بافضل : علينا أن لا نخلط بين الوحدة والسلطة
بقلم/ عبد الله مصلح
نشر منذ: 15 سنة و 6 أشهر و يومين
الإثنين 04 مايو 2009 12:00 م

من آخر المستجدات على الساحة الجنوبية ، وحيثيات الأحداث الأمنية المتفاقمة في بعض المحافظات الجنوبية ، وموقف الإصلاح وأحزاب المعارضة من الهيئات الشعبية للدفاع عن الوحدة ، وكيف استحالت حضرموت من محافظة مسالمة " مصفقة " إلى محافظة ثائرة على الأوضاع وناقمة على النظام ؟ وعن ماهية المتنفذين الذين يستولون على كافة ممتلكات الجنوب ، وقضايا أخرى .. يتحدث الدكتور / عبدالرحمن بافضل ـ رئيس كتلة حزب الإصلاح البرلمانية ـ في حواره مع " الناس " بلغة منفعلة كالعادة لكنها تتسم بالاتزان والقدرة على توزيع الغضب في أكثر من اتجاه .. فإلى الحوار

 (اجرى الحوار الزميل عبدالله مصلح ).

نص الحوار

- بداية.. ما قراءتك للأحداث الواقعة مؤخراً في بعض المحافظات الجنوبية ؟

* في البداية نحن كحزب إصلاح ولقاء مشترك أعلنا موقفنا بأننا مع النضال السلمي لنيل كافة الحقوق والحريات ، ونحن لا نقر العنف ، ولسنا معه ولا نقبله من كل الأطراف لأن العنف لا يتماشى مع الديمقراطية في شيء ، وينبغي على المؤسسة العسكرية أن تكون أكثر عقلانية من الجميع ، لأن المطلوب منها حفظ الأمن للناس كلهم ، ومع أني أحمل المسئولية الطرفين لكن على الدولة المسئولية الأولى ، لأن العنف لا يفيدها وقد يفقدها السيطرة على الأمور ، ولا أرى حلاً الآن غير احتواء الموقف ووقف إطلاق النار الفوري ، ونزول لجنة ميدانية برلمانية للاطلاع .

- كيف تحولت حضرموت من محافظة مسالمة إلى محافظة ثائرة على الأوضاع ؟

* هذا بسبب تراكمات الأخطاء للسلطة المركزية والسلطة المحلية ، والنظام لم يختر أفضل ما لديه لأن يكونوا ممثلين عنه في المحافظات ، وأنا قلت هذا للرئيس بأن يرسل أفضل ما عنده فهناك كوادر ممتازة حتى داخل المؤتمر الشعبي العام ، فلماذا الناس كانوا راضين على عبدالقادر هلال ، وصالح عباد الخولاني الذي إذا ذكر اسمه اليوم لدى أبناء حضرموت فإنهم يطأطئون رؤوسهم احتراماً له ، وكذلك عصام السماوي الذي كان القاضي الوحيد الذي لم يأخذ رشوة في حضرموت ، واليوم يأتون لنا بقضاة فاسدين وعندما يشتكي الناس منهم فإن الحكومة تكتفي بنقلهم من القطن إلى تريم إلى لحج وهكذا يتداولون ، يا أخي مرة أنزلوا لنا مدير أراضي من هنا الى حضرموت وأول ما وصل هناك قال للناس : أنا اشتريت الوظيفة من الوزير وسآخذ حقي بيدي ويقولها بصوت عال ، وكان يأخذ الأتاوات من الناس على الأراضي ، وهذا كان أيام الوزير علي حميد شرف وزير الإسكان السابق وأنا كلمته بذلك في مجلس الوزراء ، فلماذا دائماً هذا التمييز والانتقاء في اختيار المسئولين الذين أكثرهم لا يصلحون .

- نفهم من كلامك أن الإشكالية فقط تكمن في اختيار المسئولين من الشمال وإرسالهم الى المحافظات الجنوبية ؟

* أنا أحذر الرئيس من البطانة التي حوله والتي تصور له أن الأمور كلها تمام وهي ليست تمام . وكلها خطأ ، فعليه أن يخرج من بطانته ويلتقي بالناس ، ويوسع صلاحيات المجالس المحلية ، ويستعجل في إقامة الحكم المحلي الواسع الصلاحيات الذي تحدث عنه.

- ألا ترى في حديث السلطة عن الحكم المحلي في هذا التوقيت بأنها تدفع على استحياء باتجاه الفيدرالية كحل أخير؟

* لن نحتاج إلى الفيدرالية وسيظل اليمن موحداً إن شاء الله ، فثوابت الأمة اليمنية لا مساومة عليها ، والجنوبيون من أوائل الناس مع الوحدة والدستور والحريات ، لكنهم اليوم وصلوا الى درجة لا يستهان بها من المعاناة والظلم فهذا يشكو من البطالة وهذا يشكو من الغلاء والفقر وذاك يقول لك : روح على البحر واسأل لمن كل هذه الأراضي ومن يملكها ، فهذه قضايا لا أستطيع أن أرد عليها .

- ومن يردَ عليها برأيك ؟

* هذه يرد عليها الأخ الرئيس والحكومة ، عليهم أن ينقذوا البلد ويصلحوا الأوضاع بشكل يرضي الله ويجعل الناس يتكاتفون مع الوحدة ، فعليهم أن يصححوا أخطاء السلطة المركزية ، اليوم المجالس المحلية مظاهر شكلية وحبر على ورق لا تستطيع أن تبني مدرسة أو مستشفى ، والمستثمرون غادروا البلاد بسبب الروتين والفساد ، فنحن في نظام يفقد الأمن والعدل والشفافية ، فعلى الأخ الرئيس والحكومة أن يستجيبوا لهذه المطالب ويعالجوها بشكل جاد .

- وإذا لم يحدث ذلك ؟

* إذا لم يستجيبوا فأنا أخشى على اليمن كله من الغرق ، وكما قال الأخ الرئيس نحن في سفينة واحدة إذا غرقت سيتضرر الجميع ، ونحن معه في ذلك ولكن الوحدة تريد عملاً وإصلاحاً شاملاً وتريد اختيار أصحاب الكفاءات والخبرات وليس المجاملات والمحسوبيات فهذا لأنه قريبنا وهذا لأنه من قبيلتنا وهذا لأنه من شيعتنا ، فهذه المعايير للأسف الشديد هي التي تحكم اليمن اليوم ، وبها يغرق اليمن وبعلاجها ينقذ اليمن ، وهذا لن يكون إلا بحكم محلي واسع الصلاحيات ، وكل محافظة تدير شؤونها .

- الحكم المحلي بحاجة إلى تعديل أكثر من "120" قانون ، وهذا يعني أن ننتظر ثلاثين سنة أخرى حتى يأتي الحكم المحلي ؟

* لا ، لا البرلمان المصري غير "114" مادة في يوم واحد من أجل توريث نجل الرئيس ، فلماذا لا نغيّر نحن هذه المواد من أجل البلد وليس من أجل التوريث ، ونحن قد عدّلنا كثيراً في الدستور وأعطينا لأنفسنا من أربع سنوات إلى ست ثم إلى ثمان سنوات ، وعدلنا للرئاسة من "5سنوات " إلى " 7 سنوات " وعدلنا للمجالس المحلية ومجلس الشورى وغيرها ، فلماذا لا نعدّل للحكم المحلي ، ونخرج بالبلاد من النفق المظلم وننقذ الوحدة اليمنية.

- لعل السلطة تراهن على وطنيتكم كمعارضة وخاصة الإصلاح الذي يعتبر الوحدة فريضة مقدسة تستحق بذل الدم ؟

* نحن ندافع عن الوحدة ، ولكن نسعى أيضاً للنضال السلمي والتداول السلمي للسلطة ونوعي الناس بأن الموجود سيء وهناك أفضل منه ، ولدينا البديل ولدينا البرنامج الوطني ورؤية المشترك في كافة المجالات ، والحوار الوطني قائم ، واللقاءات التشاورية قائمة وسنستمر في المهرجانات والمسيرات والإضرابات في إطار القانون والدستور حتى يزيد وعي الأمة لنضغط على هذا النظام الخائب إما أن يستقيم أو يغادر السلطة .

- أنا أخشى أن يضغط هو عليكم وتقاتلون معه إلى جانب هيئاته الشعبية التي شكلها مؤخراً لردع الانفصال ؟

* الانفصال بعيد ، وهذا سؤال غير وارد وسيضر الجميع ، ولغة الانفصال ليست في مصلحة أحد على الإطلاق ، وعلينا أن نفرق بين النظام وبين الوحدة فلا نخلط الأوراق ، الوحدة مكسب للشعب اليمني والعربي والإسلامي والدولي ، ولا يصح أن نلغي الوحدة لأن النظام غير صالح ، فعندما لا يطبق الناس الشريعة هل نلغي الشريعة أم ندعو الناس إلى تطبيقها ، فكذلك الوحدة .

- وماذا تسمي دعوات الانفصال عبر الصحف والمواقع والقنوات ومكاتب في الخارج ومصالحة خارجية ؟

* كل الجنوبيين وحتى الشماليين اليوم مجمعون على رفض النظام القائم لكنهم مختلفون على البديل ، ونحن نقول إنه في إطار الدستور والوحدة نناضل سلمياً من أجل البديل ، لأن العنف يا ابني لن يؤدي إلى نتيجة غير تقهقر اليمن وتشرذمها ، فالناس متفقون على أن هذا النظام القائم مرفوض لكن ما هو البديل الأفضل .

- وما هو البديل من وجهة نظرك ؟

* أنا لا أريد للجنوب أن يحكمه الإصلاح لوحده ولا الاشتراكي ولا غيره ، وإنما يحكمه اللقاء المشترك وفق الرؤية التي اتفقوا عليها في ظل برنامج وطني بما ورد فيه من إصلاحات شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية وغيرها .

- ولماذا تحاورون السلطة وتتفقون على تأجيل الإنتخابات ؟

* أنا أخشى أن تكون السلطة وافقت ومددت هذه السنتين من باب "مكرهٌ أخاك لا بطل " وأنا أرى ضرورة البدء بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات ، لإثبات مدى المصداقية ، ولأن العمل الذي يترتب عليها كثير والمدة قصيرة ، فعليها إلغاء السجل الانتخابي وعمل سجل جديد ، وإعادة النظر في الموطن الانتخابي ، والإعداد للانتخابات القادمة ، فلا بد أن يتم الاتفاق أولاً على اللجنة العليا ، لأنه إذا لم يتم ذلك وطال التسويف فإن اليمن سيدخل في " خازوق " كبير ، ويؤدي إلى مشكلة أكبر ، فأنا أقول لا بد من الاستعجال بأمرين هما : اللجنة العليا للانتخابات والحكم المحلي ، وإذا كان المؤتمر يريد أن ينفرد بحل قضايا البلاد فهو عاجز وفاشل ، وهذا مجرب أمام الجميع خلال حكمه "13سنة" منفردا فما هي النتيجة التي وصلنا إليها ، احتقانات في كل مكان ، وأصبحنا نسمع نعرات انفصالية ما كانت موجودة ، ولا أحد يجرؤ على قولها ، ولكن المظالم والفساد والمحسوبية والفقر والبطالة والغلاء كل ذلك أدى إلى هذا ، فالسلطة الآن أمام خيارين : الإنقاذ أو الغرق .

- وما هو الحل برأيك ؟

* الحل هو كما قاله الأخ الرئيس في توسيع صلاحيات السلطة المحلية في المحافظات والانتقال بها إلى حكم محلي واسع الصلاحيات ، فهذا سيخفف من الاحتقان في المحافظات كلها ، وهذا هو الحل الأمثل في ظل تراكم الأخطاء للسلطة المركزية في كافة المحافظات ، لكنها كانت أكثر ألماً في المحافظات الجنوبية .

- كيف ؟

* مثلاً تعيين المسئولين بطريقة عشوائية دون النظر إلى معايير الكفاءة والخبرة والدراية ، ويوجد في المحافظات الجنوبية من أبنائها من هم أكثر كفاءة ودراية وعلماً من هؤلاء ، فلماذا النظام يختار أناسا ليسوا على المستوى المطلوب وعاجزين عن احتواء جميع المواطنين هناك الذين تزداد معاناتهم وسخطهم يوماً عن يوم ، ولو عملنا استفتاءً شعبيا على الوحدة في عام 90م حينها لقال الناس جميعاً 100% بأنهم مع الوحدة ، لكن اليوم لا نضمن أن الإستفتاء سيؤدي الى نفس النتيجة .

- لماذا ؟

* لأن الناس محبطون وساخطون على الأوضاع ، فلماذا فعلاً تجد المتنفذين يستولون على الأراضي في المحافظات وأصحاب المحافظات أنفسهم لا يملكون شيئاً منها ، فهذا أوغر صدور الناس وأثار حقدهم وكراهيتهم .

- لماذا هذه الكراهية ما دام أنها أراضي دولة ووزعتها دولة ؟

* يا أخي عندنا المعسكرات تقسم الأراضي للجنود الذين ليسوا بحاجة إليها وأغلبهم يبيعونها قبل إكمال معاملة الحصول عليها ، واصحاب البلاد لا يملكون أرضاً ، فكان الأولى بهذه الحكومة اللامسؤولة أن توزع الأراضي للعسكريين وللمدنيين أصحاب البلد ، بل عليها أن تبني مساكن للموظفين وخاصة أصحاب الدخل المحدود ، لكن للأسف لم يحدث شيء من هذا ، وإنما المتنفذون يستولون على كل شيء.

- من هم هؤلاء المتنفذين ؟

* كبار المسؤولين وضباط الجيش ومشائخ القبائل لا يسألون عما يفعلون ، ولا أحد يحاسبهم وهذه الحكومات التي تتعاقب علينا أكثرت من الفساد والفقر والبطالة ، فإلى متى سيصبر الناس فأنا حقيقة أحمل المسؤولية كافة الحكومات المتعاقبة من المؤتمر الشعبي العام التي عجزت عن إصلاح أي شيء سواء في الجنوب أو في صعدة ، وأنا أخشى أن تخسر الكل ، إذا لم ينتبه الجميع ليقوموا بواجبهم لاحتواء هذه الاختناقات والأشياء الصغيرة التي لا يمكن لها أن تكون لولا الإهمال والتسيب والمحسوبية وعدم تطبيق النظام والقانون .

- وأين دوركم الرقابي كبرلمان ؟

* برلماننا ميت وعاجز فهو لا يستطيع أن يعزل وزيرا أو وكيلا أو حتى مديرا عام .

- ما هو السبب ؟

* السبب أن البرلمان ظاهرة صوتية ، نريد للبرلمان صلاحيات وهذا لا يكون إلا بنظام برلماني ، وليس نظام مختلط ، فلا نريد من الرئيس أن يعين الحكومة ، وإنما يعينها البرلمان ويعزلها البرلمان حتى تخاف منه ، أما أن تسرح وتمرح كيفما تشاء ، وتسرف في صرف الأموال ولا تخشى أحد ، والفساد يزيد والفقر ينتشر ولم نستطع محاسبة أحد ، فالشعب لا يستطيع أن يتحمل أكثر من طاقتة.

- أخيراً ما الجديد في قضية إعمار حضرموت بعد كارثة السيول الماضية ؟

* الآن مرت أكثر من ثلاثة أشهر من كارثة السيول ، والناس ما زالوا في الخيام ، لا يعطونهم بطاقة تموينية ، ولا يسكنونهم ، ولا أعادوا الإعمار ، ولا زال الوضع سيء جداً ، فالرجال والنساء والأطفال جميعهم يعانون ولم تلتفت اليهم غير المؤسسات الخيرية فأين الدولة ، للأسف الدولة غائبة وهي آخر من تعلم ، تصور بأن الأمر وصل بهم إلى درجة أنهم يأخذون الخيام الحديثة التي جاءت مساعدة من اليابان ومجهزة حتى بالحمامات فيأخذونها ويعطون المواطنين خيام عادية من المعسكر.

نقلا عن صحيفة الناس