سقوط مصر السيسي في غزة وحاجتنا لدور مغاربي فاعل
بقلم/ د.عبدالحي علي قاسم
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 28 يوماً
السبت 19 يوليو-تموز 2014 06:03 م

  لم تظهر مصر بهذا الوجه الإعلامي والسياسي المزري منذ عقود، وضربا أن نستوعب ما نشاهد ونقرأ ونتابع، إسرائيل  لم تعد وحدها في خندق المعركة مع غزة، فهناك محبيها وأنصارها وجنودها في المشهد الإعلامي السيسي، غرفة عمليات إعلامية وسياسية تمارس كل أنواع الكذب والتضليل الحاقد لدعم الجيش الصهيوني، حقا نحن أمام مهزلة مصرية لا حض لها من العروبة سوى حروفها.

  مصر السيسي خرجت عن ثوابت الأمة، وأصبحت تغرد في وادي الصهيونية منفردة، وقد تجلى هذا السقوط السياسي المدوي من خلال المبادرة المصرية التي فصلت على مقاس حكومة نتنياهو ونزواتها الشريرة، وفخ تستهدف من ورائها رأس المقاومة، والتحلل من التزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني، لذلك لم يعد ممكنا أو مرغوبا لإدارة السيسي بتوجهها الجديد والمسنود بحثالة إعلامية حاقدة على القضية الفلسطينية أن تتحدث أو تتحرك باسم القضايا العربية الحيوية بعد كل ما صدر عنها من عداء لشعب فلسطين، ومطالبة إسرائيل بإبادته كما كشف طبل "تمرد" السيسي محمود بدر عن مرضه اليهودي بمطالبة نتيناهو أن يريحه من شعب غزة.

  الموقف المصري لم يعد تخاذلا عن نصرة غزة بل حربا سياسية لا هوادة فيها تسهل مهمتها آلة إعلامية فاجرة، فهل كل هذا يحدث من مصر؟ هل يعقل أن هذا الإعلام المزبلة بين أظهرنا كأمة عربية، وأن ما يصدر مجرد رأي إعلامي؟ لا.. الأمر أكبر بكثير، فهؤلاء المأجورين من إعلاميين وكتبة أقل من أن تطال سفاهاتهم كل مقدس في فلسطين وأهلها لولا إيعاز الجندي الانقلابي المتفهم لمطالب الصهاينة.

  هؤلاء تجاوزوا العمالة المقنعة، وأصبحوا يجاهرون بوظائفهم الصهيونية، ويقتاتوا معيشتهم الرخيصة على دماء الشعب الفلسطيني، لم يبقى في قاموس العداء والسب كلمة لم تدخرها هذه الطاحونة الإعلامية الرديئة في الإساءة للشعب الفلسطيني، وإسناد الجيش الإسرائيلي، الذي قتل الشعب المصري ومرغ أنفه في تراب سيناء، أعتقد أن هؤلاء الإعلاميين والسياسيين لعنة في التاريخ المصري، وسكوت الشعب المصري عليهم أصبح بمثابة كارثة سوف تدفع مصر والأمة ثمنها باهظا، على الشعب المصري العظيم أن تكون له وقفة جادة لوقف مهزلة هؤلاء الصهاينة الجدد ومعلمهم الانقلابي. فأن يمر الانقلاب في مصر بمذبحة فتلك مصيبة طوى الشعب المصري آلامها وأحزانها مرحليا، لكن أن يتحول الانقلاب إلى برنامج مسخ لهوية مصر وثوابتها العربية والإسلامية فتلك الطامة الكبرى.

    من يعتقد بأني تحاملت في الرد على مهزلة السقوط الإعلامي والسياسي لحكومة الانقلاب وشياطين إعلامها، فعليه أن يكبس على زر هؤلاء المرتزقة اسما اسما "سمر فودة، حياة الدرديري، توفيق عكاشة، درنداوي الهواري، حمدي رزق، نهال عهدي، نبيل شرف الدين" ليكتشف أن عبقرية هؤلاء الفريدة فقط هدتهم لمساندة نتياهو وجيش حربه، وسوف يدرك أن ما يمكن أن يقال في حق هؤلاء قليل بعد أن عرضوا بضاعتهم الرديئة في سوق النخاسة اليهودي. إذا أصبح لإسرائيل جنود مخلصين في معركتها مع شعب خلفه الحصار السيسي قبل الصهيوني.

   الدماء الصهيونية تسري في أجساد إعلام الانقلاب، وغير وارد أنهم لا يدركون بأن هناك ما زال في الأمة وعي يكفي لكشف تظليلاتهم، وتفنيد أكاذيبهم، والمعركة قادمة مع هؤلاء العملاء، ولمواجهة هذا السقوط لا بد بأن تبادر الأمة بدور بديل في إدارة شئونها، إذ لم تعد مصر برؤوس المرض الجديدة صالحة لأن تمارس دورها العربي بعد أن وضعت أوراقها وقوتها في خدمة حكومة نتنياهو المتطرفة ضد شعب فلسطيني محاصر، فدول المغرب العربي خصوصا المملكة المغربية معنية ومطالبة بأن تمارس دورا رياديا معقولا كونها أجدر وأكثر ثقة وقبولا لدى الشعب الفلسطيني والعربي خصوصا في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة وتخندقاتها لمساعدة الشعب الفلسطيني في معركته غير المتكافئة وسط خذلان عربي ودولي غير مسبوق.

  لا بد من وقفة عربية أمام مهزلة السيسي وإعلامه لوقف حملته العدائية تجاه فلسطين، وأن تضع حدا لهذه الهمجية، وأن تخرج عن صمتها دولة مثل السعودية وتوضح مواقفها من كل ما أقدم عليه الانقلابي، الذي باركت قبعة وصوله إلى السلطة، بعد أن بالغ في الطيش، وتوضح للسيسي بأنها دعمت "انقلاب سياسي ولم تدعم انقلاب سيسي على ثوابت الأمة"، إلا إذا كانت راضية عن كل ما يعمله وإعلامه من سفاهات فذلك أمرا آخر.

    القاهرة لم تعد في ظل وضعها الحالي صالحة لممارسة أي دور سياسي نزيه بعد أن حسمت تموضعها في الخانة الصهيونية، وإزاء ذلك لا بد من تحرك مغاربي مقبول ومسنود عربيا، كحل وسط لإدارة ملف وقف العدوان، وفك الحصار عن غزة، ومساعدة شعب فلسطين، فالشرق العربي في وضع مشلول وغير حيادي في ما يتعلق بفلسطين وقضيتها، والموقف العقلاني والوسطي لدولة مثل المغرب تؤهلها لممارسة ذلك الدور، وقد حان دور الملك محمد السادس ومعه تونس والجزائر كي يضعوا حدا للوضع العربي المتهاوي فيما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني.