السفير الألماني بصنعاء: غالبية اليمنيين تدعم المبادرة الخليجية
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 10 أيام
السبت 17 مارس - آذار 2012 06:25 م
السفير الالماني بصنعاء
حاوره: مهدي بابكري- صحيفة المنابر

ترجمة: عبد الملك المرهبي

-هل يختلف العمل الدبلوماسي في اليمن عنه في البلدان التي سبق لكم العمل فيها أو قمتم بزيارتها؟ وما طبيعة هذه الخصوصية؟

إنه وخلال مرحلة عملي الممتد على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، عملت خلالها في بلدان مختلفة كالصين، نيبال، فرنسا، جمهورية غريزيا واليمن. وخلال مكوثي في هذه البلدان وجدت معظمها لم يعايش التجربة السياسية التي لاحظتها في اليمن. وعلى أي حال فالوضع في جمهورية غرغيزيا، والتي عملت فيها سفيراً لجمهورية ألمانيا الاتحادية يشبه إلى حد بعيد الوضع في اليمن. فقد مرت البلد بأزمة سياسية شبيهة بالتي مرت بها اليمن. وخلال فترة عملي في بلد يقع في منطقة وسط آسيا، كان يتبع الاتحاد السوفيتي، عايشت حالة خلع الرئيس من خلال ثورة قصيرة بعد أن أطلق النار على المتظاهرين السلميين آنذاك. وعلى أي حال فإن البلد تجاوزت أزمتها السياسية الحادة، وقد تم اعتماد دستور جديد مستفتىً عليه وقد تم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، تمت جميعها بدرجة كبيرة من الشفافية والنزاهة.

- تجاوزنا المرحلة الأولية لعملية التغيير السياسي في اليمن، كجزء من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ما تقييمكم لما تم انجازه حتى الآن؟

 في اعتقادي أن المرحلة الأولى للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تم تنفيذها بنجاح. وأن الفترة الزمنية بعد التوقيع على المبادرة الخليجية يتم مراقبتها ومتابعتها بعناية كبيرة، فالانتخابات الرئاسية المبكرة تمت كما كان مخطط لها في الـ 21 من فبراير وبمشاركة فاقت بشكل كبير كل التوقعات. وهذا الدعم الشعبي الكبير أعطى مشروعية كاملة للرئيس هادي.

ما هو موقفكم من التغيير السياسي في اليمن من خلال الربيع العربي؟

 أظهرت كل شعوب دول "الربيع العربي" رفضها للقيادة المستبدة ومطالبتها بالمزيد في المشاركة في صنع القرار وإنهاء الفساد والمشاركة النزيهة في تنمية هذه الدول، وببساطه تحقيق العدالة. وهذا هو الوضع في اليمن.. وهذه مطالب مشروعة تحظى بدعم ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

-على ضوء تحليلكم للوحدة الألمانية والوحدة اليمنية، هل هناك أوجه شبه أو اختلاف بين النموذجين؟ ماهي نصيحتكم للقوى السياسية في اليمن لتجاوز كل ما يتصل بالوحدة اليمنية؟

برأيي هناك اختلاف أكثر من تشابه في عمليتي الوحدة. في ألمانيا توحد الغرب الغني والمتطور مع الشرق الأقل تطوراً وثراء، بينما توحد في اليمن شطران غير متطورين. في ألمانيا توجب على الغرب دعم تنمية الشرق، وهذا بالفعل ما تم. بينما في اليمن كانت هناك فجوة تمثلت في عدم القدرة على توفير التمويل اللازم. وعلاوة على ذلك فقد سمعت شكاوى من الجنوب تمثلت في نقل ملكيات من الجنوب إلى الشمال. وفي اعتقادي فإن هذه الشكوى للجنوب يجب أن يتم مناقشتها في مجريات مؤتمر الحوار الوطني والمصالحة.

- ما هي الجوانب الرئيسية للتنمية بين اليمن وألمانيا وإلى أي مدى استفادت اليمن من علاقاتها معكم؟ وما هي الفرص الرئيسية المستقبلية لتطوير العلاقات بين اليمن وألمانيا في ضوء التطورات الأخيرة في اليمن؟

 لقد دعمت ألمانيا التنمية في اليمن على مدى العقود القليلة الماضية، وستواصل القيام بذلك، وقد تركز نشاطنا بشكل رئيسي في ثلاثة مجالات، هي الصحة الانجابية والتعليم والمياه. وسوف نستمر في مساعدة اليمن في هذه المجالات مستقبلاً، ولكن في ضوء التطورات الأخيرة سنزيد أيضاً تعاوننا مع اليمن بحيث تشمل مجال الإصلاحات الديمقراطية والحكم الرشيد. وعلى وجه الخصوص، فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية المتوخاة، ونحن نضع خبرتنا وتجربتنا كدولة ديمقراطية برلمانية فيدرالية أمام اليمن.

- ما هو تقييمكم لعملية التغيير السياسي في اليمن؟ أيضاً ما هو نوع المساعدات التي تحتاجها اليمن من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية؟

 إن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكذا الولايات المتحدة الأمريكية هي دول تملك تاريخ طويل في الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون. واليمن يمكن أن تستفيد من تجربتنا، عندما يتم التحرك في هذا الاتجاه إلى الأمام. وكما قلت من قبل، لقد طالب الشعب اليمني بالتقدم في هذه المجالات منذ أكثر من عام. والكثيرون ضحوا حتى بحياتهم من أجل تحقيق هذه الأهداف.

-هناك اهتماماً واضحاً من قبل الدول الغربية، بما في ذلك ألمانيا لمساعدة اليمن، ما الذي تمثله اليمن لهذه البلدان؟

إن اليمن التي قد تكون الأكثر كثافة سكانية في شبه الجزيرة العربية وهي دولة مهمة بالنسبة لنا، وبدون الاستقرار في اليمن لا يمكن أن يكون هناك استقرار في المنطقة. وعليه فإن مساعدة اليمن تصب أيضا في مصلحتنا. وكما أظهرت التطورات الأخيرة، فإن عدم الاستقرار في البلاد يسمح بتنامي الإرهاب، والذي يكون ضحاياه من المواطنين اليمنيين في المقام الأول، ومعهم أيضا آخرون. وعلاوة على ذلك، فإن واحداً من أهم خطوط النقل البحري في العالم يمر عبر المياه اليمنية، وبالتالي فإن الاضطرابات في اليمن تؤثر ليس فقط على أمننا، ولكن على ثروتنا أيضا.

- ما هي الآلية التي تفضلونها للتعامل مع القاعدة في اليمن؟ هل ترون أن الحكومة اليمنية الحالية قادرة على احتواء خطر تنظيم القاعدة في اليمن؟

 يبدو لي أنه من الأهمية بمكان عند التعامل مع خطر الإرهاب، أن يتم التصدي لهذه الظاهرة، ليس فقط من خلال الحلول الأمنية، إذ من الضروري أيضا تحديد أسبابه الجذرية والتصدي لها في نفس الوقت، وأحد هذه الأسباب يتمثل في التساؤل حول تمكن الإرهابيين من تنفيذ هجماتهم بحرية، فمن وجهة نظري فإن النقص العام في الاستقرار في البلاد، أدى وبشكل كبير جداً إلى ارتفاع معدل النزوح داخليا وكذا إلى ركود أو تراجع في التنمية الاقتصادية، ومثل هكذا بيئة تشكل أرضية خصبة وجيدة للإرهابيين. ويمكن القول بإنه في الماضي، تمكنت القاعدة من تنفيذ هجماتها بفاعلية جراء غياب التنسيق بين قطاعات مختلفة من قوات الأمن. وأني على يقين من أن القيادة الحالية في اليمن سوف تكون قادرة على معالجة هذه القضايا على نحو فعال، ومن القضايا الأمنية تأتي عملية إصلاح قطاع الأمن ووضع مختلف فروع قوات الأمن تحت قيادة موحدة، بقيادة الرئيس.

- ما هو تقييمكم لوضع المرأة في اليمن؟ هل ترون أن حقوق المرأة تتقدم في هذا البلد في ضوء المؤشرات التي تشير إلى تنامي الحركات الأصولية؟

يبدو لي أن وضع المرأة في اليمن معقد للغاية. فمشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية محدودة، أضف إلى ذلك أن معدلات الأمية المرتفعة بين النساء، أكثر منها بين الرجال. فلا يزال زواج الفتيات القاصرات منتشر بشكل كبير. ولهذا فهناك الكثير مما يجب فعله في هذا السياق. وعموماً فقد لاحظت أن الحراك السياسي الذي حدث خلال العام المنصرم قد تم بمشاركة عدد كثيراً من النساء ممن لعبن أدوراً مهمة في الحركة الاحتجاجية ويطالبن الآن بالمزيد من الحقوق. وهذه الحقوق يفترض تأمينها.

-الانتخابات اليمنية كانت ديمقراطية والشعب اليمني أثبت أنه حريص على الوحدة والسلم الاجتماعي. ومع ذلك، حاولت قوى الحراك الجنوبي وجماعات الحوثيين إفشال هذه الانتخابات، كيف تقيمون مسار الانتخابات وأعمال العنف التي رافقتها؟

 بصرف النظر عن بعض أعمال العنف التي رافقت إجراء الانتخابات في الجنوب وكذا الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات في الشمال فإن مشاركة عدد كبير من الناخبين والناخبات في هذه الانتخابات خير دليل على أن الغالبية العظمى من اليمنيين تدعم مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تدعو كما هو الحال بالنسبة لقرار مجلس الأمن رقم 2014 إلى الوحدة الوطنية. وليس لدي أي سبب وجيه للاعتقاد بأن الحراك الجنوبي والحوثيين لن يشاركوا في نهاية المطاف في الحوار الوطني القادم.

-في الختام، ما هي نصيحتكم للقوى السياسية الجنوبية والأطراف الأخرى في اليمن من أجل الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الجنوبية؟

ألمانيا ومعها الاتحاد الأوروبي على قناعة بأن الحوار الوطني الشامل وكذا المصالحة الوطنية من شأنهما معالجة كل القضايا المشروعة لجميع اليمنيين ومعالجة شكاواهم، وتحقيق ما يسعون إليه. ونحن جميعاً نود أن نرى اليمن بلداً مستقراً، يعيش فيه الجميع ويتعايشون معاً في سلام.

أنا بطبعي متفائل، ولذا فإني على ثقة بإمكانية تحقيق هذا الهدف فيما لو شارك الجميع في تحقيقه بدون شروط مسبقة وبتوافر النوايا الحسنة.