ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
ولد سوهارتو في الثامن من يونيو عام 1921 لأسرة متواضعة تعمل بالزراعة بوسط جزيرة جاوا الاندونيسية، انفصل والديه وهو لا يزال عمره سنتان، تلقى دراسته في إحدى مدارس جاوا المحلية، وعمل بأحد البنوك لكنه مالبث أن ترك عمله ليلتحق بجيش الاحتلال الهولندي عام 1940، ورقي لرتبة رقيب عام 1942.
خلفية تاريخية
عاصر سوهارتو فترة تاريخية هامة من تاريخ إندونيسيا، فبداية من القرن السابع عشر كانت الدولة خاضعة للاحتلال الهولندي، والذي دخل إليها تدريجياً من خلال شركة الهند الشرقية الهولندية والتي تأسست عام 1602 وبعد تدهورها وإعلان إفلاسها في نهاية القرن الثامن عشر تم حلها عام 1799، وبعد ذلك بدأ التدخل الهولندي الصريح في الدولة حيث قامت الحكومة الهولندية بالاستيلاء على أملاكها في الجزر الاندونيسية، ليبدأ النفوذ الهولندي في التوسع وفرض السيطرة وخلال ذلك ظهرت العديد من حركات المقاومة وتوسعت المواجهات بين الطرفين.
أثناء الحرب العالمية الثانية أصبحت اندونيسيا مسرحاً للتنافس الاستراتيجي بين الدول المتحاربة، وقامت اليابان باحتلال الجزر الاندونيسية عام 1942 وقد رأى الشعب الاندونيسي في اليابانيين فرصة للتحرر من النفوذ الهولندي، حيث أسهم الاحتلال الياباني بتقوية الحركة القومية الاندونيسية، وقام اليابانيون بإنشاء مليشيات اندونيسية مدربة عسكرياً لصد أي هجوم محتمل لقوات الحلفاء على اندونيسيا.
وخلال ذلك انضم سوهارتو إلى القوات اليابانية في الفترة ما بين 1942 - 1945، وعقب استسلام اليابان وفي 17 أغسطس عام 1945 أعلن الزعيمين أحمد سكارنو ومحمد حتي زعماء الحزب القومي الاندونيسي استقلال اندونيسيا، وأصبح سكارنو رئيساً لاندونيسيا بينما أصبح حتي نائباً له، وفي نفس العام التحق سوهارتو بالجيش الاندونيسي الذي تم تأسيسه، وقاتل معه ضد الهولنديين.
وعلى الرغم من إعلان الاستقلال إلا أن هولندا لم تلبث أن شنت هجوماً على اندونيسيا في يوليو 1947 ومدت سيطرتها للأقاليم الداخلية في جاوا وسومطرة وفرضت حصاراً بحرياً، ثم تم التوصل بعد ذلك إلى اتفاق "رينفيل" عام 1948 إلا أن الهولنديون خرقوا الاتفاق للمرة الثانية وهاجموا اندونيسيا وعاصمتها جاكرتا وتم احتلالها والقبض على عدد من القادة ومنهم سكارنو، ولكن مع الضغوط الدولية والمقاومة الوطنية تم التراجع وفي مؤتمر لاهاي 1949 تم الاعتراف باستقلال اندونيسيا ماعدا منطقة غرب إيريان، إلا أنها عادت لاندونيسيا مرة أخرى عام 1963.
الصعود للحكم
بعد أن تحقق الاستقلال لاندونيسيا تدرج سوهارتو في المناصب العسكرية حتى أصبح قائد القوات الخاصة بحماية الأمن القومي، ومن خلال منصبه قاد العديد من العمليات العسكرية الناجحة للقضاء على حركات التمرد في مناطق متفرقة من إندونيسيا.
وفي عام 1965 حدثت محاولة للانقلاب ضد حكم الرئيس أحمد سكارنو، اتهم فيها الحزب الشيوعي الاندونيسي، والذي كان حينها من أكبر الأحزاب الشيوعية الموجودة في العالم، وقد أثارت عملية الانقلاب الكثير من أعمال العنف الدموية والتي راح ضحيتها ألاف الأشخاص، تلا ذلك العديد من العمليات للقضاء على الشيوعيين لقي فيها حوالي نصف مليون شخص حتفهم.
صعد بعد ذلك سوهارتو ليعتلي منصب رئيس الجمهورية خلفاً لسكارنو بعد أن قاد الجيش للقضاء على محاولة الانقلاب وذلك عام 1966، وتولى الحكم رسمياً 1967.
صعود وهبوط
شهدت فترة حكم سوهارتو الكثير فهو الحاكم الذي قبض على السلطة في الدولة بيد من حديد على مدار ثلاثة عقود، وقام بقمع المعارضة السياسية، ومنع أي حركة تمرد، وتمكن من ضم الدولة بطوائفها المتعددة بقبضة يد فولاذية، وذلك بمساندة من الجيش، ونتيجة لمعارضته الشديدة للشيوعية فقد حظى بمساندة من الغرب، وخاصة أمريكا.
كما برزت المكانة الإقليمية لإندونيسيا حيث قادت في عهده منظمة شعوب جنوب شرق أسيا "أسيان"، وقامت بالمشاركة في جهود السلام في كمبوديا، وفي التسعينات سعى من أجل تطبيع العلاقات مع الصين.
وعلى جانب أخر نهض سوهارتو بشعبه وحقق نهضة اقتصادية عالية خلال السبعينات والثمانينات، وارتفع مستوى معيشة الأفراد بالإضافة لتحسين الخدمات المختلفة فتم بناء المدارس والمستشفيات وإدخال المرافق وتعبيد الطرق وتقدمت الصناعة كثيراً، كما تدفقت الاستثمارات الأجنبية مما أنعش الاقتصاد وجعل اندونيسيا تحتل مكاناً بين الدول الآسيوية المتقدمة، وتصبح احد النمور الأسيوية.
وعلى الرغم مما سبق فكانت هناك العديد من السلبيات ففي التسعينات أصدر أوامره بتنفيذ حكم الإعدام في عدد من قادة الحزب الشيوعي الإندونيسي المحتجزين منذ انقلاب 1965، وتشير جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة أنه تسبب في مقتل ما يقرب من مليون شخص من المعارضين.
وأثناء فترة حكمه قام الجيش الاندونيسي باجتياح تيمور الشرقية عام 1975 لتصبح الإقليم 27 في اندونيسيا وتم ضمها لجاكرتا، ولم تعترف الأمم المتحدة بضمها، ولم توافق اندونيسيا على استقلالها إلا عقب الإطاحة بسوهارتو، وتقع تيمور الشرقية على بعد 2500 كم من العاصمة الاندونيسية جاكرتا.
نهاية الزعيم الحديدي
جاء عام 1998 حاملاً معه أزمة اقتصادية شديدة عانت منها المنطقة إلا أن إندونيسيا كانت الأكثر تضرراً منها فتسببت بإغلاق العديد من الشركات وأعلنت إفلاسها، وانهارت الروبية الاندونيسية، وارتفعت نسبة التضخم، وانتشرت البطالة والفقر بين المواطنين، واشتدت المعارضة تجاه سوهارتو ونزل العديد من المواطنين والطلبة إلى الشوارع مطالبين باستقالته.
وتزامن هذا مع توجيه العديد من تهم الفساد لسوهارتو وعائلته، وقال منتقدوه انه جمع مع عائلته مليارات الدولارات من رشى أو صفقات مستغلين النفوذ السياسي، وهو الأمر الذي نفاه سوهارتو، إلا أنه بناء على الاحتجاجات الشعبية عام 1998 وأعمال الشغب والاضطرابات التي اجتاحت العاصمة الاندونيسية جاكرتا، ابعد عن الحكم ليتولى الحكم من بعده يوسف حبيبي، ثم عبد الرحمن وحيد ثم ميجاواتي سوكارنو ثم سوسيللو بامبانج يودويونو.
عاش سوهارتو حياته بعد الحكم مختفياً عن الأنظار تلاحقه تهم الفساد والقتل حيث قتل في عهده ألاف الأشخاص في دولة الغالبية العظمى بها من المسلمين، كما وجهت تهم مماثلة لأبنائه وحكم على أحدهم بالسجن 15 عاماً، كما قالت جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة أنه تسبب في مقتل ما يقرب من مليون شخص من المعارضين، وقيمته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كواحد من كبار مرتكبي عمليات القتل الجماعي في القرن العشرين.
وصنفته إحدى الجماعات العاملة في مكافحة الفساد على راس قائمة الساسة الفاسدين في العالم، هذه القائمة التي تستخدمها جماعة الشفافية الدولية في تقريرها عن الفساد في العالم لإظهار إلى أي مدى يتسبب الفساد السياسي والرشى في أضرار للتنمية.
وقد أعلن البنك الدولي ومنظمات شفافية عالمية أنه كان أكبر مختلس في التاريخ، ووضع عام 2000 في بيته تحت الإقامة الجبرية بعد أن بدأت السلطات التحقيق في ثروته واتهامه باختلاس 571 مليون دولار لتمويل مشاريع يديرها أفراد أسرته، وعلى الرغم من محاولات الحكومات المتعاقبة لمحاكمته بتهم الفساد، إلا أن المحكمة لم تتمكن من محاكمته نظراً لحالته المرضية السيئة والتي حالت دون محاكمته.
وقال سوهارتو في احد أحاديثه الصحفية النادرة في عام 1998 " الحقيقة إنني لا أملك مدخرات في الخارج ولو سنت واحد، ليست لدي حسابات في بنوك أجنبية وليست لدي ودائع في الخارج ولا حتى أسهم في شركات أجنبية فما بالك بمليارات الدولارات."
وقد أصدرت إحدى المحاكم حكماً ضد مجلة التايم الأمريكية يقضي بدفع أكثر من مائة مليون دولار كتعويض لسوهارتو في قضية قذف وذلك بسبب غلافها الصادر عام 1999 حيث ذكرت أن ثروته هو وأسرته بلغت 15 مليار دولار، إلا أن المحكمة العليا في اندونيسيا رفضت التعويض.
توفى سوهارتو في 27 يناير 2008 بالعاصمة جاكرتا عن عمر يناهز 86 عام، وكان قد ادخل إلى المستشفى في جاكرتا في الرابع من يناير من نفس العام بعد تدهور حالته الصحية.
* موقع محيط