مصير غامض للوحدات العسكرية المحايدة في اليمن

الإثنين 04 يوليو-تموز 2016 الساعة 01 مساءً / مأرب برس - الشرق الاوسط
عدد القراءات 3376

قبل أن ينجح الانقلاب في اليمن، كان الجندي خالد قاسم أحمد، يفضل تناول وجبة العقدة كل يوم جمعة في صنعاء مع والدته وإخوته، بعد أن ينهكه دوام أسبوع كامل في العاصمة اليمنية التي ستكون على موعد مع فوضى طويلة الأمد.

يقول خالد إنه حرم من تلك الوجبة، كما حرم اليمن كله من الأمن، ورغم تردد نجاح اتفاق السلم والشراكة ­ حينها­ إلا أن هجوم الانقلاب على منزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فاجأ اليمنيين، ومنذ ذلك اليوم

وحتى الآن، لا يجد المتابع إلا الفوضى في البلاد. ومن المصطلح ذاته، انسحب الحياد حتى من الألوية وحتى الآن، لا يجد المتابع إلا الفوضى في البلاد. ومن المصطلح ذاته، انسحب الحياد حتى من الألوية العسكرية التي حاولت النأي بنفسها عن أي المعسكرين، حتى لا تقع في الحرب أو الشتات.

عند مهاجمة منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وحجز وزير الدفاع، انهارت ما تبقت من معنويات عند بعض الوحدات العسكرية وبعدها استولى الحوثيون على كل المعسكرات، وبعد كل ذلك كانوا يعرضون إعلان الولاء لهم ليكتفوا بعدم مواجهتهم أو غربلتهم، وكانوا عمليا استولوا بالقوة على ثلاثة ألوية رئاسية: هي الأول والثاني والثالث في النهدين، ثم سقطت كل الألوية تحت قبضة الميليشيات بتوجيهات من المخلوع صالح ذي السلطة النافذة.

يقول الجندي قاسم، إنه كان مع أصدقائه يؤيدون الشرعية لكنهم لم يعلنوا ذلك وسينشقون منتقلين إلى جبهات القتال مع الجيش الوطني التابع للشرعية، بيد أنه يستطرد أن المسألة معقدة وليست سهلة التفصيل، فالوحدات والعساكر لا يمتثلون دائما إلى قيادة، أكثر مما ينتمون إلى ولاءات. وهنا يكمن المصير الغامض.

لكن مصادر عسكرية يمنية تحدثت معها «الشرق الأوسط» ذهبت إلى انقسام بين شقين، الأول يقول إن هناك بالفعل وحدات نأت بنفسها رغبة في الحياد، لكنها تعرضت لويلات الانقلابيين الذين شيدوا انقلابهم

بتعيينات وتقليب للرتب وقيادات الألوية، بينما يذهب الرأي الآخر إلى أن الوحدات الموالية لا تعدو سوى خدعة يتخذها المخلوع ورقة قد يحتاجها يوما ما.

وقبل الشروع في الحديث عن الشق الأول، يجدر التوقف عند الثاني إذ يتجذر منه أن هناك «حجة» للحياد، إذ أشارت مصادر عسكرية يمنية إلى أن الوحدات التي أخذت جانب الحياد، لا تعتبره إلا «حجة» لحماية نفسها من غارات التحالف العربي الذي تدخل لاستعادة الشرعية والدولة من الميليشيات الانقلابية في 26 مارس (آذار) 2015 .وتتكئ المصادر على إسناد معلوماتها بأنه لا يوجد جيش وطني في الأساس.. «إنه جيش عشائري قبلي ولاؤه للمخلوع صالح وليس للمواطن وللوطن كما هي ولاءات جيوش دول العالم لبلدانها، مضيفا أن جميع تلك الألوية والوحدات العسكرية تنفذ تعليمات المخلوع صالح وهو خارج السلطة، وكانوا يسلمون السلاح للحوثيين من دون أي مواجهات في حروب خمر ودماج وعمران وكذلك سلموا بعضا منها للقاعدة حسب التعليمات من أجل تمكين الحوثيين لإسقاط عمران ومن ثم السيطرة على صنعاء وهو ما تم بالفعل».

ومع بداية الاحتشاد للميليشيات ومحاصرة صنعاء، كان أكبر تجمع لهم في المدخل الجنوبي والغربي للعاصمة، ولم تتدخل المعسكرات حينها، حيث نأت بنفسها عن الحرب ولم تتدخل لمواجهة الميليشيات معسكر الصباحة في الحصبة، مثل ألوية الصواريخ بعصر، والاستقبال في شملان همدان، ووحدات قاع المنقب غرب صنعاء وكذلك معسكر السواد، والاحتياط جنوب صنعاء، فضلا عن معسكر الخرافي بخشم البكرة شمال صنعاء.

الرأي الأول بأن الوحدات المحايدة موجودة يستشهد بألوية الحماية الرئاسية الثلاثة في مقر دار الرئاسة، ويقول إنها لم تتدخل في البداية، وتم بعد ذلك إخضاعها ومصادرة أسلحتها من قبل الميليشيات الانقلابية، وفي نهاية المطاف وبعد السيطرة على صنعاء تم الاستيلاء على جميع الوحدات التي التزمت الحياد، مستطردا أن «الوحدات والألوية التي نأت بنفسها عن الصراع منذ بداية الانقلاب على الشرعية من بينها اللواء التاسع واللواء 117 واللواء 103 والذي كان قائده اللواء فضل حسن وهو من يقود محور العند وجبهات كرش ضد الميليشيات حالًيا.. هناك ألوية ووحدات عسكرية كانت محايدة أثناء ما قبل سقوط صنعاء مثل اللواء 314 حماية رئاسية، ألوية الصواريخ، اللواء الأول مشاة جبلي، ولكنها فيما بعد سلمت لهم من ذات نفسها بعد تضييق الخناق».

يقول قائد عسكري آخر رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» بأن كثيرا من الألوية في محافظة صعدة كانت موالية للمخلوع صالح وسلمت للحوثيين قبيل إسقاط عمران وصنعاء بأوامر من صالح نفسه، وأبرزها:

لواء 103 كتاف صعدة، لواء 125 مشاة، لواء 112 مشاة وقائده عباس عبد الله سعد، وكذلك اللواء الأول مدفعية وقائده حسن خيران، ولواء 101 بالبقع، ولواء 131 مشاة، ولواء 9 مشاة وقائده علي الزقيف، إلى جانب لواء 127 مشاة العقلة، ولواء 105 مشاة يقوده «الصياغي»، لواء 730 مشاة وهو لواء العمالقة في حرف سفيان، بفروعه «فرع الشرطة العسكرية، فرع الأمن المركزي»، إضافة إلى عدد من الكتائب المستقلة.

الجندي خالد قاسم أحمد يعود بالقول، بعد أن سيطرت الميليشيات الانقلابية على وزارة الدفاع قاموا بتعيين مقربين لهم في جميع الوحدات العسكرية في الجيش، وجاء ذلك بعد إسقاط الميليشيات لمحافظة عمران والاستيلاء على معسكرات اللواء 310.

وحول ذلك، قال مصدر عسكري إنه كان يحوي أسلحة نوعية من مدفعي ذاتية الحركة وراجمات صواريخ وغيرها.

وعند دخول الميليشيات الانقلابية صنعاء لم تواجههم سواء قوات اللواء 314 في صنعاء وحماية وزارة الدفاع وسرية حماية التلفزيون، فيما ترك الباقون المعسكرات لتستولي عليها الميليشيات وتنقلها إلى عمران، لكن بقية الألوية في صنعاء انقسمت، فهناك من أعلن الولاء مثل لواء الدفاع الجوي وقيادة القوات الجوية، وهناك من نأى بنفسه، وكان الحوثيون قد حاولوا حينها مهاجمة ألوية الصواريخ وأولوية الاحتياط، وفقا للمصدر العسكري.

إلى ذلك زادت حدة الخلافات والمواجهات بين عناصر موالية للمخلوع صالح بصنعاء وعناصر ميليشيا  الحوثي حول بعض التعيينات في الإدارات الحكومية، جراء تعمد الميليشيات لاستبدال عناصرهم بمناصب  يشغلها موالون للمخلوع صالح وهو ما أدى إلى نشوب خلافات وتراشقات وصلت إلى حد المواجهات بالأيدي  والأسلحة بين تحالف الميليشيات الانقلابية من صالح والحوثيين.

وقال مسؤولون إن بوادر خلافات تنشب بين الحين والآخر وتتوسع بشكل سريع وخطير جراء عمليات  التوغل للحوثيين للدفع بعناصرهم في الإدارات والمرافق الحكومية ولو حتى على حساب الموالين للمخلوع

صالح، وهو الأمر إلى قيام موالين للمخلوع بردة فعل كبيرة أمام ما وصفوها تجاوزات تحالف العرب من

عناصر ميليشيا أنصار الله كما يحبون تسميتهم.

وما زالت الميليشيات وقوات المخلوع صالح تشهد حالة شقاق دائم وإن لم تظهر للسطح فثمة إقصاء كبير

للحوثيين من الموظفين والمسؤولين المحسوبين على المخلوع صالح في جميع الوظائف الحكومية المدنية

والأمنية والعسكرية في صنعاء والمحافظات الشمالية، فما من مرفق أو مؤسسة إلا وتشهد عمليات تحشيد  ومواجهات غير معلنة بين ميليشيا تحالف الانقلاب من الحوثيين وصالح.