في انتظار تبعات عزل صالح عن قيادة حزب المؤتمر

الأربعاء 14 أكتوبر-تشرين الأول 2015 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - عمان-الغد-
عدد القراءات 2425

يخوض الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح صراع بقاء مع خصومه في حزب المؤتمر الشعبي العام والمدعومين من المملكة العربية السعودية، وقاموا امس بعزله عن قيادة الحزب الذي سخره صالح في خدمة حركة انصار الله (الحوثيون) التي استولت على السلطة وتعد حليفا لايران الخصم اللدود للرياض.

فمنذ دخول الحوثيين إلى صنعاء والسيطرة على مناطق واسعة من اليمن طلبت الرياض من صالح المشاركة في مواجهتهم، ومنع القوات الموالية له من مساندتهم في القتال ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي واللواء علي محسن الأحمر، لكن صالح تجاهل هذه الطلبات، ورأى فيما يحدث فرصة للانتقام ممن أجبروه على مغادرة الحكم، متجاهلا التغيير الكبير في القيادة السعودية وتوجهاتها.

القيادة السعودية الجديدة أعادت إحياء تحالفاتها القديمة والتقليدية في اليمن والتي تضم شيوخ القبائل ومجموعة الضباط، وجماعة الإخوان المسلمين الممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، وحين قررت خوض الحرب في اليمن لمنع ما ترى أنه وجود إيراني على حدودها الجنوبية، بات كل من يعارض هذا التوجه خصما لها، وفي صدارة هؤلاء الخصوم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يحمل حلفاء السعودية مسؤولية الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكمه في نهاية عام 2011.

بالأمس اجتمعت القيادات المنشقة عن صالح في الرياض وقررت عزله من رئاسة الحزب، وتكليف أحمد عبيد بن دغر كقائم بالأعمال، وأحالوا الرجل إلى الرقابة الحزبية، تمهيدا لاجتماع آخر ينتظر أن يعقد في العاصمة المصرية لاختيار قيادة جديدة للحزب، وهذه الخطوة هي ضمن سلسلة من المساعي السعودية الهادفة إلى إرغام صالح على مغادرة المشهد السياسي بشكل كامل.

في بداية الحرب اقترحت أطراف عربية وغربية مغادرة صالح اليمن والإقامة في أي بلد عربي أو إفريقي خشية تعرضه للملاحقة القضائية إن انتقل للعيش في بلد أوروبي، لتجنب استمرار تأثيره على مسار القتال والعملية السياسية استنادا إلى استمرار نفوذه في أجهزة الدولة واحتفاظه بولاء قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.

ومع هذا الطلب الذي مازال يطرح حتى اليوم ضغطت الرياض بقوة على حلفائها داخل حزب المؤتمر الشعبي من أجل إقالة صالح واختيار قيادة بديلة لكن المسعى تعثر بعد أن ربط مؤيدوه بين إبعاده عن رئاسة الحزب وإبعاد الرئيس هادي أيضا من موقعه كنائب لرئيس الحزب.

والآن وبعد ستة أشهر من الحرب استأنفت المملكة جهودها لإبعاد صالح خارج المشهد السياسي، بعد أن لاحقته في أكثر من مكان ومخبأ داخل صنعاء لقتله، غير أن الرجل الذي يجيد المناورات ويعشق البطولات وحب الظهور، أراد أن يكون الرضوخ لهذا الطلب تنازلا في سبيل شعبه فقال إنه مستعد لمغادرة الحزب خلال ثلاثة أسابيع واشترط لذلك إيقاف الحرب ورفع الحصار، وزاد فتعهد بإلزام الحوثيين بوقف إطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية.

الآن وقد استعادت الرياض تحالفاتها القديمة بمن فيهم شيوخ القبائل وعدد من كبار قادة حزب المؤتمر الشعبي فإن صالح الذي وصف في الدوائر السياسية بالماكر أصبح في الضفة الأخرى، وبات مطلوبا للسعودية بدوره السياسي وحتى بحياته الشخصية، ولهذا فإن التحضيرات لحل سياسي في اليمن لوقف الحرب يتطلب إبعاده عن المشهد السياسي، بعد أن بات واضحا عجز السعودية عن قتله حيث استهدفت كل منازله، وكل مكان يعتقد أنه يختبئ فيه.

ولأجل هذا بدأت التحضيرات السعودية للسيطرة على الحزب، بغرض الاحتفاظ به كقوة سياسية تعادل حضور وقوة حزب الإصلاح في ظل الانحسار الكبير لأحزاب اليسار غير المرغوب فيها أصلا من الحكم في الرياض، ومن الواضح أن صالح السياسي والعسكري المحترف يدرك صعوبة الاستمرار في المواجهة مع دولة بحجم وقوة المملكة لهذا قبل بأقل الخسائر، لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن المؤتمر الشعبي بدون الرئيس السابق سينقسم بين مجاميع ستذهب للعمل مع الحوثيين لاعتبارات مرتبطة بالمصالح والمواقف السياسة والارتباطات الجهوية وبالتالي فإن الهدف الذي يراد من أجله الاحتفاظ بالحزب لن يتحقق.-(وكالات ومواقع اخبارية)