يعد مؤتمر الحوار هو الشغل الشاغل بالنسبة لليمنيين الآن، ذلك أنه المخرج الوحيد نحو مستقبل آمن للبلاد.
وفي هذا المخرج ثمة إجراءات وأنشطة وفرق عمل تمضي جاهدة نحو تحقيق هدف اليمنيين على السواء.
في الجزئية الخاصة بفريق عمل استقلال الهيئات في مؤتمر الحوار الشامل تتحدث "مأرب برس" مع رئيس الفريق الدكتور معين عبدالملك وهو ناشط في الثورة الشبابية ورئيس المكتب التنفيذي للمجلس التنسيقي "تنوع"
حوار / مجيد الضبابي
- في البداية حدثنا عن الحوار وتعليقك عليه ؟
الثقافة التي تدور في الحوار هي المعطى الوحيد في المبادرة الخليجية حيث موضوع التسوية السياسية وانتقال السلطة هي آلية لإنهاء الصراع الذي كان محتدما في البلاد وكان يهدد بإجهاض مخرجات الثورة وكان المعطى الحقيقي هو الحوار ودخول كل الأطراف السياسية في الحوار حتى القوى السياسية التقليدية والمرأة والشباب والحراك وأنصارالله فالنقاش المباشر حول شكل الدولة والنظام الانتخابي وتقسيم الحوار إلى تسع فرق تتيح تغيير فعلي في اليمن.
فيما يخص شكل الدولة وفصل السلطات والهيئات المستقلة كل هذا سيفضي إلى صياغة الدستور على خلاف الأخوة في مصر الذين دخلوا في صياغة الدستور مباشرة أما عندنا سيشترك في صياغته كل الأطراف والقوى السياسية .
- كيف تقرأ معطيات الفرق الأخرى وتقاريرها حتى الآن؟
هذه تشكل بداية مبشرة وتعطي مؤشرا على تداخل فيما بينها في كثير من القضايا ،وتساعد في تحسين أداء الفرق في المرحلة القادمة وتضع كثيرا من الضمانات في الدستور حيث قطعنا مشوارا كبيرا في إذابه الجليد رغم أنه لا تزال القوى السياسية تسير برؤى ضيقة لا يخفى على أحد أن الفرقاء كانوا يتقاتلون إلى وقت قريب ولكن تحمل المسئولية من قبل الأعضاء -التي تأتي في إطار المشاركة المجتمعية نتيجة الرسائل التي يبعثها المجتمع -تُحمل الأطراف السياسية المسؤولية ،فأجواء الحوار بَنت روح إيجابية فاجأت الكثير فأكثر النقاشات احتداما كانت تصل في النهاية إلى حلول.
- حدثنا عن فريق استقلالية الهيئات ؟
فريق استقلالية الهيئات يتناول جزءاً كبير من أجهزة الدولة الرسمية ،عدد الفريق 80 عضوا حاليا ،70 عضوا مكون من 7مجموعات ،جزء من الفريق يتعلق بأجهزة الدولة والجزء الآخر يتعلق بقضايا البيئة وقضايا خاصة.
- كيف وجدت نفسك في فريق استقلالية الهيئات؟
البداية كانت في الثورة الشبابية حيث عرفت بعض الدلالات الرمزية عند مناقشة أهداف ومبادئ وثيقة الثورة من خلال المجلس التنسيقي "تنوع" حيث كان من أهداف ومطالب الثورة استقلالية الإعلام وحل أجهزة الرقابة ،وكما أن هذه الأهداف موجودة في كل الفرق الأخرى في الحوار سواء الأمن والجيش وبناء الدولة ...هذه التجربة والمناقشة التي تمثلت في الائتلافات وكونت تجربة إنسانية رائعة لديْ بدخول الحوار الوطني في فريق استقلالية الهيئات بالتحديد.
- حدثنا عن آلية العمل في فريق استقلالية الهيئات ؟
آلية العمل التي اتبعناها مكنتنا جميعا من مراجعة الدساتير للهيئات ،والفصل بين السلطات ،وآلية الانتخاب والتعيين وضمان الكفاءة والفعالية للهيئات الإدارية حيث عملنا بجهد متواصل وعمل مكثف في البداية ،كانت الجلسات تصل إلى ثلاث جلسات استماع في اليوم من أجل جمع القاعدة المعرفية لنتمكن من وضع مخرجات الدستور اليمني ،فالإحساس بالمسؤولية أدى إلى تلاشي الفروقات بين المكونات السياسية كالحراك والأحزاب السياسية والحوثيين ،فالكل شعر وأحس بأن المبادئ هي من أجل بناء دولة حديثة بغض النظر عن أي خلاف ،كما تمت آلية عمل الفريق من خلال الاستماع إلى كادر هذه الهيئات والوزارات المختلفة وتم استلام أوراق العمل بشكل تفصيلي عن هذه الهيئات والوزارات المطلوب استقلاليتها ،وهذا ساعد في بناء القرارات .
- التقرير النهائي للفريق لاقى استحسان الجميع في الجلسة العامة ويعتبر لحد الآن من أحسن التقارير التي خرجت بها الفرق ،هذا النجاح يرجع إلى الطريقة المنهجية التي اعتمدها الفريق فما هي؟
أكيد كانت نتاج طريقة منهجية وجهد متواصل من أجل معرفة المبادئ الضامنة لاستقلال هذه الهيئات والأحكام العامة التي وضعت في التقرير هي أساس مبادئ الاستقلاليات لأنه قد تضع نصا أو مبدأ دستوري غير محدد المعالم سواء في الأجهزة الرقابية أو غيرها يجعل ادائها ضعيفا، وعملنا على الإجابة على السؤال ..لماذا يجب أن يدافع المجتمع عن هذه الهيئات وعن أهمية استقلال القضاء والفصل بين السلطات والهيئات المختلفة ؟...لأنها ملكا للشعب.
والأجهزة الرقابية تراقب الأداء المالي والإداري في كل أجهزة الدولة وتقدم تقاريرها إلى البرلمان.
- ماذا عن الإعلام واستقلال هذا الجهاز المهم ؟
الإعلام هو خاص بالمجتمع فامتلاك السلطة للإعلام لا يمكنه من القيام بدوره كما يجب فلا بد أن يطمئن المواطن بأن الإعلام يدار من قبل الكفاءات الإعلامية في البلاد وكان لابد من ضرورة وجود إعلام مستقل وإعطاء حرية للإعلام الخاص كما أنه لابد من إعادة هيكلة الإعلام المملوك للدولة ليكون حديث وفاعل .
- ماذا عن الخدمة المدنية ،هذه الوزارة التي تهم الكثير وكيف ستؤدي عملها باستقلالية ،وكذا وزارة الشباب والرياضة ؟
بالنسبة للخدمة المدنية سوف يتم إخراج الجهازمن الاستقطاب السياسي والتأثير الخارجي فرئيس هذا الجهاز أو الهيئة يتمتع بتحصين ،والتعيين من قبل البرلمان تتيح له إصلاحات في عمله وعدم تدخل الأحزاب أوالقبيلة في التعيين، وستؤدي عملها بشكل مستقل عن كل القوى والتأثيرات الخارجية والقوى النافذة.
أما التأمينات والمعاشات لم نستطع مناقشتها وسوف يتم العمل في هذه المحاور في الفترة القادمة للخروج بقرارات خاصة.
وأما وزارة الشباب والرياضة لم تعنَ بشؤون الشباب ولم تضع استراتيجيات واضحة حيث اقتصر عملها على تمويل بعض الاتحادات الرياضية وتقديم الدعم لها ككرة القدم والاتحادات الأخرى .
وموضوع الشباب يحتاج إلى استراتيجيات واضحة في التنمية والتعليم والتمكين السياسي حيث عملنا على كثير من الضوابط التي تنضم مجلس الشباب الذي وضعنا أحكام عامة لاستقلاليته ،أما قطاع المرأة ،وكذا الطفل يجب أن يكون بعيدا عن التسيُّس ،والانتخاب ،والتعيين ،وأن يكون وفق معايير لهذه الأجهزة ،ومجلس حقوق الإنسان يرصد كل الانتهاكات ويرفع تقاريره للبرلمان ويلزم الدولة بحماية حقوق الإنسان ورصد المظالم
- ضمن الفرق السبع في فريق استقلالية الهيئات مجموعة الجماعات المسلحة والثأر ،كيف عملتم في هذا المحور وماهي أوجه الخلاف حولها سيما أنه يوجد أطراف ترفض الحديث في مثل هذه القضايا ؟
موضوع القضايا الاجتماعية يتركز حول السلاح والثأر والجماعات المسلحة ودور التهريب للسلاح والاتجار فيه باليمن وما دور المنظومة السياسية في تكريس وجود هذه الجماعات المسلحة وتمكين بعض النافذين من بعض الدوائر الانتخابية ،والمكاتب الخدمية ،وتحويل الدولة إلى مورد لبعض النافذين في ظل غياب الدولة ،وتحويل هذه الظاهرة إلى استقواء في السلاح وتشكيل جماعات مسلحة فكان العمل قائما ،فهل نريد يمن خالي من هذه الظواهر والكل يحتكم إلى القانون والعدالة والإنصاف ،وقد توصلنا إلى عدد من النصوص التي تجرم إنشاء أو وجود جماعات مسلحة ،والكل يعلم أن السلاح متواجد بشكل رهيب ..لكننا وضعنا نصوصا وأحكاما تجرم الجماعات المسلحة والاتجار بالسلاح ،والدولة القادمة هي معنية بتطبيق ذلك.
كما وضعنا وناقشنا ما يخص إقلاق السكينة العامة والأمن الاجتماعي والثأر .
- دكتور يتمحور عملكم أيضا في قضايا البيئة ،حدثنا عن هذا الموضوع ؟
موضوع البيئة يعتبر من أكثر المشاكل والتحديات التي تواجه البلاد ،فالموارد المائية وأداؤها والشح في ظل عدم وجود استراتيجيات ودراسات واضحة ،وقد عملنا على توحيد سلطة إدارة الموارد المائية والري ووضع مبادئ دستورية للبيئة والموارد الطبيعية ونصوص تساعد على وضع بنية قوية في هذا المجال بالإضافة إلى وضع هيئة رقابية عليا تختص بكل ما يتعلق بالبيئة.
- طيب خطة الفريق للمرحلة القادمة ،ما هي ؟
سنعمل على الاستماع إلى بعض الخبراء والهيئات من خلال ورش عمل موسعة خاصة بوضع إطار عام لبنية هذه الهيئات وتطوير آلية العمل بها، فالإعلام سيكون لديهم خبراء لصياغة دساتير في الأجهزة الإعلامية وكذا الأوقاف سيكون لهم قضاة ومتخصصون في هذا المجال كما سنعمل على دارسة القانون المقدم من وزارة حقوق الإنسان حتى نتمكن من وضع بنية واضحة لهذه المؤسسات بناءً على تجارب الدول الإقليمية والدولية في هذا المجال.
- أنت عضو في لجنة التوافق التي شكلت مؤخرا ،أخبرنا عن دور هذه اللجنة وآليات عملها ؟
لجنة التوفيق تقوم هذه الفترة في مناقشة خطة عمل الفرق للفترة القادمة في جدول زمني لإنجاز المهام المتبقية للجلسة الختامية ،وهناك الكثير من القضايا سترفع إلى لجنة التوفيق التي ستنظر فيها وتعمل على حل الإشكالية حولها ،فبعض الفرق رفعت للجنة فيما يخص القضايا الخلافية وبعض الفرق رأت ضرورة تأجيل مناقشة كل ما اختلف فيه إلى الفترة القادمة.
- هناك من يتحدث عن تمديد فترة إضافية للحوار ،لأن بعض الفرق لم تستكمل عملها وأمامها صعوبات لإنجاز العمل مقارنة في الفترة المتبقية ،هل من خبر حول هذا الموضوع في لجنة التوفيق ؟
الحديث عن التمديد مبكر لأنه هناك عمل متواصل خلال هذه الفترة منها ثلاثة أسابيع في رمضان وكذا بعده من هناك سيتحدد إلى اي مدى أنجزت الفرق خططها.
فمثلا فريق القضية الجنوبية يدرك هذا الأمر،وسيكون العمل خلال الفترة المقبلة أسرع ولا يمكن قياس العمل في المرحلة الأولى .
- كيف نطمئن المواطن عن استقلالية هذه الهيئات؟
نطمئنه من خلال عدم تمكين القوى في الترشيح ،وعلى رأس هذه القوى الهيئات أو المؤسسات كما أنها لم تكن تابعة لرئاسة الجمهورية ،وتوفير ميزانية خاصة بها ستجعل المواطن يطمئن على مستقبل وأداء هذه الهيئات ،فالشعب كان قد فقد الثقة في هذه الأجهزة لأنها خاضعة للسلطة التنفيذية بشكل كبير ،وما نعمله هو دراسة تجارب بلدان رائدة ورؤسائها.
إن كل ما يطرح في الحكم الرشيد تضمنه هذه المنظومة في الهيئات المستقلة ،وهذا الوعي ينبغي أن ينتقل إلى المواطن لمعرفة أصول حقيقية للتجربة الديمقراطية.
- أوجه الخلاف للفريق....؟
كانت تبنى على رؤى المكونات ،وعلى أسس ضيقة لكن النقاشات مهما كانت مثيرة وجدلية في الأخير نصل إلى حل وقد تجنبنا كثير من الأمور التي حدثت في بعض الفرق مثل ما طرح من الفريق (أ )يجب أن يطرح ضده من الفريق(ب)،والجميل في هذه المرحلة أنها مرحله انتقالية وحكومة وفاق ،والأحزاب لا تستطيع أن تنفرد بالقرارات التي تريد ولكن صوت الأعضاء هو الغالب.
- ما الذي تأخذه على الحوار الوطني ؟
الابتزاز السياسي من بعض القوى السياسية التي تعمل على التشكيك دائما وعرقلة أي قرار ،ويريدون أن يُلتفت إليهم كقوى موجودة على الأرض وهذه مرحلة عدت محاولة خلط الأوراق ..هذه أعتقد الاشكاليات .
لكن قوى الحداثة وقوى التغيير والنخب والأدباء والناشطين والشباب المستقلين والكتل السياسية هي التي ستصوغ مستقبل البلاد مهما حاولت هذه القوى تبادل الأدوار وتعطيل المرحلة.
وفي الأخير النجاح يأتي بعد إخفاقات واليمن ياما مرت بإخفاقات سابقة ،والحوار نقطة مهمة في تاريخ اليمن ويجب على الجميع استغلال هذه المرحلة والاصطفاف حوله لوضع عقد جديد في تاريخ اليمن.