آخر الاخبار

نيويورك تايمز: لهذا لن تهزم حماس في الحرب "عبر الأفق"..واشنطن تدشن خطة عسكرية جديدة لمواجهة تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر ينتحل رتبة عميد.. مصرع قيادي ميداني في مليشيات الحوثي خلال تنفيذه مهمة خارج اليمن بيان عاجل من السفارة السعودية في دولة عربية.. ودول عدة تطالب رعاياها بالمغادرة فوراً المليشيات تتلقى تهديدات إسرائيلية عبر طرف ثالث بتصفية كبار قادتها .. عنتريات الحوثي تختفي من البحر الأحمر مجلس شباب الثورة : جريمة إختطاف عشال تعد امتداداً لسلسلة طويلة من جرائم الإخفاء القسري التي ارتكبتها أجهزة أمن المجلس الانتقالي وندعو الى الكشف عن مصير كل المخفيين توقعات بموعد الرد الإيراني على إسرائيل وواشنطن تحشد تحالفا للدفاع عنها يديعوت أحرونوت ترعب اليهود .. 10 آلاف جندي إسرائيلي بين قتيل وجريح في غزة صحيفة عبرية تتحدث عن الطريقة التي ستستخدمها إيران لتقويض الدفاعات الإسرائيلية؟ الفاتيكان يخرج عن صمته مكرها و يعرب عن موقفه من افتتاح أولمبياد باريس

تربية الأبناء بالقدوة الحسنة
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: 10 أشهر و 17 يوماً
الأحد 17 سبتمبر-أيلول 2023 07:01 م
 

كثيراً ما يستولي الخوف والقلق على المربي؛ خوفاً على أبنائه من الانفتاح الثقافي والمعرفي، والذي قد يشعر معه المربي بالعجز عن ملاحقته، وتفنيده، للاستفادة من النافع منه وتجنب الضار، وكثيراً ما يشغله سؤال: كيف يكون صاحب التأثير الأقوى على أبنائه كي يتمكن من تربيتهم وفق معايير التربية الراشدة؟.

إن الإجابة هي بين جنبي المربي نفسه؛ وهي أن يتحقق فيه وصف القدوة، ويعتمد نجاحه في أداء مهمته التربوية على مدى تطبيقه «هو نفسه» لما يدعوهم إليه ويربيهم عليه، فيكون قد جمع لهم بين التلقين المستمر «شفهيا» والتطبيق الثابت «عملياً»، وعندئذ يكتسب المربي القوة الجاذبة لأبنائه وطلابه؛ إذ يمثل في أذهانهم المصداقية التي تستحق ثقتهم بجدارة وتمنحهم الأمان أكثر من أي وسيلة تأثير أخرى داخل البيت أو خارجه.

إنّ القوة التربوية في (القدوة الحسنة) المتحلية بالفضائل العالية، ترجع إلى أنها تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة، وأن ذلك في متناول القدرات الإنسانية، لأن شاهد الحال أقوى من شاهد المقال؛ لذلك أرسل الله تعالى إلى البشر رسلاً من جنسهم البشري ليكونوا لهم قدوة ومثالاً يُحتذى، ولقد كان أوائل هذه الأمة على دراية واعية بأهمية القدوة وتأثيرها في واقع الأطفال، وهذا الإمام الشافعي يوصي مؤدب أولاد الخليفة قائلا:

ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه».

ولا يزال أهل التخصص يؤكدون أن أسلوب القدوة من أنجح أساليب التربية على الإطلاق، وهو من المفاهيم التربوية التي يمكن الاصطلاح عليها بـ (التربية بالنموذج)، ويعني:

تجسد المفاهيم والقيم التي يتربى عليها الابن أو الطالب في شخص المربي، أو في شخص غيره ممن كان يعيش في زمان قبله، أو في زمانه المعاصر. ويعزز من أهمية التربية بالقدوة وعمق تأثيرها، الاستعداد الفطري للطفل للتقليد والمحاكاة، حيث يولد ولديه حساسية شديدة تجاه تصرفات الوالدين والكبار المحيطين به؛ فالأطفال أكثر تأثراً بالقدوة، إذ يعتقد الطفل في سنواته الأولى أن كل ما يفعله الكبار صحيح، وأن آباءهم أكمل الناس وأفضلهم، لهذا فهم يقلدونهم ويقتدون بهم تلقائياً في كل شيء.

والتناقض بين القول والفعل في سلوك المربي يفسد شخصية الأطفال، ويجعل فهمهم للقيم والأخلاقيات التي يُربى عليها مضطربا، فهذا التناقض والازدواجية في شخصية المربي هو قاصمة الظهر التي تهدم معالم الفضيلة في مخيلة أبنائه وطلابه، ويصبح عندئذ ضرره على أبنائه كبيرًا؛ إذ يقدّم لنا أشخاصاً مذبذبين لا يعرفون الثبات على المبدأ، يحسنون الكلام الأجوف الخالي عن العمل والتطبيق، وذلك هو بعينه المقت الكبير الذي حذرنا الله تعالى من الوقوع فيه. ولا يكفي ذكر الفضيلة وتطبيقها مرة واحدة لكي يتعلمها الطفل، ولكن لابد أن يرى المربي يفعلها بشكل ثابت ومتكرر، لتثبت في نفس الطفل وتترسخ فيها، وهذا الأسلوب هو ما يعرف بـ (التأثير التراكمي)، حيث إن مجموعة من الأفعال المتكررة على مدى أيام أو شهور أو أعوام يكون لها من التأثير ما ليس للعارض المنقطع.

خلق الكرم – مثلاً – لا يترسخ في وجدان الطفل عبر رؤية فعل الوالدين له مرة أو مرتين، وإنما يتفاعل معه تعلما وتطبيقا إذا تكرر هذا الفعل من قبل المربي، بحيث يبدو أنه سجية وطبع، وحينئذ يتعامل الطفل مع هذا الخلق على أنه هو الأصل في الإنسان.

ومن النماذج العملية في توريث هذا الخلق بالقدوة العملية، ما أوْرده ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» من خبر سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه، فقد كان مشهوراً بالجود هو وأبوه، وجده، وولده، وكان لهم أطم – صخرة كبيرة عالية – يُنَادَى عليها كل يوم: من أراد شحماً ولحماً فليأت سعداً، ثم استمر ولده محافظًا على هذا الخلق الكريم بعد وفاة والده، فكان ينادي كل ليلة:

من أراد شحمًا ولحمًا فيأتِ قيسًا». فلا مفر من تمثل المربي ما يدعو أبناءه إليه واقعًا في حياته، فأعينهم على ما يفعل لا على ما يقول، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.