آخر الاخبار

السلطات المحلية بمحافظة مأرب تمهل أصحاب محطات الغاز غير القانونية 72 ساعة للإغلاق الطوعي اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات الثانوية العامة للعام 2023-2024 قناة الحرة الأمريكية تكشف تزويرا وفبركة قامت بها المليشيات الحوثية استهدفت الرئيس بوتن بمقطع فيديو .. حقيقة علاقات موسكو مع صنعاء احذر منها فورا .. أطعمة تجعلك أكبر سنًا وتسرع الشيخوخة رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص لرئيس بوتن الجهود الروسية لاحتواء التداعيات المدمرة على الاوضاع المعيشية والسلم والامن الدوليين السعودية : رئاسة الحرمين الشريفين جاهزة لاستقبال الحجاج الاتحاد الآسيوي يدعم مقترح فلسطيني بإيقاف إسرائيل دوليا صحيفة أمريكية تكشف أغرب حالات التجسس الصينية على أسرار عسكرية أميركية الزنداني : هجمات الحوثيين لا تضر سوى باليمن واليمنيين وأشقائهم العرب نجم الإتحاد السعودي يغادر النادي نهاية هذا الموسم

بقاء النظام في اليمن.. هشاشة الدَّولة

الأربعاء 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2016 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس - ميدل ايست أونلاين
عدد القراءات 1857
تتميّز الخريطة الطائفية في اليمن بتفاعلها الفريد مع المعالم الجغرافية، والعوامل الطبوغرافية، وأنماط الاستقرار. على سبيل المثال: الزيديون الشيعة الذين يشكّلون ما يقرب من (35%–45%) من الشعب اليمني يتركّزون تقليدياً في المناطق الجبلية الشمالية الوعرة، وفي الأقسام الشرقية الأكثر جفافاً وانبساطاً من البلاد. وفي مثل هذا الوضع الإيكولوجي، تسيطر الرعوية على الحياة الاقتصادية الاجتماعية بدلاً من الزراعة.
نجد الزيدية في اليمن أقرب إلى الإسلام السنّي من الفرعين الشيعيين الآخرين(الإمامية والإسماعيلية). والزيدية شديدة القرب من السنّية، بحيث إن بعض الجماعات الشيعية تطلق عليها تسمية المذهب السنّي الخامس. ومؤسس المذهب الزيدي هو زيد بن علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (695-740)، أحد أعمام جعفر الصادق، وقد قُتل في الكوفة عندما قاد ثورة على الخليفة الأموي العاشر هشام بن عبدالملك. وخلافاً لمعظم الشيعة الذين يعدّون أخا زيد غير الشقيق: محمد الباقر، الإمام الخامس، فإن الزيديين يعترفون بأن زيداً هو الإمام الخامس الشرعي.
يتصل تركيز الزيدية على فلسفة الإرادة الحرّة والعقلانية بدلاً من اتباع النصّ الحرفي بتماثل أسسها الدينية مع الأسس التأمّلية للمعتزلة؛ التي ازدهرت بين القرنين الثامن والعاشر في البصرة وبغداد. اعتمدت الزيدية المبادئ الأساسية للفكر المعتزلي والإيمان الشيعي بالإمامة المنوطة بنسل النبي محمد. وتختلف الزيدية عن الشيعة الاثني عشرية بخصوص مَن المؤهّل ليحكم بمثابة إمام وطبيعة إمامته. فخلافاً للشيعة الاثني عشرية، يؤكّد التراث الديني الزيدي أن لا ضرورة لأن يكون الإمام معصوماً بقوى خارقة للطبيعة، لكن يجب أن يكون عالماً ويتعيّن عليه أن يقود ثورات مسلّحة على الطغاة. وترفض الزيدية مفهوم الإمام الغائب وتشدّد على أن الأئمة الذين سمّاهم الله ورسوله يقتصرون على علي وولديه: الحسن والحسين.
كما أن الزيديين يقبلون احتمال وجود أكثر من إمام في الوقت نفسه، ويقرّون بأن الإمام قائد روحي وزمني يمكن عزله واستبدال آخر به. وقد شجّعت هذه الفلسفة للحكم الزيدي العديد من الصراعات المسلّحة بين الحكّام الزيديين والطامحين إلى الإمامة. والمذهب الزيدي براغماتي إلى حدّ أنه يقبل "حكم المفضول [ولكن المؤهّل] على الفاضل [ولكن غير المتاح]". وتعرف هذه الخاصية المميّزة للزيدية في دوائر علماء الدين المسلمين بأنها "تقديم المفضول على الفاضل". وقد اعتُرض فكرياً على كثير من الأسس الجوهرية للمذهب الزيدي في القرن التاسع عشر، من قبل العالم الديني اليمني المميّز محمد الشوكاني، الذي قاد التحوّل من الشيعية التقليدية إلى الإصلاحية السنّية.

يسيطر السنّة الشافعيون، الذين يشكّلون الطائفة الدينية الكبرى في اليمن، على المرتفعات الجنوبية والمناطق الساحلية التي تتساقط عليها أمطار موسمية وفيرة، وتعرف جماعيا باسم اليمن السفلى. وقد أدّت الأماكن الجغرافية إلى أن تتميّز الحياة الاجتماعية الاقتصادية للشافعيين السنّة بالزراعة المستقرّة، والملاحة البحرية، والأنشطة التجارية. وطوال تاريخ اليمن، كانت معظم الصلات الثقافية والأنشطة التجارية مع العالم الخارجي تتم عبر المدن والبلدات الشافعية. ونتيجة لذلك، كان السنّة الشافعيون في اليمن أكثر انفتاحاً على الخارج، ولديهم معدّل هجرة أعلى مما لدى الشيعة الزيديين. وبمرور الوقت، أنشأ هذا الانقسام المذهبي، ووفقاً لنمط الإنتاج بين المذهبين الإسلاميين الزيدي والشافعي، تاريخين مختلفين لليمن.
الضعف العسكري تجاه القبيلة
شهدت السلطة المركزية في صنعاء طوال التاريخ الحديث تقييد سلطتها بضعفها العسكري، مقارنة بالقوّة المسلّحة للتكتّلات القبلية الشديدة الاستقلالية، في الأجزاء الشمالية والشرقية الواسعة من البلد. ونتيجة للتغلغل القبلي العميق في الجيش على المستويات الدنيا والعليا، فإن محاولات تقوية الجيش، بحيث يستطيع حماية إرادة السلطة المركزية وإنفاذها، تحمل مخاطر تحويل الجيش الذي تتغلغل فيه القبلية بقوة إلى تهديد للكيان الضعيف. ولذلك فإن عدم قدرة السلطة المركزية و/أو عدم رغبتها في احتكار استخدام الإكراه، يجعل الدولة عديمة الأهمية في عديد من المناطق القبلية في البلد.
ينشئ شرط إلغاء الدولة سياسة وطنية تقودها حصرياً المحافظة على بقاء النظام، حتى إذا كان البقاء يعني التحوّلات الجذرية المتكرّرة في السياسة والموقف. ويتيح –أيضاً- ازدهار الجهات الفاعلة المسلّحة خارج إطار الدولة في عديد من الأماكن التي يسودها الاضطراب في المحافظات الشمالية والشرقية والجنوبية من البلد. ويتراوح طيف هذه الجهات الفاعلة بين الجهاديين المقاتلين والمتمرّدين الطائفيين والجماعات الانفصالية والميلشيات القبلية. وفي سياق إلغاء الدولة، أنشأت هذه الجهات الفاعلة مراكز قوة موازية، ومؤسسات مخصّصة بديلة، وشبكات عبر وطنية خاصة بها. وقد أوضحت ليزا ويدين (Lisa Wedeen) كيف أن التضامن الوطني ومفاهيم المواطنة والوطنية لم تتطوّر في اليمن الهشّ عبر مؤسسة الدولة، وإنما عبر ما أسمته سياسة الشعب الأدائية اليومية. (تشير مثلاً إلى التجمّعات اليومية المنتظمة لمضغ القات، مما يؤدّي للمشاركة في المناقشات الواسعة للقضايا السياسية والاجتماعية الاقتصادية).
في العقد الأخير، انتقلت هشاشة الدولة اليمنية بسرعة إلى المستوى الأعلى لاهتمامات الأمن القومي للولايات المتحدة. ففي أعقاب الهجمات الانتحارية على المدمّرة (يو إس إس كول) في أكتوبر (تشرين الأول) 2000، أثناء رسوّها لإعادة التزوّد بالوقود في ميناء عدن اليمني، وعلى ناقلة النفط الفرنسية (إم في ليمبورغ) في أكتوبر (تشرين الأول) 2002، ومحطة الشحر النفطية الطرفية قرب ميناء المكلا اليمني، وضعت الولايات المتحدة اليمن ضمن مواقع التكاثر المشبوهة للإرهاب، التي تمتدّ من الساحل والقرن الأفريقي إلى الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. ووفقاً للتقارير الاستراتيجية والأمنية في أعقاب 11 سبتمبر (أيلول) 2001
أعداء الأمس رفاق اليوم الحوثي وصالح
فقد وفّر اليمن ملاذاً للجهاديين العابرين للحدود الوطنية، الهاربين من باكستان والعراق والمملكة العربية السعودية، ومكّنهم من إيجاد ملجأ وإعادة التنظيم في "البقع المظلمة" من البلد الفقير. وأدّى إحباط بعض المخططات الإرهابية التي حظيت بتغطية إعلامية وكان مصدرها اليمين، مثل مؤامرتي القنبلتين المخبّأتين في حبر الطابعة والملابس الداخلية، إلى تسليط الضوء على الادّعاء بأن هذا البلد قد تحوّل إلى ملاذ آمن للخلايا الإرهابية، يستخدم للتخطيط لعمليات ضدّ أهداف أمريكية، وتنظيمها، والتدرّب عليها، والإعداد لها
التمرد الحوثي
بعد بضعة أشهر على وصول رياح الربيع العربي إلى ساحات المدن اليمنية أوائل سنة 2011، اندلع عنف مذهبي ضارٍ في المحافظات الشرقية والشمالية من البلد، بين المتمرّدين الحوثيين الزيديين والناشطين السلفيين المقاتلين. وكان الشكل السلفي المفرط التشدّد من الإسلام السنّي، وهو جديد –نسبياً- على اليمن، قد نشأ في ثمانينيات القرن العشرين، بعد أن وجد قبولاً واسعاً بين آلاف الجهاديين اليمنيين الذين قاتلوا الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، بالإضافة إلى العمال اليمنيين الوافدين إلى المملكة العربية السعودية. وتصدّر الجناح السلفي من حزب الإصلاح السياسي (أكثر أحزاب المعارضة نفوذاً وأفضلها تعبئة في السياسة اليمنية) الحزب سياسياً. وبعد أقل من عشرة أشهر على الثورات الأولية التي أجبرت علي عبدالله صالح على التخلّي عن الرئاسة، قُتل مئات من المقاتلين السلفيين والحوثيين، وجُرح آلاف، وهوجم عديد من البيوت، والمستشفيات، والمدارس، والأسواق، وحتى المساجد. ونظراً إلى أن هذا العنف المذهبي وقع في إطار الصراعات القبلية السابقة الوجود والصراعات الثأرية، فقد أدّى إلى تصاعد مخيف للعنف الجماعي وانعدام الاستقرار، الذي فاقم تجمّع الراديكالية وروح القتال في اليمن.
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن