مأرب برس في منطقة القرعان تلتقي المختطف هائل بشر- ابن عم شاهر عبد الحق ووكيل أعماله

الخميس 11 يونيو-حزيران 2009 الساعة 09 مساءً / لمأرب برس – خاص: عبدالله الشليف
عدد القراءات 15342
 
 

هايل عبده بشر– رجل أعمال يمني, يقارب الستين من العمر,وقع قبل أربعة أسابيع ماضية في قبضة اختطاف حديدية بمنطقة كهوف القرعان المخيفة بمأرب من قبل شخص لم يسمح لأحد أن يراه أو يستفسر عن حاله, رغم كل المحاولات التي بذلها الكثير من أجل اللقاء بابن عم شاهر عبد الحق المخطوف, والتوصل إلى مشهد حاله التراجيدي الحزين في قبضة المختطف الصلب.

ثلاثة ثعابين ظهرت علي مرة واحدة" هكذا قال بشر لـ(مأرب برس) واصفا حاله في كهف اختطافه, بينما كان يحكي عن واقعه بشيء من الخوف والرهبة ,لحظة ظهورنا عليه في كهف إقامته الإجبارية بمنطقة كهوف القرعان النائية, عندما ظهرنا عليه فجأة وهو ما لم يكن ينقصه من الخوف والتوجس. .

أكثر من أربعة أسابيع مضت على أختطافه - أصبح بعدها المسن هايل بشر – بطل قصة اختطاف أخرى تضاف إلى رصيد الاختطافات السابقة في محافظة مأرب التاريخية, وبعد قصص الاختطافات التي عاشها كل من عمر السعدي الذي أختطف وهو عريس إلى بني ضبيان وظل هناك قرابة ال8 أشهر منسيا , ومن ثم أختطف بعده نجل الخامري وأطلق سراحه قبله , وبعد جهود صحفية مضنية أبرزها موقع (مأرب برس) في إبراز قضيته ومعاناته للرأي العام حالت دون أن لبثه في الخطف بضع سنين.

يتسائل البعض كيف تستطيع الوصول إلى الخاطفين؟ ,سؤال كان ولا يزال السؤال الأول الذي أواجهه من الزملاء ومن أقارب المخطوفين , البعض يسأله بدافع الاستطلاع والبعض والله أعلم بشيء من الشك والريبة.

قصة الاختطاف بدأت عند لجوء الخاطف محسن ساري إلى منطقة القرعان وتربعه مع أفراد أسرته ونسائه عندهم, وفي محاولة منه لإنقاذ مما سماه اغتصاب شاهر عبد الحق لأرضيته التي أدخلت الطرفين (القرعان وشاهر) في سلسة من الجولات في المحاكم والنيابات, تكللت كما يقول الخاطف بحصوله على أحكام صريحة لصالحه وموكلة, قبل ان يصطدم حضه بعدم قدرته – أو أي أحدا ما على تنفيذها , كون الطرف المحكوم عليه - كما يقول الخاطف – كان شاهر عبد الحق, الذي يعد هايل بشر وكيلا لأعماله- وهو ما لم نجد منه رد حتى اللحظة .ليلجأ بعدها القرعان إلى الوسيلة الأسرع والأكثر جلبا للحض وجذبا للانتباه ... والمتمثلة في قرار إختطاف هايل بشر وكيل الغريم شاهر, في قضايا الأراضي لتدخل القضية بعدها في نفق جديد وتعتيم إعلامي غير مسبوق.

وليظل بعدها موقف شاهر عبد الحق وإخوانه فيما يخص حادثة اختطاف ابن عمهم ووكيل أعمالهم - غامضا كغموض شاهر نفسه , فصمتهم وسكوتهم هذه المدة الطويلة يدل كما يقول بعض المحلليين - على ضعف موقفهم وهو مايفسره ظهور الخاطف بمظهر المتحدي وقبولة التصوير ونشر صورته وكلامه في الصحف والمواقع الإلكترونية مشفعا ذلك بالوثائق والأحكام التي تدل كما يقول على صدق إدعاءه وملكيته للأرض المتنازع عليها .

اليوم يتكلم أقرباء المخطوف وبعض المسؤلين عن الحملة العسكرية التي توجهت إلى هناك ,وحقيقة الأمر أن هذة الحملة المكونة من سبعة أطقم من الأمن المركزي تتمركز على بعد ما يقارب 35كم من بداية منطقة الخاطفين .فقد أخطأت طريقها بداية الأمر وتوجهت نحو قرية\" ملح \" التي تقع فيها مساكن الشيخ سنان أبو لحوم و\"ومحجر النعيمات\" لكنها عادت أدراجها بعد ليلة صعبة من الإشتباكات مع مجهولين على مشارف تلك القرى وهو ماحدا بالمشايخ للتدخل لإنقاذها وسحبها إلى منطقة بران وبالتحديد \"قاع الغولة\" بجوار معسكر الحرس الجمهوري المتمركز في بران التابع إداريا لمحافظة صنعاء . فالحملة الأمنية في محافظة صنعاء والخاطفون في محافظة مأرب والمسؤلين هنا يتبجحون بقيام الأمن بمهامه . ترى بعينك عندما إن كنت مسافرا عبر خط مأرب – صنعاء الأطقم العسكرية مستظلة تحت شجر الطلح في منطقة\" الغولة\" لا تحرك ساكنا ولا تسأل أحدا عن شيء إلى أن يحين وقت الغداء والقات فيذهبون لجلبهما ويواصلون بذات الطريقة مهمتهم العسكرية . .

عندما سألت أحد المتواجدين هنالك : ماذا يعمل العسكر هنا؟ أجاب بضحكة ساخرة\"يتقصدوا الله من ظهر شاهر عبدالحق\" وها يكفي .

يبدو أن المصايب تتوالى على رجل الأعمال المرموق شاهر عبد الحق فمن مشلكة أبنه فاروق المتهم بقتل صديقته النرويجية والمطلوب حاليا للقضاء البريطاني إلى الأزمة المالية العالمية التي يرى مراقبون أن مجموعة شاهر تكبدت خسائر فادحة فيها, إلى اختطاف ابن عمه ووكيل أعماله هايل بشر والدخول مع مثل هؤلاء القبائل في مشاكل غير مأمونة العواقب هو مالم يكن ينقص.

 كادت محاولاتي للقاء المخطوف وبالطبع الخاطف تبوء بالفشل, فعلى مدى الأسابع الاربعة الماضية التي تلت إختطافة قمت بمحاولات مضنية للوصول إليه, لكن كل محاولاتي إصطدمت بصخرة إصرار الخاطف على عدم السماح لأي كان بعمل مقابلة صحفية ,وفي لحظة كاد اليأس يسيطر على موقفي تذكرت أحد أقاربهم جمعت بيننا الصدف في القاهرة نهاية العام الماضي ,كان الرجل حينها مصاب بطلق ناري في بطنه إثر مشكلة داخلية مع بعض القبائل ,وعندما ساءت حالته الصحية نتيجة للعلاج السيئ في اليمن قرر السفر للعلاج في القاهرة وكنت حينها مرافق لأحد أبناء عمومتي في رحلة علاجية في القاهرة ,وعند أحد الأصدقاء هناك قابلته في اليوم الأول لوصوله ونشأت بيننا علاقة صداقة أسفرت عن سكنه في معنا بنفس الشقة وتوليت مهمة مرافقته أثناء إجراء عملية جراحية له وبقية مراحل علاجه ,كان ممتنا كثيرا فهو غريب في القاهرة وكان وجودي هناك قد سهل له الكثير من المتاعب .عندما اتصلت له بخصوص الاختطاف أبدى استعدادا كاملا للتعاون معي وإقناع الخاطفين بذلك كنوع من ما سماه رد الجميل ,ليس هذا وحسب بل قام بمرافقتي إلى هناك مغامرا بنفسه في النقاط العسكرية متجشما عناء السفر من إحدي مديريات محافظة بعيدة و التي يسكن فيها لرعي أغنامه إلى مكان الخاطفين .

لم أشعر في حياتي بتعاطف مع أحد مثلما شعرت بالتعاطف مع رجل أعمال تعيس الحظ كهايل عبده بشر-.ذلك أن مظهره وحدته المفاجئة تبعث على الشفقة والرحمة عند من يراه, ناهيك عن حديثه الذي يقطع القلوب ويثير الأحزان .

كنت أول شخص من غير الخاطفين يسمح له بالالتقاء به ,كلمني وكأنه يعرفني منذ سنوات ,ورغم أحزانه ومآسيه إلا أن فرحه بلقائنا كان واضحا وجليا .

وهو ما أدركه أيضا هايل بشر عندما قال لـ(مأرب برس) :كويس أنك صورتني في هذا المكان ومع هؤلاء المسلحين لتنقل معاناتي للعالم ليدرك ما أعانيه عل الفرج يكون قريب \" .

والحقيقة أن كل الخاطفين الذين قابلتهم في أعمالي الصحفية المتعددة لا يختلفون كثيرا عن سائر أبناء اليمن وإن كانوا في الغالب يتمترسون وراء مطالب ظاهرها حق ويتحصنون في مناطق شديدة الوعورة .ولكل قضية خطف قمت بتغطيتها قصة مختلفة لكنها في المجمل لا تختلف عن سابقاتها .

في الحقيقة لم أكن أتوقع أن يكون المخطوف هايل بشر قد بلغ ذلك السن ,كنت أتخيله شابا يافعا فإذا به قد قارب السبعين من عمره. .

فهايل بشر المخطوف المحتجز إجباريا في كهوف القرعان المخيفة يعتبر الذراع الأيمن لشاهر عبد الحق وإخوانه ,فهو إبن عمه ووكيل أعماله خاصة فيما يخص الأراضي والعقارات . كان وما يزال رفيق درب شاهر وعمل أمين صندوق لمجوعته الصناعية والتجارية منذ بداية الستينات إلى مطلع التسعينات ليتولى قطاع الأراضي والعقارات ,القطاع الأكثر إدرارا للمال والأسرع ربحا وطبعا الأكثر مشاكل .

في عام 1967م وأثناء حصار صنعاء وبينما طار شاهر عبد الحق وإخوانه إلى القاهرة خوف من نهب محتمل للعاصمة صنعاء من قبل القبائل أو الملكيين لم يبارح هايل بشر فندق دار البشائر الذي كانت تديره يوم ذاك شركة شاهر وإخوانه ذلك أنه كان يوم ذاك أمين الصندوق والمسؤول الأول عن الفندق فظل فيه متسلحا بسلام (جرمل) طويلة لحراسته وبعزم لا يلين, وفي عام 2005 كاد أن يقتل على يد مجموعة من حاشد إثر خلاف على أرضية انتهى بعد ذلك بتدخل من قبل أبناء مجاهد أبو شوارب وتم تسوية المسشكلة , عندما إلتقيته بدا للوهلة الأولى منهكا جدا ربما لكبر سنه وربما لماعانا من أهوال , لم تكن رحالتنا إلى هناك بالشيء السهل ,ولم تخلو بالطبع من المخاطر ,فالتوجس الكائن لدى الخاطفين من كون الصحفي جاسوسا عليهم بدا واضحا. فجميع الخاطفين كانوا ملثمين سوى زعيمهم ناجي التام , وهو مايعكس حالة الحذر والخوف التي هم فيها,حكى المخطوف لي كيف ينقلونه من جبل إلى آخر ,أحيانا في وقت متأخر من الليل وبينما يكون نائما يتم إيقاظه بطريقة مزعجة لنقله إلى كهف جديد لدواعي أمنية. أما بالنسبة للأكل فيقول :آكل فقط ما أتعيش به ويحافظ على حياتي .بالطبع يقدموا له الأكل المعروف عندهم ,لكنهم كبدو رحل لهم أكلاتهم الخاصة بهم والتي لا يستصيغها سواهم. وجدته يشعر بالإحباط والمرارة ويشعر أن من كان يبذل كل جهده لهم قد خذلوه . ضغط على ذراعي قبل مغادرتنا المكان وبلهجته التعزية المعروفة قال بمرارة ليس لها نظير: \"نسونا\" ولم يوضح أكثر من ذلك. شعرت بمعاناته من الإرهاب النفسي الذي مارسة الخاطفون علينا في نقاط التفتيش التابعة لهم رغم إبلاغهم بوصولنا وكذلك أثناء انتظارنا لوصوله من كان احتجازه المجهول , ومن خلال منظر السلاح الكثيف الذي يحملونه وحالة التأهب القصوى التي يعيشونها فهمت الحالة النفسية والقلق الكبير الذي يعاني منه نتيجة ذلك .فهم لا يفتأون استعراض أسلحتهم المختلفة خاصة الثقيلة منها وحديثهم الدائم عن إستعداهم الكامل لأي مواجهه محتملة مع العسكر.عندما ودعته كان خائر القوى يمشي برجلين متثاقلتين ,أجزم أنه لم يكن يريد العودة إلى تلك الكهوف المخيفة والممتلئة بالثعابين أبدا .