آخر الاخبار

محللون: النزول إلى الشارع جاء في وقته وأنقذ المعارضة من احتضارها السياسي

الجمعة 12 مارس - آذار 2010 الساعة 01 صباحاً / مأرب برس- خاص- نشوان العثماني:
عدد القراءات 13717

ازدادت الأوضاع سوءا, وخرجت المعارضة اليمنية إلى الشارع في خطوة غير مسبوقة, تضامنا مع قوى الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية, داعية السلطة إلى القبول بحوار وطني شامل وتحت رعاية دولية وعربية, وإلى إلغاء عسكرة الحياة المدنية في المحافظات الجنوبية وبقية المحافظات.

الخميس, الحادي عشر من مارس 2010, أقدمت أحزاب اللقاء المشترك على خطوة قالت عنها الناشطة الحقوقية توكل كرمان بأن لها ما بعدها, في حين قال الدكتور محمد الظاهري إنها وإن أتت متأخرة أفضل من ألا تأتي, وأضاف الدكتور عبد الله الفقيه أن التلويح بورقة الشارع جاء في وقته, ووافقه الرأي الدكتور قاسم المحبشي في مسألة "المراهنة على الشعب", في صراع الديمقراطية الذي يكون وسط الجماهير.

فكثيرا ما أعيبت أحزاب اللقاء المشترك, طبقا للظاهري, من عدم استخدام الأدوات السلمية في النزول إلى الشارع, وكان من اللافت للنظر أن جميع قيادات أحزاب المشترك خرجت في أمانة العاصمة صنعاء صبيحة 11/3/2010 وافترشت مدرجات ملعب الظرافي تحت أشعة الشمس لأكثر من ساعتين من الزمن, وظلت تسمع الخطاب الذي كان يجلد الحاكم, أو كما سماه البعض بـ"العائلة الحاكمة", التي تلقت هجوما لاذعا في أزل نزول إلى الجماهير.

يقول الدكتور محمد الظاهري- أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء إن المعارضة قد اتخذت قرارا في استخدام آليات التعبير السلمي لممارسة حقها الدستوري والقانوني في النزول للشارع وتدشين الاعتصامات في كثير من المحافظات, مشيرا إلى أن حضور قيادات المشترك في اعتصام الخميس 11/3/2010 في صنعاء, كان ملفتا للنظر, إذ أن "كثيرا ما كنا نعيب على المعارضة ترددها أو انتقالها من حالة الاستضعاف السياسي إلى حالة الاحتضار السياسي".

وأكد الظاهري لـ"مأرب برس" أن المعارضة اليمنية ممثلة باللقاء المشترك اتخذت قرارا واضحا في تصعيد الاحتجاجات في إطار الوصول إلى انعقاد مؤتمر الإنقاذ الوطني, منوها إلى أن الاعتصامات في كثير من المحافظات دليل على تآكل تجربة النخبة الحاكمة وقياس مدى قدرة النظام السياسي في التعامل مع الأوضاع المتعثرة التي عجز فيها عن استيعاب مطالب المحكومين.

إلا أن الظاهري أبدى خشيته من أن تتحول المعارضة السلمية إلى معارضة عنيفة ومسلحة خاصة في ظل عجز النظام على زرع الأمل في المشاركة بصنع القرار.

الدكتور قاسم المحبشي- أستاذ الفكر السياسي بجامعة عدن, اعتبر قيام المشترك بالنزول إلى الشارع والتضامن مع قوى الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية "خطوة ممتازة جدا".

وأضاف لـ"مأرب برس" أن وقوف المعارضة مع حقوق الإنسان في الجنوب حيث يتعرض الجنوب لاجتياح عسكري من قبل السلطة خطوة في الإطار الصحيح "حتى وإن رفض الحراك الجنوبي هذه الخطوة إلا أنها هذبت المشاعر".

وأشار إلى أن ما قامت به المعارضة يعد "قضية الواجب" التي "لابد أن تعملها", لتشعر الناس أنه تحس بهم, مبديا أسفه الشديد من أن السلطة أحدثت شرخا عميقا بين الشمال والجنوب.

في حين رأى الدكتور عبد الله الفقيه- أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء أن "التلويح بورقة الشارع جاء في وقته؛ لأن ركون السلطة إلى الأدوات الأمنية في معالجة المشاكل السياسية في الجنوب أمر له خطورته البالغة بالنظر إلى الاحتقان الموجود في الشارع الجنوبي وما يمكن أن يؤدي إليه توظيف أدوات العنف من نتائج وخيمة تتصل بالحاضر والمستقبل", مع أن "الشعب الجنوبي غير مسلح وإن حمل بعض أبنائه السلاح".

وأوضح لـ"مأرب برس" أن "ساكني المحافظات الجنوبية لهم مطالب طرحوها باستمرار وبشكل سلمي", مبينا أنه "إذا كان هناك تصاعد للعنف والخروج على الدستور فالحل هو الحوار الجاد الذي يسعى للحفاظ على الوحدة وليس المزيد من التصعيد للعنف الذي يضيق فرص الحفاظ على الوحدة".

إلى ذلك, كان موقف الأجهزة الأمنية, وربما الرسمية مضادا في الاتجاه الآخر, فقد وصف اللواء الركن حسين صالح الزوعري- نائب وزير الداخلية الاعتصام التضامني الذي أقامته أحزاب اللقاء المشترك في العاصمة صنعاء مع المحافظات الجنوبية بأنه إشارة خضراء للخارجين عن القانون لمواصلة جرائم قتل الأبرياء ببطاقة الهوية على طرقات ردفان، والحبلين، والضالع، وزنجبار وتحريضا لهم على الاستمرار في أعمال السلب والنهب وقطع الطرقات.

وأوضح لـ"مركز الإعلام الأمني" بأن اعتصام أحزاب اللقاء المشترك هو تضامنا مع القتلة والخارجين على القانون الذين ارتكبوا في بعض مديريات المحافظات الجنوبية أعمالا إجرامية وتخريبية وقاموا بإحراق المحلات التجارية والبسطات التي يملكها مواطنون من المحافظات الشمالية وبدافع من الكراهية والبغضاء بين أبنائه ولشق وحدة المجتمع.

وكان رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح قد شن هجوما لاذعا ضد أحزاب اللقاء المشترك الاثنين الماضي في كلمة له بالأكاديمية العسكرية, والتي وصفها بـ"القوى الحاقدة والمريضة الحالمة بالسلطة, والتي تريد هدم المعبد".

وأبدى الرئيس صالح أسفه من توقيع حزبه الحاكم اتفاق فبراير مع قوى المعارضة, والذي تم بموجبه الاتفاق على تأجيل الانتخابات النيابية التي كان مقررا عقدها العام الماضي إلى عام 2011, موضحا أن الاتفاق كان "غلطة المؤتمر, وكان ينبغي أن تجرى الانتخابات النيابية في وقتها", مشيرا إلى أن أحزاب المشترك افتعلت أزمة وجرجرت المؤتمر إلى توقيع اتفاق فبراير, "وهذا خطأ فادح", إذ "كان المفروض أن تجرى الانتخابات النيابية" في موعدها, "سواء شاركتم فيها أم لم تشاركوا فأنتم أحرار, ومقاطعتكم لأي انتخابات تندرج في الإطار الديمقراطي".

وكما يبدو, فإن حديث رئيس الجمهورية قد أحدث شرخا عميقا في العلاقة مع اللقاء المشترك, وخصوصا مع حزب التجمع اليمني للإصلاح ما أدى بالخروج, دون أي توان, إلى ساحة الميدان, ليبدأ اللعب السياسي بورقة الجمهور مباشرة, في ظل تحديات كبيرة تعصف بالوطن اليمني باتت تهدده بالرجوع إلى ما قبل 22 مايو 1990.

الدكتور الظاهري حذر من أن اليمن كانت مهيأة نفسيا ووطنيا لإعادة تحقيق الوحدة, لكن قيادتها السياسية لم تكن مهيأة سياسيا وثقافيا لتفعيل التعددية السياسية والديمقراطية, "وبالتالي كانوا وحدويين وليسوا ديمقراطيين ومن هنا يمكن فهم الصعاب التي تواجهها التجربة اليمنية", مشيرا إلى أن الأحداث الراهنة في المحافظات الجنوبية تومئ إلى فشل النخبة الحاكمة في ترسيخ مفهوم الوحدة من خلال التعدد.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء أن اليمن تعيش أزمة شاملة خاصة في ظل وجود إرادة سياسية مكبلة, وفي ظل فقدان الأمل السياسي لدى بعض القوى السياسية, وقال الظاهري إنه ما زال يصرخ "أن الوطن الواحد والموحد لا يحتمل الفساد والديكتاتورية والوحدة معا", مبينا أن "الواقع اليمني لم يعد مهيئا لقبول الوحدة من دون ديمقراطية أو نهج ديمقراطي, فلا ديمقراطية مع تجزئة وتشطير, ولا وحدة مع فساد واستبداد".

وفي ظل الخطوة التي قامت بها المعارضة اليمنية في النزول إلى ميدان الجماهير, قال الدكتور المحبشي إنها بدأت بخطوة ممتازة "لكن الأهم هو تواصل الفعاليات للتضامن مع الجنوب", موضحا أن الأهم من ذلك هو "الاعتراف بالجنوب في أنه توحد مع الشمال في الوقت الذي لم يكن فيه لينتظر أن يحكمه أحد من حاشد أو غيرها", منوها إلى أنه "على علي عبد الله صالح أن يعرف أننا على درجة متساوية معه ولن نخضع بعد اليوم".

ومن ذلك, فإن "مستقبل الحياة السياسية لا يبعث على التفاؤل في ظل الجمود السياسي للسلطة وفي ظل اتساع الهوة بين مصالح الحاكم ومصالح مواطنيه", كما يرى الدكتور عبد الله الفقيه.

ويضيف الفقيه- أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء, أن "الجميع في الداخل والخارج يحاول إخراج البلاد من المأزق الذي تجد البلاد نفسها فيه إلا أن الخطاب الرئاسي الرسمي يؤشر في اتجاه آخر تماما ويزيد قلق الداخل والخارج على الوضع في اليمن".

الخوف من العودة إلى الماضي موجودة عند مختلف القوى السياسية والسياسيين, ويأخذونها بمحمل الجد, وليس بأنها مناورة سياسية تسعى للحصول على أعلى حد من المكاسب, فـ"تفاعل المعارضة السياسية السليمة الممثلة بالمشترك مع الاحتجاجات الجنوبية عبارة عن خطوة في طريق تعميق الوحدة اليمنية خصوصا تجاه دعوات فك الارتباط", بحسب الدكتور محمد الظاهري الذي اعتبر خطوة المشترك "وإن جاءت متأخرة إلا أنها خيرا من ألا تأتي".

إلا أن الظاهري- أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء, نبّه النخبة الحاكمة إلى أن "التضييق على الاعتصامات وقمع المظاهرات يدفع إلى فقدان المعارضة السلمية للأمل والأدوات السلمية", مبديا خشيته من "تحوّل الأدوات السلمية إلى العنف كوسيلة للتعبير عن المطالب, وبالتالي الخشية من انتقال اليمن من مرحلة حمل الأعلام التشطيرية في المحافظات الجنوبية", وهي ما أسماه بمرحلة عض الأصابع "إلى مرحلة حمل البندقية وتحوّل الحراك السلمي إلى حراك مسلح".

إلا أن المرحلة القادمة تتطلب مزيدا من التصعيد, فالحاكم في أي دولة, وفقا للدكتور قاسم المحبشي- أستاذ الفكر السياسي في جامعة عدن, لن يتنازل عن أية مطالب أو حقوق ما لم تكن هناك قوة رادع له, مشيرا إلى أنه من الجميل أن تبدأ المراهنة على الشعب, في الصراع الديمقراطي الذي عادة ما يكون وسط الجماهير.

وأي كانت الأسباب, فإن الأيام القادمة كفيلة بالرد على كثير من التساؤلات التي أثارتها خطوة المشترك في النزول إلى حيث الجماهير, ما بين الاستمرار في تصعيدها لمواصلة الانفصال الأبدي بين الحاكم والمعارضة التي ظلت تُتهم بعلاقتها المشبوهة به, وبين إعادة تسجيل المفاجآت بالقبول بما ترميه القوة السياسية الحاكمة في سلة الأحزاب التي لم تستطع العودة إلى مربع الحكم منذ أكثر من عقد ونصف العقد, كتهدئة آنية تسعى إلى اكتساب الزمن بأقل الخسائر.

وقد أجمع الأكاديميون والمحللون من جامعتي صنعاء وعدن على الترحيب بخطوة الإحساس بالجماهير, وإن أتت متأخرة, إلا أن السؤال المطروح هو ما مدى جدية أحزاب المشترك في إيجاد البدائل وتصعيد اعتصاماتها في ظل ما يشهده النظام الحاكم, الذي أضحى يواجه أزمة مركبة, كما وصفها محمد سالم باسندوة- رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني, في حين يطرح السؤال أيضا عن مدى استجابة القوى الأخرى مع الدعوات التي وجهتها المعارضة في الالتفاف حول حوار وطني لا يستثني أحدا على أن يكون برعاية أممية وعربية وإقليمية, ومن ثم ما المستقبل الذي تنتظره اليمن؟.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن