شد حزامك أمامك سيارة شرطة .. عند فاجعة المكلا
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 4 أيام
الخميس 26 مارس - آذار 2009 07:10 م

في واحدة من قصص ألف قصة وقصة ، قال الراوي (زعموا أن ...م.ص طفل من شرعب السلام لم يغادر صف سادس بعد أن ، اضطرته أوضاع أسرته المعيشية أن يسعى في مناكبها للبحث عن لقمة العيش فكانت المكلا وجهته ، لم تمض عليه أكثر من ثلاثة أسابيع في المكلا فما زال فيها غريبا يتلفت حتى وافته القارعة ، ووقعت على الناس الفاجعة ..

ابن أفندم المدينة (كبير الشرط ) خرج ومعه خادمه ( من رجال الأمن ) في جولة من جولاته على سيارة شرطة قيل أن أبيه قد خصه بها ، فرأى الغريب الصغير واقفا على رصيف الشارع عليه ملابسه الرثة ونظرات القادم المشتتة ، وقلة الحيلة ، ، فسال عليه لعاب الذئب بداخله ، فغمز الدويدار خادمه الذي إلى جنبه ، فصاح على الصغير خادمه ....أنت أنت ..تعال .تعال ...ما اسمك ؟ رد الصغير اسمي .م.. فعاجله بغضب وبلهجة محقق الشرطة اسمك الكامل ..فرد الصغير .م.ع.ك وبنفس النغمة وبذات الصيحة والغضب أمَرَه.. اطلع السيارة ، فاستشعر الصغير بفطرته الريبة ودخيلة ما في نفوسهم فرفض ثم ولَى سريعا إلى محل البسطات حيث أصحابه ، والسوق المكتظ ، غير أن ابن الافندم لم يستسلم فلحقه وعنده تحلق الناس وتشبث الصغير بيد حلاق كان هناك وحضرت هذا النخوة فرفض تسليمه إلا أن يكون معه مرافقا إلى حيث يطلبونه والصغير يبكي ويشتد التصاقا بالحلاق الشهم ، إلا أن ابن الافندم شده برقبته ووجه قبضته الأخرى ناحية فكه الأسفل ملوحا بها مقسما بشرف أبيه انه سيسقط أسنانه إن حال بينه وبينه وبمصاحبة حزمة من السباب ، فتدخل رجل المرور الحاضر في عمله هناك ، وقال لا عليكم لا تراعوا دعوهم يأخذوه فهذا ابن كبير الشرط ، وليس عليكم باس ،وأُلقي عنوة بالصغير على السيارة ثم اتجهت هذه بسرعة فائقة لا تلوي على من بعدها أو قبلها ومن حولها السيارات تفسح لها الطريق هيبة وتعظيما فهي على ما يبدو في مهمة رسمية ، إلا أن السيارة اتجهت إلى طريق آخر غير الذي يوصل إلى إدارة الأمن ، ففزع الناس وقبلهم رجل المرور الذي انتفض واخذ سيارة الخدمة منطلقا بأقصى سرعه ليلحق بالأولى حتى وصل فندق حضرموت لكنه اسقط في يديه فقد ضاع منه الذئب والأثر ، أما الآخرون من الذين كانوا في الموقف فقد ذهبوا إلى أمن المديرية للبحث عن المفقود فلما لم يجدوه تقدموا ببلاغ خطف مرفقا برقم السيارة ، فلما نظر الضابط المستلم إلى رقم السيارة تلون وجهه بعد أن استقر في نفسه أنها تخص ابن فندينا المعظم عليه وعلى أبيه السلام ، ثم تمالك نفسه وعدل البريه (الطاقية) ، وفتل شاربه وصاح على البساطين بان البلاغ كاذب يا ..... ، ولم ينس التهديد والوعيد .

وانفض الناس وبعد ساعات وجدوا الصغير ذابلا لا يقوى على الحركة والكلام ، وبصعوبة شديدة نبس بأنهم قد أخذوه إلى مكان لا يعرفه تبين فيما بعد أنها منطقة خلف ، وهناك وفي داخل السيارة عاجله خادم ابن الافندم بحركة بهلوانية امسك من خلالها عضلتي ثدييه التي تتصل بالإبطين بقوة شديدة لم يستطع منها حراك ليغتصبه ابن الافندم ، ثم يداول به خادمه بداخل السيارة ذاتها ...

هذا ملخص فاجعة المكلا حسب الشهود ، والتحقيقات ، وكلام الصغير المفجوع .

أما والد الضحية فلا يجيب إلا بالدموع التي تنهمر منه ، كلما رأى من يسال أو يعلن معه التضامن .

لكني وقبل أن أمضي هنا أدعو القارئ الكريم وهو من كان في الرتبة والوجاهة أو سقف التملك والمواطنة إلى الوقوف دقيقة صمت فقط قبل الرد والتعليق فيعيش المشهد أولا كحالة نفسية ، ثم ليسقطه عليه ، وكلنا من ذوي البنين والبنات ، وليس منا احد قد ضمن على الله صك الحماية لعرضه وشرفه .

هب أن احدهم قد اغتصب ولدك ، مهجتك ، ثمرة فؤادك ، بقيتك في الناس ، عقبك ونسلك الممتد ، دينك ، قيمك ، شرف وكرامة الأسرة والعشيرة .

رغم انه لا عليك ولا على صغيرك من باس، ولا تثريب عليكما ، فهذا ليس بقدرك ، وقد استكره صغيرك عليه .

لكن في ظل عرف القبيلة والممتد من الأعراف ، كيف ستستطيع أن تسير بين الناس ، وان تُجادل وتُشافه ، وتقول وتبيع وتحرث ، وكذلك كيف سيحيى ابنك بين الناس من بعد...الخ

أهون عليً وعليك ألف مرة ،أن يموت كل من في الأسرة ولو كانوا احد عشر كوكبا من أن تدهم احدنا هذه النازلة .

ليعرف الجميع وقبلهم كل الفنادم والاشاوس أن ابن الافندم ــ إن صح ما قيل عنه والشواهد حاصلة ــ يكون قد قضى على أكثر من حياة حاضرة وبعد الآن ، وعلى أكثر من شخص ليس بموتة واحدة ، لكنها موتة تأتي ثم تذهب لتأتي أخرى وهكذا.

هذه القضية لم تعد تخص المجني عليه بل صارت قضية عامة ،أقضت مضاجع الجميع وصار كلا منا يستدعي صغيره ويضمه إلى صدره ، ويهدد زوجته ويتوعدها بالطلاق إن تركت الولد يغادر الدار .

هذا الحادث بتلك الكيفية والنمط جعل الكثيرون يتساءلون في مجالسهم بــ ماذا لو جاءتك سيارة شرطة وعليها بعض الفنادم يطلبون منك الحضور إلى قسم ،أو إدارة الشرطة ؟.

اختلفت الإجابات على وحي الحادث، لكن الجميع في بعض المجالس اتفقوا على رفض الحضور ومقاومة سيارة الشرطة بالحجارة والعصي وبكل سبل المقاومة والاستعصاء ، مع الإقرار في الوقت نفسه بان حصول ذلك يعد مفسدة ، ولو تبع ذلك الغرامات وشهور من العقوبة سجن فهي في كل الأحوال ستكون أهون مليون مرة من مفسدة اكبر هي محل احتمال وارد ثمنها انتهاك عرضك ، وللمقاربة خرج الجميع بمقترح الموافقة على الحضور ولكن بمعية الشيخ أو عاقل الحارة .

لا شك أن هذا الكلام مؤلم وقاس تجاه مؤسستنا الأمنية التي نشهد لها في اغلب مسيرتها بالايجابية والرشد وبالمواقف البطولية التي نفخر ونفاخر بها ، وللكثير من قياداتها بالقيمية والأخلاق وروح الالتزام والواجب ،تلك التي نحملها دائما وفنادمها على رؤوسنا وبين القلوب ، لكنًا اليوم وبصدق تطيرنا بها ، وبدى بيننا وبين سياراتها الريبة ، إلا أن تعيد الثقة والأمان إلى نفوسنا ، وتزيل نظرات الرعب من عيون صغارنا .

فرب موقف يطغي على كل المواقف ، ويزيد أثره وتأثيره بمقدار حجمه وكيفيته ، والذين سحبوا وتأثرت ثقتهم إزاء سيارة الشرطة ، يضغطون في المقابل وبطريقة غير مباشرة على سلطة الأجهزة الأمنية أن تعيد الاعتبار إليها ، وثقة الناس فيها من خلال إعلان البراءة من هذا الفعل ومن أصحابه في أي مستوى كانوا ، وأن ذلك نموذج محدود لعينة غير ممثلة ، وطرحهم أرضا أمام سلطة القانون والعدل.

والذين طلعوا من بين القاع وتداعوا يلهثون للتغطية على الحق ، بل والبحث عن التبريرات والسبل المختلفة للتغطية ، والتعمية ، وأقربها سحب الأجندة الوطنية وتمريرها هنا ، والسجل الوطني النضالي الوحدوي الكبير لأفندينا ، وسخافات أخرى من قبيل الفرصة التي سيهتبلها التيار الانفصالي ، والعوائد التي سيجنيها المشترك ، والخسارة التي ستعود على الوحدة الوطنية ، وكذلك المصلحة الوطنية العليا و..و.. كلها إن تعرض ابن الافندم للتحقيق وأُحرج والده.

سيكبهم الله على وجوههم في الدنيا والآخرة ، وسيجرعهم القدر من نفس الكأس ،فتلك سنة إلهية لا تتبدل أو تتحول ، والجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان .

وإذا كانت اللعنة تسع شارب الخمرة ، وحاملها ، وعاصرها ، وكل من يبت إليها بسبيل ، فإنها هنا أيضا وكل الوزر الأخلاقي يلحقان المغطي والمبرر والمتواطيء ومن يدلي إليها بدلو .

وعندنا الطيور على أشكالها تقع ، ولا يشفع للعاهرة إلا قواد ، ولا للسكير إلا مثله ، ولا يغطي عن الحق إلا شيطان .

وربك في المرصاد ، وغدا جزاء الظالم بأظلم منه ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ...) ومن غلب على الحق اليوم أو ساعد أو سكت وهو قادر أن يمضي في نصرته ، فانه غدا سيتجرعها كؤوس ، وسيقتص الله للمظلوم من عرضه وشرفه وعزة نفوذه في الدنيا قبل الآخرة .

اللهم استر عوراتنا وآمن روعتنا ونعوذ بك من قهر الرجال

Wesabi111@gawab.com

دكتور/فيصل القاسمباي باي عولمة
دكتور/فيصل القاسم
مشاهدة المزيد