آخر الاخبار

أطفال اليمن أول ضحايا الكوليرا والميليشيات منعت وصول مليون لقاح

الأربعاء 19 يوليو-تموز 2017 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - الحياة
عدد القراءات 2533

  

لا تملك أم محمد (38 عاماً) ثمن مغذيتين وريديتين يفترض إعطاؤهما لطفليها محمد (9 سنوات) وأمجد (6 سنوات) واللذين يتقاسمان معها الإصابة بوباء الكوليرا، ويرقدان اضطرارياً بجوارها على سرير واحد، في مركز الجراف الطبي شمال العاصمة صنعاء، والذي يستقبل إلى جانب المراكز الأخرى الحالات المصابة بالإسهال المائي الحاد، والمشتبه بإصابتها بوباء الكوليرا .

تحاول أم محمد أن تحتج ولكن بإنهاك واضح لإهمال طفليها بجوارها، وعدم إنقاذهما عوضاً عنها، لتحتد في وجوه العاملين بالقول: «انزعوا المغذية عني وأعطوها لأحد أبنائي، أو دعونا نموت، أهون من هذا الهوان».

لا تفتقر أم محمد وحدها لما هو مطلوب منها لإنقاذ طفليها، فهناك العشرات من الحالات ممن ضاقت بهم المراكز الطبية، فافترشوا أرضية الغرف، والأروقة، كما يفتقرون أيضاً إلى ثمن السوائل الوريدية والمواد العلاجية المفترضة، إذ تم إبلاغ الحالات المتكدسة وقيد انتظار العناية بنفاد كمية المواد في المركز، ما يعني أن يتكفل المرضى بشراء ذلك من الصيدليات الخارجية.

لا جدوى من محاولات أم محمد، وآخرين، في الاحتجاج ضد ما أعلن عنه من نفاد كمية العلاج، وحتى طمأنة الممرضين لهم بتوقع وصول الكمية في غضون وقت قصير لم تنجح في تهدئة الموقف. غير أن أحد العاملين ظهر في شكل مفاجئ حاملاً كمية معقولة من المتطلب العلاجي، معلناً للمرضى توافر الكمية الكافية للحالات المسجلة حتى ذلك الوقت على الأقل، وأوضح العامل أنها مقدمة «من فاعلي خير» وتابع: «سيموت الناس إذا ما انتظرنا الحصة المطلوبة من الجهات المعنية».

 

يفترشون الأروقة... ويشترون الدواء!!

وأمام تزايد أعداد الحالات المصابة والمشتبه بها على نحو يومي، تواجه المراكز المخصصة لمكافحة الكوليرا، ضعف الطاقة الاستيعابية للعناية بالمرضى، ما يضطر هؤلاء الأخيرين إلى افتراش بلاط الغرف والأروقة، وتقام مخيمات صغيرة في المساحات المفتوحة للمراكز.

عدنان الرحبي، مسؤول المركز أكد شح الدعم الذي يتلقاه مركزه بالنظر إلى تزايد أعداد الحالات المصابة والمشتبه بها، وقال: «نتلقى دعماً ضئيلاً من المواد العلاجية الخاصة بمكافحة الوباء، ونواجه في كثير من الأحيان نفاد الكمية، ما يجعلنا نضطر إلى إبلاغ المرضى بشراء ذلك من الصيدليات الخارجية»، نافياً أن يكون هناك «تلاعب أو متاجرة».

وأفاد الرحبي بأن «عدد الحالات الوافدة إلى المركز منذ 8 أيار(مايو) وحتى 30 حزيران (يونيو) وصل إلى 1500 حالة، معظمها من الأطفال»، مشيراً الى أنه «تم اعتماد المركز كأحد المراكز (الإروائية) ويتم دعمه على هذا الأساس، على رغم طبيعة حالات الإصابة التي تستدعي دعمه كمركز علاجي متكامل».

 

أخطر ما يواجهه اليمنيون

ويشهد اليمن أخطر حالة وبائية منذ أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2016، وتحول إشكالات بيئية ومائية وصحية، فضلاً عن ظروف الصراع المسلح، من دون نجاح احتواء التفشي المريع للوباء. وطبقاً لمنظمتي اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، فإن الوضع «يبقى في غاية الخطورة على رغم كل الجهود المبذولة في هذا الاتجاه».

ووفق منظمة الصحة العالمية، فقد ارتفع عدد الوفيات بسبب وباء الكوليرا، ليصل حتى السبت الماضي إلى 1770 حالة وفاة، من بين 339 ألف حالة إصابة بالإسهال المائي الحاد تم رصدها منذ 27 نيسان وحتى السبت الماضي.

القائم بأعمال ممثل اليونيسف شيرن فارقي أكد في مؤتمر صحافي عقد مؤخراً في صنعاء أن 5000 حالة إصابة بالوباء تسجل يومياً نصفها من الأطفال. وقال: «طبقاً للإحصائيات المتوافرة لدى المنظمة فإنه في الدقيقة الواحدة يبلغ عن إصابة طفل بالوباء». وزاد: «ما يجب أن يكون معلوماً أن حوالى مليوني طفل يمني يعانون سوء التغذية، وهؤلاء إذا ما ناموا فإنهم ينامون ببطون خاوية، وقد لا يرون النور في اليوم التالي».

ولفت فارقي في حديثه إلى أن «الملايين من اليمنيين يواجهون في الأساس سوء التغذية. وهذه هي الرافعة التي جعلت من الإسهالات المائية الحادة والكوليرا في هذه الحدة والانتشار»، وقال: «اليمن يشهد أسوأ وباء على الإطلاق من حيث تسارعه وتفشيه بصورة غير مسبوقة».

بالضرورة معالجات بيئية ومائية!!

وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن نيفيو زاجاريا، أن «جهود الاستجابة متواصلة ومكثفة وأن المنظمة تعمل على مدار الساعة مع شركائها الدوليين وشركاء آخرين ومتطوعين تم حشدهم لهذه المهمة.

وقال في المؤتمر الصحافي ذاته: «إننا قدمنا وما زلنا نقدم كل ما بوسعنا أن نقدمه للسلطات الصحية في اليمن من أجل محاصرة الوباء والتقليل من حالات الوفيات»، مستدركاً: «هناك مناطق تصل فيها نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بالوباء إلى 0,6 في المئة، وتقل عن هذا المعدل في مناطق أخرى».

وكشف نيفيو عن تخصيص نحو 200 مليون دولار كمنحة جديدة مقدمة من البنك الدولي لدعم قطاعي الصحة والمياه في اليمن، وانه يجرى التفاوض حالياً في شأن زيادة 150 مليون دولار، لمواجهة وباء الكوليرا، غير انه شدد في هذا السياق على ضرورة تكامل جهود السلطات في اليمن، مع جهود الاستجابة الدولية لاحتواء تفشي الوباء.

وقال: «ما لم تتم معالجة الإشكالات في قطاعات البيئة والمياه والصحة، فإن الوباء سيأخذ في الانتشار»، داعياً السلطات إلى سرعة معالجة الإشكاليات التي تحول دون احتواء تسارع الوباء، وفي المقدمة منها التخلص من المخلفات التي تتسبب في التلوث البيئي وإصلاح منظومة الصرف الصحي.

 

طوارئ وتحذيرات!!

الحكومة الشرعية في اليمن وبسبب ما وصفته بالتفشي «المخيف» للوباء منذ 27 نيسان (أبريل) الماضي، أعلنت على لسان رئيسها أحمد عبيد بن دغر مطلع الشهر الجاري رفع مستوى حالة الطوارئ في القطاع الصحّي.

وفيما تواصل منظمتا اليونيسف والصحة العالمية تحذيراتهما من خطر تفشي الوباء، قالت البعثة الدولية للصليب الأحمر: «إن المنظومة الصحية في اليمن على وشك الانهيار بالتزامن مع تفشي الكوليرا بمعدلات غير مسبوقة». وتابعت في بيان نشرته على موقعها الرسمي: «إن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بوباء الكوليرا في اليمن مرتفع، إذ إن واحداً من كل مائتي يمني يشتبه في إصابته بالوباء».

وعلى رغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لمواجهة الكوليرا في اليمن، إلا أنها تواجه العديد من العقبات التي تعيق تحركاتها على الأرض، بخاصة من جانب الميليشيات الحوثية، وهو ما دفعها إلى تعليق قرار سبق وأعلنته منظمة الصحة العالمية منتصف شهر حزيران الماضي لإرسال نحو مليون جرعة لقاح إلى اليمن.

وقال الناطق باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندمير في مؤتمر صحافي الثلثاء الماضي في جنيف، أن جهود التطعيم في اليمن أمرٌ صعبٌ بسبب انعدام الأمن، وأشار إلى أن جرعات اللقاحات التي تم تحديدها في الأصل للشحن إلى اليمن ربما ترسل إلى بلدان أخرى مهددة بالكوليرا حيث يمكن استخدامها في شكل أكثر فاعلية.

وأكد منسق الأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك، أن خطط التطعيم الوقائي تنحت جانباً، مشيراً إلى أن هذا التغيير سببه العقبات التي تعترض توصيل اللقاحات بسبب الصراع الذي أصاب النظام الصحي في البلاد بالشلل، وأعاق الوصول إلى بعض المناطق المهددة بالمرض المعدي.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن