آخر الاخبار

الحوثيون ينفذون عقابا جماعيا بحق اليمنيين ويتسببون في انهيار اقتصادي غير مسبوق والجوع يقض مضاجع الموظفين "تقرير حصري"

السبت 15 إبريل-نيسان 2017 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - خاص - وحدة التقارير
عدد القراءات 2644

 

تعيش اليمن التي تشهد حرباً منذ مارس/أذار 2015، خصوصا تلك المحافظات التي تقع تحت سيطرة سلطات الانقلابيين، تعيش أوضاع انسانية ومعيشية صعبة، وباتت على حافة المجاعة، فبينما فقد نحو 3 مليون يمني وظائفهم بالقطاع الخاص، يعيش موظفو القطاع الحكومي للشهر السادس على التوالي بدون مرتبات.

وفي أحدث البيانات الأممية منذ أيام، حذر المنسق الأممي في اليمن، ماكغولدريك، من تفاقم الأوضاع الكارثية في هذا البلد، وقال إن "أكثر من 17 مليون شخص غير قادرين حالياً على إطعام أنفسهم بشكل كافٍ وأصبحوا مجبرين بشكل متكرر على اختصار الوجبات الغذائية الضرورية"، فيما "يوجد سبعة ملايين يمني لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية وهم أقرب إلى المجاعة من أي وقت مضى"، وفق تعبيره.

وانتهج الحوثيون منذ سيطرتهم على صنعاء سياسة طرد الموظفين وقطع الراتب عن معارضيهم واستبدالهم بعناصرهم ومن يؤيدهم ويواليهم، ومع قرار الحكومة الشرعية نقل مقر البنك المركزي إلى عدن، قطعوا عن مئات آلاف الموظفين رواتبهم، مما أدخل أكثر من مليون موظف حكومي في دائرة الحاجة والجوع.

صدام أبو عاصم وهو صحفي وموظف يمني سُرح من وظيفته في الرئاسة اليمنية، أكد ان "كل ما وصلنا إليه يتحمل وزره الحوثيون وصالح الذين انقلبوا على الشرعية، وأعلنوا الحرب ضد اليمنيين واستدعوا التدخل العسكري الخارجي بتصرفاتهم الحمقاء ".

وقال أبو عاصم في حديث لـ"مأرب برس"، "تتزايد رداءة الوضع الاقتصادي والمعيشي بالتزامن مع رداءة الواقع الأمني في مختلف أنحاء البلاد، وتتحمل سلطة الامر الواقع مسؤولية الجوع والمرض والضنك المعيشي في المناطق التي تسيطر عليها".

 

وأضاف: "هذا لا يعفي الحكومة الشرعية من تحمل مسؤوليتها أيضا، فهي من ينتظر منها اليمنيون أن تبحث لهم عن مخرج لأنها سلطة شرعية والمجتمع الدولي معها ع هذا الأساس أما جماعة الحوثي وصالح فهم بمثابة عصابة".

فقر الموظف وثراء الحوثي

وامتنع الحوثيون، الذين استحوذوا على أموال الدولة وإيرادات مؤسسات ومرافق الحكومة، عن دفع رواتب الموظفين بمؤسسات الدولة الذين يقدر أعدادهم بأكثر من مليون ومئتي ألف موظف من المدنيين والعسكريين، بعد قيام الحكومة الشرعية بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.

وتسبب قطع الرواتب عن الموظفين المدنيين أكثر من أربعة أشهر، منذ سبتمبر/أيلول الماضي، في معاناة كبيرة للموظفين وأسرهم، وزاد ضنك معيشتهم اليومية جراء انقطاع الرواتب، وتفاقمت الحالة الاقتصادية والحياتية المتردية بصورة غير مسبوقة، ورأى كثيرون أن ما يتعرضون له عقاب جماعي من "الانقلابيين" بحق الشعب.

وفيما بات الموظفون لا يمتلكون أي دخل يسد رمقهم، وأصبح الجوع يقض مضاجعهم لعدم تسلم رواتبهم منذ ستة أشهر، الا انهم في ذات الوقت يرون أمام أعينهم قادة وعناصر الانقلاب يثرون من نهب أموال الدولة والبنك المركزي الذي سطوا على ما فيه من احتياط نقدي من العملات الأجنبية والمحلية، وصاروا أثرياء يشترون بمئات الملايين الفلل الفارهة والعمارات العالية والعقارات والمزارع والأراضي الخالية.

وبات الاحتقان الشعبي والغضب المكبوت يعتمل بشكل متزايد في صفوف الموظفين والعاملين بالمؤسسات الحكومية، وينذر بثورة جياع عارمة ضد مليشيا الانقلاب الحوثية، التي تحكم سطوتها بالقوة على مفاصل الدولة، وتجابه أي تحركات شعبية بالرصاص، في وقت تواصل فيه سياسة الملاحقة والاعتقال والقتل خارج القانون، لأي شخص يشتبه بأنه يناوئ الانقلاب أو يؤيد السلطة الشرعية.

شبح الحوثي

وتتحمل سلطات الحوثي مسؤلية التردي الاقتصادي ونهب الاحتياطي النقدي للبلد، وتأخر رواتب الموظفين، فقد نهبت مليشيا الحوثي الاحتياطي النقدي للبنك المركزي (في صنعاء) البالغ قرابة 5 مليارات دولار، إضافة غلى نهب نحو 400مليون ريال من العملة المحلية، بحسب مصادر حكومية.

كما تتهم الحكومة الشرعية، المتمردين بسحب ما يصل الى 1,8 مليار دولار من احتياطات المصرف لغرض التمويل الحربي. كما افاد تقرير لجنة خبراء تابعة للامم المتحدة، ان الحوثيين كانوا يسحبون ما يصل الى 100 مليون دولار من المصرف شهريا، وان احتياطه تراجع من اربعة مليارات دولار في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، الى 1,3 مليار دولار.

الصحفي اليمني ياسين العقلاني، أكد لـ"مأرب برس"، ان "الوضع الإنساني يزداد سوء يوما بعد يوم، وأن اليمنيين باتوا على مقربة من المجاعة رغم محاولات الحكومة الشرعية والتحالف العربي لتفادي الوصول إلى وضع اكثر سوء".

وأشار العقلاني الذي يقيم في إحدى المحافظات التي تئن من حصار الحوثيين لها منذ عامين، الى ان "الأزمة بدأت تتفاقم بعد توقف صرف مرتبات الموظفين، وقيام الانقلابيين بصرف المخزون المالي للدولة كمجهود حربي لمليشياتهم أثناء سيطرتهم على البنك المركزي في صنعاء.

وقال: "إضافة إلى ذلك فان سلطات الانقلابيين (الحوثي – صالح)، لازالت تتحكم بميناء الحديدة، وتستولي على قوافل الاغاثة الدولية وتبعيها في السوق السوداء لتمويل الحرب، الأمر الذي تسبب في تفاقم الأزمة".

جهود حكومية

وقررت الحكومة اليمنية منتصف سبتمبر/أيلول الماضي نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، بعد قيام الحوثيين والمخلوع صالح بنهب خمسة مليارات دولار من احتياطي البنك المركزي، ونحو تريليوني ريال يمني من مؤسسات الدولة والحكومة، وتسخيرها لتسيير وإدامة العمليات العسكرية ضد قوات الشرعية، وفقا لرئيس الوزراء اليمني.

وتعمل الحكومة الشرعية منذ قررت نقل البنك الى عدن، بكل جهد بعد نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن، للتخفيف من معاناة المواطنين واستطاعت في وقت قياسي طباعة العملة ودفع رواتب القوات المسلحة والأمن، وبدأت بدفع رواتب موظفي الدولة في عدد من المحافظات.

وفي الوقت الذي تكرس فيه الحكومة جهودها للبدء في صرف مرتبات موظفي الدولة وبصورة منتظمة إلا أن الميليشيات الانقلابية تقوم بوضع العراقيل والعقبات أمام مهام الحكومة الرامية إلى إنهاء معاناة الموظفين وصرف رواتبهم في مختلف المحافظات، وترفض توريد إيرادات الدولة الى البنك المركزي بعدن.

رئيس الحكومة أحمد بن دغر قال في تصريحات سابقة :" لا يمكن أن نضمن جميعاً استمرار صرف المرتبات دون التزام صارم بتوحيد جمع الإيرادات في محفظة واحدة هي محفظة البنك المركزي ومركزه عدن اليوم، كما كانت صنعاء مركزه بالأمس، وكانت جميع الإيرادات تذهب إليه".

وأضاف: "لا تتاجروا بهذه القضية، لا تنهبوا لتحاربوا بها، هذه أموال الشعب وخطراً على المجتمع ، فهذا إجراء مدمر لمالية البلاد واقتصادها، ينبغي أن يخضع مركز البنك وفروعه في المحافظات، ومنابع ومصادر الإيرادات كلها لسلطة واحدة وهي سلطة الشرعية التي جعلتموها هدفاً لمطامعكم ".

خطر المجاعة

وتفاقم قضية الرواتب، الازمة الانسانية المستفحلة. وبحسب ارقام الامم المتحدة، قتل في النزاع منذ آذار/مارس 2015، ما يناهز 6900 شخص، وهجر اكثر من ثلاثة ملايين.

وحذر برنامج الاغذية العالمي الثلاثاء من “تدهور وضع الامن الغذائي وتزايد معدلات سوء التغذية لدى الاطفال في اليمن”.

وقال المدير الاقليمي للبرنامج في الشرق الاوسط وشمال افريقيا مهند هادي “يزداد الجوع كل يوم وقد استنفد الناس كل ما لديهم من استراتيجيات للبقاء. هناك الملايين لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون الحصول على مساعدات خارجية”.

ويخشى البرنامج التابع للامم المتحدة من ان “جيلا كاملا يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع″، مشيرا الى حاجته “إلى ما يزيد على 257 مليون دولار أميركي لتوفير المساعدات الغذائية الملحة حتى آذار/مارس 2017″.

خطة دولية

مجموعة الأزمات الدولية، بدورها، نشرت خُطة مقترحة لاستئناف دفع الرواتب الموظفين الحكوميين في اليمن عبر اتفاق يسمح لتكنوقراط البنك المركزي في عدن وصنعاء يضمن وصول الرواتب وصرف حوالات اجتماعية لأفقر اليمنيين، في اشارة الى مستحقي الضمان الاجتماعي.

وقالت المجموعة في تقريرها: "التصدي للمجاعة الموجودة حالياً في اليمن يشكل تحدياً معقداً يتطلب اتخاذ إجراء فوري لمنع تدهور الحالة الإنسانية أكثر من ذلك وتقديم المساعدات الإنسانية الأساسية إلى منهم في أمس الحاجة لها، حيث أن اليمنيون يتضورون جوعاً بسبب نتائج الحرب المالية".

وأشارت إلى أنه من الممكن وقف هذه المجاعة إذا أرادت الجهات السياسية الفعالة. بتنفيذ الخطوات المتعلقة بتسليم الرواتب ودفع الحوالات النقدية الطارئة لأفقر اليمنيين.

وتتضمن بنود خطة مجوعة الأزمات الدولية لاستئناف دفع رواتب الموظفين ومستحقات الضمان الاجتماعي في اليمن على:

ان تعمل سلطات الحوثيين والمخلوع صالح والحكومة اليمنية الشرعية والتحالف العربي مع مبعوث الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح لتكنوقراط البنك المركزي في عدن وصنعاء بوضع خطة لاستئناف دفع رواتب القطاع العام كاملاً وصرف حوالات مالية اجتماعية لأفقر اليمنيين وأداء المهام المصرفية الأساسية دون تدخل سياسي حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

التعاون بين البنك المركزي في عدن وفرعه في صنعاء حيث تتواجد غالبية التكنوقراط والبنية التحتية.

اتفاق بين قوات الحوثيين وصالح والحكومة الشرعية في عدم التدخل في قرارات التكنوقراط.

التزام جميع الأطراف بضمان إيداع إيرادات النفط والجمارك والضرائب في نظام البنك المركزي.

الموافقة على دفع مرتبات القطاع العام على أساس قوائم الأجور لعام 2014.

موافقة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على تمويل بما يقارب من 500 مليون دولار يتم دفعها كحوالات نقدية طارئة لأفقر اليمنيين من خلال قوائم الرعاية الاجتماعية لعام 2014.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن