مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين
عندما أَطلَقت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في سبتمبر من العام 2009م ، مبادرة أطلقت عليها "مبادرة الإنقاذ الوطني"، والتي كان يومها يرأسها الأستاذ/ محمد سالم باسندوة، وكانت بخصوص المشكلات المتراكمة والمخاطر المحدقة باليمن من كل جانب، تلك الوثيقة التي وضعت توصيفاً –رأيتُه يومها هاماً ودقيقا- لأساس وجذر المشكلة في اليمن على أنه " الحكم الفردي أو "شخصنة الحكم" الذي حول الدولة اليمنية من مشروع سياسي وطني، إلى مشروع عائلي ضيق ، والذي دعا فيه باسندوة – من خلال مؤتمر صحفي عقده في صنعاء آنذاك تزامناً مع الحدث –كل أبناء اليمن من قوى سياسية واقتصادية واجتماعية إلى الاصطفاف وحشد الطاقات والجهود من أجل الهدف الملح والأسمى المتمثل في الوصول إلى بناء دولة مؤسسية ديمقراطية لا مركزية حديثة, وإخراج أوضاع البلد من حالة النزاع والتشظي، التي قال يومها بأنها باتت محل قلق كل أبناء الوطن والأشقاء العرب والأصدقاء في العالم ، وهو المؤتمر الصحفي الذي ذرفت فيه دموع باسندوة حزناً وأسى على ما وصلت إلية أوضاع اليمن من حالة اقتتال و تشظي جراء حروب صعدة وحرف سفيان، ما يعني أن دموع باسندوة وحُرقته على الوطن لم تكن وليدة تلك اللحظة التي شهدناها بعد توليه رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق وإنما كانت مرافقة له في كل الأحداث العصيبة التي مرت وتمر بها اليمن.
كل ذلك كان يجري –وفق تقديري الشخصي- من طرف قيادات وأعضاء اللجنة التحضيرية للحوار الوطني برئاسة المناضل / باسندوة من منطلق وطني حقيقي، ولم يكن مجرد شعارات ، وكذا حس مسئول كان ولايزال يُدرك طبيعة المرحلة التي تمر بها البلد ، ومدى فداحة التشظي الحاصل في المجتمع اليمني برمته ، والجميع –يومها- لم يكونوا يدركون بأن الأقدار كانت تخبئ لهم مفاجأة الربيع العربي ،التي أتت لتعزز هذا الاتجاه في مفهوم الحوار الوطني الشامل، ولتتناغم وذات الأهداف التي تمخضت عنها وثيقة الحوار الوطني للإنقاذ يومها ،التي نصت إحدى فقراتها حرفياً على: " أن الخطوة الأولى في المعالجة الوطنية الشاملة للأوضاع المتفاقمة، التي ترزح تحت وطأتها الغالبية العظمى من السكان في مختلف أرجاء البلاد، تبدأ أولا وقبل كل شيء بوقف حالة الانهيار، ومعالجة البؤر الملتهبة عبر وقف نزيف الدم في صعدة، وحل القضية الجنوبية بأبعادها الحقوقية والسياسية، حلاً عادلاً وشاملاً، يضع الجنوب في مكانه الوطني الطبيعي كطرف في المعادلة الوطنية، وكشريك حقيقي في السلطة والثروة، ومن ثم إعادة بناء الدولة والنظام على أسس متينة، تحقق الشراكة الوطنية، والتداول السلمي للسلطة، وتحول دون وقوع البلاد مرة أخرى في مهاوي المستنقع والنفق المظلم الذي أوقعت السلطة الحالية البلاد فيه".
لقد كانت تلك الرؤية الناضجة – بتقديري- في مفهوم الحوار بمعناه الشامل من قبل الإخوة قيادات وأعضاء اللجنة التحضيرية في ذلك الوقت وقبل وصول رياح التغيير في العالم العربي ثم عواصفه التي وصلت إلى اليمن، لتأتي بعد ذلك لليمنيين بالمبادرة الخليجية كأمر واقع اقتضته ضرورة وظروف المرحلة ، وليجد اليمنيون أنفسهم مجبرون رغبة أو قسراً للتوقيع عليها كمخرج آمن للبلد من الانزلاق نحو العنف والفوضى وربما الوصول إلى حالة الحرب الأهلية ، لقد كانت تلك الرؤية تستحق فعلاً الوقوف أمامها ، ويجب أن تكون اليوم هي الرديف الحقيقي والمؤازر للمبادرة الخليجية، لأنها كانت فعلاً تشكل نقطة الانطلاق الحقيقية نحو التغيير السلمي عبر الحوار، فهي كانت قد انطلقت يومها بإرادة سياسية ووطنية محضة من طرف القائمين عليها ، ومن منطلق خوفهم الفعلي على الوطن، الحريص على أمنه ومستقبل أبناءه، بينما أتت المبادرة الخليجية كأمر واقع فرضته ضرورة المرحلة ، وعواصف الربيع العربي العاتية على الأنظمة الحاكمة ومنها النظام اليمني السابق، ولذلك فأنا أدعوا الجميع ، وبمقدمتهم فريق لجنة التواصل للحوار الوطني، حتى وإن كان قد أنهى مهمته الأولى بتقديم تقريره وتوصياته لرئيس الجمهورية في الـ30 من الشهر المنصرم، كما أدعوا كل الأطراف المتحاورة بعد ذلك إلى أن تجعل من تلك الوثيقة أحد المرتكزات الرئيسية والمرجعيات الهامة جنباً إلى جنب مع ما جاء في بنود المبادرة الخليجية من أجل التوصل إلى حوار بناء يرتفع باليمن عالياً ، ويسموا باليمنيين فوق كل الخلافات الشخصية والمناطقية والفئوية الضيقة، لأن اليمن واليمنيون لم يعودوا يتحملون أي تباطؤ في سبيل تحقيق هذا المطلب الهام المتمثل في الحوار الشامل الذي لا يستثنيي أحداً على الإطلاق، وبمقدمتهم شباب الثورة "الحقيقيون" الذي فجروا شرارتها الأولى، وليس شباب "حسب الطلب والتفصول"، يدفع بهم إلى الواجهة هذا الفصيل أو ذاك لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية على حساب بقية الشركاء.
أخشى ما أخشاه ان تظل الأمور تسير ببطء السلحفاة ، والأيام والشهور تمضي ، والمواطن ينتظر النتائج منذ أن تشكلت حكومة الوفاق ثم بتولي الرئيس هادي مهام منصبه بغية إِحداث تغيير حقيقي وملموس للمواطن البسيط على أرض الواقع ، خصوصاً وأن هناك مهام واستحقاقات كثيرة لا زالت تنتظر على بنود المبادرة الخليجية ، والتي يأتي بمقدمتها تشكيل اللجنة الخاصة بصياغة الدستور ، والتي هي بتقديري محور هام ومرتكز أساسي في سبيل تحقيق الدولة المدنية الحديثة التي سالت الدماء لأجلها ، وكما رأينا ولا نزال في المشهد المصري ، كم أخذت الأطراف والقوى السياسية المصرية من الوقت في موضوع تأسيسية الدستور ، والتي لم يصلوا فيها إلى اتفاق حتى هذه اللحظة ، وأخشى أن يتكرر نفس السيناريو لدينا في اليمن، ثم لا ننسى أن لدينا بعد ذلك استحقاقاً دستورياً يتمثل في التهيئة لانتخابات برلمانية جديد، يقوم بعدها الرئيس بتكليف الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل حكومة جديدة للبلد، وكلها مهام ستأخذ من الوقت طويلاً واليمن بأكمله ينتظر النتائج، والوقت يمضي سريعاً.
ينتابني بعض القلق كذلك من محاولة بعض الأطراف التي لا أريد تسميتها هنا حفاظاً على وحدة الصف في هذه اللحظة، من أن تحاول الدخول إلى الحوار بغية الابتزاز لا أكثر- أو هكذا تبدوا لي على الأرجح- ، لصالح أجنداتها السياسية التي تصب في خدمة مشاريع تستفيد منها أطراف ولربما دول خارج حدود الوطن اليمني ، وهذا أمر مرفوض من كل اليمنيين، كما أتمنى أن لا يطول هذا الحوار كثيراً، لأنه لو طال و"تمطلل" سيصبح "حوار طرشان" الكل يتحدث فيه ولا أحد يسمع ، ولن يخرج منه المتحاورون سوى بأقوال دون أفعال.
على كل حال أياً كانت الأطراف المستفيدة من إعاقة الحوار وتأثره فأنا أرى أن المسئول الأول عن نجاح هذا الحوار أو فشله -لا سمح الله- هو رئيس الجمهورية ، يليه في المسئولية رئيس وزراء حكومة الوفاق ، فهما الوحيدان اللذان يملكان كافة الصلاحيات المؤيَّدة بإجماع شعبي والمعززة بقرار أممي، تخولهما المضي قدماً في تحقيق كل ما من شأنه تحقيق المصلحة العليا للوطن بعيداً عن كل الحسابات أو الاعتبارات ، ولا يعني ذلك مطلقاً إننا نعفي بقية القوى والأحزاب السياسية من المسئولية ، فهي في نهاية المطاف مسئولية يشترك فيها الجميع بلا استثناء.