"كرسي الزيدية" من حاضن لتحالف صالح والحوثي إلى ثائر لأجل الوطن

الثلاثاء 19 مايو 2015 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - GYFM
عدد القراءات 5782

تتسع دائرة المقاومة الشعبية لميليشيات جماعة صالح والحوثي في محافظة ذمار يوما بعد آخر. تطور لافت يعكس ضيق الحاضن الشعبي (المفترض) لهذا التحالف. ومقابل مظاهر الرفض والاحتجاجات التي تشهدها المحافظة في الداخل، تخوض قيادات ذمارية بارزة معركة سياسية ضد تلك الجماعات الانقلابية المسلحة في الخارج.

وتعرف محافظة ذمار التي يزيد سكانها عن مليون و700 ألف نسمة وفق آخر إحصاء سكاني، بأنها الحديقة الخلفية للعاصمة صنعاء وسياجها القبلي والمذهبي؛ والمدد البشري لتحالفات هذه الرقعة من الجغرافيا التي تتوسط بـ (90 كم) المسافة بين محافظتي إب والعاصمة صنعاء.

وتغلق محافظة ذمار في مواسم الانتخابات بالكامل، إلا مديرية أو اثنتين، لصالح حزب الرئيس المخلوع، الذي ينتمي جزء من تحالف حكمه إلى هذه المنطقة الزيدية، وحكم البلاد 33 عاما بعباءتها الجغرافية والمذهبية. ويطلق التاريخ هنا وصف (كرسي الزيدية) على ذمار بالنظر إلى المد الإمامي الذي تغلغل بفعل تعاقب دول وممالك الأئمة عليها عبر القرون، واتخاذ عدد من مناطقها عواصم لحكمهم..

بدأت القبضة الزيدية على محافظة ذمار واليمن عموما، في الانحسار منذ ما بعد ثورة سبتمبر 62م وحتى إقرار التعددية الحزبية بعد إعادة توحيد شطري البلاد عام 90م. بعدها آلت الزيدية ومن ثم الزيدية المتشددة (أقرب إلى الاثني عشرية) إلى محافظة صعدة بزعامة الحوثي حاليا. غير أن الكرسي أبى أن يتزحزح من ذمار.

ويتعاظم نفوذ أبناء هذه المحافظة في مختلف أجهزة الدولة كلما اتجهت شمالا، لا سيما في القطاعين العسكري والأمني. تشير الأرقام إلى ما يقرب من 100 ألف منتسب إلى جهازي الجيش والأمن، بينهم حوالي 17 ألف ضابط بمختلف الرتب العسكرية. وفي القطاع المدني ما لا يقل عن 980 موظف بدرجة "مدير عام"، و4320 بدرجة "مدير إدارة". ويسيطر اللواء يحي الراعي على قبة البرلمان منذ عقد تقريبا.

من الرياض أصدر الرئيس هادي قرارا بتعيين اللواء الركن محمد علي المقدشي رئيسا لهيئة الأركان العامة. وقبل ساعات فقط من وصول المقدشي أمس إلى قيادة المنطقة الثانية بسيئون في مهمة لملمة الجيش؛ حاصر الحوثيون منزله بذمار ثم اقتحموه بالدبابات وفجروه في اليوم التالي. وتعاقب عدد أبناء هذه المحافظة في أوقات سابقة على قيادة مناصب مهمة في الجيش ووزارة الداخلية عدة مرات.

وسقطت ذمار ضمن المحافظات التي دخلها الحوثي ومليشيات صالح دونما شوكة، تبعا لسقوط صنعاء في 21 سبتمبر2015، وأعلن محافظها اللواء يحيى العمري استقالته احتجاجا على الانقلاب. ظل منصبه شاغرا إلا من شاب حوثي يدعى "الطاووس" الذي أحكم قبضته على المحافظة حتى بعد تعيين الرئيس هادي (المحاصر حينها)

(حمود عباد محافظا لها، قبل أن ينشق الأخير عن حلف صالح الحوثي وينضم لمؤتمر الرياض..

في الأثناء يتزعم البرلماني الذماري عبدالعزيز جباري اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، وقبلها اختير لأمانة التكتل الوطني للإنقاذ المناوئ للحوثي وصالح إبان سقوط العاصمة وما بعدها. وفي الميدان لا تكاد الفعاليات الاحتجاجية تهدأ ولا تنام. وما تزال ذمار حتى اللحظة تسيطر بجدارة على كرسي "النكتة السياسية".

قبل أيام أطلقت ميليشيات صالح والحوثي الرصاص الحي على وقفة احتجاجية سلمية نفذها مواطنون أمام مبنى محافظة ذمار للمطالبة بإطلاق المختطفين وتوفير الخدمات، وإنهاء سيطرة المليشيات على المؤسسات الحكومية، ورفع النقاط الأمنية من مداخل المدينة. سبق ذلك تظاهرة نسائية نظمت في ذات المكان ورفعت ذات المطالب.

الأسبوع الماضي هاجمت المقاومة الشعبية بذمار نقطة تفتيش استحدثها الحوثيون أمام مركز تدريب الحرس الجمهوري أوقعت إصابات كبيرة في صفوفهم. وشن مسلحون قبليون هجوما بقنبلة يدوية استهدفت مكتبا حكوميا قام باحتلاله أحد القيادات الميدانية للجماعة بمدينة معبر. وفي قاع جهران استهدف كمينان نصبتهما المقاومة الشعبية رتلا عسكريا في طريقه إلى تعز، فأوقعت بينهم عددا من الإصابات وأعطبت بعض آلياته وأجبرته على العودة إلى صنعاء.

من جهة أخرى عقد اجتماع موسع ضم وجهاء ومشايخ عتمة/ ذمار، الاحد الفائت، بحضور أعضاء مجالس محلية وقيادات سياسية وحزبية، أدانوا أعمال القتل والتخريب وما وصلت إليه أوضاع البلاد من تدهور بسبب تعنت جماعة الحوثي المسلحة وحروبها الداخلية. مؤكدين ضرورة الوقوف صفا واحدا لوقف العنف وإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية واستعادة مؤسسات الدولة.

وفي عتمة أيضا أطلقت قبائل المنطقة 15 مسلحا حوثيا بينهم 3 قياديين ميدانيين، ألقي القبض عليهم الجمعة الماضية متسللين في طريق عتمة - القفر - الدليل، الرابط بين محافظتي ذمار وإب، وتستخدمه المليشيات لنقل التعزيزات والآليات العسكرية، إلى تعز والمحافظات الجنوبية. ووقع المسلحون المفرج عنهم تعهدات بعدم مرور التعزيزات في هذه الطريق مرة أخرى .

قبيلة عنس، إحدى أكبر قبائل ذمار، أعلنت الأحد النفير لإخراج الميليشيات الحوثية ورفض ممارساتها الإجرامية. بيان القبيلة شديد اللهجة أيد الشرعية وأعلن رفضه لحروب الحوثي العبثية في تعز ومدن الجنوب، ودعا لتشكيل لجنة من الأحزاب والمنظمات ومشايخ المحافظة للإشراف على أعمال الإغاثة الإنسانية ومحطات الوقود للتوزيع بصورة عادلة بعيداً عن هيمنة الميليشيات المسلحة والمسئولين الذين تلطخت أيديهم بالفساد.

كما دعت قبيلة عنس كل قبائل المحافظة إلى التكاتف وتوحيد الصف وعدم السكوت عن أي ممارسات تنتهك حقوق أبناء المحافظة، وعبرت عن شكر وتقديرها لقبائل الحداء ووصابين ومغرب عنس وآنس، على التضامن في قضية اختطاف عدد من أبنائها للافراج عنهم من معتقلات جماعة الحوثي المسلحة. ودعا الشيخ عبدالعزيز اليعري أبناء الأسر الهاشمية الالتحام بالقبيلة، وترك الوافدين الذين يسعون إلى الهيمنة، محذراً من أنهم سيتركونهم عاجلاً أو آجلاً.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن