إسكات الشهود
بقلم/ حمدي البكاري
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الخميس 10 إبريل-نيسان 2008 01:51 م

" أوضاع بالغة الحساسية والخطورة..." اصبح الكثير يردد ذلك كلما تصاعدت موجة الاحتجاجات في محافظات الجنوب كما هو الحال في الضالع ولحج وأبين.. ويضيف مراقبون الى ذلك احتمالات فشل اتفاق الدوحة بين السلطات وجماعة الحوثي في صعدة فتعود الحرب من جديد, أما سياسيا فيمكن الاستدلال بانسداد الحوار بين أحزاب اللقاء المشترك المعارضة والحزب الحاكم على الرغم من العناوين الكبيرة التي تحملها المرحلة المقبلة:تعديل الدستور, تعديل قانون الانتخابات ,وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها 27 ابريل 2009م.

حساسية الأوضاع وخطورتها لا تكمن في صعوبة قراءة المشهد بكل مافيه من تعقيدات وإنما في استجلاء مآلاته بمعزل عما يراه البعض ب"فوضى محتملة قد تعم البلاد وتقضي على العباد "فمن ناحية لاتأخذ الاحتجاجات شكلا منظما ومحددا يسهل التعامل معه ومن ناحية أخرى لانسمع من تصريحات جماعة الحوثي غير تحذيرات من عودة الحرب وحديث عن ان المعركة هذه المرة قد تكون مختلفة..., وبين الحالتين ووسط ظروف اقتصادية ومعشية بالغة السؤ لا يلوح في الأفق انفراج سياسي قد يعيد ترتيب خارطة غليان البلد وترشيدها,,,

 في الواقع ان غياب الانفراج السياسي وان كان هذه المرة يحتاج إلى حدود عليا وليست دنيا- هو ناجم –كما يقول ذلك كثيرون-عن إقصاء أطراف اللعبة السياسية من الحضور الحقيقي في المشهد فاختفت روح المبادرات واستمرت لغة القوة والقوة وحدها سيدة للموقف.

من المؤكد في شرع الاستبداد أن تتحول الصحافة الحرة في هذه الأجواء إلى صيد ثمين فقد جاءت اللحظة التي طال انتظارها..., لحظة تصفية الحسابات مع حرية الصحافة-إجمالا- ذلك أن لغة القوة بماهي دبابة ومدفع ..,هي بذاتها _وان بالمعنى_ من تجعل وزير الإعلام معتديا قاسيا على القانون فيصدر فرمانا قضى بإلغاء ترخيص صحيفة الوسط المستقلة _ وربما قادمات اُخرْ _دونما اعتبار للدستور أو احترام للقانون والقضاء.

ولئن كان هدف النيل من هامش حرية الصحافة هو "إسكات الشهود" لاسيما في مشهد ملتبس فليس هناك ما هو أسهل في مشهد القوة من تعسف القوانين كما البشر وفي ذلك دلالة خوف ومرض لا شجاعة وثقة.

 عمليا الأزمة أعمق مما نتصور ولهذا السبب تغوص الصحافة الحرة في تفاصيلها علها تف بحق الناس في المعرفة والحصول على المعلومات و الاختلاف وعندما تحاول السلطة منع قيام هذا الدور فهي في الأساس تصادر حق أولئك الناس وكأنها تمنعهم من التفكير تماما .

 ومهما يكن الغموض متصدرا نهايات الأوضاع المقلقة في البلاد بصورة حتمية فالمؤكد أننا وعبر عشرات السنين نواصل الإخفاق في إدارة خلافاتنا بنجاح كما لو أننا منحنا العقل إجازة مفتوحة.. ومع الجنون طبعا لا يحصد الوطن غير الكوارث...

أليس ما يحدث الآن كارثة مفتوحة على كل الاحتمالات...؟؟

________________________________

* عضومجلس نقابة الصحفيين اليمنيين