ياسر الزعاترة يكتب : من جنيف إلى الكويت .. مفاوضات و«فيتو» إيراني

الأربعاء 27 إبريل-نيسان 2016 الساعة 07 مساءً / مأرب برس-متابعات.
عدد القراءات 2381


كلام كثير عن مفاوضات في جنيف بشأن سوريا، وأخرى في الكويت بشأن اليمن، ما يطرح أسئلة بخصوص الآفاق المحتملة لهذه المفاوضات، وما إذا كانت قادرة على وقف النزيف الراهن، أم هي تتحول إلى مجرد عملية سياسية كتلك التي عرفها الملف الفلسطيني طوال عقود دون جدوى، لأن الحل الحقيقي لا بد له من موازين قوىً مختلفة على الأرض؟

 

ربما كان من الصعب وضع الملف السوري على قدم المساواة مع اليمني، ربما لأن الأخير جاء نتاج الأول عمليا، وحيث استخدمت إيران اليمن في سياق من ابتزاز السعودية والخليج بشأن سوريا، وعلى أمل أن يتم الخضوع لشروطها في سوريا مقابل وضع مقبول لأتباعها الحوثيين في اليمن، لكن الحقيقة أن كلا الملفين لا زال مرتبطا من الناحية العملية بالقرار الإيراني، وإن بدا أن السوري قد خرج نسبيا من السيطرة الإيرانية المطلقة بحضور النفوذ الروسي.

 

في الحالة السورية يمكن القول إن التفاهم الأمريكي الروسي الظاهر لا يعني اقتراب الحل، وذلك لاعتبارين، الأول أن التنازلات التي تعرضها روسيا حتى الآن لا تبدو مقبولة بالنسبة للمعارضة، في ذات الوقت الذي لا تبدو واشنطن حريصة على الحل، هي التي تجد في استمرار النزاع نزيفا لروسيا (وهي عدو ومنافس)، مقابل غياب أية مخاطر بالنسبة إليها، هي التي لا مصالح عملية لها في سوريا تخشى عليها، باستثناء مصلحة الكيان الصهيوني الذي لا يبدو هو الآخر مستعجلا للحل ما دام النزيف يصيب جميع خصومه، دون أن يمسه بشيء، ولا ننسى أن بوتين هو من أكثر الحريصين على أمن الكيان، ولا يزايد عليه؛ حتى أوباما نفسه.

 

أحد مستشاري أوباما، وفي سياق من التعليق على مقابلته مع “أتلانتيك”، قال بكل وضوح إن سياسته في سوريا كانت منذ البدء هي إطالة أمد الصراع، لكنه لم يقل إن تلك السياسة هي الخيار الإسرائيلي، وليست خياره، وهو ما لم يجرؤ “جولدبيرج” الذي أجرى المقابلة على قوله أيضا.

 

على أن البعد الإيراني رغم ذلك كله يبقى الأكثر أهمية، فهي التي دفعت وتدفع ثمن الحرب، وهي بوسعها أن تضغط على بشار أكثر من روسيا، ولو كانت تقبل بتسوية متوازنة، لكان تفاهمها مع تركيا والسعودية ممكنا، دون الحالجة لتدخلات دولية.

 

في اليمن، يحدث الشيء نفسه، فهنا على الحوثي أن يواصل القتال، ما أراد منه الولي الفقيه ذلك، وبالطبع على أمل استنزاف السعودية ودفعها نحو القبول بالمقايضة في سوريا، ولذلك لا تبدو جولات المفاوضات سوى نوع من أنواع المجاملات وكسب الوقت، بينما يستمر الصراع على الأرض، وهو يمكن أن يتواصل، بخاصة أن تناقضات كثيرة داخلية، وفي صفوف التحالف تصعّب مسألة الحسم العسكري.

 

ولمّا كان المحافظون في إيران يعتقدون أن أي تراجع في سوريا أو اليمن يعني اعترافا عمليا بفشل مشروع طويل ومكلف، وهو اعتراف سيفضي إلى تراجع لوضعهم الداخلي.. لما كان الأمر كذلك، فإنهم يبدون مثل المقامر الذي يخسر، لكنه يواصل التشبث بالطاولة على أمل أن يربح، وفي الداخل يواصلون الصدام مع وعي الجماهير بوعظها عن “الاقتصاد المقاوم”، بينما هي تنتظر نتائج اتفاق النووي تحسينا لشروط حياتها.

 

العقدة إذن هي بيد محافظي إيران، والتوقيت يتمثل في تجرّعهم كأس السم، ووقف هذا النزيف.

المصدر | الدستور الأردنية

للاشتراك في قناة مأرب برس على التلجرام. إضغط على اشتراك بعد فتح الرابط          
       
 
https://telegram.me/marebpress1
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن