آخر الاخبار

سكان صنعاء بين التشاؤم والتفاؤل إزاء مفاوضات الكويت

الجمعة 20 مايو 2016 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس - الشرق الاوسط
عدد القراءات 2372

بات سماع الانفجارات وانقطاع الكهرباء والخوف الشديد من احتمال ألا يتمكن المجتمع من التعافي من  ويلات الحرب جزءا من الحياة اليومية في اليمن. القلق ما زال سائدا في العاصمة اليمنية (صنعاء)، حيث  يترقب عامة الناس نتيجة شهر من محادثات السلام التي يأملون في أن تضع نهاية للأوضاع المزرية التى  سببتها الحرب.

العالم، لكن نشوب الصراع قبل أكثر من عام جعل مجرد البقاء على قيد الحياة أولوية، والمعاناة الشديدة هيالوضع السائد.

وكاد الأمل يتبدد، وبات ما تبقى منه معلقا بأيدي وفود السلام التي تمثل من جهة الميليشيات الانقلابية،  الحوثيين وحلفائهم من قوات الرئيس المخلوع صالح التي تسيطر على صنعاء، ومن جهة أخرى قوات  الشرعية المدعومة من المملكة العربية السعودية، في المفاوضات الحالية بالكويت.

وقال عبد السلام حمد الحارثي، 39 عاما، الذي يبيع التحف والهدايا التذكارية والفضيات: «متفائلون بأن  مفاوضات الكويت ستوقف الحرب، خصوصا مع انخفاض عدد الضربات الجوية». لكن أحمد السعودي، 75  عاما، الذي يبيع الخناجر التقليدية اليمنية كان أقل تفاؤلا بعض الشيء، وقال في تصريحات لوكالة  «رويترز» إنه يأمل أن تسود الحكمة بين الطرفين المتفاوضين في الكويت، مضيفا: «ندعو الله أن يرفع عنا  هذه المحنة التي لم تكن في الحسبان»، متابعا: «إن شاء الله سيتوصلون لاتفاق لأننا تعبنا.

 وإذا كانوا  يحبون البلد، فسوف تتوقف الحرب التي أتت بالخراب والدمار على شعب اليمن».

وارتفع سعر البنزين في صنعاء بنسبة مائة في المائة، بالتزامن مع الانهيار الكبير للعملة الوطنية اليمنية،  وأصبح ضعف ما كان عليه في السابق، ووصل إلى 8 آلاف ریال يمني، أي ما يعادل (25 دولارا) لعشرين لتر من  البنزين.

وبدأ بيع البنزين بالتسعيرة الجديدة، بعد الإجراءات المفاجئة التي اتخذها ملاك جميع المحطاتقبل أيام، وهي الماضية.

وكانت محطات بيع المشتقات النفطية قد استأنفت الأشهر الماضية فتح أبوابها في صنعاء  ومحافظات أخرى بتسعيرة جديدة أقرها الحوثيون بنحو 4500 ریال يمني (14 دولارا) للعشرين لتر من  البنزين، وذلك بعد توقف دام أشهرا نتيجة الصراع المسلح الذي تشهده البلاد الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها  آنذاك بشكل مضاعف.

وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع الانهيار الكبير للعملة الوطنية، وارتفاع سعر صرف الريال اليمني إلى 320  ريالا للدولار الواحد، بزيادة أكثر من 100 ریال عن السعر السابق الذي ظل متوقفا لسنوات عند 215 ريالا

للدولار الواحد. وأثارت هذه الأزمة موجة هلع كبيرة في أوساط المواطنين، خصوًصا مع بدء التجار برفع  أسعار المواد الغذائية، وعودة اختفاء مادة الغاز المنزلي.

وحذر رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، الأربعاء الماضي، من أن بلاده على شفا انهيار اقتصادي،  متهما الرئيس السابق علي عبد الله صالح بإهدار الاحتياطي النقدي للبلاد.

وقال بن دغر، في مؤتمر صحافي بالعاصمة السعودية الرياض: «تعيش البلاد حالة انهيار اقتصادي ونقدي   مريع.

 لقد تصرف الحوثيون وصالح بثلاثة مليارات دولار تقريًبا كانت تمثل معظم الاحتياطي النقدي في البلاد. واستخدم هذا الاحتياطي في المجهود الحربي للاستيلاء على الدولة والسلطة والانقلاب على  الجمهورية والوحدة وإدارة الحرب».

وأوقفت الميليشيات الحوثية صرف مرتبات الجنود، وطالبتهم بالتوجه إلى العاصمة صنعاء لاستلامها  مباشرة، وليس من أماكن وجودهم في المحافظات الأخرى. لكن مصادر عسكرية وأمنية قالت إن نقاط  تفتيش تابعة للميليشيات الانقلابية أوقفت مئات الضباط والجنود الجنوبيين الذين كانوا في طريقهم إلى  العاصمة اليمنية صنعاء لاستلام مرتباتهم الشهرية الموقوفة منذ أشهر من قبل الميليشيات المسيطرة على  الوزارات والمؤسسات الحكومية.

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات اعتقلت أكثر من 300 ضابط وجندي في نقاط التفتيش المنتشرة على طول الطريق الممتد من المحافظات الجنوبية المحررة إلى صنعاء، مشيرة إلى أن نقطة نقيل  يسلح جنوب صنعاء اعتقلت العدد الأكبر من هؤلاء الباحثين عن مرتباتهم الموقوفة منذ أشهر.

وأكدت تلك المصادر أن النقاط الأمنية في «نقيل يسلح»، الواقعة عند مشارف العاصمة صنعاء جنوبا،  اعتقلت الجنود، وصادرت كل محتوياتهم، وعاملتهم بإهانة، بعد أن أبرزوا أرقامهم العسكرية الصادرة عن  وزارة الدفاع اليمنية، وأثبتوا أنهم ذاهبون لاستلام معاشاتهم، لكن النقاط وصفتهم بالانفصاليين والعملاء  للتحالف العربي.

ودعا هؤلاء السلطات الشرعية للقيام بواجبها إزاء استمرار سيطرة الميليشيات على البنك  المركزي ووزارة المالية، وهو الأمر الذي يحمل غموضا، وبحاجة إلى توضيح سريع.

وكانت الميليشيات قد حصرت عملية الصرف للمرتبات الشهرية للجيش والأمن بمكاتب البريد الواقعة في  العاصمة صنعاء، وفي المحافظات التي هي تحت سيطرتها، بينما أوقفت عملية الصرف في كافة مكاتب  البريد في المحافظات الخارجة عن سيطرتها، ومنها عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة وحضرموت  وسقطرى.

لكن ما زالت الأطراف اليمنية المتنازعة موجودة في الكويت، والأمل ما زال قائما في أن يتوصل الفرقاء إلى   اتفاق يعيد صنعاء إلى وضعها السابق.

وتنتشر بصنعاء التاريخية الأبراج العريقة المبنية بالطوب اللبن، ويبدو الماضي أكثر إشراقا من المستقبل.  ورغم ذلك، فإن بصيصا من الأمل ما زال يسري بين أهالي المدينة.

لكن طفح الكيل بالنشطاء الشبان بسبب العداء الدموي بين النخبة السياسية والعسكرية اليمنية الذي أرهقت  عواقبه 25 مليون مواطن، فحذروا المتفاوضين على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلين: «لا تعودوا إلى  اليمن إلا بالسلام».

وتحدثت وفاء منصور، مدرسة الرياضيات، وهي بين طلابها الذين هم مستقبل اليمن لتعبر عن وجهة نظر  يؤمن بها الكثيرون، قائلة إن الصراع تدخلت فيه قوى أجنبية كثيرة، وإنه لا سبيل لتسويته إلا بتدخل  دبلوماسي خارجي، مضيفة: «إذا لم تقدم كل الأطراف تنازلات، فلا أعتقد أنه سيتم التوصل لحل مناسب  دون تدخل من إحدى الدول الكبرى التي ترعى الحوار».

وفي جناح الولادة بمستشفى في صنعاء، تعتني الممرضة هندية عبد ربه، 28 عاما، ببعض من أصغر أبناء  البلد، وأكثر فئاته ضعفا، ويحدوها الأمل أيًضا في أن يدرك كبار الساسة حجم المهمة الملقاة على عاتقهم،  مؤكدة أنها «متفائلة بأن المحادثات الحالية في الكويت ستوحدنا من جديد، وتضع نهاية لعام من الحرب  والصراع.. ورسالتي لهم هي: اليمن أمانة في أعناقكم».