم القاعدة، عادة ما كان يتأخر في إعلان تبنيه لأي عملية 24 ساعة على الأقل.

لقد أثارت هذه العملية الانتحارية، تساؤلات عدة في الشارع اليمني، الذي لم يقتنع بأن تنظيم القاعدة قد تمكن من اختراق السياج الأمني لأهم منطقة في العاصمة اليمنية، دون أن يكون هناك تواطؤ وتسهيلات تلقاها لتنفيذ عمليته الإرهابية.

الرئيس عبد ربه منصور هادي في خطابه الذي وجهه، مساء اليوم، للشعب اليمني بمناسبة الذكرى الـ22 للوحدة اليمنية، قال بأن الشهداء الذين سقطوا اليوم في ميدان السبعين "ضحية" ما وصفه بالغدر والخيانة والإرهاب، ويشير اختياره لمصطلح «الخيانة» إلى أن هناك جهات سهلت لتنظيم القاعدة تنفيذ عمليته الانتحارية.

الفرقة الأولى مدرع كانت بعض وحداتها متواجدة في ميدان السبعين أثناء الحادث، استعدادا للمشاركة في العرض العسكري المقرر تنظيمه غدا بمناسبة ذكرى إعادة الوحدة اليمنية، جنبا إلى جنب مع الوحدات العسكرية الأخرى، في الأمن المركزي والحرس الجمهوري التي كانت قبل أشهر تخوض مواجهات مسلحة فيما بينها، قبيل التوقيع على المبادرة الخليجية.

لم تحمل الفرقة الأولى مدرع في بيان صادر عن قوات الجيش المناصرة للثورة الشبابية السلمية، العناصر الإرهابية، فقط، مسؤولية الحادث، ولكنها حملت الداعمين لها أيضا المسؤولية، وطالبت بسرعة التحقيق في ملابسات الحادث، ومحاسبة من يقف وراء منفذيه، والمتهاونين من الأجهزة الأمنية.

الأيام التي سبقت الحادث

في بيانه الذي صدر مساء اليوم، أعلن تنظيم القاعدة بأن عمليته الانتحارية في السبعين تعتبر ردا على ما وصفها بالحرب الأميركية ضد أنصاره في محافظة أبين، وتوعد بالمزيد من العمليات في كل مكان إذا لم تتوقف الحرب ضده في أبين.

والسؤال الذي يبرز في هذا السياق، هو لماذا اختار تنظيم القاعدة هذا التوقيت بالذات للرد على ما وصفها بالحرب الأميركية ضده في أبين، خصوصا وأن هذه الحرب ليست جديدة، فهي مستمرة منذ أكثر من عام، منذ سيطرته على أبين؟

الأحد قبل الماضي، وصل مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان، إلى صنعاء في زيارة تزامنت مع تواجد وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر أحمد، في عدن لتدشين معركة الحسم النهائي ضد تنظيم القاعدة في محافظة أبين.

وعقب لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي بمساعد الرئيس الأميركي بيوم واحد، وبالتحديد يوم الاثنين 14 مايو الجاري، أعلنت وزارة الداخلية بأن أحد عناصر القاعدة تمكن من التسلل إلى العاصمة صنعاء، وقالت بأنه ينوي تنفيذ تفجير انتحاري بواسطة سيارة مفخخة.

وقالت الوزارة في بيان لها، يومها، بأن الأجهزة الأمنية تكثف البحث عن المشتبه به «عبد الله جابر الشبواني»، وأشارت إلى هناك معلومات أكدت نيته تنفيذ عملية إجرامية داخل أمانة العاصمة.

وأوضحت الوزارة، حينها، بأن الشبواني يستخدم سيارة من نوع لاند كروزر «حبة وربع طربال» رصاصية اللون موديل 2009، وتحمل لوحات عليها لاصق الطير الجمهوري، ووجهت الوزارة الأجهزة الأمنية باليقظة العالية واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لمواجهة ما وصفته بالأعمال الإرهابية المحتملة، وشددت على ضرورة إجراءات التفتيش في المنافذ المؤدية للعاصمة لمنع تسلل أي عناصر أخرى من تنظيم القاعدة.

وفي الـ16 من مايو الجاري نقلت شبكة سي إن إن الأميركية عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، قوله بأن هناك معلومات استخبارية تحذر من هجمات إرهابية محتملة ينوي تنظيم القاعدة تنفيذها في قلب العاصمة اليمنية، وحدد المصدر قلب العاصمة بالتحديد، وقال بأن الأجهزة الأمنية في حالة تأهب قصوى.

وأشار المصدر إلى أن هناك إجراءات أمنية مشددة فرضت على السفارات الأجنبية والمحيط الدبلوماسي في صنعاء، إثر تحذيرات إرهابية محتملة، وهجمات انتحارية يخطط لها القاعدة ضد أهداف في صنعاء، وذلك بالتزامن مع العمليات العسكرية التي كانت تشنها القوات العسكرية واللجان الشعبية لاستئصال القاعدة من محافظة أبين.

تشتيت الانتباه الأمني

قبل يوم واحد من حادث السبعين، نفذ تنظيم القاعدة عملية أعلن مسؤوليته عنها في محافظة الحديدة، استهدفت ثلاثة خبراء عسكريين أميركيين، أصيب منهم واحد ونجا آخران، وقال التنظيم بأن هؤلاء الخبراء كانوا يقودون المعارك ضده، ويدربون القوات اليمنية.

ربما تمكن تنظيم القاعدة من تشتيت انتباه الأجهزة الأمنية، التي اتجه اهتمامها إلى محافظة الحديدة، وإلى البعثات الدبلوماسية الأجنبية والسفارات في صنعاء، دون أن يلاحظ أحد بأن التنظيم كان يستعد لتنفيذ عمليته الأكبر في صنعاء، التي قال بأنها كانت تستهدف وزير الدفاع، ومن وصفهم بـ«قادة الحرب الأميركية ضده في أبين».

وفي ذات اليوم نشر تنظيم القاعدة كلمة لأمير تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، ناصر الوحيشي، التي توعد فيها بجيل جديد من «الاستشهاديين»، وهاجم فيها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، متجاهلا الرئيس هادي، في سياق تنديده بما وصفها بالحرب الأميركية ضد أبناء أبين.

إعلان مرض صالح

وفي الليلة التي سبقت الحادث أعلن الحزب الحاكم عبر موقعه على شبكة الإنترنت بأن الرئيس السابق علي عبد الله صالح نقل إلى المستشفى لإجراء عمليات جراحية، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها عن نقل صالح إلى المستشفى، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الهدف والمغزى من إعلان دخول صالح المستشفى.

وفيما كان الشارع اليمني لا زال منشغلا بالتساؤل عن ماهية العمليات الصغرى التي سيجريها صالح، أثناء مكوثه في المستشفى، تناثرت أشلاء الجنود في ميدان السبعين، دون سابق إنذار، الأمر الذي دفع البعض إلى الربط بين الإعلان المفاجئ لدخول صالح المستشفى، وبين الحادث، على اعتبار أن صالح كان على علم بالأمر، وحرص على أن يكون متواجدا في المستشفى لإبعاد الشبهات عن نفسه.

وذهب البعض إلى تحليل مضمون إعلان دخوله المستشفى، من خلال القول بأن هذه العملية الانتحارية هي العملية الصغرى التي قال صالح بأنه سيجريها خلال مكوثه في المستشفى، بانتظار العمليات الكبرى التي يخطط لها.

التساؤل الأهم هنا، هو كيف تمكن تنظيم القاعدة من اختراق السياج الأمني لأكثر منطقة في العاصمة تحصينا، في هذا التوقيت بالذات، ولماذا لم يتكمن من ذلك عندما كان يحتشد أنصار صالح في ميدان السبعين لتأييده، إذا كان ما قاله صحيحا بأن هذه العملية انتقام للمتظاهرين في ساحات التغيير، وفقا لما جاء في بيانه بخصوص العملية مساء اليوم.

علامات استفهام حيرى

هناك العديد من علامات الاستفهام التي لا زالت تبحث عن إجابات شافية، بخصوص الحادث، لعل أهمها: كيف تمكن الانتحاري من الدخول إلى ساحة العرض بصفته أحد الجنود المشاركين في العرض العسكري؟، وإذا كان أحد الجنود المشاركين في العرض لماذا لم يتريث إلى الغد لتنفيذ العملية، ولماذا اختار أن ينفذها أثناء التدريب على العرض العسكري؟

وإذا كان الهدف من العملية وزير الدفاع، لماذا فجر نفسه على بعد 30 مترا منه، وما هو المانع من اقترابه أكثر من الوزير، بدلا من تفجير نفسه وسط سرية للأمن المركزي؟

ثم لماذا أعلن الإعلام الموالي لصالح لأول مرة عن دخوله المستشفى، رغم أن حالته الصحية عادة ما يتم التكتم عليها، وفي بعض الأحيان كان يتم إنكار دخوله المستشفى، ومهاجمة وسائل الإعلام التي تكشف حالته الصحية؟

كما يتساءل الصحفي والمحلل السياسي اليمني المقيم في الولايات المتحدة، منير الماوري، عن سبب استعداد أنصار صالح في موقع التفجير بالكاميرات، رغم أنه يوم تدريب على العرض وليس يوم العرض، حتى تتواجد وسائل الإعلام، وقد نقلت قناة اليمن اليوم الموالية لصالح صور الحادث لحظة التفجير من زوايا مختلفة، وكأنها كانت على علم مسبق بالحادث.

كما يتساءل الماوري عن سبب وصول عناصر الأمن القومي قبيل الحادث، وهل كان وصولهم للإشراف على الحادث، أم أنه استعداد لإجلاء الضحايا؟

ويضيف الماوري، متسائلا عن مغزى تصريح الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام، عشية الحادث، عن إحباط محاولة انقلابية، ومخطط تصفوي لرجال الدولة، بمن فيهم خصمه اللدود المشير هادي، وما هو معنى قول البركاني بأن المخطط يتمثل في انتشار مسلحي حزب الإصلاح في أحياء العاصمة في ساعة الصفر للاستيلاء على الدولة، حسب قوله.

كما يتساءل الماوري: هل جريمة السعبين مخطط مستمر أم عمل منعزل، وهل هي آخر مسمار في نعش النظام؟، وهل هذه هي العمليات الصغيرة التي قيل بأن صالح سيجريها أثناء وجوده في المستشفى، ويا ترى ما هي العمليات الجراحية الكبرى التي يخطط للقيام بها؟

الأكثر إثارة للجدل

الأمر الأكثر إثارة للجدل، على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك هو ما نشرته صفحة إخبارية موالية للنظام السابق قبيل الحادث، بأن هناك «مفاجأة تفجير بمناسبة عيد الوحدة».

وأثارت هذه الصفحة جدلا واسعا، بسبب استباقها للحادث بهذا الخبر، حيث قالت شبكة شافي جروحه الإخبارية في خبر عاجل لها قبيل الحادث، بأن هناك مفاجأة تفجير يوم الثلاثاء، الأمر الذي أثار جدلا واسعا على فيسبوك بأنه كان هناك علم مسبق بالحادث لدى بعض الجهات الأمنية الموالية للنظام السابق.

ويفسر القائلون بهذه الفرضية بأن صالح أراد إحراج نظام خلفه هادي، أمام الرأي العام والأمريكان في ذكرى الوحدة، ووضعه أمام اختبار صعب لإثبات عدم قدرته حتى على تأمين عرض عسكري للوحدات الأمنية والعسكرية.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة