صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
تتعرّض الفتيات المحجبات إلى حملة في بعض الأوساط الإسلامية ترتكز في الدرجة الأولى على أنّ "الحجاب الجميل" مع عدم الالتزام بالقواعد الشرعية في اللباس "العصري" ينفي كونه "حجابا إسلاميا"، وهي حملة شديدة الوطأة ولا ريب على جموع الفتيات المسلمات المحجّبات، في كثير من البلدان الإسلامية، وفي بلدان غربية أيضا.
إنّ فتح جبهات معادية للفتاة المحجّبة خارج النطاق الإسلامي أمر منتظر، ويكشف عن تهافت حجج قديمة، مثل "تحرير المرأة"، وانهيار الجهود التي بُذلت من أجل ذلك، فأصبحت الإرادة الحرّة للمرأة المسلمة، مرفوضة في المواقف والكتابات، محاصرة بالتقنين والإعلام، لأنّها إرادة حرّة أوصلت إلى الإقبال على الإسلام، بما في ذلك الإقبال على الحجاب.. ولكن كيف نتعامل مع جبهة ضغوط نرصدها في الأوساط الإسلامية؟.
لا يصف ولا يشف
إنّ معارضة أن يكون الحجاب جميلا، وعصريا، وأن يكون في ألوانه وطريقة ربطه وما إلى ذلك ممّا أصبحت الفتاة المسلمة تتقنه، ومما يثير الإعجاب به ويجعله جذّابا لفتيات أخريات فيقبلن على الحجاب أيضا معارضة لا سند لها من الشرع، وإن قيل في الفقه الكثير، والشرع الثابت هو ما ثبت بنص قطعي الورود قطعي الدلالة، ولا يعلو عليه ما تعدّدت فيه الاجتهادات.
وإذا أخذنا بعموم ما يعنيه بعض النصوص مثل الأمر بالتبشير والنهي عن التنفير وتأكيد أنّ الله جميل يحب الجمال فستبدو لنا هذه المعارضة أقرب إلى التناقض مع تلك النصوص. أمّا ما يتعدّى ذلك، مثل تعابير "لفت الأنظار" و"خوف الفتنة" وما شابه ذلك، فجميعه يدخل في نطاق الاجتهادات، التي تلزم من يقتنع بها فيأخذ بتطبيقها على نفسه، ويمكن أن يدعو إليها، ولكن لا يمكن اعتبارها قاطعة ملزمة إلزاما عاما، ولا يحسن بجهة إسلامية، كالجماعات والحركات والأحزاب والمؤسسات الإسلامية، أن تتبنّاها بما يتجاوز أنّها "دعوة اجتهادية" غير ملزمة، فإذا غلب عندها أو عند بعضها اجتهاد آخر فله أن يدعو إليه أيضا دون إلزام.
أمّا القاعدة العامّة المستمدّة من النصوص الشرعية، أن تكون الثياب ممّا "لا يشفّ ولا يصف"، فالجدير بالذكر أوّلا أنّها قاعدة سارية المفعول على الثياب عموما، ثياب الرجل وثياب المرأة، وأصبح التركيز عليها بمرور الزمن -للأسف- مخصّصا للنساء دون الرجال، ككثير من القواعد الشرعية الأخرى.
والسؤال المطروح في إطار الجبهة المشار إليها ليس مطروحا من زاوية هل هذه قاعدة شرعية أم لا، وهل يجوز إسقاطها أو تعطيلها أم لا، فمن يفعل ذلك يبتعد كثيرا عن الشريعة ومقاصدها. إنّما السؤال هو كيف نتعامل من منطلق الدعوة الإسلامية مع ظاهرة نعايشها ويمكن تحديد معالمها في ثلاث نقاط:
كانت غالبية الفتيات المسلمات سافرات مخالفات للإسلام حجابا ولباسا وسلوكا.
أصبحت الغالبية ملتزمات بالحجاب، وأصبحت نسبة لا بأس بها ملتزمة بالسلوك الإسلامي وباللباس الإسلامي.
المرجو مستقبلا أن يتحقق الالتزام بجميع ذلك، وأن يظهر من جيل الفتيات المسلمات من يبني الإسلام في مختلف ميادين الفكر والأدب والعطاء التقني والعلمي والإنجاز والإنتاج والبناء والتوجيه.
السند المطلوب
إنّ ما ينبغي إدراكه أنّنا نعايش مرحلة، لا نهاية الطريق، وأنّ مسؤولية التيارات غير الإسلامية في البعد بجيل الشبيبة ذكورا وإناثا عن الإسلام لا تنفي أن التيار الإسلامي فكرا وحركة يحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عن ذلك أيضا.
لقد مرّت بنا حقبة من الزمن كان التيار الإسلامي فيها متشدّدا حيث لا ينبغي التشدّد في معظم ما يرتبط بالمرأة المسلمة، ومنساقا وراء ردود أفعال مبالغ فيها مقابل ما واجهته المرأة من حملات مضادّة لالتزامها بالإسلام.
من جوانب هذه المسؤولية ما ساهم في البعد بالمرأة المسلمة عن مواقع التربية والتوجيه، وعن المعرفة بالإسلام والدعوة إليه، ومن نتائج هذا القصور أنّ التيار الإسلامي لا يزال فكرا وحركة دون مستوى استيعاب ظاهرة الإقبال الجماهيري الواسع بين الشبيبة على الإسلام، وغير قادر -إلا قليلا- على استخدام الخطاب الذي يصل بأسلوبه ومضمونه إلى الفتاة المسلمة والشاب المسلم، فيؤثّر على السلوك وجدانيا، وينير دروب المعرفة علما وتحصيلا، ويعزّز العزيمة على التطبيق اقتناعا والتزاما.
لا ينبغي أن يقال للفتيات "المحجبات الفاتنات" أنتنّ تخالفن الإسلام بلباس ضيق، أو سلوك ينافي العرف، بل ينبغي أن يقال إنّ إنجازكن الكبير بالإقبال على الحجاب رغم المعيقات الكبيرة، يكتمل ويرجى أن يكتمل بإنجاز كبير آخر، عن طريق مزيد من التعرّف على ما شرّعه الإسلام، وما يحقّقه من مصالح وفوائد كبرى لَكُنَّ أفرادا والمجتمع، وما يعنيه عند التطبيق العملي من تيسير دون تعسير، بما يشمل أيضا ما تتطلّع إليه الفتاة المسلمة، من تفوّق في ميدان العلم والتحصيل والإنجاز في كلّ ميدان، إلى جانب الحياة المستقرّة في بناء تساهم فيه مع شقيقها الرجل على صعيد الأسرة، والعلاقات الاجتماعية والعطاء فيها.
إنّ الحملات المضادة من خارج المنطلق الإسلامي بالغة الخطورة، وتمثّل ضغوطا كبيرة، وتتضافر عليها قوى محلية وعالمية، ويمكن أن تؤتي أكلها وتؤدّي إلى نكسة على صعيد جيل الشبيبة، ولا يوجد أخطر من أن يجد هذا الجيل نفسه بين نارين، خارجية ممّن يريدون النيل من إقباله على الإسلام، وداخلية ممّن يزعمون أنّهم يريدون له أن يلتزم بالإسلام "كاملا"، ولا يقدّرون أهمية المرحلية في الدعوة والالتزام، وأهمية أن يجد جيل الشبيبة سندا يعتمد عليه، لا خصما إضافيا.
الحجاب بين الجبهات
إنّ ما نعايشه أصبح معركة ضدّ الحجاب تعدّدت ميادينها وأشكالها، فجيل الفتيات المحجبات يواجه في إقباله على الإسلام عددا من الجبهات المعادية دفعة واحدة، ومن ذلك:
تسييس قضية الحجاب في أوروبا وعدد من البلدان الإسلامية، عبر مقولة إنّ الإقبال عليه هو إقبال على رمز وشعار، وليس على فرض ديني، وهذا أسلوب يستهدف تسويغ الحرب على الحجاب بالضغوط الظالمة، والتقنين الباطل، ويبيّن في الوقت نفسه الخشية من مواجهة مباشرة للعقيدة الدينية، فتأتي ممارسة هذه المواجهة تحت عنوان سياسي مصطنع، بينما لا يوجد بالمقابل ما يمنع أن تعتبر المسلمة الحجاب رمزا معبّرا عن إسلامها، ما دامت تعلم أنّه فريضة تؤدّيها، وتحقق لنفسها الفائدة والمصلحة من خلالها، وسيّان بعد ذلك أن لديها خلفية سياسية أم لا، وإلاّ فما الذي يحرّم على الشبيبة المسلمة بالذات أن تكون لديهم خلفية سياسية، ككلّ إنسان له حقوقه وحرياته المشروعة، فلا ينكرها عليه إلا من يتعدّى عليها.
مزاعم تندرج تحت عنوان "تسييس الحجاب" أيضا وتقول إنّ الجماعات والحركات الإسلامية تتخذ من "الإسلام السياسي" مطية للوصول إلى السلطة، وتجعل من نشر الحجاب وسيلة من وسائل هذا العمل السياسي. وهذا أسلوب يراكم الأباطيل فوق بعضها بعضا، ومن ذلك:
ما يسمّونه "الإسلام السياسي" ليس إلاّ تعبيرا مبتكرا فاقد الجذور، واستخدامه يوهم -أو يريد أن يوهم- بوجود أكثر من إسلام واحد شامل متوازن متكامل، ولا يقول بذلك إلا من يستهدف الإسلام نفسه..
الإيحاء الذي يريد أن يوهم أنّ "الدعوة إلى الحجاب" تهمة تستدعي الإنكار أو الاعتذار، إلى جانب الزعم أنّها مجرّد نشاط سياسي.
طوال العقود الماضية كان العلمانيون ينشرون دعوات "السفور" وما هو أكثر من السفور، ولا يقولون عن أنفسهم إنّهم كانوا يوظفون ذلك لأغراض سياسية.
طوال تلك العقود لم يكن القسط الأعظم من وسائل التوجيه بأيدي الإسلاميين، ولم ينقطع اضطهادهم، فكيف توصّلوا إلى نشر الحجاب لدى مئات الملايين من النساء.
الواقع أنّ انتشار "الحجاب" كان في محاضن "العلمانيين"، على نقيض ما أرادوا.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى تبيّن هذه المزاعم أنّ التيارات السياسية التي تبيح لنفسها الحملة ضدّ الحجاب على مدى عقود وعقود، وتستخدم مختلف الوسائل الرسمية وغير الرسمية لذلك، تريد في الوقت نفسه أن تحظر على التيار الإسلامي أن يدعو إلى الحجاب، فإن فعل صوّروا ذلك "استغلالا"، وهذه وسيلة قديمة استخدمتها تلك التيّارات أيضا في الحديث عن الفقر والاستبداد وغير ذلك، فالدعوة الإسلامية إلى مكافحة الفقر والبطالة والاستبداد والفساد والرشوة "استغلال"، أمّا الدعوة إلى ذلك كلّه تحت أيّ عنوان آخر، غير إسلامي، فأمر سياسي مباح، كذلك يصوّرون السعي للسلطة تحت عنوان إسلامي "جريمة"، أمّا وجود الآخر في السلطة أو السعي لها فأمر "طبيعي". ولا تستحق هذا التصوّرات المعوجّة نقاشا!.
تجديد ادّعاءات عتيقة رغم تهافتها، من أنّ الفتاة المسلمة تُرغم على وضع الحجاب من جانب أبيها أو زوجها أو حتى أخيها، وهذا أسلوب فقد قيمته بعد أن انتشر الحجاب انتشارا واسع النطاق، ينفي أن تكون المسلمة "ضحية"، ناهيك عن أن قطاعا كبيرا من الفتيات المحجّبات يعاني من تعنّت أسري واجتماعي معاكس تماما.
ومن الجبهات التي لا تتطلّب وقفة طويلة ما أصبح يُنشر حديثا في صيغة دراسات ووجهات نظر لتفسير الحجاب قديما، وظاهرة الحجاب حديثا، تفسيرا يعتمد على فرضيات ما أنزل الله بها من سلطان، وتأويلات لا يستسيغها عقل ولا منطق، في محاولة بائسة لترويج أنّ الحجاب ليس فريضة إسلامية بل هو من صنع معطيات اجتماعية وفلسفية وتاريخية ما!.
أمام هذه الضغوط ينبغي تكرار تأكيد حاجة الفتيات المحجبات المُسلمات إلى سند يدعمهنّ في الأوساط الإسلامية، لا إلى نقد وتشدّد، بحجة "المزيد" المطلوب منهنّ، والذي يُرجى أن يقبلن عليه طواعية كما كان مع الحجاب، أو بتعبير أصحّ مع "غطاء الرأس" الذي شاعت تسميته بالحجاب.
وفي سائر الأحوال يبقى الأمل فيهنّ كبيرا، فهو أمل ينطلق من الماضي القريب إ استطاع جيل الشبيبة بنفسه أن يتجاوز ما تعرّضت له مجتمعاتنا جيلا بعد جيل من ضغوط، وأمل ينطلق من استشراف المستقبل بأن يظهر في صفوفه من هو أقدر على تحقيق أهداف الإسلام بوسائل وأساليب إسلامية تناسبه وتناسب العالم المعاصر الذي يعيش فيه، فيحقّق سواء تحت عنوان "تيار إسلامي" أو أي عنوان آخر ما لم يحقّقه أسلافه حتى الآن.
*اسلام اون لاين