دبلوماسية كيري المشبوهة
بقلم/ عارف أبو حاتم
نشر منذ: 8 سنوات
الأحد 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2016 12:31 م
بلغة رجل مهيمن وقادر على فعل ما يريد تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن قرب التوصل لحل بين اليمنيين تحت سقف أفكاره التي تحولت إلى خريطة حل قدمها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ. وبموازاة لغة استعلائية غير دبلوماسية تحدث بها كيري مساء الثلاثاء الماضي جاء الرد سريعاً وصارماً من وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي بأن الحكومة والرئاسة اليمنيتين لا تعلمان شيئا عن حلول كيري ولا تعرفان مع من تناقشان وأن الحلول المقدمة في الخريطة الحالية «تسعى لإفشال مساعي السلام بتغييبها للطرف الحكومي الشرعي». كيري هذه المرة لم يراعي الموقف الأخلاقي للميليشيات الحوثية التي تقتل اليمنيين تحت شعار «الموت لأميركا» وقال أنه «جلس معهم في مسقط للنقاش والتباحث حتى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل».. وعرض عليهم رؤيته بالعودة إلى اتفاقية 10 أبريل ووقف الأعمال القتالية والذهاب نحو تشكيل حكومة وطنية.. وقال إنهم في اليوم التالي جاؤوا إليه برد مكتوب أكدوا فيه موافقتهم على ما ورد في ورقة حلوله. وحلول كيري تمنح اليمنيين سلاماً يستمر لشهور فقط لأنها ببساطة لا تقتلع السلاح الذي هو المولد الفعلي لكل حالات الاقتتال والاعتداءات التي تعرض لها الشعب اليمني ومؤسسات دولته.. «كيري» يهمه الآن تحقيق نجاح يضاف كملحق تابع للاتفاق النووي مع إيران.. ليسجله غداً في مذكراته كانتصار شخصي إضافه إلى المشروع الأميركي الإيراني في المنطقة. وبعيداً عن غضب الحكومة الشرعية من تصريحات «كيري» هناك غضب آخر قادم من صنعاء ومن حزب علي صالح شريك الحوثيين والذراع القوية في الحرب والخراب حيث انتقد لقاء كيري بالحوثيين فقط وعزل صالح وحزبه.. ما يعني أن التضحية بهم ستكون هي القربان الذي تتوسل به واشنطن لترضية السعودية. وغضب الحكومة الشرعية من تصريحات «كيري» ليس مرده أنها تريد إملاء حلول عليها تكافئ الانقلابيين وتعاقب الشرعيين فحسب بل غابت الدبلوماسية عن «كيري» وتحدث كما لو كان الرجل الأول في اليمن ووحده من يحدد ما الذي يجب فعله. الإصرار القوي للرئاسة اليمنية برفض خريطة كيري التي تبناها المبعوث الأممي يتجاوز التعبير عن الحالة اليمنية إلى المحيط الإقليمي الذي تراوده مخاوف حقيقية من تحقيق هذه الخريطة لأنها ستؤسس لحالة جديدة وهي الشرعنة للعصابات على حسابات الحكومات الشرعية، والأخطر هو الوجه الآخر الذي ستفضي إليه الخريطة وهو تسليم كامل جنوب الجزيرة العربية لإيران الثورة وليس لإيران الدولة.. إيران التوسعية وليس الدولة التي تبني علاقات طبيعية مع الدول.. وبهذا تكون قد أحكمت سيطرتها على الخليج من الشمال عبر الحشد الشعبي العراقي ومن الجنوب عبر الحوثيين ومن الشرق عبر خلايا إيران النائمة والناعمة في الخليج ومياهه الإقليمية. لا يملك العرب حيال هكذا خريطة تآمرية تريد سلخ اليمن مهد العروبة من حاضنته العربية وتسليمها قسراً إلى إيران إلا توحيد موقف عبر الجامعة العربية والتحرك الفوري برفقة أمين عام الجامعة إلى مجلس الأمن وتقديم ورقة حل عربية وموحدة وإذا توحدت رؤية الجامعة العربية مع رؤية منظمة المؤتمر الإسلامي بورقة حل واحدة وتم الذهاب بها إلى مجلس الأمن والضغط بها كمخرج اضطراري للأزمة اليمنية تكون بهذا قد وضعت حلاً موحداً وقوة ثابتة في مواجهة الأطماع الإيرانية التي ينطق بها اليوم لسان كيري