اليمن تتسلم من موريتانيا رئاسة مجلس جامعة الدول العربية اتحاد غرب آسيا يقر بخطئه بحق منتخب اليمن ومطالبات لاتحاد الكرة بالإنسحاب الداخلية السعودية تتوعد بعقوبات قاسية.. ترحيل أكثر من 11 ألف شخص وضبط نحو 1000 آخرين في الحدود بينهم 39% يمنيين هل أفلس بنك اليمن الدولي؟.. صحفي اقتصادي يشير الى الجهة المتسببة في أزمة بنوك صنعاء هل تعاد مباراة اليمن والسعودية ؟ بن مبارك في الدوحة وهذه أبرز الملفات المطروحة على أجندة الزيارة تطورات خطيرة في 3 حوادث خلال 48 ساعة.. 7 مصابين خلال إطلاق نار في امريكا الجيش الإسرائيلي يقتحم عدة بلدات ومدن وينسحب من نابلس بعد قصف حزب الله ..الجيش الإسرائيلي يعلن الرد و يشن ضربات عنيفة في جنوب لبنان العلماء يعلنون عن اختراع علمي مذهل في علاج أمراض الدم
لم أعد أسمع بأذني اليسرى ، ضعف السمع فيها تدريجيا حتى لم أعد أسمع فيها شيئا ، ففط طنين خافت ، قبل أكثر من عام أصبت بطنين حاد في الأذنين ولم ينته الا بعد أسابيع من التعب واستخدام العلاج ، وفوق هذا لطف الله وفضله ، لقد أرهقني ذلك الطنين ونغص حياتي بشكل مخيف.
بإذن الله أذهب للطبيب وأبذل جهدي في العلاج حتى لا أفقد سمعي بشكل كامل ، مع أنني سأنعم بجو هادئ يناسبني للقراءة والتركيز ، لكنني في الوقت نفسه سأخسر كثيرا ، سأخسر الأصوات الجميلة للمقرئين والمنشدين، الحوارات الجادة من البودكاست ، أحاديث أمي ، الفيديوهات الرائعة وغيرها الكثير .
من المؤكد أن السكري العامل الأبرز لما يحدث ، وكلما حاولت التعايش معه ومصادقته كلما فاجئني بضربة مؤلمة وغير متوقعة .!
كان الأديب الكبير الذي كتب " وحي القلم " و " تحت راية القرآن " وغيرها من الروائع قد أصيب بالصمم وعاش طيلة عمره يسعى للعلاج ، يومها لم يكن الطب بهذا التطور ، ولم تكن السماعات الحديثة قد ظهرت بهذا الشكل المتقدم ، لقد كان يراسل الكثير من أصدقائه ومحبيه في أوربا وغيرها كلما سمع عن ظهور سماعات جديدة لتقوية السمع ، ومع هذا تجاوز هذه الإعاقة ، وعاش حياته كأي إنسان طبيعي وكتب وأبدع وقدم للأمة الكثير من المؤلفات الرائعة ، والكتابات النافعة ، والإبداع المدهش .
قرأت الكثير من الكتب فلم أجد مثل لغة الرافعي المتفردة الراقية المحلقة في أفق من الجمال والروعة التي لا مثيل لها ، كيف لا وقد أقتبسها من القرآن فهو من عاش " تحت راية القرآن " ومن كتب وأبدع وأجاد وأفاد في الحديث عن بلاغة القرآن فقد بدأ الرافعي حياته مع القرآن الكريم، فقد ختمها أيضا معه، حيث كان القرآن الكريم آخر عهد له بالقراءة التي هي شغفه الأول والأخير، كما كان آخر عهد له أيضا بالحياة التي عاش فيها مسافرا على أجنحة الإبداع، أو متبتلا تحت ظلال وحي القلم .
ومما يؤثر في دفاعه عن لغة القرآن قوله عن نفسه "إنّه يُخيل إليّ دائما أنّي رسول لغوي بُعثت للدفاع عن القرآن ولغته وبيانه، فأنا أبدا في موقف الجيش تحت السلاح".
كم أدهشني ذلك العمق الذي في كلمات ذلك الأصم الناطق ، وكم أطربني أسلوبه الساحر المتدفق مثل نهر من العسل المصفى ، وكم بهرني أسلوبه وهو يغوص في أعماق النفس البشرية ورغم ما أودع الرجل في كتابه من تاريخ وعمق تحليلي وقراءة واعية للتراث العربي بمختلف مجالاته الثقافية والأدبية والدينية، فإنه كان بالنسبة له أقل من المرغوب ودون ما كان يروم، إذ يقول "لا أقول إنّي أتيت منه على آخر الإرادة، ولا أعزم أنّي أوفيتُ الإفادة .
في وحي القلم يحدثك الرافعي بمناجاة بديعة وشعور صادق عن خبايا النفس وخفايا القلب وتقلبات العواطف وأسبابها ويفلسفها ويفككها ويكشف لك أسرارها ويخرج لك أخبارها وكأنه قد أصطلي بنارها فكتب كتابة من عانى وكابد الأشواق وأحب وسهر الليالي وجرب الهيام وأصابه الشغف وأشرف على التلف .!
والرافعي يكتب بقلب يتذوق الجمال ويستشفه في كل ما يكتب ، وإذا كتب عن الجمال في المرأة فإنه يكتب عن أرقى معنى له ذلك الذي يتجاوز اثارة الغريزة الجسدية أو النظرة بعين مراهق لا يرى الجمال إلا في شهوته وما يثيرها ولكنه يرى هذا الجمال كجزء من كتاب الكون الكبير المفتوح والذي يدعوك كل ما فيه من جمال وعظمة إلى الإيمان بالله الخالق المبدع تبارك الله أحسن الخالقين ..
لقد استطردت كثيرا في حديثي عن الرافعي وأدبه حتى خرجت عن موضوعي ، وهو استطراد مفيد على كل حال .