خطة ترامب لغزة خيار مستحيل.. الغارديان: تسخر من موقف الدول العربية بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين
مقتل وإصابة أكثر من 9 الف مواطن يمني بسبب ألغام المليشيات الحوثية
انهكوه تعذيبا وأهملوه طبيا ...وفاة أسير في سجون المليشيا التي يشرف عليها عبدالقادر المرتضى
توكل كرمان: الإعلان عن حكومة موازية في السودان إقرار بهزيمة وسقوط مشروع اسقاط البلاد
ندوة سياسية تناقش أدوار ثوار11 فبراير في الحفاظ على منظومة الدولة ومقارعة الانقلاب
رئيس الإمارات يُبلغ أمريكا موقف بلاده من تهجير الفلسطينيين
السودان: الجيش يسيطر على محاور استراتيجية ويحاصر المليشيات في القصر الرئاسي
مدعوم من ترامب.. اليمني الأميركي أمير غالب يعلن ترشحه مجدداً لعمدة مدينة هامترامك
وزير النفط اليمني يربط استئناف تصدير الغاز المسال بوقف إيران دعمها للحوثيين
تصريحات جديدة للمبعوث الأممي حول السلام في اليمن ومعالجة الأزمة الإقتصادية
عاد المتظاهرون إلى "ساحة التغيير"، مساء الأربعاء، 27/ 4/ 2011، بالعاصمة صنعاء، ومعهم 14 شهيداً، وعشرات الجرحى. كانت مجزرة بشعة. وكان المعتصمون في حالة غضب عارمة؛ إذ ووجهوا برصاص المسلحين أثناء ما كانوا في طريقهم لتنفيذ وقفة احتجاجية أمام التلفزيون اليمني، طبقاً للمعلومات.
بعد ساعات من عودتهم إلى الساحة مصطحبين القتلى وعددا من الجرحى، اعتلى المنصة أحدهم، وأخذ يقرأ أسماء القتلى. كان يقرأ اسم الشهيد والمحافظة التي ينتمي إليها. وكان المعتصمون يهتفون بعد كل اسم؛ كنوع من التحية للشهيد ومحافظته. كان الشباب يهتفون ويصرخون بقوة بعد اسم كل شهيد. لكن أصواتهم أخذت ترتفع بشكل أكبر بعد كل مرة يسمعون فيها اسم "تعز"، التي تكرر اسمها سبع مرات؛ لأن سبعة من الشهداء الـ14 ينتمون إليها (قال البعض إن الشهداء الذين ينتمون إليها تسعة من أصل الـ14). كان المشهد بالغ التأثير يعكس الحضور الكبير لتعز في الثورة.
مساء تلك الليلة، بكى أحد أبناء صعدة (ينتمي لجماعة الحوثي) وهو يسمع اسم تعز يتكرر مستفرداً بنصف الشهداء. وقيل لي إنه أخذ يُردد اسم تعز، وعبارات عن أهميتها ومساهمتها الكبيرة في تقديم الشهداء. أثر في المشهد فأخذني الحنين إلى تعز، وشعرت أني أحبها بالفعل كمحافظة تستحق الحب، لا كمكان أنتمي إليه. وخلال نقاش عابر حول الموضوع، ذكرني أحد الزملاء بأن تعز قدمت نحو 33 شهيداً من إجمالي الـ54 الشهيد الذين سقطوا في "جمعة الكرامة"، 18 مارس الماضي، برصاص قوات الجيش والقناصة بالعاصمة صنعاء. توقفت لبرهة وشعرت بأهمية تعز. بعد بحث عن معلومات أخرى عرفت أن تعز قدمت، غير هؤلاء، شهداء آخرين في مدن يمنية أخرى.
كنت دائماً ضد التغني بتعز، لاسيما ذلك النوع من التغني ذي الرطانة الإنشائية المسكونة بتعصب مناطقي. غير أن تعز تستحق نوعاً من الإنصاف.
لأبناء تعز حضور كبير في عموم المدن اليمنية، حتى أن الدكتور أبوبكر السقاف قال إنهم "ملح الأرض اليمنية". الأرجح أن الكثافة السكانية الكبيرة التي رفعت نسبة التعليم في صفوف أبناء هذه المحافظة، وجعلت انتشارهم واسعاً وملحوظاً، هي التي جعلتهم يأتون في المقدمة بالنسبة للتضحية المقدمة لهذه الثورة، وعدد الشهداء الذين سقطوا حتى الآن في سبيلها.
أبناء تعز مندفعون بصدق في هذه الثورة، التي يُراهنون عليها لبناء مستقبل أفضل لليمن، ولتخطي حالة الإقصاء والمناطقية التي تعرضوا ويتعرضون لها منذ أغسطس 1968. وخلال الأيام الأولى لهذه الثورة، كان "بلاطجة" النظام يُلاحقون الطلاب، الذين فجروا الشرارة الأولى للثورة، ويعتدون عليهم، في شوارع العاصمة صنعاء، ناعتين إياهم بـ"البراغلة"، و"اللغالغة"! وتصعيداً لنبرة المناطقية القذرة، كان "بلاطجة" النظام، تالياً، يصرخون طالبين من الطلاب المحتجين أن "يروحوا بلادهم يتظاهروا"!
في "اليمن الجمهوري" أكد عبد الله البردوني أن أبناء تعز هم الذين تولوا، بشكل رئيسي، الدفاع عن الثورة، وعن العاصمة صنعاء أثناء حصار السبعين. ولو قُدر للبردوني أن يكون بيننا؛ لأنصف تعز مرة أخرى. يومها، أدرك أبناء تعز، عمالاً وطلاباً، أهمية الثورة، واصطفوا للدفاع عنها، غير أن "الثورة المضادة" لثورة سبتمبر تمكنت من إقصائهم؛ عبر تصفية وقتل عبد الرقيب عبد الوهاب، ثم عبر النبرة المناطقية التي استمرت تُلاحقهم حتى اللحظة، ضمن نبرة مناطقية عامة تقوم على الاستعلاء على أبناء اليمن ككل، وتحقيرهم!
يُدرك أبناء تعز اليوم أهمية الثورة الحالية، في بناء يمن جديد قائم على دولة القانون والمواطنة المتساوية. كذلك يدركون أن فشل هذه الثورة سيعني بقاء اليمن لخمسين سنة قادمة في وحل منظومة الحكم الحالية، التي دمرت البلاد، طوال العقود الماضية، معليةً من قيم المناطقية، والانتهازية، والفساد.