شهادات .. صالح واحمد الحبيشي .. وتمرُّد باسندوة.
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: 4 سنوات و 5 أشهر و 11 يوماً
الأحد 07 يونيو-حزيران 2020 07:14 م
 

فجأة عند منتصف إحدى الليالي رنّ هاتف المنزل الأرضي بعدن ..

بعد التحية والسلام قال لي صاحب المكالمة أن الرئيس علي عبدالله صالح يطلب حضورك إلى صنعاء ضروري خلال يومين.

قلت له وأيش يؤكد لي أن الرئيس كلفك بالإتصال .. قال أنا من التحويلة الخاصة .. وتوقف للحظات .. واسترسل( هيا هو ذا الرئيس معكم على الخط).

 فعلاً كان صوته .. لم تستمر المكالمة معه أكثر من دقيقة ترحيب ومجاملات .. وخلال ٢٤ ساعة استقبلني الزعيم في صنعاء.

أشياء كثيرة مثيرة قالها(سيأتي وقتها) .. لكنه أراد أن يحشرني في الزاوية الضيقة في موضع الإتهام لأنه يعتقد إنني ممن يفرحون بمقابلته لمطمع أو حاجة, وفوجىء أنني رفضت كل عروضه في تعييني في منصب إعلامي كبير بنظره( رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة) أو أي منصب آخر.

المحيطون به ومستشارو الاحتياط ( سبب البلايا) كانوا يقنعونه كل مرة أن كتاباتي ضد سلطة الحكم العائلي لأسباب شخصية محضة, وكان يطمئن لذلك كثيراً ويظهر تغاضيه رغم أنه بعد نشر مقالتي( اليمن.. من الجمهورية إلى الحكم العائلي) في صحيفة الشورى ٢٠٠٤ م هرع إلى بعض المعسكرات يؤكد لها ان هوية الجيش جمهورية وولاءه وطني ووظيفته حماية ما يسميها مكتسبات الثورة .. ولم ينسَ الزعيم الإشارة إلى الدوافع الشخصية لبعض المغرضين ومن يشككون بولاء الجيش(لله والوطن والثورة) وقال( مش كل شخص يختلف مع رئيس مؤسسته يكتب ويهاجم في الصحف) واضاف( لا تصدقوا أمثال هؤلاء).

في تلك الفترة كان نظام صالح في حضيض جماهيريته .. وفعلت عاصفة ملف التوريث التي تبنتها بعض صحف المعارضة أثرها وأربكت حسابات العائلة الحاكمة..

أما أنا فقد نصحت الرئيس في مقالات مبكرة قبل سنوات أبرزها في صحيفة الثوري عام ٢٠٠١ بنقل السلطة سلميا .. وتدرجت حتى لحظة (الانفجار الكبير).

كنت نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة ١٤ أكتوبر للصحافة بقرار من الرئيس صالح نفسه من مايو ١٩٩٩ حتى مايو ٢٠٠٥ م .. اعتذرت لوزير الإعلام( صهر الرئيس) عبدالرحمن الأكوع عن تولي منصب رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير واقترحت عليه ابقاء إبراهيم الكاف المُكلَّف سابقا منذ عامين , لأبقي لنفسي مساحة من استقلالية الرأي .. كان لاصرار صالح على تعييني علاقة وثيقة بأِضعاف منبر إعلامي آخر لا أقل ولا أكثر , نشرت فيه عموداً أسبوعيا لم يكن أقوى ولا انكأ مما كتبته ضد نظام حكم صالح بعد صدور قراره الجمهوري بتعييني في ١٤ أكتوبر .. ولكن كما قال لي أبرز معاوني صالح نحن على استعداد أن ننشر لك ما تريد ضد السلطة في صحيفة ٢٦ سبتمبر أو الثورة أو الميثاق دون شطب أو مراجعة .. كان يهمهم أكثر تبعية الوسيلة الإعلامية لحزب آخر وليس ما أكتبه بالضرورة.. فقلت في نفسي هذه فائدة ومفتاح لفهم عقلية السلطة .. والحقيقة أنني كتبت في صحيفة حزب مغمور مهجور كانت صحيفته لا تصل إلى باب اليمن .. لكنه يضم عمائم لها حسابها ووزنها عند صالح وأجهزته.. وربما يتذكر الزميل العزيز الأستاذ نصر طه مصطفى ذلك الموقف !!.. وأين صار أصحاب العمائم.. وماذا حلَّ بالقوم.

* أما بعد *

أختصر إذن, لأن التفاصيل كثيرة, وأعود إلى أن المحيطين بصالح فسروا له بطريقتهم أن موقفي ليس من الحكم العائلي ولا من أداء أجهزة الدولة وولاء الجيش في عهده وإنما خلافات شخصية بيني ورئيس مجلس إدارة مؤسسة ١٤ أكتوبر حينها إبراهيم الكاف رحمه الله الذي اقترحت أنا تعيينه رئيس مجلس إدارة بمعرفة الاستاذ عبدالرحمن الأكوع .. كان من الصعب عليهم إظهار صالح بصورة تخالف الوهم الإعلامي الذي زرعوه له وضخَّموه في نفسه .. وأن كل من يكتب أو ينتقد سلوك النظام لا يكره الزعيم المعظم .. وفعلاً لم أكره صالح ذات يوم لشخصه وإنما سلوكه وسلبيته في إدارة البلاد وعناده المريض حيث بمقدوره الاصلاحات بقليل من الإرادة وحسن النية .. لكنه احتكم إلى موروث قبلي يرى الفساد الإداري والمالي نقلة نوعية في وعي قبائل الحرابة والتقطع, عدا إباحة مؤسسات الدولة والعبث بها كأقطاعيات خاصة مملوكة , وقتل واطفاء الروح المعنوية للقدرات والطاقات والمواهب والكوادر البشرية المكدسة في البلاد .. وهي أسوأ ما فعلته حقبة صالح أكثر من موبقات أخرى اغتالت المستقبل وأفسدته بدرجة مساوية لما يفعله الحوثيون اليوم بِسَوَق البلاد والعباد صوب المجهول .. والسلاليون أسوأ منه بكثير( ولا مقارنة) لكن صالح فقد فعاليته كحاكم وإنسان في مقامرته بتسليم البلاد كلها للفوضويين(غوغاء بدر الدين) لمجرد ثأر شخصي من خصومه في بيت الأحمر وحزب الإصلاح .. لهذا كان يفسر ما يدور حوله من منطلق نظرية ردود الفعل والمصالح والمكاسب الشخصية الذاتية فقط .. وما يعتبره أنصاره إنجازات في عهده هدمها بعقليته المريضة وكأنه فعل ذلك من ماله الخاص وليس بأموال الشعب ألتي استباح مع أبنائه وبناته نصفها على الأقل إلى اللحظة.

** سألني صالح بلغة المتشفي مابينك وبين أحمد الحبيشي.. فابتسمت ..( لا

شيء) كان ذلك مدخله للتحقيق معي حول مقالة( ٢٨ عاماً .. ألصالح لا يصلح) نشرتها في موقع (الشورى نت) بمناسبة ٧يوليو .. كان توقيت النشر قاتلاً له قبيل انتخابات الرئاسة سبتمبر ٢٠٠٦ م أضطر معها لتوجيه عبدالله قيران مدير أمن عدن صهر نجله أحمد وإرسال طقم مسلح ورافعة سيارات لسحب سيارة حكومية ظلت بحوزتي بعد اقالتي من مؤسسة ١٤ أكتوبر للصحافة .. وزعم صالح أن أحمد الحبيشي رئيس مجلس إدارة المؤسسة الجديد تصرف بمفرده ووجه مذكرة إلى مدير الأمن والمرور بذلك.

قلت له لا علاقة للحبيشي أنت الذي وجهت صهرك خلافاً للقانون الذي يعطي الحق لكل معين بقرار جمهوري الاحتفاظ بسيارة أو أكثر بحسب منصبه.

قال صالح : أنت لا تعرف الحبيشي رجل أناني ونجرسي .. قلت له تقصد ( نرجسي) .. قال : بالضبط.. وسرد مواجعه منه عندما أصدرت حركة موج صحيفة( الوثيقة) من الخارج لمعارضة نظام صالح .. وكيف أن الحبيشي مرمط بهم وأثخنهم .. ثم ها هو صالح الرؤوف الرحيم يتجاوز عنه .. وأشار في اللقاء إلى كيف أن الرجل الآن في منصب رفيع رغم كل مواقفه الموجعة, في تلميح ومساومة شخصية معي.

قلت له يا سيادة الرئيس لو كان المنصب أو السيارة تهمني كثيراً لما كتبت عن السلطة ما كتبته, علماً أنني نشرت آرائي في غير صحيفة ١٤ أكتوبر الحكومية .. وزدت أنني أمارس وظيفة حكومية عامة يحكمها قانون العمل, .. وتدرجت في الوظيفة طوال ٢٨ عاماً) .. أِمتقع وجه الرجل قليلا ثم ضغط على ركبتي : انا أعرف ما به إلا أحمد الحبيشي غريمك لكنك تستحق ) وأضاف المثل الشعبي : ما لِلْحَبّ المُسْوِس إلّا الكيال الاعور) فضحكت قائلاً : أنت يا سيادة الرئيس اعترفت قبلي أن أحمد الحبيشي دَوَّخَك) .. قال : في هذه ما بعدها كلام .. قلت: إذا بيني والحبيشي شيء سنتفاهم .. ومن طبعي تقليل أهمية بعض الإساءات الشخصية وتجاهلها, لأنه لا يؤرقني شيء أكثر من كابوس حكم صالح المزمن نفسه.  

** ألمحيطون بالرئيس يتعمدون نقل معلومات خاطئة لتبرئة ساحتهم أو يتحينون الفرص للانتقام من الحبيشي أو غيره خصوصاً إذا كان الشخص الثاني أو أحد قياديي المؤسسة محسوباً عليهم أو يريدون احلاله كبديل بأي طريقة لذلك فشلوا في أكل الثوم بفمي .. لأنني إذا شكوت الرجل بنظرهم قد يحقق ذلك أمنية من لا يرغبون بالحبيشي حول الرئيس, وقد تتم إقالته كما يرغبون لإحلال من يروق لهم .. وهؤلاء أكثر من نغص حياتنا, أما أحمد الحبيشي فلا يستعصي على من عرفه جيداً .. وهذه خبرتها كثيرا في تعيينات وزارة الإعلام حيث تصطدم تعيينات قيادات المؤسسات الإعلامية برغبات مراكز القوى المصطرعة حول الرئيس, وإليكم الأمثلة.

* باسندوة يتمرد أمامي *

استدعاني الأستاذ محمد سالم باسندوة وزير الإعلام أوائل ١٩٩٥ إلى مكتبه وقال لي بعصبية وغضب وهو ينتفض من كرسيه متوعداً : أنا هنا وزير الإعلام رقم ١٨ .. ليس لي علم بما يجري ولا يهمني البقاء في الوزارة ولا يشرفني المنصب.. ليش يضحكوا علينا) وأخرج لي مذكرة جاهزة من رئاسة الجمهورية بها مجموعة تعيينات في مناصب قيادية من رئيس مجلس إدارة ورئيس ونائب ومدير تحرير .. كنت واحداً من هؤلاء بمنصب نائب رئيس تحرير صحيفة الوحدة الحكومية.

وأضاف الباسندوة أطال الله في عمره: أنا مش معترض عليك انته بالذات لأنني أعرف قدراتك, واقرأ لك, واسلوبك يعجبني).. قلت له أنا مثلك ليس لي علم بترشيحي وأنسحب) .. قال لا استدعيتك لأخذ رأيك في الموضوع بشكل عام .. بعد مداولات قلت له إنتظر حتى صباح الغد أن شاء الله فقط أريدك توجيه الأستاذ محمد ردمان الزرقة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة رئيس التحرير بصرف مبلغ ١٠ الف ريال لأحد المخرجين الصحفيين !! ..

صباح اليوم التالي صدرت صحيفة الثورة الرسمية بشكل مثير لأنتباه الشارع الصنعاني, لم تُحدِث صيحة وإنما ضجة لفتت إلى لمسات ايجابية في شكل الصحيفة( بشارة مولود جديد) .. تم تغيير ترويسة الصحيفة ولونها وإخراج الصفحة الأولى والأخيرة أفضل من قبل نسبياً .. رغم أن ذلك حدث على استعجال بإشراف رسام الكاريكاتير والمخرج الشهير محمد الشيباني.

كان أحد مراكز القوى حول الرئيس يراهن على إحلال أحد المحسوبين عليه بديلاً عن محمد الزرقة في منصب رئيس التحرير وبقائه كرئيس مجلس إدارة فقط على طريق ازاحته نهائياً بذريعة أن الرجل لا يواكب التجديد الصحفي.

وفجاة استعاد الباسندوة الزمام كوزير أول للإعلام وليس رقم ١٨ وفرض ما يراه من تعديل التعيينات بأقل الخسائر( ١٠ الف ريال فقط لا غير) .

 اما الاستاذ محمد الزرقة رحمه الله فكان ولا يزال قامة إعلامية كبيرة يشهد له خصومه قبل محبيه, لكن استراحته الفنية طالت ولم يهتم بالتجديد !!..

لكنني أعتب على الأستاذ باسندوة أنه رغم نزاهته المشهودة ونظافة اليد والضمير فقد جرى استغلاله من الباطن إلى حد بعيد بعد تعيينه رئيساً لحكومة وفاق فبراير ٢٠١٢ م بتمرير صخر الوجيه وزير المالية(الموثوق) أمر صرف ٢ مليار ريال من المال العام من إجمالي ١٠ مليارات لصالح عبدالمجيد الزنداني

بغطاء (جامعة الإيمان) كان قد أمر بها الرئيس صالح ثمن صفقة اخراس لسان الزنداني في إنتخابات ٢٠٠٦ الرئاسية, تسلم منها مليارين(كعربون) مقدما, وصفقات أخرى استغل بها صخر الوجيه ومتعهديه الحزبيين عواطف باسندوة المتناثرة وتوقيعه ومصادقته الجاهزة !!.

أحمد الحبيشي رحمه الله كان من الصنف الصحفي والثقافي المتجدد , لا ينكر خصومه مواهبه لذلك فرض نفسه في تنقلاته السياسية بين وادٍ غير ذي زرع, الى جنتين عن يمين وشمال, وتلك ليست مثلبة, ولو لم يكن بتلك اللمسات والقدرات الفنية لما فرشت له دواوين الأحزاب واغدقت عليه عطاياها..

 تعامل صالح مع تعيين أحمد الحبيشي بالتخلص من عبئ صوت يؤرقه .. إلا أن الأخير أيضا كان يَحذَر لكنه لا يحقد .. ويبقى تقييم أسلوب إدارته ومعاملته الشخصية من حق عاملي المؤسسات والصحف التى تولى إدارتها للوقوف على عدالته من مظالمه.

* عقوبة أم مساومة *

أِقالة الرئيس صالح لي من الوظيفة قبل تعيين الحبيشي رئيساً لمؤسسة ١٤ اكتوبر ومصادرة السيارة بالقوة الجبرية كانت عقوبة استكشافية للمساومة بمزايا أخرى أكبر وأفضل .. وليس تصوفاً أو ادعاء التعفف مني ولكن في الحقيقة بعد مقالة ( الصالح لا يصلح) ومقالة أخرى نشرتها في صحيفة الوسط الاسبوعية أيضا قبيل دعاية الانتخابات الرئاسية استمال صالح العديدين بالعطايا المغرية مقابل اعتماد قائمة الممنوعين من النشر في صحفهم الذين كنت أحدهم.

تغير محل إقامتي في عدن فجأة وأشياء أخرى, واضطر صالح لتكليف من يتصل بأقاربي في عدن وتعز وصنعاء للسؤال عني, اعتذروا بتغيير رقم هاتفي وسكني.. اعتبرت الهاتف النقال نوعا من البذخ !!.

عرض وسيط الرئيس صالح على عَمِّي رحمه الله سيارتين جديدتين آخر موديل ومبلغاً كبيراً, لكن اللعبة الانتخابية قد انتهت بانتصار معنوي.. لم أعلم بالعرض لأنني انقطعت عن الأهل, والابناء في إجازة الصيف بتعز .. خضت في كأس المعركة حد الثمالة, وبدلًا من صحيفة واحدة حَجَرَت قلمي في صنعاء بمساومة توزعت مقالاتي في ثلاث صحف و ٧ مواقع إليكترونية, كنت أعرف نتيجة الانتخابات وذكرت نتائج التصويت بالنسبة المئوية لمرشح المعارضة والصالح بالضبط في صحيفة الناس قبل ظهور النتائج, ٧٠ إلى ٣٠ % وهو أقصى ما اعتبره صالح تنازلًا برغم استبعاد نصف مليون صوت لفيصل بن شملان بتعطيل عمل لجان فرز الاصوات.. وصعدت نسبة الزعيم إلى ٧٦ % بتفاهمات الكواليس( بزنس وضغوطات مغرية من متعهدي بن شملان) !!.

قال لي عمي بعد الانتخابات مازحاً : صاحبك بن شملان خسر وخسرت أنت معه) قلت :( كيف) .. فحدثني عن عروض الزعيم المغرية والاتصال الذي بلغه من صنعاء إلى عدن وتعز.

وبعد ٥ أشهر على ماراثون الرئاسة كان طلب الرئيس صالح حضوري إلى صنعاء على رأي المثل( ألدِّم يحب خانِقُه).

حمدت ألله أن الأهل لم يتواصلوا معي لتأثيرهم الشخصي الذي قد يفرمل مسار الدعاية ضد نظام الحكم العائلي .

لكن حديث صالح لم يتوقف عند أحمد الحبيشي والحزب الاشتراكي والحوثيين فسألني عن رأيي بوزير الإعلام الحالي حسن اللوزي عام ٢٠٠٧ م والوزير السابق حسين العواضي قلت له بدون تردد السابق أفضل بكثير .. وقناعتي أن الاثنين لا يصلحان بأي حال بمعايير الشخصية الإدارية, إلا أن حركية العواضي ومحاولته نعث بعض ملفات فساد مؤسسات الإعلام أفضل من بيروقراطية حسن اللوزي الذي يحاول أن يكون شاعراً إلى اليوم .. وكان صالح يقصد أشياء أخرى لم أقبلها فقد عرض علي للمرة الثانية تولي إدارة مؤسسة إعلامية مثل الثورة التي كان يديرها علي ناجي الرعوي, فشعرت بغصص لأن الرجل لن يسمح بإصلاح مؤسسي حقيقي, ويسلط إلى جانبك منغصين وتمويل من يشوهون سمعتك, والعمل في ظل وزارة اللوزي ايضاً غير مريح للطرفين.. لكن الرئيس صالح أصر على ترشيحي وسلمتني سكرتارية مكتبه بعد يومين مذكرة(قسرية) إلى وزير الإعلام لترشيحي لأي منصب مناسب في مؤسسة إعلامية دون تحديد.

عرفت أن الرئيس أزعجه صمتي المفاجئ الطويل وتوقفي عن الكتابة ٥ أشهر بعد انتخابات الرئاسة كما أزعجته كتاباتي المكثفة طوال انتخابات الرئاسة.

أخذت مذكرة الزعيم فقط لتحرير الوزير حسن اللوزي من مخاوفه وللأطلاع .. ولم ألح عليه بطلب التعيين .. ولا كان هو ايضاً متحمساً لي كما أنا مع خواطره الذاتية التي يظنها شعرا وابداعاً .. فوفرت عليه عناء البحث في منصب (بعد اقتراح منصب مدير عام) لعدم حماستي للعمل مع رموز تلك الحقبة الكالحة التي لا تزال تَتَنَكْوَع حتى اللحظة لعل سوق وظائف السلطة العليا والادارية للدولة لا يضيق بمواهبها ونفحاتها الموبوءة.

حتى وأنا أغادر لقاء الرئيس صالح ذاك سألني ربما للمرة الأخيرة وفي نفسه شيء وربما وعيد ( أشتيك تقول لي عنوان الموضوع الذي نشرته قبل مصادرة سيارتك) .. فهل كان بمقدوري أن أقول له إن العنوان( الصالح لا يصلح) لكنني عرفت أن آثار الطعنة بليغة .. تجاهلته بعد بلغ الهدف مرماه.